الحوثيون "يتفنّنون" في سرقة اليمنيين: أساليب مبتكرة.. ولا حُرمة لشهر الصوم!

الحوثيون “يتفنّنون” في سرقة اليمنيين: أساليب مبتكرة.. ولا حُرمة لشهر الصوم!

الحوثيون "يتفنّنون" في سرقة اليمنيين: أساليب مبتكرة.. ولا حُرمة لشهر الصوم!


03/04/2023

تتفاعل في أوساط اليمنيين، منذ أكثر من شهرين، حالة من الغضب، جرّاء استيلاء المتمردين الحوثيين على مليارات الريالات من الحوالات المصرفية غير المُستلمة. لم يقف الأمر عند هذا الحد فحسب؛ فوفقاً لمصادر محلية، أقر برلمان المتمردين الحوثيين في صنعاء، حديثاً، قانوناً يجيز للسلطات مصادرة الودائع المالية واستثمارات البنوك بحجة منع التعاملات الربوية.

يمارس الحوثيون أساليب مبتكرة وغير شرعية للحصول على الأموال من جيوب المواطنين المغلوبين على أمرهم، والتجار المنهكين، بهدف تمويل جبهات قتالهم منذ سنوات، أما في فترات المواسم، مثل شهر رمضان والعيدين تحديداً، فإن أساليب توليد الإيرادات غير المشروعة والابتزازية تزداد نشاطاً؛ مما يدفع بالمزيد من السكان إلى العجز في الوقت الذي يكونون فيه في أشد الحاجة إلى السند.

تعد مشكلة عدم صرف الحوثيين لمرتبات الموظفين في مناطق سيطرتهم إحدى أوضح صور الاستغلال. وعلى الرغم من أن الحوثيين قد أعلنوا عن دفع الرواتب من خلال الإيرادات الجمركية المحصلة من استيراد النفط عبر ميناء الحديدة، وفقاً لاتفاق ستوكهولم، إلا أنهم لم يفوا بتعهدهم، وأصروا لاحقاً على أن تتولى الحكومة الشرعية دفع الرواتب.

لا يؤكد تنصل الحوثيين من الاتفاق عدم موثوقيتهم فحسب، بل يؤكد أيضاً، وفقاً لخبراء ومتابعين للشأن اليمني، إصرارهم على وضع يدهم بالكامل على المبالغ الهائلة المحصّلة، بينما يمكن لهذه الأموال تلبية احتياجات اليمنيين. وعلى الرغم من ذلك، لا يتوقف الحوثيون عن استحداث المزيد من الطرق غير المشروعة لإثراء أنفسهم، ودعم جبهات قتالهم.

استيلاء وتعطيل للقطاع المصرفي

أفادت مصادر إعلامية، في فبراير الماضي، قيام الحوثيين بنهب ما يزيد على 10 ملايين دولار من شركات الصرافة، وهي عبارة عن تحويلاتٍ مالية لم يستلمها أصحابها لفترة طويلة.

وفقاً للتسريبات المنشورة من قبِل رئيس النقابة الوطنية لشبكات الإنترنت في اليمن، أحمد العليمي، فقد أمر الحوثيون شركات الصرافة في مناطق سيطرتهم بمصادرة أي حوالة بعد مرور أكثر من شهر على عدم استلام المستفيد لها. ويرجح مطلعون أن المبالغ المُصادرة -بمرور الوقت- سوف تزداد وتوفر دخلاً كبيراً للحوثيين.

وفي أحدث أسلوبٍ جديد للحصول على الأموال وتعطيل الاقتصاد، أقر برلمان سُلطات الحوثيين في صنعاء قانوناً يخولهم الاستحواذ على الودائع المالية واستثمارات البنوك، وحظر جميع الفوائد، وهو قانون قدّمه مجلس وزراء الحوثيين في ديسمبر الماضي بذريعة “منع المعاملات الربوية”.

وحسب القانون الجديد، فإن جميع أنواع الفوائد على الودائع والقروض وخطابات الاعتماد والضمان محظورة؛ الأمر الذي يمكن أن يؤثر على الاقتصاد، ومعاشات مئات الآلاف من المتقاعدين.

وفقاً لتقرير الأمم المتحدة، تستثمر البنوك اليمنية النسبة الأكثر من ودائعها في أذون الخزانة بالبنك المركزي بصنعاء، الواقع تحت سيطرة الحوثيين، ومن دون تلك الفوائد فلن يحصل المودعون لدى المصارف على فوائدهم. إلى جانب ذلك؛ فمن المتوقع ألا يحصل مئات آلاف المتقاعدين على معاشاتهم المحصّلة من الفائدة الشهرية لودائعهم المصرفية.

أضرار اقتصادية واجتماعية

تسببت سيطرة الحوثيين على صنعاء في تعطيل الاقتصاد وإفقار الشعب، سواء في مناطق سيطرتهم أو حتى في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً.

وتتجلى أبرز الأضرار الاقتصادية والمالية في وجود مصرفين مركزيين، أحدهما خاضع للحوثيين والآخر للحكومة، ونظامين مختلفين لصرف العملات، وعملتين يمنيتين مختلفتي القيمة، فضلاً على الازدواج الضريبي، والإتاوات، والاستيلاء على الصناديق، وإجبار الناس على دفع الزكاة، وما يُعرف بالخُمس.

رمضان… موسم نهب مزدهر

مع حلول شهر رمضان من كل عام، يكون الحوثيون على موعد مع أحد أهم مواسم جمع الأموال. إذ يمعنون في فرض الإتاوات على التجار الذين يعتبرون رمضان موسمهم الذي لا غنى عنه.

وعلى الرغم من التسهيلات التي مُنحت لميناء الحديدة هذا العام، وبالتالي دخول المزيد من سفن البضائع، إلا أن الأسعار في الأسواق لا تزال مرتفعة بسبب الإتاوات الجائرة، ما يبخر أية آمال بأن يؤدِّي تزايد نشاط الميناء الحيوي إلى تقليل تكاليف استيراد ونقل البضائع إلى مناطق سيطرة الحوثيين.

وتشكِّل الزكاة مصدر تمويل آخر يزدهر خلال شهر رمضان. يجمع الحوثيون الزكاة مركزياً، بدلاً من أن تتولى السلطات المحلية جمعها كما كان الحال سابقاً. وينشر الحوثيون موظفيهم في الأسواق لابتزاز التجار بحجة جمع الزكاة التي يمكن أن تصل مبالغها إلى مليارات الريالات. لكن مصير هذه المليارات يكتنفه الغموض، وبدلاً من أن تذهب تلك الأموال إلى الفقراء، تستخدم بشكلٍ أساسي في تمويل الجبهات.

بالإضافة إلى كل ذلك، فرض الحوثيون منذ عام 2020 قانون الخُمس، الذي يتم بموجبه تحصيل 20 في المائة من إيراد بعض الأنشطة الاقتصادية لصالح “آل البيت”، ومنهم عائلة الحوثي وأقاربهم.

رفض شعبي غير مسبوق

لم تعد أساليب جماعة الحوثي في جمع الأموال بطرقٍ وحشية وغير شرعية خافية على الجمهور، وهي تجد طريقها في نهاية المطاف إلى الإعلام وتقارير المؤسسات الحقوقية، على الرغم من تشديد الحوثيين قبضتهم على أولئك القابعين تحت سيطرتهم.

يستعرض تقريرٌ صادر في فبراير، عن فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، المعني باليمن، عدداً من الطرق غير المشروعة التي يعتمدها الحوثيون في جمع الأموال، ومنها مصادرة الأراضي والممتلكات، والهيمنة على سوق الوقود السرية، والرسوم غير القانونية على الأنشطة التجارية.

وبالرغم من أن الحوثيين يقبضون على مناطق سيطرتهم بيدٍ من حديد؛ ويفرضون قيوداً وعقوباتٍ صارمة على الصحفيين والناشطين، وكل من يعارضهم، إلا أن الأصوات المعارضة لبطشهم بدأت بالفعل تظهر على السطح باطراد، حيث بدأ مؤخراً، على وسائل التواصل الاجتماعي، تداول العديد من مقاطع الفيديو والصور التي تُظهر رفضاً متزايداً لحكم الحوثيين، حتى أن بعضها دعا إلى الثورة ضدهم.

ولعلّ من أبرز ردود الفعل الحوثية العنيفة على الأصوات المنتقدة للجماعة، الحكم على أربعة ناشطين بالسجن لمدد تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات؛ بسبب انتقادهم للحوثيين على وسائل التواصل الاجتماعي.

 ووصل الأمر إلى قتل ناشطٍ من محافظة إب، في مارس الجاري، بعد أن اعتقلته السلطات الحوثية، ثم لفقت رواية هروبه من السجن والعثور عليه مقتولاً بأحد المباني، وهو ما أثار غضباً واسعاً، وقاد إلى احتجاجاتٍ نادرة جداً في مناطق سيطرة الحوثيين.

وتمثل ظاهرة الانتقاد العلني من قِبل السكان الواقعين تحت سيطرة الحوثيين، وخروج احتجاجات غير مسبوقة، علامة فارقة في تاريخ التمرد الحوثي في شمال البلاد، حيث بات واضحاً أن نسبة معتبرة من السكان لم تعد تطيق الصمت على نهب أموالها وانتهاك حقوقها وزج أبنائها في معارك لا طائل منها.

عن "كيوبوست"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية