التصعيد في لبنان بين حزب الله وإسرائيل... حافة الحرب وأفق السياسة

التصعيد في لبنان بين حزب الله وإسرائيل... حافة الحرب وأفق السياسة

التصعيد في لبنان بين حزب الله وإسرائيل... حافة الحرب وأفق السياسة


13/02/2024

تتزامن زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى لبنان، مع التصعيد الإسرائيلي المستمر في الجنوب ضد حزب الله، بما يجعل كافة الأطراف تميل نحو المواجهة المباشرة، والسقوط في فخ الحرب. وقد شن الحزب المدعوم من إيران هجمات متواصلة على المناطق الشمالية بإسرائيل، بما يفاقم وضع المستوطنات التي تظل غير آمنة في ظل التوتير الأمني المتزايد. 

زيارة ورسائل متعددة

وجاءت زيارة أمير عبد اللهيان إلى لبنان الذي التقى رئيس الوزراء نجيب ميقاتي وزعيم حزب الله حسن نصر الله، فضلاً عن مسؤولين آخرين من قادة الفصائل المسلحة، إثر الغارة الإسرائيلية التي استهدفت بمسيّرة وسط النبطية بجنوب لبنان قادة من حزب الله، حيث كان الاستهداف الأول من نوعه خارج قواعد الاشتباك المعمول بها والاتجاه أبعد قليلاً، بحيث يتم اختبار نقطة جغرافية تتماس مع عمق لبنان، وفي بيئة أخرى حاضنة لحزب الله وضمن مناطق نفوذه، وقد اعتبر الجيش الإسرائيلي هذه العملية التي استهدفت "القيادي بحزب الله" رداً على دور الأخير الذي "شارك في إطلاق عدد من الصواريخ باتجاه منطقتي كريات شمونة والمطلة على شمال إسرائيل."

وقال الجيش الإسرائيلي: "رداً على إطلاق الصواريخ، قصفت طائرة تابعة للجيش الإسرائيلي قائد منطقة الخيام في قوات الرضوان التابعة لمنظمة حزب الله الإرهابية في جنوب لبنان في منطقة النبطية".

تصعيد محتمل وانفجار وشيك

وعلى ما يبدو أنّ الأوضاع في لبنان تتجه نحو التصعيد رغم وجود أطراف إقليمية عديدة، منها مصر والسعودية وفرنسا والولايات المتحدة، تسعى للتهدئة وإيجاد وسيلة للحل السياسي، ومنع خطر اتساع الحرب والصراع أبعد من غزة، حسبما يوضح الباحث المختص في الشؤون السياسية الدكتور مصطفى صلاح، موضحاً لـ (حفريات) أنّ "ظروف لبنان الداخلية، ووضعها في هذا الإطار والسياق الإقليمي، يجعل أيّ تصعيد متفلت بمثابة انتحار للأطراف السياسية كافة، وسوف يدفع المدنيون أثماناً فوق طاقتهم". 

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان

وبحسب معهد واشنطن، تدرك فرنسا جيداً أنّ الولايات المتحدة تحمل مفتاح الاستقرار في الشرق الأوسط. ونظراً لأنّ الهدنة في غزة قد تكون في متناول اليد، ممّا قد يفسح المجال لدبلوماسية أوسع نطاقاً في مختلف أنحاء المنطقة، فبإمكان باريس وواشنطن أن توحّدا جهودهما بطرق متعددة. فعلى سبيل المثال، يبدو أنّهما تتفقان على إعادة "السلطة الفلسطينية" إلى غزة، وإحياء حل الدولتين على المدى الطويل، على الرغم من خلافاتهما حول وقف إطلاق النار وشكوكهما بشأن اليوم التالي. ومع ذلك، قد لا تنظر واشنطن إلى فرنسا كجهة فاعلة رئيسية في هذه القضايا. وبالتالي يمكن أن تستفيد باريس من علاقاتها الممتازة مع السعودية، التي ستؤدي عملية صنع القرار التي تتخذها الرياض دوراً رئيسياً في صياغة مستقبل المنطقة. على سبيل المثال، يمكنهما الضغط من أجل إحياء حل الدولتين كجزءٍ من استراتيجية أوسع نطاقاً تهدف إلى مواجهة إيران.

وعلى المدى القصير، بإمكان فرنسا والولايات المتحدة تنسيق جهودهما بشأن لبنان بشكل مفيد للغاية. فهما تتفقان على ضرورة تجنب اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله، كما يشير المعهد الأمريكي. وبناء على ذلك، سعتا إلى إنشاء تسوية مؤقتة جديدة على الحدود، تتضمن انسحاب حزب الله، وبعض الترتيبات المرتبطة بالأراضي بين لبنان وإسرائيل، والجهود المبذولة لتعزيز دور "قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان" (يونيفيل) والجيش اللبناني.

وتابع: "في الواقع، تمتلك باريس عدة أدوات نفوذ في لبنان؛ أوّلاً: لديها (700) عنصر من ذوي الخوذات الزرقاء على الأرض كجزءٍ من قوات (يونيفيل)، وهي الجهة المسؤولة عن القضايا اللبنانية في مجلس الأمن. ثانياً: تكثفت مشاركتها الطويلة الأمد في العملية السياسية للبنان منذ انفجار مرفأ بيروت والأزمات اللاحقة. كما أنّ فرنسا والولايات المتحدة عضوان في المجموعة الخماسية، المؤلفة من (5) دول "من بينها مصر وقطر والسعودية" التي تعمل على تسهيل عملية تعيين رئيس الجمهورية، وهذه العملية ما تزال معلقة بعد مرور نحو عامين على الانتخابات البرلمانية الأخيرة".

لبنان مرتهن في عباءة المرشد

لكنّ المخاوف في لبنان تزداد يوماً تلو الآخر، وفق الباحث المختص في الشؤون السياسية مصطفى صلاح، الذي يشير إلى أنّ القصف المستمر بين الحزب في الجنوب وإسرائيل يتسبب بمعاناة شديدة في ظل النزوح إلى العاصمة وعدة مناطق أخرى بعيدة عن "التوتر الأمني، والاشتباك بين الطرفين المتحاربين" الأمر الذي يضاعف من أثر الأزمة الاقتصادية الراهنة، ويجعل الوضع الإنساني والاقتصادي والسياسي والأمني أكثر تأزماً.

وقال وزير الخارجية الإيراني: إنّ دولتي "إيران ولبنان لم تسعيا إلى توسيع نطاق الأعمال القتالية في المنطقة"، مشيراً في المؤتمر الصحفي المشترك الذي جمعه ونظيره اللبناني في بيروت إلى أنّ "إيران ولبنان تؤكدان أنّ الحرب ليست الحل، وأنّنا لم نسعَ قط إلى توسيعها". وأضاف: "أيّ خطوة تتخذها إسرائيل نحو هجوم واسع النطاق على لبنان سيكون اليوم الأخير"، أي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقال: إنّ نتنياهو "يسعى عابثاً للخروج من مستنقع غزة".

ورغم التصعيد الذي يهدد الاستقرار في لبنان، والمخاوف من خوض حرب إسرائيلية شاملة، فإنّ الوزير الإيراني أكد على أنّ إسرائيل "لا تستطيع خوض حرب على جبهتين"، وزعم أنّ وكيله المحلي في لبنان "ردّ بقوة" على ضربات إسرائيل في جنوب لبنان، وألمح إلى أنّ طهران "على علم بالقدرات العالية" لحزب الله.

وفيما يخص الوضع المرتبك بالبحر الأحمر الذي يشهد تصعيداً آخر من قبل جماعة الحوثي و"عسكرة" الملاحة الدولية وتهديد الممرات التي تمر منها السفن النفطية والتجارية العالمية، قال عبد اللهيان: إنّ "النهج الاستراتيجي الخاطئ لأمريكا وبريطانيا" هو المتسبب في توسيع الصراع لليمن والبحر الأحمر، وقال إنّ مفتاح الحل هو وقف الحرب في غزة. وتابع: "الحرب ليست هي الحل، ولم نتطلع أبداً إلى توسيع نطاقها". وأكد أنّ الحل السياسي هو النتيجة النهائية لإنهاء دائرة الصراع.

محمد علي الحاج العاملي

ومن بين الأمور اللافتة في حديث الوزير الإيراني، كان الكشف عن وجود اتصالات مع واشنطن بهدف الاتجاه نحو التهدئة السياسية، وقال: "تُبودلت الرسائل في الأسابيع القليلة الماضية"، وأشار إلى أنّ الولايات المتحدة "طلبت من طهران أن تبلغ حزب الله ألّا ينخرط بشكل واسع وشامل في حرب على إسرائيل".

ويقول العلامة محمد علي الحاج العاملي، المعارض لحزب الله: إنّ "الحزب ينفذ أجندة سياسية ولائية، ويرهن كلّ تحركاته الميدانية وتصعيده مع إسرائيل وفق إملاءات إيران والولي الفقيه". ويردف: "لا يبدو لبنان من وجهة نظر الجمهورية الإسلامية له أيّ سيادة وطنية، إنّما هو مثل سوريا واليمن ضمن "الهلال الشيعي"، وتحقيق الأممية الإسلامية في نسختها الشيعية المسيسة"، لافتاً في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّ "زيارات وزير الخارجية الإيراني المعلنة، فضلاً عن قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني، وغالبيتها غير معلنة وسرّية، لا تعني بالنسبة إليّ كلبناني، وكل منهما يتحدث عن خطط وأفق بعضها سياسي أو دبلوماسي والآخر أمني وعسكري، لا تعني سوى عملية سافرة من التدخل في شأن داخلي ووضع مستقبل البلاد وأمنها واستقرارها في حيز التبعية وتقويض السيادة القانونية والدستورية ومؤسسات البلاد، لا سيّما بعد توصيف الوزير اللبناني أمن لبنان وإيران بأنّهما واحد".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية