أدهم الشرقاوي: هل يمكن أن يتحول طالب مثقف وثري إلى لص وسفاح؟

أدهم الشرقاوي: هل يمكن أن يتحول طالب مثقف وثري إلى لص وسفاح؟

أدهم الشرقاوي: هل يمكن أن يتحول طالب مثقف وثري إلى لص وسفاح؟


31/12/2023

لم يستطع أحد بعد أن ينال من مكانة أدهم الشرقاوي في المخيال الشعبي، وفي الفلكلور المصري الحديث، رغم أنّ الكتابة عنه وعن أمثاله، تبنّت صيحات التشكيك؛ بل والاتهام المباشر له بأنّه كان مجرد لصّ قاتل، وقاطع طريق، ولم يكن بطلاً مناضلاً ضدّ المحتل الإنجليزي لمصر، أو مدافعاً عن حقوق الفلاحين.

تأبى مثل تلك النوعية من الروايات أن تتزحزح عن مكانها في الوجدان الشعبي، المتعطش إلى الشخصيات البطلة، التي تجرأت على الوقوف ضد الطغيان والظلم، حتى لو طرحت فيما بعد الحقائق التاريخية المجردة، إلا أنّ ذلك الوجدان يكذبها، لكن ربما فعلت النخب ذلك، في تحدٍّ منها للإرادة الشعبوية، أو على سبيل ممارسة الصدمة لذلك الوجدان، إمّا بغرض إعادة القراءة والتدبر، أو للفت الانتباه لها.
في الوقت الذي تساهم فيه الدراما في خلق صور للشخصيات البطولية بعيدة عن الواقع، ربما لمتطلبات إنتاجية، أو تسويقية، أو في محاولة منها لتحريف قصة ذات حبكة درامية.

أدهم .. الصورة الحقيقية
عندما يذكر اسم أدهم الشرقاوي، تستدعي المخيلة صورة الممثل القدير عبدالله غيث، وطريقة أدائه، الجسدية واللغوية، لكن صورة أدهم الشرقاوي الحقيقية، والموجودة في متحف الشرطة المصرية، تقول إنّه شاب يبلغ العشرين من عمره، تشي ملامحه بوسامة فائقة، وبراءة وطيبة، فضلاً عن مظهر نظيف ومهندم؛ إذ يرتدي بذلة إنجليزية وربطة عنق.

إذا افترضنا صحة الرواية التي تحدثت عن أنّه كان لصاً قاتلاً؛ فعلينا أن نفهم كيف تحول هذا الشاب الصغير، سليل عائلة من الفلاحين تتوارث منصب عمدية القرية، حتى جده وعمه المباشر، إلى سفاح يسعى للحصول على المال، وهو لم يكن في حاجة إليه؟

فخّ الأرشيف القديم
يقع بعض المؤرخين في فخّ الوثائق الرسمية القديمة، فيعوّلون عليها في نسج الرواية الحقيقية للشخصية والأحداث.

بعد مقتل الشرقاوي، عام 1921، نشرت جريدة "اللطائف المصورة"، خبراً صدّرت به صفحتها الرئيسة، وجاء عنوانه "مصرع الشقي الشرقاوي الشهير وحكاياته الكثيرة".

يقع بعض المؤرخين في فخّ الوثائق الرسمية القديمة، فيعوّلون عليها في نسج الرواية الحقيقية للشخصية والأحداث

كانت الجريدة حادة في وصفها لأدهم؛ إذ جاء في النص: "المجرم الأكبر، الشقي الطاغية، أدهم الشرقاوي، قتل بعد أن طارده رجال البوليس واصطادوه، وأراحوا البلد من شرّه وجرائمه".
قُتل أدهم الشرقاوي في 13 تشرين الأول (أكتوبر) العام ١٩٢١، ونشرت جريدة "الأهرام" المصرية خبر مقتله تحت عنوان: "عاقبة البغي... مقتل شقي كبير"، وفي يوم ١٥ من الشهر نفسه؛ نشرت تفاصيل مقتله بعنوان "سلطان الأشقياء ومصرعه".
وأضافت "إنّ الشقيّ، أدهم الشرقاوي، قتل بطلق ناري، واشتهر القتيل بالجرائم والاعتداء على الأنفس والأموال في بيان النهار وفي الليل، ولم يسلم من شرّه حتى بعض أقاربه".

اقرأ أيضاً: موسى بن ميمون: يهودي في بلاط صلاح الدين
وصرحت أستاذة التاريخ الإسلامي، حفيدة ابن عم أدهم الشرقاوي، الدكتورة عبلة سلطان، لصحيفة "الفجر" المصرية؛ أنّ الدراما المصرية أظهرت أدهم على أنه من عائلة فقيرة، وهو لم يكن كذلك، فهو من مواليد عزبة الشرقاوي، ومساحتها 500 فدان، وكانت ملكاً لعائلته، تتبعها عزبة الكوم وزبيدة، و14 عزبة أخرى، توارثتها الأجيال، ربما فعلت الدراما ذلك لابرازه ممثلاً عن الفقراء، وهذا ما يعزز الرواية التي تقول إنّ الشاب لم يأت بأفعاله بدوافع إجرامية، بل سياسية.
حادثة دنشواي
كان لحادث دنشواي، عام 1906، أثر بالغ في نفس الغلام، الذي كان يبلغ من العمر حينها 9 أعوام؛ إذ إنّه تألم من إعدام 4 من قرويي القرية، الواقعة في محافظة المنوفية، شمال مصر، أمام عوائلهم، بينما جلد الإنجليز عشرات آخرين بقسوة وعنف.
كان أدهم يستمع إلى تاريخ المناضلين من عائلته، فحاول أن يحذو حذوهم.
تقول الدكتورة عبلة: الجدّ الأكبر لأدهم، وهو الشيخ عبدالرحمن الشرقاوي، كبير أعيان مصر، والذي عين مع عمر مكرم محمد علي باشا حاكماً على مصر، وكان أحمد شقيق عبدالرحمن من شيوخ الأزهر، الذين قاوموا بالحملة الفرنسية، واستشهد أحمد ورفض الفرنسيون تسليم جثته للعائلة كيداً لهم.

اقرأ أيضاً: موريس أودان: الفرنسي الذي دفع حياته حبّاً للجزائر
أما الشيخ علي الشرقاوي فقد طالبه الزعيم الوطني، أحمد عرابي، بإعداد جيش من رجال المنطقة لمقاومة الإنجليز ومقابلته في مدينة كفر الدوار، وسرعان ما استجاب الشيخ للزعيم.
وانتصر المصريون على الإنجليز في معركة تاريخية، وحصل بعدها الشيخ علي الشرقاوي على لقب "أفندي"، وتمّت مكافأته بـ 300 فدان على شجاعته.

مع قيام ثورة 1919 استغل أدهم حالة الفوضى والاضطراب وهرب مع زملائه من السجن


وتضيف عبلة: "والدة أدهم هي السيدة نبيهة حسن رشوان، ووالده هو الشيخ عبدالحليم الشرقاوي، كان حاصلاً على الإجازة العالمية من الأزهر، وتعادل شهادة البكالوريوس الآن، لكنه لم ينشغل بالوظيفة، واهتم بأملاكه (106 فدانات)، إضافة إلى عقاراته الممتدة بشارع الألفي في طنطا، واتسم بعلاقاته الاجتماعية الواسعة والمعتدلة إضافة إلى أعماله الخيرية، ومنها تكية أوقفها للفقراء بها 13 غرفة، وقد أوقف لها 25 فداناً للإنفاق عليهم، وعاش والد أدهم 33 عاماً، عام 1954، بعد وفاة ابنه، وترك عزبة زبيدة بعد مصرعه وغادرها إلى مدينة طنطا.

اقرأ أيضاً: سيمون بوليفار.. الحرية لمن يخلص لحلمه حتى النهاية
وأشارت إلى أنّ محمود الشرقاوي عمّ أدهم، يعدّ من أهم الشخصيات التي أثرت في البطل الشعبي، أما بقية أعمامه؛ فكانوا من كبار الملاك والمزارعين، وبلغت أملاكهم حوالي 500 فدان، إلى جانب تولّيهم العمدية ومشيخة البلد.

قوة وشجاعة
وفي وصفها لأدهم قالت عبلة إنّه كان ذا بنيان قوي منذ مولده، وكانت تبدو على ملامحه السمات الأوروبية؛ بالوجه الأحمر، والشعر الذهبي، وكان ذا عينين عسليتين، وتميز منذ طفولته بالقدرة الفائقة على الاستيعاب، وظهر ذلك من خلال قدرته على حفظ القرآن الكريم. كما تعلم خلال طفولته اللغة اليونانية دون معلم؛ لأنها كانت اللغة السائدة بين تجار القطن، وكان والده معجباً بنبوغه فألحقه بمدرسة لغات فرنسية خاصة في طنطا، وكان عمره حينها 3 أعوام، كما أتقن اللغة الإنجليزية والفرنسية، ثم ترك مدرسته قبل أن ينهي دراسة "البكالوريا".

اقرأ أيضاً: جادو عزّ الدين.. رحيل شاهد على ذاكرة النضال والوحدة
وتدلل الدكتورة عبلة على شجاعة أدهم؛ أنّه عند زيارة السلطان حسين كامل لمدينة طنطا جمع المسؤولون طلاب المدارس لاستقباله والهتاف بحياته كتقليد متبع، وفجأة خرج أدهم ليهتف؛ يسقط عميل الاستعمار يسقط السلطان، وسرعان ما انضم إليه جمع غفير من الصبية والشباب يرددون الهتاف، مما أوقع المسؤولين في حرج شديد، وكاد يفصل من المدرسة لولا تدخل عمّه العمدة، عبدالمجيد بك الشرقاوي، الذي بات يومها قلقاً من تصرفاته؛ نظراً لطبيعة منصبه.
ومنذ ذلك الوقت، ذاع صيت أدهم بين أهل قريته والقرى المجاورة، وتميز بشجاعته وبأسه وقدرته علي مواجهة الخطر، فلم يكن يخشى هجمات اللصوص أو عواء الذئاب، إضافة إلى كرمه الشديد مع الفقراء، وتعاطفه معهم في مواجهة الأثرياء وكبار التجار، كما أنّ والدته وصفته بالعند والذكاء والتمرد، ورغم ذلك كان يتميز بالحنان والعطف على أخويه، كما كان باراً بوالديه.
الثأر الشخصي
كان للثأر الشخصي دور في تحولات الشاب المتعلم، بعد مقتل عمّه الشيخ محمود الشرقاوي؛ بسبب تصدّيه للرسوم التي فرضها الباشا على المياه، وبسبب مساندته لإحدى قريبات الباشا، والذي اغتصب أرضها، وتنامى إلى سمع الباشا أنّ الشيخ محمود يعتزم الزواج بها، فقرر نفيه إدارياً، وعندما عاد الشيخ محمود أطلق عليه الباشا الرصاص ليلقى مصرعه.

اقرأ أيضاً: بيرم: حكاية تونسي تزعّم شعراء العامية في مصر
كان أدهم شديد الفخر بعمّه، لما يتميز به من عدل بين الناس، عند عقده المجالس العرفية بصفته نائباً للعمدة، وورث أدهم تلك الصفات عنه، مما دفعه للتصدي للصوص، ولذا أحاطه الفلاحون بحبّهم، وتستروا عليه في بيوتهم، وكثيراً ما أخفوه عن أعين السلطة المستبدة.
بدران المظلوم
ظلمت الرواية الشعبية "بدران" صديق أدهم، باعتباره خائناً له، بعد أن وشى به لدى السلطات الإنجليزية المحتلة.

إلا أنّ بدران هذا لم يكن كما صورته الدراما، والملاحم الغنائية الشهيرة، التي غناها محمد رشدي وعبدالحليم حافظ.

كان بدران مناضلاً يؤمن بأفكار أدهم وكان شيخاً لخفراء الناحية وتولى وخفراؤه حماية أدهم ورجاله من رجال السلطة والاحتلال

فبدران، بحسب روايات، أقرباء أدهم لصحيفة "اليوم السابع" المصرية، لم يكن خائناً لأدهم، بل كان صديقه الصدوق، عمل على حمايته، وكان سبباً في تصدي أدهم وقوته في مواجهة الإنجليز.
كان بدران مناضلاً يؤمن بأفكار أدهم التحررية، واللافت أنّه كان شيخاً لخفراء الناحية، وتولى وخفراؤه حماية أدهم ورجاله من رجال السلطة والاحتلال.

 

 

كان بدران من أهم العوامل التي أدت إلى نجاح أدهم خلال مسيرته النضالية، وقد ورث وظيفته عن أبيه الشيخ محمد بدران، وتلقى تعليماً أولياً بكتّاب القرية، ثم التحق بالأزهر، وجمعته بأدهم صداقة حميمة، وتعرض للفصل من وظيفته أكثر من مرة، لرفضه الإدلاء بأية معلومات عن أدهم للسلطة.

اقرأ أيضاً: محمد وردي: فنان إفريقيا الأول ومنشد الثورة والعاطفة

كان الجميع على علم بنيّة أدهم الانتقام لعمّه؛ لذلك تعرض لعدة محاولات لقتله، وفي إحداها نجا من إطلاق النار عليه بالابنطاح على الأرض، ثم باغت أدهم من حاول اغتياله برصاصة استقرت في رأسه.
تقول الدكتورة عبلة؛ كان بإمكان أدهم الفرار لكنه سلّم نفسه بإرداته، واعترف بإطلاق النار دفاعاً عن نفسه، وحكم عليه بالسجن سبعة أعوام مع الأشغال، في سجن أبوزعبل خلال عام 1917.

اقرأ أيضاً: محمد يونس "مُقرض الأمل" الحالم بهزيمة الفقر وتمكين الإنسان
يقول المهندس ماهر عبداللطيف الشرقاوي، عضو مجلس شورى سابق، وأحد أحفاد الشرقاوي، لصحيفة "اليوم السابع" المصرية؛ إنّ أسطورة جده أدهم الشرقاوي بدأت وهو في سنّ التاسعة عشر، عندما ارتكب حادثة قتل، وكان عمّه، عبدالمجيد بك الشرقاوي، عمدة زبيدة أحد شهود الإثبات فيها؛ حيث شهد ضدّ ابن أخيه، وأثناء محاكمته سمع أدهم أحد الشهود يشهد ضدّه، فهجم على أحد الحراس بقصد نزع سنجته ليطعن بها الشاهد، وحكمت المحكمة عليه بالسجن سبعة أعوام مع الأشغال الشاقة، فأرسل إلى ليمان طرة.
وأضاف قائلاً: "في الليمان ارتكب جريمة قتل أخرى؛ حيث التقى عبدالرؤوف عيد، قاتل عمّه محمود، الذي قبض عليه في جريمة أخرى، فضربه على رأسه بالآلة التي يقطعون بها حجارة الجبل "الحجاري"، وهكذا حُكِم على أدهم بالأشغال الشاقة المؤبدة.
الهروب الكبير
ومع قيام ثورة 1919؛ استغل أدهم حالة الفوضى والاضطراب، وبفضل قوته الجسمانية؛ خلع بوابة الزنزانة، ثم قيد حارسه بالسلاسل، وهرب مع زملائه من السجن، بعد معركة دامية مع البوليس، سقط فيها ما يقرب من ثمانين قتيلاً، ثم اختفى أدهم في مكان ما في بلده، وانضم إليه عدد كبير من الأشخاص.

اقرأ أيضاً: بليغ حمدي على الشاشة الصغيرة قريباً وإياد نصار يتعلم الموسيقى
ويقول المهندس فتحي توفيق الشرقاوي، لصحيفة "اليوم السابع" المصرية: إنّ الحكومة عززت قوات الأمن في المنطقة، وأكثرت من دورياتها إلى أن تخاصم أدهم مع أحد أقربائه، وهو الخفير محمود أبو العلا، فوشى به لدى البوليس، ودلّهم على مكانه، وحين حاصرت الحكومة مخبأه، تركه أعوانه خوفاً على حياتهم، فراح يتنقل بين مراكز إيتاى البارود وكوم حمادة والدلنجات، وأخيراً؛ أرسل ملاحظ بوليس الجاويش محمد خليل، وأومباشي سوداني، وأحد الخفراء، فكمنوا له متنكرين في غيط ذرة في زمام عزبة جلال، وكان أدهم في حقل مجاور من حقول القطن، يتأهب لتناول غداءه الذي جاءته به امرأة عجوز، ولما أحس بحركة داخل غيط الذرة المجاورة أطلق عدة طلقات من بندقيته دفاعاً عن النفس، لكنّ الجاويش محمد خليل أطلق عليه رصاصتين، فسقط قتيلاً قبل أن يتناول شيئاً من طعامه، ووجدوا معه نحو مئة طلقة وخنجر.

اقرأ أيضاً: راسبوتين.. الراهب الغامض الذي سرّع بنجاح الثورة الشيوعية
وأضاف ماهر أنّ جدّه أدهم، كان مقاوماَ ضدّ الإنجليز وعملائهم وأتباعهم، وأنّ التشويه الرسميّ لصورته كانت بتعليمات من المعتمد البريطاني، وهو ما تلقفته الصحف الموالية للسلطة، وحول ما يقال عن أنّه كان يسرق من الأثرياء ويعطي الفقراء فهو جزء من أسطورة الشخصية على طريقة البريطاني.

يروي طه نبيل الشرقاوي أحد أحفاد أدهم أنّ جده حارب مع عمر المختار في ليبيا، بعد هروبه من السجن

ويقول محمد عادل الشرقاوي، حفيد آخر للشرقاوي؛ أنّ جده كان بارعاً في التنكّر؛ فمرة يتحدث بلغة أجنبية، وكأنه خواجة، ومرة يرتدي لباس سيدة، وأنه كان بطلاً شعبياً ناضل ضدّ الإنجليز وأعوانهم وانتصر للفلاحين الغلابة، ووقتها أدرك البوليس أنّه لن يستطيع النيل منه.
وأضاف حفيده؛ من أبرز وقائع أدهم أنه كان يوجد تاجر قطن أجنبي من أصل يوناني، يدعى ندا، كان يقيم في منطقة نتما بالنجيلة في كوم حمادة، فذهب أدهم إليه، وتحدث معه باليونانية، وأفهمه أنه خواجة يوناني مثله، وطلب الانفراد به، وطلب منه كمية من القطن لتصديرها لحسابه، وعندما اختلى به أفصح له عن شخصيته الحقيقية، وطلب من التاجر الكمبيالات التي أخذها على الفلاحين، وقام بقتله وحرق المستندات التي تدين الفلاحين.

اقرأ أيضاً: محمد طُمّليه في ذكراه العاشرة: لسان عذب وساخط مصاب بالسرطان
وتابع؛ أخذ أدهم نقود التاجر ووزعها على الفقراء، فلم يعد للفلاحين مديونية منذ ذلك الوقت، وبعد ذلك؛ بدأ التحريض ضدّ أدهم من شخص يدعى حسين السيوي، المقيم بإيتاي البارود، وقد كان تاجر قطن، وقام أدهم بإرسال شخص إليه اسمه عبدالقوي، فقام حسين السيوي بقتله، فبادر أدهم بقتل حسين السيوي، لأخذ ثأر الناقوري.
ويروي طه نبيل الشرقاوي، أحد أحفاده، أنّ أدهم حارب مع عمر المختار في ليبيا، بعد هروبه من السجن، عندما اشتدّ الحصار عليه، وأفصح طه عن أنّ ما يقال عن خيانة بدران لأدهم في آخر حياته ليس صحيحاً، كما روت الأفلام والدراما؛ حيث إنّ بدران كان خفيراً مقرباً لأدهم الشرقاوي، وليس له أيّ دور في مقتله.

وعما يذكر حول استمالة السلطة لبدران صديق أدهم، وتواطئه مع البوليس الذي جاء في أثره،  فإنه غير صحيح، والحقيقة أنّ بدران شخصية حقيقية، وكان صديقاً لأدهم، ولا علاقة له بمقتله، وكان على قيد الحياة عندما غنّى رشدي موال "آه يا خوفي يا بدران ليكون ده آخر عشا"، لذلك جاء إليه إلى القاهرة، وطلب منه حذف اسمه من الموال فأعاد رشدي غناءه فعلاً بطريقة أخرى: "آه يا خوفي يا صاحبي ليكون ده آخر عشاء".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية