الجزائر: حركة مجتمع السلم الإخوانية تزايد على الجميع لاحتكار التضامن مع فلسطين

الجزائر: حركة مجتمع السلم الإخوانية تزايد على الجميع لاحتكار التضامن مع فلسطين

الجزائر: حركة مجتمع السلم الإخوانية تزايد على الجميع لاحتكار التضامن مع فلسطين


30/10/2023

عاودت حركة مجتمع السلم في الجزائر (حمس)، الذراع السياسية للإخوان، مزايداتها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والتي درجت الحركة منذ عهد رئيسها السابق عبد الرزاق مقري على التلاعب بها كورقة ضغط وابتزاز، وفي أحيان أخرى من أجل الدعاية الانتخابية.

كانت السلطات الجزائرية قد اشترطت الترخيص للتظاهرات، حتى لا تنقلب الأمور إلى فوضى، بفعل محاولات البعض تثوير الشارع، والترويج لأجندات خاصّة. ورغم ذلك، وبفعل تبعات الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، رخصت السلطات الجزائرية لمسيرات تضامنية مع قطاع غزة يوم الخميس 19 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، في استجابة لحالة الغضب جراء الحادث الإجرامي في المستشفى المعمداني.

استجابت الأحزاب الجزائرية على اختلافها للمعايير والاشتراطات التي حددتها الداخلية، ما عدا حركة (مجتمع السلم)، التي أرادت تحريض الشارع على السلطة من جهة، بزعم أنّ الدولة ترفض التضامن مع مأساة الفلسطينيين، ومن جهة أخرى أرادت الحركة أن تقود الشارع الجزائري، وأن تحتكر وحدها الحديث باسم النضال الفلسطيني.

خلق حاضنة سياسية

الدكتور عبد السلام القصاص، الباحث المصري في العلوم السياسية، خصّ "حفريات" بتصريحات قال فيها: إنّ الإخوان في الجزائر حاولوا خلق حاضنة سياسية وإيديولوجية، من خلال القضية الفلسطينية، التي حاولوا توظيفها بانتهازية شديدة لصالحهم، ومنذ حادثة السفينة "مرمرة" لا يكفّ الرئيس السابق لـ (حمس) عبد الرزاق مقري عن اتخاذ فلسطين ضمن أدواته الإيديولوجية لتحقيق مكاسب سياسية.

عبد السلام القصاص: الإخوان في الجزائر حاولوا خلق حاضنة سياسية وإيديولوجية، من خلال القضية الفلسطينية التي حاولوا توظيفها بانتهازية شديدة لصالحهم

القصاص لفت إلى أنّ الجزائر كانت بحاجة إلى تهدئة الشارع، في أعقاب الارتباك الكبير الذي نتج عن أشهر الحراك، والتي رفضت (حمس) الانخراط فيها، ثم حاولت، في نهج إخواني معتاد، القفز على مكتسبات الحراك، وهي انتهازية متكررة، تجلت مرة أخرى أثناء التظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني في أنحاء العالم العربي.

الرئيس السابق لحركة (مجتمع السلم) آثر الخروج على النظام، وقرر المزايدة على الدولة، ليخرج في تظاهرة دون ترخيص، على الرغم من خروج تصريحات تؤكد أنّ الدولة بصدد تنظيم مسيرات احتجاجية لدعم الفلسطينيين، وإرسال مساعدات عاجلة عبر معبر رفح المصري.

عبد السلام القصاص

السلطات الجزائرية واجهت تحركات مقري بصرامة، وتمّ اقتياد الزعيم السابق لحركة (مجتمع السلم) الجزائرية، مباشرة بعد دعوته للجزائريين للخروج إلى الشارع من أجل التعبير عن تضامنهم، وتحدي المعايير والاشتراطات الأمنية.

عبد الرزاق مقري قاد مجموعة من أنصار حركة مجتمع السلم، وتجمهروا ليلاً يوم 17 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، قبل أن تقتاده مجموعة من عناصر الأمن بصحبة أحد مرافقيه، من أمام مقر الحركة قبل أن يتم الإفراج عنه بعد ذلك بوقت قصير.

سامح مهدي: هاجمت حركة (مجتمع السلم) عميد المسجد الكبير بباريس، بوصفه جزائري الجنسية، لأنّه لم يُبدِ تأييداً لعملية "طوفان الأقصى"

بعد إطلاق سراحه، واصل الأمين العام لمنتدى كوالالمبور مزايداته، حيث غرّد مقري قائلاً: "بخروجنا ليلة قصف المستشفى، حاولنا إنقاذ شرفنا وشرف الجزائريين. لماذا الجزائر من بين كل الدول لا يُسمح لمواطنيها بالخروج؟ كل ما يقال عن أنّ الوضع صعب، وأنّ هناك من سيستغل موضوع القضية الفلسطينية، مجرد حجج واهية".

وتلعب حركة (مجتمع السلم) على محورين؛ الأوّل هو العمل بشكل رسمي من خلال قيادة الحركة المتمثلة في عبد العالي حساني رئيس (حمس)، وأحمد صادوق رئيس الكتلة النيابية للحركة، من خلال طلب الترخيص للتظاهرات، دون الدخول في صدام مباشر مع السلطة، مع توجيه الانتقادات، وإعلان النفير العام، بداعي تحرير فلسطين.

عبد الرزاق مقري يتحدى الدولة

المحور الثاني في استراتيجية (حمس) يمثله الرئيس السابق للحركة، الذي ذهب إلى أقصى حدود تحدي الدولة، بل والتشهير بها، فقبل أيام قال مقري عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك): "الشعوب الآن تتظاهر في الشوارع في مختلف مدن العالم في هذه الليلة العصيبة التي يباد فيها أهل غزة، ويضحي فيها الأبطال بأنفسهم من أجل بلدهم ومن أجل الأقـصى، ومن أجل الأمّة كلها". مضيفاً: "ها هي عاصمتنا هادئة مستسلمة، لقد استطاع النظام السياسي أن يدجن الجميع، فهنيئاً لهم".

مقري واصل هجومه بشكل عنيف متهماً النظام الجزائري بإهدار كرامة الجزائريين، قائلاً: "لقد نجح النظام في هذه المهمة المدمرة لكرامتنا وكياننا. وكذلك النخب والأحزاب والمنظمات والشخصيات تتحمل المسؤولية مع النظام السياسي، هذا ليس وقتاً يُكتفى فيه برفع العتب"، خاتماً تصريحاته التحريضية بقوله: "الصحف تكتب، والتاريخ يسجل".

الرئيس السابق لحركة (مجتمع السلم) عبد الرزاق مقري

جدير بالذكر أنّ الحكومة الجزائرية سمحت لحركة (مجتمع السلم) بتنظيم وقفة احتجاجية يوم السبت 28 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، وألقى رئيس المكتب الولائي للعاصمة أحمد شريفي  كلمة تضامنية مع الشعب الفلسطيني أمام المقر المركزي للحركة.

المكتب التنفيذي الوطني لحركة (مجتمع السلم) طالب السلطة السياسية في بيان رسمي بفتح الفضاءات والساحات العمومية أمام الشعب الجزائري والأحزاب والمنظمات للتعبير عن رفض العدوان ودعم المقاومة، والتوقف عن ممارسة التضييق الإداري.

تدخلات حركة (مجتمع السلم)، بحسب الدكتور سامح مهدي، الباحث في الفكر العربي المعاصر، تجاوزت حدود الجزائر، فقد هاجمت حركة (مجتمع السلم) عميد المسجد الكبير بباريس، بوصفه جزائري الجنسية، لأنّه لم يُبدِ تأييداً لعملية "طوفان الأقصى"، وقالت (حمس) في بيان رسمي: إنّ تصريحات العميد المحسوب رسمياً وسياسياً على الدولة الجزائرية تشكل انحرافاً خطيراً ومتناقضاً مع الموقف الثابت للدولة الجزائرية، وتصادماً مع الإجماع العام للشعب الجزائري، ومع القيم التي تأسّست عليها مؤسسة مسجد باريس.

وبغضّ النظر عن تصريحات عميد المسجد الكبير، نلاحظ أنّ (حمس) لم تترك فرصة إلّا وزايدت فيها على الجميع، فقد هاجمت المغرب على لسان عبد الرزاق مقري، الذي وصف التظاهرات ضدّ الجرائم الوحشية التي تقترفها آلة الحرب الصهيونية بأنّها صفعة على وجه المطبعين، كما زايدت (حمس) على مصر، وطالبت في بيان رسمي بفتح معبر رفح، متجاهلة الضغوط الهائلة التي تبذلها القاهرة من أجل فتح آمن للمعبر، وها هي تشتبك مع كل رأي وأيّ رأي؛ بهدف تصدّر المشهد، واحتكار تمثيل القضية الفلسطينية العادلة، بحسب مهدي في تصريحاته لـ "حفريات".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية