شبيه بالأفغاني والإيراني... من يدفع العراق نحو نموذج ديني متشدد؟

شبيه بالأفغاني والإيراني... من يدفع العراق نحو نموذج ديني متشدد؟

شبيه بالأفغاني والإيراني... من يدفع العراق نحو نموذج ديني متشدد؟


14/03/2023

برزت تحذيرات كثيرة في الآونة الأخيرة من قرارات حكومية وبرلمانية في العراق، من أنّها قد تقود البلاد نحو نموذج ديني متشدد، يشبه النموذج الأفغاني أو الإيراني.

ووفقاً لما نقلته شبكة الحرة الأمريكية عن نواب وقانونيين عراقيين، فإنّ القرارات المتعلقة بالتضييق على الحريات، وملاحقة النشطاء، ومنع استيراد وبيع المشروبات الكحولية، بدا كأنّه جهد منسق بين "البرلمان والحكومة والقضاء" يتجه بالبلاد إلى مزيد من "الأصولية الدينية" مرسخة بقوانين وقرارات حكومية وقضائية وبرلمانية "من دون شرعية دستورية، فضلاً عن أنّها مكلفة اقتصادياً، ولها تأثيرات اجتماعية سيئة، وتمثل خرقاً لحقوق الأقليات".

وبعد تشكيل الحكومة الحالية بقليل، وهي حكومة مدعومة من أحزاب إسلامية شيعية، بدأ القضاء بملاحقة عدد من المدوّنين وصناع المحتوى على مواقع التواصل، بتهمة "صنع المحتوى الهابط"، وحكمت المحاكم العراقية على عدد منهم بأحكام وصلت إلى السجن عامين.

وأثارت هذه الأحكام جدلاً داخل البلاد، لكنّ المعارضة الشعبية "لم تكن كافية لحمل الحكومة على تغيير نهجها".

كما توسعت الحكومة وداعموها في التضييق على الحريات، من خلال فرض حظر على استيراد وتصنيع المشروبات الكحولية، بقرار مثّل سابقة في البلاد، وأثار قلق الأقليات الدينية.

وبعد البرلمان والقضاء، فرضت الحكومة حظراً على "المواقع الإباحية"، وبينما مرّ هذا القرار من دون اعتراض كبير، عادت وزيرة الاتصالات هيام الياسري لتعلن قبل يومين في حديث لقناة (العهد)، التابعة لميليشيات (عصائب أهل الحق) الموالية لإيران، نيتها أيضاً "حظر مواقع الإلحاد والمثلية".

أهالي بغداد يعبّرون عن خوفهم من هيمنة التطرف على حياتهم، ويشنون هجوماً مضاداً على رجال الدين الشيعة والجماعات المسلحة

ووفقاً لقانونيين، فإنّ هناك جهوداً لنقض تلك القوانين ودعاوى مرفوعة ضدها، لكنّ تلك الجهود غير مضمونة النجاح، حيث إنّ البيئة الحالية قد تدفع بالقضاء إلى ردّ الطعون على تشريع مجلس النواب.

وتعليقاً على القرار، قال النائب المستقل في البرلمان العراقي سجاد سالم: إنّه "يمكن ملاحظة منهج عام للدولة في التضييق على الحريات العامة والخاصة والانتقاص من الحقوق"، مضيفاً: "أفضل ما يُعبّر عن ذلك هو نهجهم في التشريع الذي يُعبّر بشكل واضح عن هذا التوجه".

وأضاف أنّ قوى الإطار الشيعي (المشكّل للحكومة) تتصرف بهذا الشكل الغريب، وتستهدف الحياة المدنية بطريقة ممنهجة".

القرارات المتعلقة بالتضييق على الحريات، وملاحقة النشطاء..، جهد منسق يتجه بالبلاد إلى مزيد من "الأصولية الدينية"

وأشار سالم إلى قوانين يحاول البرلمان إقرارها "تصادر حرية التظاهر، وتضع محددات واسعة على حرية الفرد، ويتضمن بعضها عبارات فضفاضة وأحكاماً قاسية ضد حرية الرأي والتعبير في وسائل التواصل الاجتماعي، وتنتقص من الحريات السياسية للتوجهات المدنية وتعبيراتها السياسية والحزبية".

وفي السياق، أوضح النائب عن الأقلية المسيحية في البرلمان العراقي أسوان الكلداني أنّ قرارات الحكومة والبرلمان أخيراً تتعارض مع الحريات التي يكفلها الدستور العراقي الديمقراطي، وأنّه تقدّم بدعوى أمام المحكمة العليا.

 وأضاف في تصريح صحفي، نقلته وكالة "رويترز"، أنّ بعض العراقيين يخشون في الوقت الراهن من أن يصبح العراق جمهورية إسلامية مثل إيران المجاورة.

هذا، وسلّط موقع "المونيتور" الأمريكي الضوء على تزايد القلق بين العراقيين بسبب محاولات الأحزاب الدينية فرض القيود ومنع الحفلات الموسيقية في العاصمة بغداد، وهو خطاب قد يكون بداية لفرض "الوصاية الدينية" على المجتمع العراقي المتنوع.

جهود لنقض تلك القوانين ودعاوى مرفوعة ضدها، لكنّ تلك الجهود غير مضمونة النجاح،  حيث إنّ البيئة الحالية قد تدفع بالقضاء إلى ردّ الطعون

وذكر الموقع الأمريكي في تقرير، ترجمته وكالة "شفق نيوز"، أنّ بداية الأمر كانت مع إصدار جامعة باقر للعلوم الدينية بياناً نددت فيه بالحفلات الموسيقية في بغداد، وشددت على أهمية العمل بقوانين "تعزز الفضيلة وتمنع الرذيلة"، وذلك بعد أيام على تنظيم حفلات غنائية انتقدها رجال دين وأحزاب إسلامية.

ولفت الموقع إلى أنّ العراقيين "سخروا من رجال الدين والأحزاب الإسلامية"، متهمين إياهم "بامتلاك وتوفير الحماية للنوادي الليلية التي تنتشر فيها المخدرات والاتجار بالبشر"، ومحاولة منع الحفلات العائلية، وتجاهل وجود نوادي المقامرة والمخدرات".

ونقل التقرير تغريدة على (تويتر) لمقدم البرامج في قناة (العراقية) الفضائية، سعدون محسن ضمد، يقول فيها: إنّه "فيما تخرج السعودية رويداً رويداً من أزمة التشدد السلفي، يدخلها العراق بخطوات ثابتة ومتلاحقة... هنيئاً للإسلام السياسي في العراق على ما حققه من إنجازات".

بعض العراقيين يخشون في الوقت الراهن من أن يصبح العراق جمهورية إسلامية مثل إيران المجاورة

وقد عبّر أهالي بغداد، بحسب الموقع الأمريكي، عن خوفهم من هيمنة التطرف على حياتهم، وشنوا هجوماً مضاداً على رجال الدين الشيعة والقادة السياسيين والجماعات المسلحة، من خلال الدفاع عن الحفلات الغنائية باعتبار أنّها جزء من حرياتهم الشخصية التي يضمنها لهم الدستور.

وانتشر وسم (#بغداد-مدنية) على (تويتر)، في محاولة من جانب الناشطين والفاعلين على وسائل التواصل الاجتماعي للتأكيد على تنوع الهوية المدنية لبغداد، وفي تعبير عن التحدي للجماعات التي تسعى إلى "السيطرة على الحياة العامة".

سجاد سالم: يمكن ملاحظة منهج عام للدولة في التضييق على الحريات العامة والخاصة، والانتقاص من الحقوق، برعاية قوى الإطار الشيعي

وخلص تقرير "المونيتور" إلى أنّ العراق مستقبلاً "قد يشهد ظهور هيئات أو مؤسسات دينية تحاول فرض وصايتها الدينية، خاصة في ظل تراجع الأحزاب والجماعات المسلحة في المشهد السياسي، وهو ما يعني أنّ هذه الأحزاب تسعى لإثبات نفسها بأيّ وسيلة أخرى، وقد تلجأ إلى خيار تشكيل لجان هدفها تعزيز الفضيلة والحدّ من الرذيلة".

وبحسب تحليل نشرته صحيفة "النهار العربي"، فإنّ قرارات الحكومة العراقية حول الكحول، والتضييق على النشطاء، ومنع الحفلات الغنائية، ناتجة عن تزايد نفوذ الأحزاب الدينية، وهو ما قد يهدد الحريات الاجتماعية، لافتاً إلى أنّ الأحزاب الدينية الشيعية تمارس نفوذاً في الحكومة الائتلافية الحالية أكثر من ‏سابقاتها.‏

هذا، وهيمنت الجماعات الدينية الشيعية أيضاً على البرلمان، منذ الغزو الأمريكي عام 2003 الذي أطاح بنظام صدام حسين.

 وقد تمكنت أكبر كتلة برلمانية تُعرف باسم الإطار التنسيقي، تمثل الفصائل السياسية الشيعية المتحالفة مع إيران، من تشكيل حكومة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية