صلاح عبد الحق.. هل عاد الإخوان إلى سيناريو "المرشد الخفي"؟

صلاح عبد الحق.. هل عاد الإخوان إلى سيناريو "المرشد الخفي"؟

صلاح عبد الحق.. هل عاد الإخوان إلى سيناريو "المرشد الخفي"؟


12/02/2023

دون إعلان رسمي، أكدت عدة مصادر قريبة من جماعة الإخوان، إضافة إلى منصات إعلامية تابعة للتنظيم، أكدت مؤخراً تولّي القيادي القطبي داخل الجماعة، صلاح عبد الحق، قائماً بأعمال المرشد العام للإخوان خلفاً لإبراهيم منير الذي توفي مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، تاركاً خلفه انقسامات وخلافات ثقيلة داخل التنظيم المنقسم إلى ثلاث جبهات، متنازعة على كافة المناصب التنفيذية وفي مقدمتها منصب المرشد العام.

ويثير تأخر الإخوان، تحديداً جبهة لندن، في الإعلان عن اختيار عبد الحق للمنصب، رغم تأكيدات جاءت على لسان بعض قادتها بأنه جرى الاختيار بناء على توصية من المرشد الراحل إبراهيم منير، لمنحه قدراً من الثقل في المواجهة الشرسة مع جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، يثير العديد من التساؤلات حول الأسباب، وماذا يجري داخل تنظيم الإخوان في الوقت الراهن ترتيباً للإعلان المرتقب، أيضاً احتمالات عودة التنظيم إلى سيناريو المرشد السري، الذي طالما لجأت إليه الجماعة في أزمات سابقة.

لماذا تأخر الإعلان عن عبد الحق؟

تذهب غالبية التقديرات في هذا الصدد، إلى أنّ الخلافات القائمة بين قيادات جبهة لندن حول منصب القائم بأعمال المرشد العام قد أخّرت الإعلان عن صلاح عبد الحق، ففي حين يدعم عدد كبير داخل الجبهة تولي عبد الحق باعتباره اختيار إبراهيم منير، كما تزعم بعض القيادات، يساند عدد آخر، لا يستهان به، طموح حلمي الجزار في تولي المنصب.

ويقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب عمرو فاروق، إنّ تأخر الإعلان عن عبد الحق يؤشر على حالة التخبط الشديد والانقسام بين قيادات جبهة لندن حول اختيار القائم بأعمال المرشد خلفاً لإبراهيم منير، وأنّ عبد الحق لا يزال اختياراً "غير متفق عليه" داخل التنظيم.

القيادي الإخواني صلاح عبد الحق

وفي تصريح لـ"حفريات" يشير فاروق إلى احتدام الخلافات بين حلمي الجزار ومحيي الدين الزايط حول منصب المرشد، ففي حين يرغب الأول في السيطرة على المنصب، ويجد له أحقيّة في ذلك، ويحظى بتأييد من جانب قطاع كبير داخل الإخوان وخاصة القواعد الشبابية، تصر قيادات جبهة لندن على تنفيذ ما أوصى به إبراهيم منير بخصوص تعيين عبد الحق قائماً بأعمال المرشد.

من هو صلاح عبد الحق؟

لا تتوافر الكثير من المعلومات حول القيادي الإخواني صلاح عبد الحق، باستثناء أنه أحد عناصر المدرسة القطبية، نسبة إلى أفكار سيد قطب، داخل التنظيم، اتُّهم سابقاً في قضية التنظيم الخاص عام 1965 مع منظّر الفكر المتطرف سيد قطب وآخرين.

ويضيف عمرو فاروق أنّ عبد الحق شغل أيضاً عدة مناصب تربوية داخل التنظيم، وصولاً إلى منصب الرئيس السابق لجهاز التربية في التنظيم العالمي، وقد سار على درب محمود عزت، القائم بأعمال المرشد، حتى القبض عليه في عام 2018، والذي كان قائداً تربوياً داخل الجماعة إلى وقت قريب.

عمرو فاروق لـ"حفريات": شغل صلاح عبد الحق عدة مناصب تربوية داخل التنظيم، وقد سار على درب محمود عزت، القائم بأعمال المرشد، حتى القبض عليه في 2018

وبحسب فاروق، تظل قيادات التربية داخل الإخوان بعيدة عن العمل الحركي وكذلك السياسي طوال فترة عملها؛ لأغراض تتعلق بتفرغها، ومكانتها لدى قواعد التنظيم، لذلك بقي عبد الحق خارج دائرة الضوء طوال الفترة الماضية، وربما كان ذلك أحد الأسباب التي دفعت إبراهيم منير لاختياره خليفة له، نظراً لكونه بعيداً عن دائرة الصراعات التنظيمية التي أحرقت وجوهاً كثيرة داخل الجماعة في الفترة الماضية.

يغلب على شخصية عبد الحق، الاتزان والهدوء، وهي سمات تجعله مؤهلاً لقيادة التنظيم في ظل التناحر المتصاعد بين قياداته في الوقت الراهن، لكنه بحسب خبراء، يفتقد كافة المؤهلات التنظيمية الأخرى مثل؛ القدرة على التواصل مع القيادات وقواعد التنظيم التي يجيدها خصمه محمود حسين إلى حد كبير، كما أنّه لا يملك كفاءات قيادية؛ لأنه ظل بعيداً عن العمل الحركي والسياسي طوال فترة انتمائه للتنظيم.

تحركات من جانب محمود حسين

يشير عمرو فاروق لمحاولات محمود حسين استغلال موقف الخلاف الراهن بين قيادات جبهة لندن، للاستحواذ على منصب المرشد العام؛ حيث أعلن نفسه قائماً بأعمال المرشد منذ عدة أشهر، ومنح نفسه الأحقية بالمنصب، استناداً إلى لوائح التنظيم.

بالرغم من زعم محمود حسين، في وقت سابق، أنه حصل على تأييد من قيادات مكتب الإرشاد المحبوسين في مصر، إلا أنّ الباحث المصري يقول بحسب معلوماته، إنّ الإخوان في السجون "يدعمون بشكل كامل جبهة إسطنبول ويرفضون تأييد حسين تماماً، وهو ما يضعف موقفه الراهن بشكل كبير، لكنه يسعى لتجاوز الأمر بمحاولة كسب تأييد القواعد التنظيمية واستمالة القطاعات المعارضة له داخل الإخوان".

يحاول محمود حسين استغلال موقف الخلاف الراهن بين قيادات جبهة لندن، للاستحواذ على منصب المرشد العام، حيث أعلن نفسه قائماً بأعمال المرشد منذ عدة أشهر، ومنح نفسه الأحقية بالمنصب، استناداً إلى لوائح التنظيم

وينوّه فاروق إلى أنّ 3 من القيادات البارزة داخل مكتب إرشاد الإخوان قد أيدوا جبهة لندن في رسائل، هم: محمد بديع، المرشد العام للتنظيم، وخيرت الشاطر وطه وهدان.

ماذا عن سيناريوهات المستقبل؟

لا يتوقع فاروق أن ينتهي صراع الإخوان قريباً، لكنه يرجح الإعلان الرسمي عن عبد الحق قائماً بأعمال المرشد العام خلال وقت قريب، لمحاولة تجاوز أزمة اختيار خليفة المرشد، وحسم الخلافات بين قيادات جبهة لندن، فضلاً عن قطع الطريق أمام رغبة حلمي الجزار في تولي المنصب.

عمرو فاروق: القيادي الإخواني صلاح عبد الحق أحد عناصر المدرسة القطبية

ويتوقع الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب أحمد سلطان أن يستمر الصراع القيادي داخل جماعة الإخوان الفترة المقبلة دون قدرة أحد الطرفين على حسمه لصالحه.

وكان سلطان قال في تصريح سابق لـ"حفريات" إنه "ربما يكون الصراع أقرب لما كان عليه وقت حياة إبراهيم منير، وسوف تستمر جبهة إسطنبول من خلال البيانات في التأكيد على فكرة أنّ محمود حسين هو صاحب الحق اللائحي والتنظيمي في قيادة شؤون الإخوان، وأنّ أيّ اختيار خارج هذه المنظومة هو اختيار غير لائحي.

وبحسب سلطان، يُعدّ اختيار عبد الحق مخرجاً أمام جبهة لندن لتجاوز أزمة اختيار البديل لإبراهيم منير؛ لأنّها عانت خلال الفترة الماضية من تعثر المفاوضات وعدم القدرة على اختيار بديل، مشيراً إلى أنّ اختيار شخصية غير معروفة، وليست طرفاً في الصراع، كان هو السيناريو المطروح منذ وفاة منير.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية