وثائق "الإخوان"... مناورة سياسية أم تعزيز للانشقاق؟

وثائق "الإخوان"... مناورة سياسية أم تعزيز للانشقاق؟

وثائق "الإخوان"... مناورة سياسية أم تعزيز للانشقاق؟


20/10/2022

وليد عبد الرحمن

مع اتجاه «جبهة إسطنبول» بقيادة محمود حسين، الأمين العام السابق لتنظيم «الإخوان»، لإطلاق وثيقة سياسية جديدة الفترة المقبلة، وذلك في أعقاب إطلاق «تيار التغيير» وثيقته الأولى، ومن قبله وثيقة «جبهة لندن» بقيادة إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان». ذهب بعض الباحثين إلى أن «هذه الوثائق قد تعزز الانشقاق المتصاعد منذ أشهر بين (قيادات التنظيم في الخارج)»، بينما رأى آخرون، أنها «مجرد مناورة سياسية لكسب التعاطف الرسمي والشعبي بمصر».
ويرى الباحث المصري المتخصص في قضايا الأمن الإقليمي، محمد فوزي، أن «حرب التصريحات والوثائق الخاصة بجبهات (الإخوان المتصارعة) تدخل في إطار (المأزق الوجودي) الذي يعيشه التنظيم في الآونة الأخيرة، والتحركات الداخلية الإخوانية المُكثفة، ترتبط من جانب بالأزمة التي يعيشها (الإخوان) على المستوى التنظيمي، ومن جانب آخر بالتطورات الإقليمية، خصوصاً ما يرتبط بالداخل المصري».
في حين أكد الباحث المصري في الشأن الأصولي، عمرو عبد المنعم، أن «وثائق (الإخوان) لا ترقى لمستوى تغيير التوجه ولا تغيير الأفكار والمناهج، فهي مجرد (محاولات مكشوفة ومناورة سياسية) لتجميل الصورة، تؤكد حالة الانقسامات، وتشير إلى جحم الصراعات داخل التنظيم».
وشهدت الساعات الماضية اشتعالاً لـ«صراع الوثائق» بين «إخوان مصر» حول العمل السياسي للتنظيم. ووفق ما أعلنته وثيقة «مجموعة لندن»، فإنها «سوف تنسحب من أي صراع على السلطة بمصر». ولوّحت بـ«الابتعاد عن العمل السياسي». لتخرج بعدها وثيقة «تيار التغيير» لتؤكد «الاستمرار في ممارسة السياسة للوصول للسلطة عكس (جبهة لندن)». ومنح التيار عناصره «مساحة للعمل السياسي».
و«تيار التغيير» أسسه في السابق محمد كمال (مؤسس الجناح المسلح لـ«الإخوان» ولجانه النوعية، والذي قتل في أكتوبر/تشرين الأول عام 2016)، ثم من بعده محمد منتصر المتحدث الأسبق للتنظيم ومجموعته.
ويرى مراقبون، أن «وثيقتي (جبهة لندن) و(تيار التغيير) عمّقتا الانقسامات بين (إخوان الخارج)». وأشاروا إلى أن «(جبهة إسطنبول) شكلت (مجموعة مراقبة) للتعرف على أصداء الوثيقتين، ومدى التجاوب معهما».
وهنا قال عبد المنعم، إن هناك «وثيقة ثالثة لـ(جبهة إسطنبول) تداولتها في وقت سابق مجموعات اسمها (الرؤية) تحدد موقف (مجموعة محمود حسين) مما يطرح من نقاشات داخلية». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أنه «تم تداول هذه الوثيقة (أي الثالثة للتنظيم) داخلياً ولم تنشر»، مشيراً إلى «إمكانية طرح وثيقة (جبهة إسطنبول) خلال وقت قريب»، مدللاً على ذلك بأن «(مجموعة محمود حسين) تعكف حالياً على مراجعة بنودها لتعرض رؤية أخرى غير ما طرحته وثيقتا (مجموعة لندن) و(تيار التغيير)».
وبحسب عبد المنعم، فإنه «في يوم 28 يوليو (تموز) الماضي، أي قبل مقابلة إبراهيم منير مع (رويترز) بيوم واحد، أصدرت (مجموعة محمود حسين) بياناً أطلقت عليه (عهد وميثاق)، دعت فيها الجميع إلى (التوقف عن نشر أي خلافات على مواقع التواصل الاجتماعي)». واعترفت حينها بـ«وجود خلافات داخل التنظيم وأنها مستمرة».
وكان إبراهيم منير قد قال مساء يوم 29 يوليو الماضي لـ«رويترز»: «لن خوض صراعاً جديداً على السلطة بمصر». وأضاف منير، أن «(الإخوان) يرفض (العنف) تماماً ونعتبره خارج فكر (الإخوان)»، مؤكداً وجود «انقسامات داخلية في (الإخوان)».
من جهته، أشار فوزي إلى أن «ظهور ما عُرف بـ(جبهة أو تيار التغيير) أو بمعنى أدق (جبهة المكتب العام) حمل دلالتين، الأولى تتمثل في فرضية توجه هذا التيار نحو إعادة إحياء (نهج العنف) مرة أخرى، خصوصاً أن القيادي بالتنظيم رضا فهمي، أعلن عن تأسيس إحدى الجمعيات، وهي الجمعية التي أشارت العديد من الدوائر إلى أنها بدأت في التنسيق مع العديد من الاتجاهات الإخوانية و(المتشددة) بالخارج، للعمل على تبني استراتيجية جديدة تقوم على (العنف) خلال الفترة المقبلة».
أما الدلالة الأخرى، بحسب فوزي، فإن «(جبهة التغيير) تسعى إلى الإطاحة بجبهتي (لندن) و(إسطنبول) من المشهد، والسيطرة على مفاصل (الإخوان)؛ إذ لا تعترف هذه الجبهة بالجبهتين المتصارعتين، وترى أن قيادة (الإخوان) لا تزال لدى محمد بديع، وتسعى هذه الجبهة إلى استغلال كون غالبية قواعد (الإخوان) المتبقية في الداخل المصري، أقرب إلى موالاة تيار (الكماليين) أو (المكتب العام)».
ويقبع مرشد «الإخوان» محمد بديع ومعظم قيادات التنظيم داخل السجون المصرية في اتهامات بالتورط في «أعمال عنف»... وصدر بحقهم أحكام بـ«الإعدام والسجن (المؤبد) و(المشدد)».
وأكد محمد فوزي، أن «بيان (جبهة لندن) الأخير والذي سُمي (الوثيقة السياسية)، فيما يبدو أنه محاولة لاحتواء تحركات الجبهة الثالثة (أي تيار التغيير)، وتأكيد على أولويات (الإخوان) في المرحلة المقبلة، في ضوء رؤية (جبهة لندن)، فضلاً عن أنها مثلت استكمالاً لمحاولات (مغازلة) الدولة المصرية بالتزامن مع قرب البدء الفعلي لـ(الحوار الوطني)، الذي سعى (الإخوان) إلى الصعود عليه وتوظيفه من أجل العودة إلى المشهد؛ لكن الدولة المصرية أكدت أن الحوار (لن يشمل من تورطوا في العنف والإرهاب)».
ووفق عمرو عبد المنعم، فإن «تلويح (جبهة لندن) بـ(الابتعاد عن السياسة) لا يعني الجدية في تغيير التوجهات والتطلعات، فهذا الأمر يحتاج إلى مؤسسية (منضبطة) وإعادة تقييم مُعلن يمر بمراحل عدة، كما يتطلب إجراء مراجعة للأدبيات والتصرفات السابقة».
وهنا يشير المراقبون إلى أن «الحركات النوعية التي انطلقت عام 2014 بمصر والذي نتج عنها حركات مثل (حسم)، و(لواء الثورة)، و(المقاومة الشعبية)، و(كتائب حلوان)، جميعها محسوبة على الحالة التنظيمية لـ(الإخوان)».
عودة إلى فوزي الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مستقبل الأزمة التي يمر بها تنظيم (الإخوان) سوف يكون متوقفا على بعض المحددات ومنها، موقف قيادات الصف الأول بالسجون المصرية، وكذلك طبيعة تحركات (تيار التغيير)، فضلاً عن نوعية التحركات والتحالفات الخارجية لـ(الإخوان) في المرحلة المقبلة». لكن الأرجح، وفق فوزي، أن «التنظيم سوف يبقى في حالة (تشظٍ) على المديين القريب والمتوسط».

عن "الشرق الأوسط" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية