هل سترد إيران على الهجوم الإسرائيلي؟

هل سترد إيران على الهجوم الإسرائيلي؟

هل سترد إيران على الهجوم الإسرائيلي؟


20/04/2024

ربما هناك شرعية في المنطقة للتشكيك في الضربات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وايران، فقد بدت وكانها مباراة  ودية بين فريقي كرة قدم من اندية الدرجة الثانية او الثالثة، وبمشاركة لاعبين غير محترفين، فكل فريق يتحدث عن مصادر قوة ولاعبين لن يخوضوا هذه المباراة، وكانت الرسائل "السياسية" اهم من الإنجازات الخاصة بضرب الأهداف،  فكل فريق كان مكتفيا مسبقا بتحقيق الفوز بالنقاط وليس بالضربات القاضية، كما هو الحال في لعبة "الملاكمة" لكن اللافت بهذه المباراة ان القاسم المشترك فيها طاقم التحكيم ، فحكم الساحة وحكام الخطوط فيها كانوا واحدا وهو "واشنطن"، غير ان هذا الحكم كان قد رسم لكل فريق تكتيكات وخطط اللعب وحدد نتائج المباراة قبل ان تبدا.

 وعلى غرار تلك الصورة واسقاطا لها، تبادلت إسرائيل وإيران ضربات عسكرية "مباشرة" باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ، وبصورة بدت درامية لدى المتابعين من المؤيدين والمعارضين لإسرائيل وإيران، فبعد الضربة التي شنتها ايران باطلاق حوالي "300" طائرة مسيرة وصاروخ، انطلقت من قواعد داخل الأراضي الإيرانية، وتعددت الروايات حول نجاحات باسقاطها قبل وصولها لاهدافها في إسرائيل، وبمشاركة أمريكا وبريطانيا وفرنسا، بالإضافة لمشاركة اردنية اسقطت بعضها حينما دخلت الأجواء الأردنية، اعلن صباح يوم الجمعة في طهران عن استهداف بطائرات مسيرة "صغيرة" حاولت ضرب قواعد عسكرية ومنشات تابعة للحرس الثوري الإيراني في مدينة أصفهان بوسط إيران، واعلن عن سلامة المفاعلات النووية الإيرانية في أصفهان، فيما تم إسقاط طائرات أخرى كانت تستهدف مدينة تبريز الإيرانية.

ومن الواضح ان القواسم المشتركة بين الهجوم الإيراني والرد الإسرائيلي كثيرة، لعل أولها ان أمريكا التي "نسقت" هذه الضربات لا تريد الذهاب بالمنطقة الى حرب إقليمية تتجاوز الحرب في غزة، لحسابات خاصة بالانتخابات الأمريكية، وثاني تلك القواسم المشتركة هو ان التهوين من نتائج الهجومين كان قاسما مشتركا بين الجانبين، ففي الوقت الذي قالت فيها إسرائيل انها اسقطت 99% من الصواريخ والمسيرات الإيرانية وانها لم تسفر عن تعطيل منشاة إسرائيلية مدنية او عسكرية، واصابت طفلة بجروح، أعلنت إيران وبعد روايات متضاربة انه لم يحدث أي هجوم خارجي وان ما تعرضت له إيران صباح يوم الجمعة كان مجرد طائرات مسيرة انتحارية صغيرة تم التعامل معها واسقاطها، دون تحديد من أطلقها ولا مكان الانطلاق، وتم التأكيد انها ليست صواريخ، وثالث تلك القواسم أن مرجعيات الضربات بالنسبة لإيران وإسرائيل مرجعيات داخلية مرتبطة بالراي العام في الدولتين، فبالنسبة لإسرائيل بقيادة نتنياهو معنية بالرد لاظهار قوة امام الرأي العام الإسرائيلي ، بعد استثمار الضربة الإيرانية باثبات الخطر الإيراني وما يسمى التهديد الوجودي لإسرائيل، وهو الموقف نفسه لدى القيادة الإيرانية، التي وقعت في حرج الرد لاثبات قوتها بعد تعرض قنصليتها في دمشق لقصف إسرائيلي، ومقتل عدد من جنرالات الحرس الثوري الإيراني.

مسارات التحليل في المنطقة تراوحت بين التهويل والتهوين للضربتين، ذلك ان المواقف المؤيدة او المعارضة لإيران وإسرائيل سابقة على الضربتين، ففي الوقت الذي تعززت فيه الشكوك بايران وانها على الأقل لم تتحرك بعد مقتل اكثر من 30 الف فلسطيني في قطاع غزة، بادرت لضرب إسرائيل فقط بعد مقتل مستشاريها بالقنصلية الايرانية في دمشق، وان عدم اعترافها بالضربة الإسرائيلية ما هو الا مقدمة تؤكد عدم نية إيران الرد مجددا على إسرائيل، فيما ذهب محللون مؤيدون لايران ان هجوم ايران شكل تغيرا عميقا في قواعد الاشتباك، وستترتب عليه تغييرات استراتيجية في موازين القوى لن تكون بصالح إسرائيل، كما يطرح بعض المشككين بايران المكاسب التي حققتها إسرائيل بعد الضربة بما فيها احتمالات تشكل تحالف إقليمي ضد ايران، وانقلابات في الراي العام الغربي لصالح إسرائيل، وان الضربة خدمت نتنياهو والحكومة الإسرائيلية.

 

وتطرح على نطاق واسع تساؤلات حول سيناريوهات الرد الإيراني المحتمل وسيناريوهات المواجهة المستقبلية بين إيران وإسرائيل، بعد الضربة الإيرانية والرد الإسرائيلي عليها، وتحديدا فيما اذا كان سيناريو الرد والرد المضاد هو الأكثر ترجيحا، ام ان الطرفين سيعودان لقواعد الاشتباك السابقة ، وعنوانها مهاجمة إسرائيل، عبر الوكلاء، بعمليات مدروسة لا تنتقل ولا تتطور الى حرب شاملة، ويبدو ان هذا السيناريو هو الأكثر ترجيحا، على الأقل في المدى المنظور لحين اجراء الانتخابات الأمريكية في أواخر العام الجاري، غير انه لا يستبعد ان تكون المواجهات الجديدة حتى مع هذا السيناريو، اقل حدة مما كانت عليه، فقد أظهرت المواجهة المباشرة بين الطرفين ان القيادة الإيرانية لا يمكنها الاعتماد على "مليشيات" لتحقيق أهدافها، كما أظهرت عدم قدرة إسرائيل على حماية نفسها بدون مساعدة من حلفاء دوليين واقليميين، والى جانب ذلك كله فان الخاسر الأكبر من كل تلك التطورات هو حماس وغزة المنكوبة، فيكفي إسرائيل ان الإعلام العربي والدولي تحول لجعل غزة بالمرتبة الثانية، بعد إيران، وهو ما يؤكد حقيقة ثابتة منذ انطلاق طوفان الأقصى، وهي ان أي جهد عسكري من قبل مليشيات إيران لن يغير في الموازين الاستراتيجية للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وان أي جهد بهذا الخصوص يحرف الأنظار عما يجري في غزة، ويحقق اهداف إسرائيل.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية