هل يقود حكم طالبان في أفغانستان إلى تعزيز مكانة داعش؟

هل يقود حكم طالبان في أفغانستان إلى تعزيز مكانة داعش؟

هل يقود حكم طالبان في أفغانستان إلى تعزيز مكانة داعش؟


20/02/2023

فرزاد رامزاني بونيش

في عام 2014، بدأت ولاية خراسان-داعش أنشطتها رسميًا في أفغانستان، مُعلنةً بذلك تبعيتها لخلافة “الدولة الإسلامية” المزعومة. ورغم أن الحكومة الشرعية في أفغانستان قد ادّعت دحر ولاية خراسان-داعش في عام 2019، فإن وجودها قد استمر، بل وأعلنت عن شن عشرات الهجمات خلال عامي 2021 و2022. الجدير بالذكر أن نانغارهار وكونار كانتا القاعدتين الرئيسيتين لولاية خراسان في شرق أفغانستان. وتدعي طالبان القضاء على ولاية خراسان في معظم أنحاء أفغانستان، لكن الواقع يشير إلى أن الجماعة ما زالت تمثل تهديدًا خطيرًا للدولة، حتى بعد وصول طالبان إلى السلطة في أغسطس 2021.

وعلى الرغم من مزاعم طالبان باكتشاف مقاتلي خراسان- داعش واعتقالهم في الأشهر الماضية، فإن هجماتهم القاتلة، مثل التفجير الانتحاري في 11 يناير بالقرب من مبنى وزارة الخارجية الأفغانية في كابول، قد خلّفت العشرات من القتلى والجرحى بين صفوف طالبان، والناس العاديين، والمواطنين الأجانب.

في الواقع، من الصعب للغاية الوصول إلى العدد الدقيق لمقاتلي ولاية خراسان في أفغانستان. وفي هذا الصدد، تشير بعض المصادر الغربية والدولية إلى أن عددهم يتراوح ما بين 1,500 إلى 2,200 مقاتل. كما يُقدّر زامير كابولوف، ممثل الرئيس الروسي في أفغانستان، عدد مقاتلي ولاية خراسان في أفغانستان بقرابة 6,000 مقاتل.

بعد مضي عام ونصف على عودة طالبان إلى الحكم في أفغانستان، ومن خلال استكشاف وجهات النظر المختلفة حول وضع ولاية خراسان، يبدو أننا نشهد نوعًا من الاستقرار في ولاية خراسان، وتحولها إلى اللا مركزية في شكل خلايا ومجموعات صغيرة في جميع أنحاء الدولة.

حكم طالبان

أدّى وصول طالبان إلى السلطة في أفغانستان إلى إطلاق سراح مقاتلي ولاية خراسان من السجن، وتعزيز عمليات التجنيد من القرى، ومن بين قوات الدولة الأفغانية السابقة. في ظل حكم طالبان، ازداد الإرهاب في أفغانستان. وابتداءً من 2021-2022، احتلت أفغانستان المرتبة الأولى في عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب.

في هذه الأثناء، يحاول بعض قادة طالبان الحصول على تنازلاتٍ مختلفة من الحكومات المجاورة والغربية (التي تخشى صعود ولاية خراسان إلى السلطة) من خلال تسليط الضوء على التهديد الذي تشكّله ولاية خراسان. يزعمون أنه من الممكن أن يدخل 7,000 من مقاتلي ولاية خراسان أفغانستان من باكستان عبر مقاطعات لوجار وباكتيا ونانغارهار ولاجمان. بالإضافة إلى ذلك، فإن القمع الانتقائي لبعض فروع ولاية خراسان في أفغانستان من قبل طالبان يمكن أن يساعد طالبان على استغلال ورقة ولاية خراسان.

على سبيل المثال، يمكن أن تستخدم طالبان وجود ولاية خراسان في مقاطعة بدخشان في أفغانستان (الحدود المشتركة مع الصين وطاجيكستان) كورقة ضغط للحصول على المساعدات الاقتصادية والدعم السياسي والاعتراف الدبلوماسي. وفي حين أن طالبان قد تستخدم استمرار ولاية خراسان كورقة ضغط، فإن ازدياد قوتها يُشكّل تهديدًا خطيرًا على طالبان نفسها.

إضافة إلى ذلك، يبدو أن قيادة طالبان مُنقسمة حول كيفية التعامل مع ولاية خراسان، أو أن بعضهم يفضل انتهاج “موقف ودود” تجاهها. إذ يعتبر البعض أنه بتطهير أو طرد جزء من قواتها، والضغط على الجماعات المتطرفة المتحالفة معها داخل أفغانستان، فإن طالبان بذلك تساعد ولاية خراسان في تجنيد المزيد من الأتباع. من ناحيةٍ أخرى، إذا لم يتوفّر لدى طالبان القوة المالية الكافية، فقد تنضم بعض فروع طالبان إلى ولاية خراسان. ذلك أن تضاؤل القوة الاقتصادية لطالبان من شأنه أن يقود إلى تعزيز الجاذبية الاقتصادية لولاية خراسان.

انتشار الفقر

تتجه أفغانستان نحو انهيارٍ اقتصادي وبشري، ولا شك أن للاقتصاد دورًا مهمًّا في إمكانية حصول ولاية خراسان على دعمٍ أوسع نطاقًا. إذ يعتقد كثيرٌ من المحللين أنه إذا لم يتحسن الوضع الاقتصادي في أفغانستان، فقد ينشق بعض أعضاء طالبان، وينضمون إلى ولاية خراسان.

الاقتصاد المنهار يزيد من خطر التطرف. وبصرف النظر عن الانقسامات الاجتماعية، فإن ارتفاع معدلات البطالة وانتشار الفقر يُعرّضان أفغانستان لخطر تمدد ولاية خراسان. فإذا قدمت ولاية خراسان حوافز مالية أكثر جاذبية للمجندين المحتملين، فقد تجذب العديد من القرويين والأشخاص المحرومين إلى برنامج الدعم التي تقدمه.

اندلاع حرب أهلية

قد يؤدِّي رفض طالبان تشكيل حكومة شاملة إلى حربٍ أهلية. في غضون ذلك، إذا أصبح شمال أفغانستان مركزًا للمقاومة الرئيسية ضد طالبان، فإن ولاية خراسان ستستفيد بالفعل من فراغ السلطة في الجنوب والشرق، وحتى غرب وشمال الدولة. ذلك أن ولاية خراسان تفكر بالفعل في الأساليب التي يمكن أن تستفيد بها من هذه الفوضى.

في العامين الماضيين، عززت ولاية خراسان ذراعها الإعلامية، وأولت اهتمامًا خاصًا لنشر الدعاية، وترجمة المواد إلى لغات مختلفة -بما في ذلك الإنجليزية والطاجيكية والأوزبكية والفارسية والبشتونية والأويغورية- في مسعى للتغلب على الاختلافات العرقية واللغوية للترويج لفكرة الخلافة باعتبارها المُنقذ للأفغان، فضلًا على أنها تحاول تقديم تغطية إخبارية لهجماتها.

علاوة على ذلك، أصبحت هجمات ولاية خراسان أكثر انتشارًا جغرافيًا، وغيّرت من طريقتها في شن الهجمات الإرهابية، سواء من خلال العمليات الانتحارية أو التفجيرات المعقدة في المدن.

وتحاول ولاية خراسان، من خلال توجيه اتهامات مثل انحراف طالبان عن مبادئ الجهاد، والتحالفات مع الأجانب والمسيحيين، والتعاون مع الأنظمة الطاغية، والعلاقات مع إيران، وما إلى ذلك، خلق انقسامات كبيرة بين مؤيدي طالبان. وتحاول أيضًا الاستفادة من التوترات والمنافسة بين المتطرفين والمعتدلين وشبكة حركة حقاني- قندهار التابعة لطالبان.

غموض جيوسياسي

على الرغم من أن التحالف العالمي المكون من 83 دولة لهزيمة داعش أمر بالغ الأهمية لضمان دحر داعش نهائيًا، بما في ذلك في أفغانستان، فإن الافتقار إلى التنسيق الخارجي، واتخاذ القرارات من قبل الجهات الفاعلة المتنافسة فيما يتعلق بأفغانستان، يتيح لولاية خراسان أن تظل تهديدًا خطيرًا.

في الوقت نفسه، تتهم بعض الجهات الفاعلة، مثل روسيا، الغربَ بدعم ولاية خراسان سرًا. إذا حاولت ولاية خراسان تجنيد الآلاف من المقاتلين الأجانب في أفغانستان، فمن المحتمل أن تستطيع تعزيز قوتها ونفوذها. وفي هكذا سيناريو، ستواصل استغلال علاقة طالبان بالقوى الأجنبية، والدعاية المعادية للغرب وروسيا وإيران والصين والهند، لإظهار أنها مختلفة عن الجماعات الجهادية الأخرى وتجنيد أعضاء جدد وفقًا لذلك. ولا شك أن تعزيز ولاية خراسان في باكستان، وجماعاتها الفرعية، يمكن أن يعزّز نفوذها في أفغانستان.

الخلاصة

بناء على ما سبق، تؤدِّي تحركات طالبان في المجالات الأمنية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية دورًا محوريًا في هزيمة ولاية خراسان في أفغانستان أو صعودها. وعلى الرغم من احتمال وجود المزيد من الضغط الخارجي على طالبان لتركيز هجماتها على ولاية خراسان، ربما لا تستطيع طالبان -أو لا تريد- هزيمة ولاية خراسان تمامًا.

ويبدو أن ولاية خراسان ستعزِّز أنشطتها على صعيد التجنيد، وسوف تستهدف من خلال تحالفها العملياتي مع الجماعات الأخرى إلى تعزيز وجودها في أفغانستان. قد لا تتمكن ولاية خراسان من تجنيد أكثر من 10,000 جندي، ولكن مع الأخذ في الاعتبار الظروف العامة في أفغانستان، بما في ذلك الأوضاع السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، وما إلى ذلك، ستواصل ولاية خراسان تعزيز مكانتها في الدولة.

إجمالًا، هذا الوضع قد يجعل ولاية خراسان أقوى فروع داعش. ذلك أن استمرار الظروف الحالية يصب بالتأكيد في مصلحتها، وبالتالي في استمرار وجودها بين التنظيمات الأربعة الأكثر دموية المدرجة على قائمة الإرهاب في العالم.

عن "عين على التطرف"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية