إنْ كان هناك من أساء للقضية الفلسطينية فهم الإيرانيون، فقد كان الشاه حليفاً قوياً لإسرائيل، ولعب دوراً خطيراً في حرب 67، وعندما جاء الخميني كان ياسر عرفات أول زعيم عربي يذهب إليه في طهران، ظناً منه أنه سيكون سنداً للثورة الفلسطينية وسيقلب موازين القوة في المنطقة على رأس إسرائيل.
وخلال سنة واحدة كان الخميني يحاول كسر العراق الذي وقف ضد المصالحات التي استبعدت الفلسطينيين، وعندما فشل نظام الملالي في مخططهم، وبعد تكرار هزائمهم من جيش العراق، ذهب الخميني إلى إسرائيل طالباً النجدة.
وانكشفت أكبر الصفقات السرية في التاريخ الحديث، وهي ما أطلق عليها عدة تسميات كان أهمها "إيران غيت"، ولعبت الأموال القذرة المجمعة من بيع المخدرات، مع الأموال المغسولة لمافيات أميركا اللاتينية، مع مصالح اللوبي الصهيوني الأميركي، وبمشاركة من أجهزة المخابرات في عدة دول تتقدمها المخابرات الأميركية.
وبرعاية المستشارين في البيت الأبيض، فذهب السلاح إلى إيران، ومررت المساعدات إلى الحركة المناهضة للحكم في نيكاراغوا، والمسماة "الكونترا"، وفضح الجميع، وسقطت رؤوس من البيت الأبيض، واستقالت قيادات إسرائيلية، ولم تهتز شعرة في لحية الخميني، بل قال عبارته التي لا يمكن أن تمحى من تاريخه "سأضع يدي في يد الشيطان من أجل إسقاط البعث في العراق"، وتلاشت الهالة التي كان إعلامنا العربي المندفع في ذلك الوقت قد رسمها حول هذه الشخصية التي ظهرت من العدم قبل ثلاث سنوات فقط.
هذا هو نظام أصحاب العمائم، الكذبة الكبرى التي مازالت تجد من يجري خلفها، رغم أنه أثبت أطماعه في البلاد العربية، مثله مثل إسرائيل، لهذا تحالفا ضد صدام، ويتحالفان اليوم ضد سوريا، وتؤكد المؤشرات أن أياديهما الخبيثة شريكة في المؤامرة على مصر، والمضحك أنه بعد كل الثوابت المؤكدة تحاول إيران أن ترسخ أكاذيبها على المملكة العربية السعودية وموقفها الثابت من القضية الفلسطينية، السعودية التي يشهد كل شارع في غزة والضفة الغربية بمساهماتها، السعودية التي لولاها ما صرف موظف في السلطة راتباً ولهدمت بيوت، السعودية التي تضم أكبر الجاليات الفلسطينية العاملة في الخارج، السعودية التي تفخر بشهدائها في كل حروب فلسطين.
وفي المقابل هناك إيران التي لم تعمر بيتاً واحداً في أرض فلسطين، ولم تقم بالتبرع لإعادة بناء مسجد تاريخي في القدس أو صيانته، ولم ترسل مقاتلاً واحداً يقف مع فلسطين في 48 و67 و78 و82، إيران التي لم يسجل لها التاريخ شهيداً واحداً سقط على أرض فلسطين وهو يدافع عنها.
محمد يوسف - عن"البيان"