نظام أردوغان يواصل التضييق على حرية الإنترنت.. ما الجديد؟

نظام أردوغان يواصل التضييق على حرية الإنترنت.. ما الجديد؟


11/08/2022

يواصل نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التضييق على حرية التعبير؛ الجماعية والفردية، سيّما على الإنترنت، الذي بات هدفاً لرقابة أمنية مشددة تمارسها السلطات التركية متذرعة هذه المرة بالقيم الدينية والأخلاقية والعائلية التركية.

ووفق تقرير نشره موقع "غلوبال فويسز" الهولندي، فإنّ أحدث مثال على تقييد السلطات التركية حرية الإنترنت هو التحقيق الذي بدأه مكتب المدعي العام في إسطنبول ضد منصة بث الموسيقى "سبوتيفاي".

ويقول الموقع العالمي الذي تديره منظمة غير ربحية، يدعي مكتب المدعي العام أنّ المنصة وافقت على قوائم أغاني "تهين القيم الدينية ومسؤولي الدولة".

وجاء قرار إطلاق التحقيق بعد أن "تلقى مركز الاتصالات الرئاسي حجماً كبيراً من الشكاوى بأنّ قوائم الأغاني على المنصة تعزز الإسلاموفوبيا من خلال إهانة القيم الدينية ومسؤولي الدولة".

وليست الأغاني على وجه التحديد التي تثير انتقاد السلطات ولكن أسماء قوائم التشغيل التي تضمها هي التي تثير غضب المسؤولين.

يواصل نظام أردوغان، التضييق على حرية التعبير؛ الجماعية والفردية

ويدعي مكتب المدعي العام أنّ "سبوتيفاي" وافقت على أسماء قوائم التشغيل، ولكن وفقاً لقواعد المنصة، يمكن للمستخدم إنشاء أكبر عدد ممكن من قوائم التشغيل وتسميتها دون تدخل من المنصة.

ويحاول أردوغان كسب شرعية شعبية عبر اللعب على الوتر الديني والقومي بتقديم نفسه حامياً للقيم والأخلاق والتقاليد التركية بمثل هذه القضايا التي يثيرها ليحقق فيها إنجازات، يغطي فيها على انتهاكاته وتقييده حرية الرأي والتعبير على الإنترنت، سيما المحتوى المعارض لنظامه؛ فتركيا تواجه اتهامات من منظمات حقوق الإنسان بخنق حرية التعبير في البلاد.

فريدوم هاوس: على الرغم من قيام حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان ويحكم تركيا منذ عام 2002، ببعض الإصلاحات الليبرالية، إلا أنه أظهر انخفاضاً تدريجياً في الحقوق السياسية والحريات المدنية

وكانت أنقرة قد حجبت في 2017 موقع "الموسوعة" على خلفية محتوى صفحتين بعنوان "إرهاب ترعاه الدولة" و"التدخل الخارجي في الحرب الأهلية السورية" يتضمن إشارة إلى وجود رابط بين السلطات التركية و"أنشطة إرهابية".

وفي السنوات الأخيرة حجبت تركيا مراراً مواقع التواصل الاجتماعي ومنصّاته على غرار "فيسبوك" و"تويتر" على خلفية أحداث من بينها احتجاجات حاشدة أو هجمات إرهابية.

تركيا دولة غير حرة على الإنترنت

ووفق تقرير "الحرية على الإنترنت لعام 2021" الصادر عن منظمة "فريدوم هاوس" الأمريكية لحقوق الإنسان، فإنّ تركيا تعتبر من بين "الدول غير الحرة" على الإنترنت.

ورصد التقرير، قيود "حظر الوصول" و "تقييد المحتوى" و"انتهاكات حقوق المستخدم".

وحصلت تركيا في التقييم على 34 نقطة فقط من 100 نقطة (15 نقطة لـ "حظر الوصول"، و 10 نقاط لـ "قيود المحتوى" و 9 نقاط لـ "انتهاكات حقوق المستخدم")، لتدخل إلى فئة الدول غير الحرة في الإنترنت.

وبحسب التقرير الدولة التي تحصل على 70-100 نقطة يكون تصنيفها "حر" ، أما 40-69 نقطة فالتصنيف هنا "حر جزئياً"، بينما تعني 0-39 نفطة "غير حر".

تركيا تعتبر من بين "الدول غير الحرة" على الإنترنت

وأوضح التقرير أنّ الحكومة التركية مارست ضغوطاً مكثفة على المعارضة بعد محاولة الانقلاب في عام 2016. ركزت التعديلات الدستورية التي تم إقرارها في 2017 السلطة، في يد رئيس الجمهورية.

وقالت "فريدوم هاوس": "حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان يحكم تركيا منذ عام 2002، وعلى الرغم من قيامهم في البداية ببعض الإصلاحات الليبرالية، إلا أنهم أظهروا انخفاضاً تدريجياً في الحقوق السياسية والحريات المدنية".

وتابع التقرير: "بينما يواصل أردوغان ممارسة قوة كبيرة في السياسة التركية، فإنّ فوز المعارضة في الانتخابات البلدية لعام 2019 وتأثير جائحة كوفيد -19 على الاقتصاد المهتز بالفعل قد أعطى الحكومة حوافز جديدة لقمع المعارضة والحد من الخطاب العام".

وأكد تقرير "فريدوم هاوس" أن تركيا تظل الدولة صاحبة أدنى درجات شراء على الإنترنت في أوروبا، وتحتل المرتبة 59 في جميع أنحاء العالم.

خنق المحتوى المعارض

حزب العدالة والتنمية يعمل منذ فترة على مشروع قانون جديد يقيد الإنترنت أكثر، حيث سيتم بموجبه معاقبة من ينشر "المعلومات الكاذبة" على وسائل التواصل الاجتماعي.

وصوّب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤخراً، سهام النقد مجددًا لوسائل التواصل الاجتماعي، واصفاً إياها بـ "أخطر وسيلة للاستفزاز والتحريض".

أردوغان الذي يُعرف بمعاداته لحرية الرأي والتعبير وجّه دعوة إلى شباب بلاده بعدم استخدام الإعلام الاجتماعي، متهماً وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة بالتلاعب بعقول الشباب والاعتماد على الأكاذيب

ويعرف أردوغان بمعاداته لحرية الرأي والتعبير؛ حيث وجّه دعوة إلى شباب بلاده بعدم استخدام الإعلام الاجتماعي، متهماً قنوات التواصل الاجتماعي المختلفة بـ"التلاعب بعقول الشباب والاعتماد على الأكاذيب".

برر أردوغان خلال لقاء مع طلاب جامعيين في ولاية مرسين جنوب البلاد الخطوات التي تتخذها الحكومة لمحاصرة وسائل التواصل الاجتماعي بأنّ هدفها "جعل شبابنا أكثر سلاماً، وحمايته من التيارات المحرفة".

يذكر أنّ البرلمان التركي كان قد وافق على تغييرات شاملة في لوائح عمل وسائل التواصل الاجتماعي، وفرض غرامات مالية على الشركات، وتقييد النطاق الترددي، وحظراً محتملاً لشركات التواصل الاجتماعي "التي تنتهك القانون"، ومنح الحكومة سلطات واسعة لتنظيم المحتوى.

صوّب الرئيس التركي، مؤخراً، سهام النقد لوسائل التواصل الاجتماعي واصفاً إياها بـ "أخطر وسيلة للاستفزاز والتحريض"

وسلط كاتب وباحث تركي الضوء على حملة الرئيس أردوغان، لخنق وسائل الإعلام المستقلة في البلاد، بالقول إن "تحركات أردوغان في هذا الصدد تستهدف وسائل التواصل الاجتماعي التي أعرب مراراً وتكراراً عن ازدرائه لها، والمواقع الإخبارية الصغيرة التي تزداد شعبية على الإنترنت، والتي يتم شيطنتها بشدة من قبل وسائل الإعلام الموالية للحكومة وأتباعها".

ولفت الباحث ياوز بايدر، في دراسة له، إلى أنّ أردوغان قال في مؤتمر صحفي في ختام زيارته الأخيرة لجمهورية شمال قبرص التركية، رداً على سؤال على وسائل التواصل الاجتماعي: "سنتخذ إجراءات ضد الإرهاب الفظيع".

واعتبر أنّ "هذا التصريح يأتي في أعقاب تقارير متكررة بأنّ حكومته تعتزم إنشاء هيئة، ربما تسمى: المجلس الأعلى لوسائل التواصل الاجتماعي، للحد من الازدحام في المكان، وهو ما يُنظر إليه على أنه أداة مكثفة للتعبير عن الانتقادات والمعارضة لسياساته القمعية".

وأردف: "في وقت واحد تقريباً، تم إطلاق حملة تشهير من قبل العديد من المواقع الإخبارية المزعومة، متهمة عدداً من وسائل الإعلام المستقلة ومواقع المنظمات غير الحكومية بتلقي تمويل أجنبي من مصادر دولية، بما في ذلك المؤسسات والجهات المانحة الخاصة والمساهمين من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وتشمل هذه المنافذ منصة الصحافة المستقلة (P24) وبيانيت وميديا سكوب وسيربيست"، وفق ما أوردته صحيفة "العين".

برر أردوغان خلال لقاء مع طلاب جامعيين في ولاية مرسين جنوب البلاد الخطوات التي تتخذها الحكومة لمحاصرة وسائل التواصل الاجتماعي بأنّ هدفها "جعل شبابنا أكثر سلاماً، وحمايته من التيارات المحرفة"

الكاتب أشار كذلك إلى أنه "كمتابعة للحملة الجارية، انضم فخر الدين آلطون، رئيس دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية التركية، إلى الجوقة، وتعهد بسلسلة من الإجراءات بشأن التمويل الأجنبي للمنظمات الإعلامية، واصفًا أنشطتها بأنها طابور خامس".

وبحسب بايدر، قال آلطون "من الواضح أنّ هناك حاجة إلى تنظيم للمنظمات الإعلامية العاملة في بلادنا بتمويل دول أو مؤسسات أجنبية. سنكمل الترتيبات اللازمة في أقرب وقت ممكن لحماية النظام العام ولضمان حق شعبنا في الحصول على أخبار دقيقة".

بايدر تابع قائلاً "هذه الحملة ذات المسارين لا تترك مجالاً للشك في تصميم أردوغان ودوائره في السلطة، ومع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في عام 2023 - إن لم يكن قبل ذلك - يُنظر إلى السيطرة الكاملة على وسائل الإعلام على أنها ضرورية لتعزيز الرقابة، وتأمين الانتخابات دون مراقبة وسائل الإعلام المستقلة".

وزاد الكاتب قائلاً "من ناحية أخرى، فإنّ حملات التشهير واستهداف الصحفيين ليست بالأمر الجديد على تركيا. فلسنوات، تعرضت المنافذ الإخبارية المستقلة الناقدة للهجوم بسبب الانتماءات الوهمية، مثل كونها مؤيدة لحزب العمال الكردستاني، ومؤيدة لغولن، وتم التشهير بها بتهمة الخيانة".

أردوغان يحكم قبضته على الإعلام

وذكر الكاتب أنّ "تركيا لا تزال تحت قيادة أردوغان دولة رائدة في وضع قواعد اللعبة وتقييد حرية الإعلام والخطاب العام. وعندما نقول إنّ قصتنا مأساوية، فإننا لا نبالغ بأي حال من الأحوال، حيث إن تراجع الحقوق والحريات الأساسية وسيادة القانون في تركيا مركز في هدم الصحافة والاستيلاء على وسائل الإعلام من جهة وتفكيك القضاء وتبعيتها من جهة أخرى".

وذكر أنّ حوالي 95 في المائة من قطاع الإعلام يخضع الآن لسيطرة قصر أردوغان التحريرية إما بشكل مباشر أو غير مباشر.

وتابع قائلاً "ونتيجة لذلك، يتعرض الجمهور التركي لأخبار غير مسبوقة وتعتيم على التعليقات، وكاد التنوع والخطاب العام الحر يختفيان منذ محاولة الانقلاب غير موجودة. ولم يتبق سوى أقل من حفنة من الصحف الحزبية الصغيرة، والقنوات التلفزيونية الصغيرة غير الفعالة".

ووفق الكاتب نفسه، تشير "أحدث بيانات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أنّ تركيا أصبحت المنتهك الأكبر في المحكمة. وهي تحتل المرتبة الأولى بين 47 دولة عضواً بمجلس أوروبا في عدد الأحكام الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن انتهاكات حرية التعبير في 2020".

وعن عدد الصحفيين الموجودين في السجن، قال الكاتب بايدر إن الأرقام تختلف حسب المعايير "فوفقاً لمنصة الصحافة المستقلة (بي 24)، هناك ما لا يقل عن 83 صحفياً محتجزين في السجون حتى فبراير (شباط) 2021".

وتابع: "وبحسب قاعدة بيانات الصحفيين المسجونين والمطلوبين في تركيا، التابعة لمركز ستوكهولم للحريات، يوجد 175 صحفياً خلف القضبان و167 مطلوبين، إما في المنفى أو طليقين".

ولفت بايدر إلى أنّ "ما مجموعه 63 صحفياً أدينوا بتهمة إهانة الرئيس، بموجب المادة 299 من القانون الجنائي منذ انتخاب أردوغان رئيساً في آب (أغسطس) 2014. وغالباً ما يُدان الصحفيون بموجب قانون الإرهاب، إما بتهمة دعم منظمة غير قانونية أو الانضمام إليها. ويستخدم قانون البنوك أيضاً لمقاضاة المراسلين التجاريين وإدانتهم".

كما "أجبِر ما لا يقل عن 160 منفذاً إعلامياً على الإغلاق، في أعقاب محاولة الانقلاب في 2016. واعتُمدت تدابير حالة الطوارئ التي فُرضت بعد ذلك لإغلاق وسائل الإعلام المؤيدة لحركة غولن ولإسكات الموالين للأكراد واليساريين وعدد قليل من وكالات الأنباء"، بحسب المصدر نفسه.

مواضيع ذات صلة:

التراجع المستمر لحرية الصحافة والتعبير... كيف أصبحت تركيا دولة "غير حرّة"؟

خنق الحريات في تركيا يتواصل.. مشروع قانون جديد لمعاقبة المغردين

أردوغان المذعور يشرع قانوناً لتقييد الحريات على المنصات الافتراضية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية