حرب الجليد: القوات الأوكرانية تعبر نهر دنيبرو في تحول لافت لسير المعارك

حرب الجليد: القوات الأوكرانية تعبر نهر دنيبرو في تحول لافت لسير المعارك

حرب الجليد: القوات الأوكرانية تعبر نهر دنيبرو في تحول لافت لسير المعارك


16/11/2023

في تطور ميداني لافت عبرت القوات الأوكرانية نهر دنيبرو، في اتجاه المناطق التي تحتلها روسيا في منطقة خيرسون، حيث تحركت القوات المهاجمة في مجموعات صغيرة من أجل فتح ثغرات في الخطوط الدفاعية الروسية، وبناء رؤوس جسور، بينما دفعت موسكو بتعزيزات إضافية لوقف تقدم المهاجمين؛ بالتزامن مع انتشار مشاة البحرية الأوكرانية على طول النهر بالقرب من خط المواجهة.

وكانت القوات الروسية قد تخلّت عن الضفة الغربية لنهر دنيبرو قبل عام، واتخذت مواقع دفاعية على الجانب الشرقي، حيث كانت تقصف بانتظام البلدات والقرى المقابلة.

يأتي هذا التحول الاستراتيجي في سير المعارك، بينما ما يزال الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا بعيداً عن تحقيق أهدافه المعلنة، مع إحراز تقدم ضئيل في الجنوب، واستمرار القتال العنيف بالقرب من أفدييفكا وباخموت في الشرق.

الجيش الروسي يفتح نار جهنم

اعترف فلاديمير سالدو، قائد منطقة خيرسون الأوكرانية الموالي لموسكو، بأنّ مجموعات صغيرة من الجنود الأوكرانيين أخذت مواقعها على الجانب الذي تسيطر عليه روسيا من نهر دنيبرو، لافتاً إلى أنّ قواته تمطر العناصر الأوكرانية بـ "نار جهنم"، على حدّ وصفه، على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو. وأضاف أنّ متوسط عمر الجندي الأوكراني على الضفة اليسرى يزيد قليلاً عن يومين. وزعم أنّ بعض الجنود الأوكرانيين "محاصرون" في كرينكي، وهي قرية صغيرة تقع على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو، وأنّهم يواجهون "جحيماً نارياً" من المدفعية والصواريخ والقذائف الروسية والطائرات بدون طيار.

من جهته، قال أندريه يرماك، رئيس الأركان الأوكراني: إنّ القوات الأوكرانية حصلت بالفعل على موطئ قدم على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو في منطقة خيرسون، مؤكداً أنّ قواته تمكنت من عبور النهر وإقامة رأس جسر رغم كل الصعاب.

كانت القوات الروسية قد تخلّت عن الضفة الغربية لنهر دنيبرو قبل عام

وذكر تقرير لصحيفة (وول ستريت جورنال) يوم الأربعاء الماضي أنّ عناصر مشاة البحرية الأوكرانية عززت مواقعها في (3) قرى على الضفة الشرقية للنهر بمركبات همفي مدرعة، ومركبة مشاة قتالية واحدة على الأقل، وأنّها قطعت طريقاً يستخدمه الروس لإعادة إمداد القوات في المنطقة، ومع ذلك فإنّ القوات المهاجمة وصفت نفسها بأنّها "متحصنة في الأقبية والخنادق".

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي توعد روسيا بدفع ثمن باهظ مقابل أفدييفكا، وزعم أنّ الخسائر الروسية في البلدة المدمرة، من المرجح أن تقوّض مجهود روسيا الحربي الشامل

وفي الوقت الذي أعلن فيه رئيس أركان زيلينسكي للمرة الأولى أنّ القوات الأوكرانية في منطقة خيرسون الجنوبية أنشأت موطئ قدم على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو، ممّا قد يفتح خط هجوم آخر تجاه شبه جزيرة القرم المحتلة، يرى خبراء أنّ هذا التقدم كي يتحول إلى نجاح يغير مجريات الحرب سيحتاج إلى إيجاد طريقة للحصول على المزيد من المعدات والأفراد عبر النهر، وأنّه كلما استغرق الأمر وقتاً أطول للقيام بذلك، زاد احتمال تعرض القوات للاستنزاف دون تحقيق أيّ شيء مهم.

وجاء الإعلان الأوكراني في الوقت الذي تسعى فيه كييف للحفاظ على الدعم الغربي، في الحرب التي وصفها بعض كبار القادة بأنّها تقترب من طريق مسدودة.

وضع عسكري غامض

ما يزال العدد الدقيق للجنود الأوكرانيين الذين عبروا النهر وعدد الضحايا من الجانبين غير واضح، وزعمت روسيا الأسبوع الماضي أنّها قامت بتصفية مئات الجنود الأوكرانيين الذين حاولوا إنشاء رأس جسر، لكنّها لم تقدم أيّ دليل على ذلك.

من جهة أخرى، سحبت وسائل الإعلام الحكومية الروسية التقارير التي نشرت يوم الإثنين الماضي، والتي أعلنت عن التراجع إلى "مواقع أكثر ملاءمة"، على الضفة اليسرى لنهر دنيبرو في جنوب أوكرانيا، في محاكاة للّغة نفسها التي استخدمتها في الماضي؛ لوصف التراجعات الكبرى في خيرسون ومنطقة خاركيف في شمال أوكرانيا، وتمّ حذف تقريرين منفصلين عن الانسحاب في غضون دقائق من النشر، وزعمت وزارة الدفاع الروسية أنّها كانت هدفاً لاختراق إعلامي.

وفي محاولة لتخفيف الضغط، أطلقت روسيا (3) صواريخ على منطقة زابوريزهيا بجنوب أوكرانيا، ممّا أسفر عن مقتل شخص وإصابة (7) آخرين على الأقل. وقال يوري مالاشكو، حاكم زابوريزهيا: إنّ المنازل والسيارات والمباني الخارجية القريبة من مواقع الضربات تضررت بسبب موجة الانفجار والحطام، في هجوم استمر حوالي نصف ساعة، وأصاب منشأة مدنية، مضيفاً عبر تطبيق (تيليغرام): "حتى هذه اللحظة، علمنا بمقتل شخص وإصابة (7) بينهم نساء".

رئيس الأركان الأوكراني: القوات الأوكرانية حصلت بالفعل على موطئ قدم على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو في منطقة خيرسون

وكانت روسيا قد شنت هجوماً على دونيتسك المحاصرة في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حيث تعرضت القوات الأوكرانية لهجمات متكررة بالمدفعية، إلى جانب هجمات متعددة شنتها المركبات المدرعة والقوات، وفقاً للسلطات المحلية والعسكرية في أوكرانيا.

صراع شرس حول أفدييفكا

بحسب (الغارديان)، يبدو أنّ الروس يكتسبون زخماً في مناطق أخرى مثل أفدييفكا، بهدف تشكيل ساحة معركة للعمليات المستقبلية، واستعادة بعض الهيبة الهجومية، وتحقيق بعض النجاحات، حيث تضغط الآلة العسكرية الروسية هناك بشكل عنيف.

وفي الساعات الأخيرة توعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بدفع ثمن باهظ؛ مقابل أفدييفكا، وزعم أنّ الخسائر الروسية في البلدة المدمرة من المرجح أن تقوّض مجهود روسيا الحربي الشامل. كما لفت إلى أنّ الهجمات الروسية في منطقة دونيتسك الشرقية، بما في ذلك أفدييفكا، كانت عنيفة للغاية، لكنّه أضاف أنّ الدفاع عن أفدييفكا كان أساسياً لخطط كييف الحربية.

ذكرت وزارة الدفاع البريطانية أنّ موسكو نشرت (8) ألوية في حملتها على أفدييفكا، التي تضم مصنعاً مترامي الأطراف لفحم الكوك، وتقع على بعد حوالي (16) ميلاً من دونيتسك التي احتلتها روسيا

وتابع زيلينسكي، في معرض حديثه عن المعارك حول البلدة الشرقية التي استولت عليها القوات الروسية في أيّار (مايو) الماضي، بعد أشهر من القتال العنيف: "إنّ روسيا تخسر بالفعل الرجال والمعدات بالقرب من أفدييفكا، بشكل أسرع، وعلى نطاق أوسع ممّا حدث بالقرب من باخموت". مضيفاً: "إنّ تحمل ضغطهم أمر صعب للغاية، ولكن كلما زاد عدد القوات الروسية التي يتم تدميرها بالقرب من أفدييفكا، أصبح الوضع العام أسوأ بالنسبة إلى العدو، الأمر الذي ينعكس على المسار العام لهذه الحرب".

وتركز روسيا قواتها في منطقة شرق أوكرانيا منذ فشلها في التقدم نحو كييف في الأيام الأولى من الغزو، ويزداد الضغط حول أفدييفكا منذ منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ويقول مسؤولون من البلدة، التي كان عدد سكانها قبل الحرب نحو (32) ألف نسمة: إنّها تهدمت بالكامل.

وبحسب تقارير غربية، فإنّه من المرجح أن يواجه الجيش الروسي، الذي يقاتل للسيطرة على مدينة أفدييفكا المحاصرة في شرق أوكرانيا، بعض أسوأ معدلات الضحايا هذا العام، حيث واجه خسائر لا تقلّ عن (4) آلاف جندي، وفقاً للتقارير.

وفي مكالمة أجراها مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، يوم السبت 28 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تحدث وزير الدفاع الأوكراني رستم أوميروف عن العدد المذهل للقتلى من الجيش الروسي في أفدييفكا، وفقاً لما نشرته وزارة الدفاع الأوكرانية في برقية.

الرئيس الأوكراني: روسيا تخسر بالفعل الرجال والمعدات بالقرب من أفدييفكا، بشكل أسرع

وذكرت وزارة الدفاع البريطانية أنّ موسكو نشرت (8) ألوية في حملتها على أفدييفكا، التي تضم مصنعاً مترامي الأطراف لفحم الكوك، وتقع على بعد حوالي (16) ميلاً من دونيتسك التي احتلتها روسيا. ومع ذلك فإنّ تلك القوات "من المحتمل أن تكون عانت من بعض أعلى معدلات الضحايا في الجانب الروسي في العام 2023".

وفي تقريرها لها عن ساحة المعركة يوم السبت الماضي، ذكرت هيئة الأركان العامة الأوكرانية  أنّ القوات الروسية تقوم بمحاولات لتطويق أفدييفكا. وقد واصلت كييف صدّ القوات الروسية بقوة، وأضافت أنّ "الجنود الأوكرانيين متمسكون بمواقعهم، وأنّهم ألحقوا بالعدو خسائر فادحة".

مواضيع ذات صلة:

ما الذي حل بطائرات أوكرانيا مؤخراً؟ وما علاقة إيران وإسرائيل؟

أردوغان يترك الفلسطينيين لمصيرهم ويركز على أوكرانيا

يوميات حرب الجليد: الطائرات الروسية تهدد شريان الحياة الاقتصادي في أوكرانيا



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية