تصريحات لاذعة غير مسبوقة، وجهها المساعد المنسق للجيش الإيراني وقائد القوات البحرية سابقا، الأدميرال حبيب الله سياري، ضد الحرس الثوري، داعبت مخيلة الإيرانيين بخصوص انقلاب عسكري محتمل.
ووجه سياري، في لقاء مع وكالة إرنا الرسمية، انتقادات لانخراط الحرس الثوري الإيراني بشكل واسع في المجال السياسي والاقتصادي، مشددا على وجوب عدم اقتحام القوات المسلحة للحياة السياسية.
وانتقد سياري في اللقاء الذي سرعان ما حذفته وكالة إرنا، تجاهل دور الجيش الإيراني في حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق، خاصة في البرامج الوثائقية المتعلقة بهذا الشأن.
مقاطع من اللقاء انتشرت سريعا على وسائل التواصل الاجتماعي في إيران، ما طرح سؤالا بين الإيرانيين: هل يمكن للجيش الإيراني أن ينقلب على النظام؟
سؤال حاول المحلل السياسي مراد ويسي الإجابة عليه في مقاله المنشور على موقع "راديو فردا".
الجيش غاضب
ويوضح ويسي في مقدمة مقاله أسباب عضب الجيش الإيراني تجاه الحرس الثوري، والتي يأتي في مقدمتها حضور الحرس الثوري الإيراني في مجلس الشورى بقوة.
أما السبب الثاني فهو انتقاد قادة الحرس الثوري الإيراني دور الجيش في الحرب العراقية-الإيرانية، ضمن الأفلام الوثائقية التي يعرضها التلفزيون الإيراني الرسمي.
والسبب الثالث في نظر ويسي، هو حصة الحرس الثوري في الميزانية العامة للدولة، والتي تتعدى ميزانية الجيش بنسبة 60 بالمئة في ميزانية العام الحالي.
وثمة للحرس الثوري ميزانية أخرى إضافية غير المعلنة، حيث تم تخصيص 200 مليون يورو لفيلق القدس بعد مقتل قاسم سليماني، وذلك بهدف المواجهة مع الولايات المتحدة.
وأشار ويسي إلى سبب رابع، وهو الوجود الكثيف للحرس الثوري في أجهزة استخبارات الدولة مقارنة بوجود الجيش، فيما يعتبر جهاز الاستخبارات الخاص بالحرس الثوري هو أهم مؤسسات الدولة، وأحد أهم المحركين للسياسة الداخلية للبلاد. أما النشاط الاستخباراتي العسكري التابع للجيش فيقع معظمه داخل نطاق المؤسسة العسكرية فقط.
ولفت ويسي إلى أن تصريحات سياري ليست الأولى من نوعها، فقد سبق وأن وجه قائدان من الجيش انتقادات ضمنية للحرس الثوري، وهما اللواء مسعود بختياري، واللواء عبد الحسين مفيد، وذلك ضمن برنامج تليفزيوني، واللذان انتقدا تجاهل دور الجيش في حرب العراق.
كما انتقد الطيار الحربي ورئيس الأركان السابق، شهرام رستمي، التمييز ضد الجيش الإيراني لصالح الحرس الثوري.
وقد تسببت استقالة رئيس الأركان السابق، اللواء علي شهبازي، في انتقادات للحكومة الإيرانية في عام 2000، والتي لم يعرف سببها الحقيقي خلفها، لكن روايات قالت آنذاك إن سبب الاستقالة هو خلاف بين الجيش والحرس الثوري على حق الانتفاع من أرض، منحتها الحكومة في النهاية لصالح الحرس الثوري.
انقلاب عسكري؟
وفي الجزء الأخير من مقاله المطول، حاول ويسي الإجابة على سؤال ما إذا كان لدى الجيش الإيراني النوايا للانقلاب على الدولة يوما ما. وقال إنه رغم وجود حالة من عدم الرضا تجاه النظام، فإن الجيش ما يزال تابعا للنظام الإيراني.
وأضاف ويسي أن الكثير من قادة الجيش قد انضموا إلى المؤسسة العسكرية بعد الثورة، وقد مرت قيادات الجيش العليا على العديد من الاختبارات التي تضمن ولاءهم للنظام وقياداته.
ومن أبرز القادة العسكريين المواليين للنظام، هو رئيس أركان الجيش الإيراني الحالي، عبد الرحيم موسوي، والذي لا ينفك عن الدفاع عن سياسات النظام الداخلية والخارجية في العلن، بل قال إنه ود لو كان قائدا بالباسيج إذا لم يكن ملتحقا بالجيش.
كما يوجد في الجيش الإيراني منظمة عقائدية داخلية كبيرة، تراقب المعتقدات والرؤى السياسية الخاصة بالقادة الكبار داخل الجيش بشكل مستمر.
رغم وجود هذه الحقائق، فإنه يصعب إنكار حالة عدم الرضا والتمييز التي يشعر بها الجيش الإيراني لصالح الحرس الثوري، حيث تعتبر تصريحات سياري الأخيرة هي الأشد من قبل قادة الجيش حتى الآن، والتي تعبر عن رأي عدد من قادة الجيش.
ولم يتسبعد ويسي أن يتحرك الجيش في حالة اندلاع حركة شعبية ضخمة ضد النظام، فالجيش الإيراني لم يوضع في مواجهة المتظاهرين من قبل خلال الاحتجاجات الكبرى السابقة، إذ كلف الحرس الثوري بمهمة قمع الاحتجاجات، فيما اقتصر دول الجيش على حماية مؤسسات الدولة.
وفي ختام مقاله، طرح ويسي سؤالا ترك إجابته للأحداث مستقبلا، وهو ما إذا كلان سيتحرك الجيش في حال اندلاع مظاهرات شعبية ضخمة بالتزامن مع معارك داخلية على السلطة بعد وفاة المرشد الحالي علي خامنئي.
عن "الحرة"