2023.. أكبر عدد من النزاعات منذ 3 عقود

2023.. أكبر عدد من النزاعات منذ 3 عقود

2023.. أكبر عدد من النزاعات منذ 3 عقود


12/12/2023

زياد الأشقر

أصدر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن الأسبوع الماضي، النسخة الأخيرة من تقريره السنوي "مسح النزاعات المسلحة".

ولا يبدي التقرير تفاؤلاً بكثير من السلام بحلول الأعياد، بل يرسم صورة قاتمة للعنف المتصاعد في الكثير من المناطق.

ووثق التقرير – الذي يركز على النزاعات الإقليمية وليس على مواجهات بين القوى الكبرى مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة وحلفائها- 183 نزاعاً للعام 2023، وهو الأعلى منذ ثلاثة عقود.

ويبرز التقرير بحسب "بلومبرغ" "الاستعصاء كسمة تميز المشهد المعاصر للنزاعات"، وتلعب مجموعات مسلحة غير حكومية، بما فيها حماس، دوراً كبيراً في هذا المجال، وفي مناطق كثيرة تتلقى هذه المجموعات الدعم من قوى رئيسية، مثل روسيا وإيران.

وعلى رغم أن العالم لا يواجه تهديداً فورياً بحرب عظمى، كتلك التي نشبت بين 1914 و1918 ثم بين 1939 1945، فإن التوترات في تصاعد، خصوصاً بين الولايات المتحدة والصين.

ويقول الكاتب، وهو أيضاً مؤرخ، إن أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت أوروبا إلى خوض الحرب عام 1914 هو أن أياً من اللاعبين الكبار لم يكن خائفاً كما ينبغي من الصراع باعتباره كارثة إنسانية كبرى، فخلال قرن من الزمن لم تشهد فيه القارة سوى حروب محدودة، كانت بروسيا مستفيدة منها بشكل واضح، نظر الكثيرون من رجال الدولة إلى الحرب، باعتبارها أداة سياسية قابلة للاستخدام، وهو ما أثبت سوء تقدير كارثي.

بوتين أكثر ثقة

وفي عالم اليوم، يتشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هذا الوهم. ويشكل اندفاعه إلى جورجيا عام 2008، وإلى القرم عام 2014 والآن إلى البر الأوكراني الرئيسي، اعتناقاً لمخاطر العنف بين الدول، وهو يبدو واثقاً، وتزداد ثقته أكثر وأكثر في وقت يتضاءل الدعم الشعبي الأمريكي والأوروبي لأوكرانيا، ويبدو شعبه أكثر حزماً من الغربيين.

وفي الوقت نفسه، ليس معروفاً إلى أي مدى الرئيس الصيني شي جين بينغ مستعد لتوسيع تحركاته في بحر الصين الجنوبي، وعلاوة على ذلك نحو تايوان. كما أن الخطر يبقى محدقاً من أن يؤدي التدمير الإسرائيلي لغزة،  إلى التعجيل بصراع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط.

وهناك صدامات حدودية في أنحاء العالم، وتبقى محاولة روسيا التغلب على أوكرانيا أكثرها تدميراً، واستولت أذربيجان على منطقة ناغورنو-قره باغ، مما تسبب بتهجير مئة ألف من سكانها الأرمن، ولا تزال التوترات قائمة بين روسيا وجورجيا، وفي باكستان، تصاعد الإرهاب المحلي، كما ارتفعت التوترات والمشاعر المناهضة للمسلمين في الهند إلى مستويات خطيرة.
وتزايدت حدة الصراعات على أساس سنوي، مع زيادة أحداث العنف بنسبة 28% في أحدث استطلاع.

ووصف معدو تقرير المعهد الدولي عالماً "تهيمن عليه الصراعات المستعصية على نحو متزايد والعنف المسلح وسط انتشار اللاعبين والدوافع المعقدة والمتداخلة والتأثيرات العالمية وتسارع تغير المناخ".

الضربة الأولى

وكنتيجة جزئية لهذا الاستعصاء، صارت الصراعات المسلحة أطول، ونشر اسكندر رحمن الزميل في مركز هنري كيسنجر بجامعة جونز هوبكنز، كتاباً يقول فيه إن الولايات المتحدة وحلفاءها لابد أن يتوقفوا عن صنع السياسات والاستراتيجيات على أساس أن حروب المستقبل ستكون قصيرة، وكتب أن كلاً من الصين وأمريكا "تركزان على الضربة الأولى والسيطرة على المبادرة".


ويعتقد رحمن أن هذا لن يكون قابلاً للتطبيق في المستقبل، ذلك أن الثقل الاقتصادي الهائل الذي تتمتع به الصين والولايات المتحدة، من شأنه أن يتسبب بإطالة أمد الصراع بينهما أشهراً عدة، وربما سنوات، بل وحتى لعقود.

وهذا يجعل من الضروري أن يقوم الغرب ببناء مخزون استراتيجي من الأسلحة والذخائر على نطاق لا يتصوره المخططون حالياً.


وتعتبر التجربة الأوكرانية مثالاً جيداً بالنسبة لرحمن، إذ يظهر فيها أن نمط التفكير الأمريكي الحالي يخلط بين التخطيط للفوز في مجرد معركة أو حملة محدودة، ومتطلبات نزاع طويل.
وخلص إلى أنه يجب أن نكف عن بناء الدفاع في الغرب، على أساس أن أياً من التهديدات، ستنتهي بحلول عيد الميلاد.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية