الحرب الروسية الأوكرانية... هل تتسع الرقعة لتشمل أطرافاً أخرى؟

الحرب الروسية الأوكرانية... هل تتسع الرقعة لتشمل أطرافاً أخرى؟


24/02/2022

في الساعات الأولى من صباح اليوم وقع البلاء الذي انتظرته أوروبا على مدى أكثر من شهرين، فقد أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خطاب تلفزيوني مفاجئ فجر اليوم عن عملية عسكرية في أوكرانيا، محذّراً الدول الأخرى من أنّ أيّ محاولة للتدخل في الإجراء الروسي ستؤدي إلى "عواقب لم يروها من قبل".

وفور الإعلان عن عملية عسكرية، سُمع دويّ انفجارات في عدد من المدن الأوكرانية. وكتب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، في أكثر من تغريدة باللغة الإنجليزية على صفحته الرسمية عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": إنّ الرئيس بوتين شنّ "غزواً واسع النطاق"، مضيفاً: "المدن السلمية الأوكرانية تحت القصف، هذا عدوان."

تطوّرات مسار النزاع الروسي الأوكراني لا يمكن تناولها بعيداً عن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإثنين الماضي بالاعتراف رسمياً باستقلال منطقتي لوغانسك ودونيتسك الانفصاليتين شرقي أوكرانيا، في خطوة فجّرت موجة من الغضب الغربي مصحوباً بعقوبات استهدفت في مجملها الاقتصاد الروسي، وقدرته على سداد الديون السيادية من خلال سندات الدين المطروحة بالدولار في عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وغيرها من الدول.

اقرأ أيضاً: مدفوعاً بحرب أوكرانيا... خام برنت يتجاوز الـ100 دولار لأول مرة منذ 2014

وأعلن بيان لقوات حرس الحدود الأوكرانية، نقلته وسائل إعلام غربية، دخول قوات برّية روسية إلى الأراضي الأوكرانية من اتجاهات عدة، قبل أن تعلن موسكو إيقاف حركة الملاحة في بحر "أزوف" بين روسيا وأوكرانيا.

هجوم مروّع على أوكرانيا

وأوضح حرس الحدود الأوكراني أنّ دبابات روسية ومعدات ثقيلة أخرى عبرت الحدود في مناطق شمالية عدة، وكذلك من شبه جزيرة القرم التي ضمّها الكرملين في جنوب أوكرانيا. وفي بيان آخر أعلن حرس الحدود الأوكراني عن سقوط (3) قتلى في صفوفه، وأعلنت عناصر انفصالية موالية لروسيا عن إسقاط طائرتين حربيتين لأوكرانيا قرب لوغانسك.

 

تدخّل حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية المباشر يهدّد بتحوّل هذه الحرب إلى حرب "شاملة"، ربما تمتدّ نيرانها إلى الشرق الأوسط، على غرار ما حدث في الحرب العالمية الثانية

 

علاوة على ذلك، زعم حرس الحدود الأوكراني أنّ تشكيلات مسلحة بيلاروسية شاركت في "هجوم على الحدود الأوكرانية"، وفقاً لبيان نقلته وكالة "تاس" الروسية"، الأمر الذي نفته بيلاروسيا.

هل تتحوّل حرب أوكرانيا إلى حرب شاملة؟

حديث حرس الحدود الأوكراني عن مشاركة تشكيلات مسلحة بيلاروسية، فيما أطلق عليه "هجوم على الحدود الأوكرانية"، يثير العديد من التساؤلات حول فرضية تدخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) والولايات المتحدة الأمريكية، وهما اللذان يحشدان آلاف الجنود والآليات على حدود أوكرانيا الجنوبية الغربية في رومانيا، كما أنّه أثار تساؤلات حول مشاركة أطراف عربية في النزاع، نظراً لتداعيات الحرب على صادرات القمح والغاز الروسية والأوكرانية على حدٍّ سواء.

بدا النظام الأوكراني وكأنّه تلقى ضربة على الرأس أربكت تحركاته

تدخُّل حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية المباشر يهدّد بتحوّل هذه الحرب إلى حرب "شاملة"، ربما تمتدّ نيرانها إلى الشرق الأوسط، على غرار ما حدث في الحرب العالمية الثانية.

اقرأ أيضاً: تداعيات الأزمة الأوكرانية على المسألة الإيرانية

ورداً على الغزو الروسي لأوكرانيا، أعلن الناتو، في بيان نقلته صحيفة "فاينانشال تايمز" الأمريكية، أنه سوف ينشر "قوات برية وجوية دفاعية إضافية في الجزء الشرقي من الحلف" لحماية حلفائه، مضيفاً "لقد قررنا، تماشياً مع خططنا الدفاعية لحماية جميع الحلفاء، اتخاذ خطوات إضافية لزيادة تعزيز الردع والدفاع عبر الحلف. وقالت بعد اجتماع طارئ لمجلسها السياسي صباح الخميس إنّ إجراءاتنا وقائية ومتناسبة وغير تصعيدية وستظل كذلك".

 

الباحث عمرو ربيع: تدخل الناتو سيكون بشكل غير مباشر، بمعنى أنّ حلف شمال الأطلسي سيتدخل من خلال عقوبات الدول الأعضاء، ومن خلال الدعم العسكري بإرسال أسلحة، وفرض حظر اقتصادي على استيراد الغاز

 

وتعهد التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة بأنّ روسيا "ستدفع ثمناً اقتصادياً وسياسياً باهظاً للغاية" لما وصفه بأنه "هجوم مروّع على أوكرانيا، وهو أمر غير مبرر وغير مبرر على الإطلاق". كما دان بيلاروس "لتمكين هذا الهجوم".

وقال الحلف في بيان "تصرفات روسيا تشكل تهديداً خطيراً للأمن الأوروبي الأطلسي وستكون لها عواقب جيواستراتيجية"، مشدداً على أنه "سيواصل اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان أمن جميع الحلفاء والدفاع عنها. نقوم بنشر قوات برية وجوية دفاعية إضافية في الجزء الشرقي من الحلف، بالإضافة إلى أصول بحرية إضافية. وزدنا استعدادات قواتنا للاستجابة لجميع الحالات الطارئة "، إلا أنّ الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، استبعد، في تصريح لـ"حفريات"، تدخل الناتو، موضحاً أنّ "التدخل سوف يكون غير مباشر، بمعنى أنّ حلف شمال الأطلسي سوف يتدخل من خلال عقوبات الدول الأعضاء ومن خلال الدعم العسكري بإرسال أسلحة وفرض حظر اقتصادي على استيراد الغاز"، الرأي الذي أيده ماركو دي ليدو، كبير محللي معهد الدراسات الدولية في إيطاليا، في تصريح لـ"حفريات"، حيث قال "الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية سيشاركون في الحرب ولكن ليس بشكل مباشر".

حلف الناتو: تصرفات روسيا تشكل تهديداً خطيراً للأمن الأوروبي الأطلسي

وأضاف دي ليدو أنّ "الناتو والولايات المتحدة الأمريكية سيرسلون أسلحة ومساعدات مالية وإنسانية، ولكن لن يشاركوا في قتال مباشر في أوكرانيا، لأنّه لا أحد مهتم بذلك."

اقرأ أيضاً: ما موقف الأمريكيين من تدخل بلادهم في أزمة أوكرانيا؟.. استطلاع جديد يجيب

وحول احتمال تدخّل أطراف عربية في الحرب، خاصة في ضوء تأييد سوريا للخطوات الروسية، أكد ربيع أنّ "الأطراف العربية لن تتدخل"، مستدركاً: "لن تتدخل أطراف عربية إلّا في بعض القضايا غير المباشرة، مثل تعويض الغاز الروسي بغاز قطري مثلاً"، وقال دي ليدو: "بالنسبة إلى الدول العربية، أعتقد أنّ بعض الدول العربية ستتحدث مع الولايات المتحدة الأمريكية للاتفاق على بعض العقوبات، لكنّني لست واثقاً من ذلك؛ لأنّ روسيا تتمتع بعلاقات جيدة جدّاً مع الدول العربية، فهم يشاركونهم الفكرة الأيديولوجية المتمثلة في عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى."

 

المحلل السياسي دي ليدو: روسيا تتمتع بعلاقات جيدة جداً مع الدول العربية، فهم يشاركونهم الفكرة الأيديولوجية المتمثلة في عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى

 

والسيناريو الأسوأ بالنسبة إلى الدول العربية هو قطع أو تأثر واردات القمح الروسي والأوكراني بشكل أو بآخر على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا.

وفي هذا الشأن، توقع ربيع إلغاء عقود القمح الموقعة بين دول المنطقة وأوكرانيا بالتحديد، مضيفاً: "سوف تبحث الدول العربية عن مصادر أخرى للقمح مثل أستراليا"، معرباً عن اعتقاده بأنّ "بعض العقود الموقّعة مع روسيا سوف تُلغى كذلك، خشية أن تطال العقوبات المتعاملين مع روسيا."

ضربة على الرأس

بدا النظام الأوكراني وكأنّه تلقى ضربة على الرأس أربكت تحركاته، رغم الحديث المتكرر عن استعداد كييف على صعيد توافر الأسلحة للدفاع عن أراضيها، إلّا أنّ هذه الأسلحة لا تجد العدد اللازم من الجنود لحملها، الأمر الذي كان جليّاً في خطاب متلفز للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، نقله الموقع الأوكراني "أوكرنفورم" باللغة الإنجليزية، فقد أعلن زيلينسكي أنّ بلاده بدأت في تسليح جميع المواطنين القادرين على الدفاع عن أوكرانيا.

دويّ انفجارات في عدد من المدن الأوكرانية

وقال زيلينسكي في الفيديو: "إنّنا نوزّع الأسلحة بالفعل، وسنواصل القيام بذلك من أجل حماية أرضنا لكلّ من يرغب، إلى كلّ أولئك القادرين على الدفاع عن أوكرانيا".

 وفي الفيديو ذاته أعلن زيلينسكي: "لقد قطعنا العلاقات الدبلوماسية مع روسيا، أوكرانيا تدافع عن نفسها، ولن تتخلى عن حرّيتها كما تعتقد موسكو".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية