نجل شقيق السندريلا لـ"حفريات": هذه قصة خلافات عمتي مع شقيقتها نجاة

نجل شقيق السندريلا لـ"حفريات": هذه قصة خلافات عمتي مع شقيقتها نجاة

نجل شقيق السندريلا لـ"حفريات": هذه قصة خلافات عمتي مع شقيقتها نجاة


19/06/2023

لم أكن أعلم أنها المرة الأخيرة التي أرى فيها عمتي "سعاد"، بعد أن قمت بتوصيلها لمطار القاهرة قبل نحو أربعة أعوام من حادثة وفاتها، بهذه الكلمات بدأ ابن شقيق السندريلا حديثه لـ"حفريات". بدت عليه علامات الحسرة والتأثر، واستطرد: "لا زلت أتذكر آخر كلماتها قبل أن تستقل الطائرة المتجهة الى لندن، أوصتني على الجميع وطلبت مني أن أُوزع الأظرف المغلقة لمن تنفق عليهم شهرياً بشكل سري، ثم وضعت في يدي 150 جنيهاً، وأكدت أنها ستعود بعد شهرين على الأكثر مثلما فعلت في رحلة علاجها السابقة إلى فرنسا".

استطرد محمد جلاء، استغرق علاج السندريلا في باريس شهرين للتعافي من آلام عمودها الفقري، وهذه المرة وعدتني بمدة غياب لاتزيد عن شهرين. كانت تأمل أنّ تُعالج  من مشكلة العصب السابع في وجهها، ومعالجة مشاكل أسنانها بالشكل الذي يمكنها من العودة مجدداً لفنها وجمهورها، لكنها لم تفي بوعدها للمرة الأولى، تأخرت عودتها أربع سنوات، وحين عادت كانت في تابوت الموتى.

في المطار استقبلت السندريلا دون روحها

سعاد تلك الفتاة الشقية التي ملأت الدنيا مرحاً وحياة كانت أخجل أهل الأرض وأكثرهم حياء في الواقع، بشكل يفوق بكثير حياء شقيقتها الكبرى نجاة الصغيرة، الشهيرة بكثرة الخجل والهدوء، وفق قول جلاء.

بصحبة ابن شقيق السندريلا وأمام قبرها، تحدث عن ليلة واراها الثرى. يقول "لم أكن أعلم أنها المرة الأخيرة التي أراها فيها". وأضاف "أتذكر أنني كنت أقضي فترة تجنيدي في الجيش المصري، وفي آخر أيام إحدى الإجازات قرأت خبراً بعنوان (رحيل سعاد حسني في لندن) فتجاهلته كالعادة حيث اعتدنا على سماع نفس الشائعة قبل وفاتها بسنة كاملة، وبمجرد وصولي إلى مكان خدمتي فوجئت باتصال من والدتي تؤكد الخبر، لم أتمالك دموعي وشعرت وكأنني أصبت بجلطة دماغية، وعلى الفور وافق القائد المسؤول على نزولي إجازة مرة أخرى".

محمد جلاء.. ابن شقيق السندريلا

يحكي ابن شقيق السندريلا، استقباله جثمان عمته، ومواراتها الثرى بيديه في المقبرة، "رفعت غطاء الرأس الأبيض من على وجهها، كنت شديد الشوق لرؤيتها بعد غياب طويل".

يستكمل محمد جلاء: "سعاد كانت بالنسبة لي الأم والأخ والصديقة. تولت مسؤولية رعايتنا بعد وفاة والدي، الذي كان الشقيق الأصغر لها من الأم". يستذكر حضورها مناسبة عزاء والده، بأنّ أهل حي إمبابة، الذي عاشوا فيه، حولوا العزاء إلى مظاهرة في حب السندريلا، وكانت الأغلبية تحضر إلى البيت للعزاء لرؤيتها.

وبحسبه ابن شقيقها، أنفقت سعاد حسني من مالها ووقتها على أفراد أسرتها جمعاء، وكانت دائما تنصح الجميع بالحرص على النجاح والتفوق الدراسي، وترصد مكافأت لمن يحقق مراكز متقدمة، وتجلس معهم في جلسات سمر، تتحدث عن الحب والفن والعلاقات الغرامية، حتى إذا حلّ الفجر، كانت تدخل إلى المطبخ لإعداد أي أكلة بأية مكونات موجودة دون النظر إلى شكلها النهائي.

تجربة ابن الأخ لم تقتصر على صلة القرابة، يقول "كانت دائما تناقشني في أمور عاطفية عديدة، كي تجعل مني شخصا سويا في علاقاته الغرامية، وأتذكر يوما اتصلت بي إحدى صديقاتي في الجامعة على تليفون منزلها دون أن تدري أن عمتي هي السندريلا، فقد كنت أحرص على عدم التحدث في الأمر مطلقا وبالصدفة ردت سعاد بنفسها على الهاتف، فتعرفت عليها صديقتي عن طريق صوتها المميز، وبعد ما انتهى الاتصال سألتني بتعجب هل هو أمر معيب لهذه الدرجة أن تكون عمتك هي سعاد حسني كي تخفي هذا الخبر عن أصدقائك وصديقاتك، لكنني قاطعتها لأشرح وجهة نظري بهدوء حتى تفهمت الموضوع فسامحتني".

سعاد حسني مربية حنونة

يروي جلاء عن ذلك اليوم الذي قرر فيه أن يستقل سيارتها الخاصة، دون علمها، وفرّ مسرعا، لكن لسوء الحظ اكتشف أمره "عم مهدي" البواب الذي قرر أن يحكي للسندريلا ما حدث فيقول جلاء "كان عقابها هو الصمت والتجاهل، فبعد أن علمت بأمر السيارة ظلت ثلاثة أيام عن عمد لا تتحدث معي مطلقا، وإذا حدثتها لا تجيبني، ثم هدأت في اليوم الرابع". يتابع تحدثت إلي بطيبة وقالت "أنا مسمحاك بس تخيل لو خبطت حد أو حاجة بالعربية، شوف كل الجرائد بكره هيكتبوا عني إيه، فاذا كنت تحب عمتك حقا فعليك أن تحافظ على اسمها".

يضيف جلاء بأنّه أثناء وجود السندريلا في لندن للعلاج اتصل بها بعض "أولاد الحلال" لإحداث وقيعة بيننا،  الأمر الذي أزعج السندريلا، التي ردت بحزم على مروجي الشائعات، ثم هاتفتني قائلة "أعلم تماما أن ما يقال عبارة عن شائعات مغرضة، لكنني على الجانب الآخر أثق بك وبما غرسته من مبادئ بداخلك فكن على قدر هذه الثقة دائما".

وتابع ابن شقيق السندريلا، بأنّه عرف عمته لمدة تسعة أعوام، كان فيها من أكثر المترددين على منزلها من العائلة والمقيم معها، إلا أنه لم يرث منها شيئا. ويحكي موقف عن عشاق السندريلا وصل حد الجنون، وهو أنّ عمه "جهير" كان ضمن نصيبه من الإرث جهاز التسجيل الخاص بها، وقرر أن يقوم بتشغيله على محطة القرآن الكريم إهداءاً لروحها، وحين تعطل الجهاز أرسله إلى أحد المحلات المجاورة الخاصة بالتصليح، ولسوء الحظ كان رجلاً يعشق سعاد حسني لدرجة الجنون، فسرق التسجيل وأغلق المحل للأبد، طمعا في اقتناء أي شيء يخص محبوبته سعاد حسني.

يحكي ابن شقيق السندريلا عن استقباله جثمان عمته ومواراتها الثرى بيديه في المقبرة

وبذكر مقتنيات السندريلا تحدث ابن شقيقها لـ"حفريات" عن مطالبة أسرة السندريلا بإنشاء متحف يضم كل مقتنياتها، لقطع الطريق على كل ما يتردد عن بيع فساتينها. ولفت إلى أنّ الأسرة باعت جزءاً بسيطاً من هذه المقتنيات في مزاد علني، كصدقة جارية على روحها، ذهبت إلى مستشفى سرطان الأطفال، وتم تدشين جناح باسم السندريلا داخل المستشفى، بعد التبرع بقيمة المقتنيات المباعة والتي لم تتجاوز خمس قطع.

تعتبر ملابس سعاد حسني جزءاً من تاريخ السينما المصرية بلا شك؛ بمجرد رؤية قطعة واحدة منها، يُعرف على الفور من أي فيلم كانت، واسم الشخصية التي لعبتها سعاد في الفيلم. جعلت سعاد حسني من كل فستان علامة مميزة لفيلم معين؛ لا أحد ينسى فستانها الذي ارتدته في فيلمها الشهير "صغيرة على الحب" أو الفستان الأشهر على الإطلاق في فيلم "خلي بالك من زوزو" وملابسها في فيلم "الكرنك" وملابس مسلسلها "هو وهي".  كما هو الحال في فستانها الشهير الذي غنت به  أغنية "البنات البنات"، وفستانها الريفي الذي قدمت به أغنية "لا تجبلي الشوكلاتة".

الموت في حياة سعاد حسني

لم تكن السندريلا قادرة على استيعاب الموت، وبقيت فترة ليست بالقليلة تفكر في شأن ذلك الموت الذي حرمها من مجموعة كبيرة من أعز الأحباب. بدأت رحلتها مع الموت وهي طفلة لاتكاد تتجاوز الخامسة بوفاة عمتها قبل أن تكمل عامها العشرين، الأمر الذي شكل هاجساً مخيفاً لديها. ثم هجم الموت مرة أخرى بوفاة شقيقتها الصغرى "صباح" في حادث على طريق مصر اسكندرية الصحراوي، بعد أن نوت الدخول لعالم التمثيل أسوة بسعاد، التي كانت ممثلة معروفة في ذلك الوقت. المحطة التالية مع الموت كانت وفاة العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، الحبيب الذي رحل مبكرا، ودخلت سعاد في نوبة اكتئاب استمرت لأسابيع بعد وفاته، ثم رحيل فيلسوفها ووالدها الروحي صلاح جاهين الذي كسر رحيله ظهرها، وشعرت أن الدنيا لم تعد ربيعاً كما كانت. ثم اكتملت الأحزان بوفاة شقيقها جلاء ووالدتها السيدة جوهرة التي فزعها رحيلها ولم تكن مقتنعة بأنها رحلت وفارقت الحياة،  فقد كانت تصرخ في جموع الحاضرين "صحوها دي أكيد نايمة". من شدة خوفها من الموت تمنت أن ترحل مبكراً قبل أن تكون شاهدة على وفاة شقيقاتها، خاصة بعد أن علمت بإصابة شقيقتها كوثر بمرض السرطان. وكأن القدر استجاب لها، ورحلت السندريلا قبل أنّ ترى موت شقيقتها، التي لحقت بها بعد عدة سنوات.

سعاد ونجاة الصغيرة: خلافات الاختين

لم تكن علاقة سعاد بشقيقتها نجاة الصغيرة تحكمها الغيرة كما صورتها الأقلام الصحفية، التي لعبت مراراً وتكراراً دوراً في إفساد علاقة الشقيقتين كما يروي محمد جلاء ابن شقيق السندريلا. يقول "منذ نعومة أظافرنا ولا توجد علاقة تربطنا بأشقاء وشقيقات عمتي سعاد من الأب، كشقيقها عز الدين وشقيقتها المطربة نجاة الصغيرة، إلا أننا كنا نعلم علاقة الحب الطيبة التي تربط بينهما".

يسرد جلاء علاقة الشقيقتين، بأنّ سعاد اعتبرت نجاة مثلها الأعلى فى مجال الفن بشكل عام، وشجعتها الأخيرة على دخول عالم الفن، واشتهرت سعاد في بداياتها بأنها الشقيقة الصغرى لنجاة الصغيرة، وعاشتا معا في منزل واحد، حتى قررت سعاد أن تستقل بمنزل خاص بها. في منتصف الستينات بدأت سعاد في التفكير جديا في الغناء، الأمر الذي لم يلق قبولا من شقيقتها ونصحتها بترك الغناء، لكن سعاد كما عُرفت بين أسرتها بـ"عناد حسني" عاندت وقامت بتجارب غنائية عديدة، والمفارقة أنها وعلى عكس نبوءة نجاة نجحت بشكل كبير، وازدادت شهرتها بعد ما جذبت الجماهير كفنانة شاملة ترقص وتغني وتمثل وتتفوق على نجاة.

يتابع ابن شقيق السندريلا السرد، بأنّ ذلك أحدث الجفاء بين الشقيقتين، ورفضت نجاة عملاً تمثيلياً كان من المقرر أن يجمعهما معاً رغم موافقة سعاد. فسر عدد من الصحفيين - وقتها - هذا الرفض باعتباره خوفا من موهبة سعاد  التمثيلية الطاغية التي ستكشف بالطبع ضعف الأداء التمثيلي لشقيتها.

يقول ابن شقيق السندريلا، أنّ علاقة الشقيقتين؛ نجاة وسعاد لم تسلم من الإشاعات التي صورتهما كعدوتين لدودتين. وذكر أنّه أثناء رحلة علاج السندريلا تعرضت لخيبات أمل كثيرة، وفقدت قدرتها على الإنفاق على علاجها، فكتبت بعض الأقلام الصحفية مقالات بعناوين على شاكلة "إنقذوا سعاد حسني من التسول في شوارع لندن"، وذلك في أعقاب منع الحكومة المصرية المعونة التي كانت تؤمن بها سعاد مصاريف علاجها. حينها اتصلت نجاة بشقيقتها  لعرض المساعدة، لكن البعض ممن يجدوا في تفسير المواقف هواية لهم،  فسروا اتصال الأخيرة باعتباره مطالبة لسعاد بالرجوع والرد على مايتم تداوله بالصحف والمجلات حتى لا تتأثر صورة نجاة الصغيرة أمام جمهورها.

علاقة الشقيقتين؛ نجاة وسعاد لم تسلم من الإشاعات التي صورتهما كعدوتين لدودتين

ولكن يتابع محمد جلاء، بأنّ ما حدث في عزاء السندريلا هو الموقف الذي عايشه عن قرب وكان استكمالا لحالة التشوه الذي شاب علاقة الاختين. يقول "قررت عمتي جنجاه شقيقة سعاد حسني من الأم أن تقوم بتغسيل وتكفين السندريلا، إلا أن نجاة رفضت الأمر بحجة أنه تم تغسيلها وتكفينها في لندن قبل وصولها إلى مصر، وهو ما لم يلق قبولاً لدى عقل وفكر جنجاه التي رأت أنه من الأفضل أن تقوم هي باجراءات الغسل على الشريعة الاسلامية، وحدثت مشادة قوية بين نجاة وجنجاه".

وأضاف بأنّ نجاة قامت بتقسيم العزاء نصفين؛ الأول لجنجاه وشقيقات السندريلا من الأم، والثاني لنجاة وأشقاء السندريلا من الأب.

أما الفاجعة الكبرى التي ألمت بعائلة سعاد حسني، بحسب محمد جلاء، هي أنّ نجاة أحيت حفلاً كبيراً في احدى الدول العربية بعد وفاة سعاد بفترة قليلة بحجة أنها لم تستطع أن تؤجله، خاصة وأن ميعاده كان قد اُتفق عليه بشكل مسبق، وأن الغاء الحفل أو تأجيله سيتسبب في خسارة مادية فادحة.

حياة السندريلا الخاصة

يتحدث ابن شقيقها عن الأمومة في حياة السندريلا، يقول "لم يُكتب لها الأمومة رغم أنّها حملت مرتين أثناء زواجها من المخرج علي بدرخان، فعوضها الله بمحبة هائلة في قلوب الأطفال، كما كانت تحب جميع أفلامها وتعتبرهم أولادها، فكل فيلم يحمل ذكريات معينة سواء سعيدة أو حزينة لكنها روت أن أكثر أفلامها قربا لقلبها هو فيلم "خلي بالك من زوزو"".

يحكي جلاء، أنّه من شدة اقتناعها بالشخصية التي لعبتها ضمن أحداث الفيلم، أطلقت على نفسها لقب "زوزو" تلك الفتاة الحالمة التي تنتمي لأسرة بسيطة وتعيش في حي شعبي، ولأن الفيلم كان حديث العالم العربي كله وقت عرضه في بداية السبعينيات، فقد قررت سعاد حسني أن تلجا الى حيلة ذكية لزيادة أعداد مشاهديه فرصدت مكافأة مالية قدرها 100 جنيه للمشاهد رقم مليون، يحصل عليها حال دخوله للفيلم، لذا استمر عرضه بالسينما مدة تزيد عن 52 أسبوعا في واقعة نجاح لم تحدث لفيلم عربي من قبله أو بعده.

يعرج ابن شقيق السندريلا على علاقتها بالله، ويقول أنّها كانت حريصة على صيام رمضان حتى في فترة مرضها في لندن، وكذا الصلاة. وذكر أنّها كانت تناجي الله من خلال رسائل تكتبها، تفرغ فيها ما بداخلها. وأشار إلى أنّها رفضت كل العروض المقدمة إليها لأداء فريضة الحج على نفقة عدد من الأمراء العرب وزميلاتها من الفنانات، وقطعت الطريق على الجميع حينما أكدت أنها ستقوم بالحج من أموالها وعلى نفقتها الخاصة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية