الإخوان في المغرب: مناورة وخطاب شعبوي وحلم بانتخابات مبكرة

الإخوان في المغرب: مناورة وخطاب شعبوي وحلم بانتخابات مبكرة


10/03/2022

يحاول حزب العدالة والتنمية المغربي (المصباح)، الذراع السياسية للإخوان، الذي قاد الائتلاف الحاكم لنحو 10 أعوام، أن يظهر بشكل جديد، بعد أن دفعت به الانتخابات الأخيرة، في أيلول (سبتمبر) 2021، إلى موقع متأخر، ليصبح في صفوف المعارضة.

اقرأ أيضاً: إخوان المغرب يتحيّنون الفرصة للانقضاض على الحكومة

الحزب الذي لقي هزيمة ساحقة في الانتخابات التشريعيّة الأخيرة، يمني نفسه بإسقاط حكومة عزيز أخنوش، ومن ثم الدعوة إلى انتخابات مبكرة، قد يعد من خلالها إلى الائتلاف الحاكم على أقل تقدير، وهو ما عبر عنه صراحة، عبد العلي حامي الدين، نائب رئيس المجلس الوطني للمصباح، والذي زعم أنّ "الملك محمد السادس، سيدعو إلى انتخابات جديدة بعد مهلة معقولة، إذا تبين بالملموس استمرار فشل الحكومة الحالية". ليظهر حقداً سياسياً دفيناً، زعم من خلاله أنّ المخرجات الانتخابيّة الأخيرة التي أزاحت حزبه، كانت هشة، "لا تعكس الأوزان السياسية الحقيقية للأحزاب". كما ادعى أنّ "الأحزاب المُشكّلة للحكومة، تفتقر لقاعدة شعبية حقيقية مساندة لها"! على الرغم من أنّ هذه الأحزاب، اكتسحت البجيدي في غالبية الدوائر الانتخابيّة.

تداعيات الهزيمة الانتخابيّة

الدكتور محمد الفرجاني، الباحث المصري المختص بالشؤون العربيّة، خص "حفريات" بتصريحات، أكد فيها أنّ "العدالة والتنمية" المغربي لم يفق من صدمة الهزيمة بعد، وأنّ المحاولات الأخيرة لاستغلال وتوظيف الاعتراضات الشعبية على موجة ارتفاع الأسعار التي تمر بها كل دول العالم، بسبب تداعيات الأزمة الأوكرانيّة، ما هي إلا محاولات يائسة للعودة إلى السلطة، بعد أن هُزم الحزب الإخواني في كل الانتخابات التي خاضها العام الماضي؛ سواء التشريعيّة أو المحليّة أو النقابيّة.

الفرجاني علّق على تصريحات القيادي الإخواني عبد العلي حامي الدين، بأنّها تأتي في سياق تحركات متوازية، تتعمد تحريض الشارع على التظاهر، والضغط على القصر للتدخل، مع اللعب على وتر القضايا الشعبوية، مثل العودة إلى المتاجرة بقضية فلسطين، والعمل في إطار حملات مواجهة التطبيع، على الرغم من أنّ الأمين العام السابق للعدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، هو من صدّق على الاتفاق الثلاثي مع إسرائيل.

مناورات عبد الإله بنكيران

وفي سياق الحملة الإخوانيّة الشعواء على الحكومة المغربيّة، شنّ عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، هجوماً حاداً على رئيس الوزراء، عزيز أخنوش، وحطّ من قراراته الساسيّة، محملاً إياه الصعوبات الاقتصاديّة التي نتجت عن تفشي وباء كوفيد-19، وكذا الحرب الروسيّة / الأوكرانيّة.

محمد الفرجاني: محاولات العدالة والتنمية الأخيرة لاستغلال وتوظيف الاعتراضات الشعبية على موجة ارتفاع الأسعار التي تمر بها كل دول العالم، ما هي إلا محاولات يائسة للعودة إلى السلطة

بنكيران زعم أنّ أخنوش "لم يف بأيّ شيء، من الوعود الكبيرة التي أعلن عنها في برنامجه الانتخابي". مضيفاً أنّه "لا محيد له عن تنفيذها، وإلا فسيحدث مشكل كبير في المغرب". كما نفى رغبته في رحيل أخنوش بشكل فوري، قائلاً: "الأمر يحتاج إلى بعض الوقت؛ ليتضح مدى قدرته على العمل، أو أن يتم تصحيح الأمر، وفق الإمكانات الدستورية المتاحة". موضحاً أنّه "على رئيس الحكومة، إن كان غير قادر على القيام بما يجب، وعلى تحمل المسؤولية، أن يقدم استقالته، وحينها، لجلالة الملك أن يعين غيره، أو نذهب لانتخابات مبكرة". الأمر الذي وصفه مراقبون بالمناورة، فهو من جهة يعلن رفضه لرحيل الحكومة، وفي الوقت نفسه يواصل التحريض ضدها.

انتقادات عديدة طالت بنكيران داخل حزبه، حيث قال محمد الهلالي، القيادي بالحزب إنّ بنكيران "يمارس السياسة بدون علم". مؤكداً أنّه "قاطع دورة المجلس الوطني الحالية للمصباح، "كموقف سياسي؛ في ظل هيمنة الهيئة التنفيذية على الهيئة التداولية، وتبعية هذه الأخيرة في الاختيارات، وفي وضع جدول الأعمال".

اقرأ أيضاً: المغرب تساعد بلجيكا بالقبض على إرهابي... ملابسات القضية

وفي السياق نفسه، هاجم، محمد نجيب بوليف، القيادي بحزب العدالة والتنمية، الحكومة؛ بسبب تحرير أسعار المحروقات، ووضع على صفحته الرسميّة، على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، صورة للأسعار الجديدة للمحروقات، قائلاً: "أسعار البنزين في عهد حكومة تستاهلو احسن!؟ لم يسبق أن وصلت لهذا المستوى". وأضاف وزير النقل السابق: "الأدهى من ذلك أنّ هذه الحكومة، رفضت مقترح قانون يهدف تسقيف الأسعار، عكس الحكومة السابقة التي عملت على تطوير أرضيّة للحسم في الموضوع". 

المثير للسخرية، أن قرار تحرير المحروقات صدر في عهد وزارة بوليف، وهو ما أثار موجة من السخرية والانتقاد لتصريحاته على مواقع التواصل الاجتماعي.

توظيف الخطاب الشعبوي

بدوره، سخر الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية، من مصطفى بيتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، وقال: "ربما أصبح من قدرنا كل يوم خميس، أن نتجرع بمرارة، مرور الناطق الرسمي باسم الحكومة في ندوته الصحفية المعتادة، عقب المجلس الحكومي". بزعم أنّ الأخير "لم يجد ما يعلق عليه الفشل والعجز التدبيري والتواصلي للحكومة، وتنامي الغضب على سياستها، غير شماعة حسابات افتراضية وجهات مجهولة". وذلك بعد اقتطاع تصريحات له من السياق، مع مواصلة التحريض على التظاهر، بداعي أنّه نوع من "التعبير بالاحتجاج والغضب، جراء الارتفاع الصاروخي للأسعار والمحروقات، وانسداد الأفق". بحسب مزاعم البجيدي.

اقرأ أيضاً: نُذر انقسام داخل جماعة العدل والإحسان المغربية

جدير بالذكر أنّ بيتاس أكد أنّ "هناك من السياسيين، من استغل الوضع، وأراد تصيد الفرصة؛ لضرب الخيار الديمقراطي المنصوص عليه دستورياً".

وكانت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، قد نظمت لقاءً، يوم الخميس 3 آذار (مارس) الجاري، في المقر المركزي للحزب بالعاصمة الرباط، وزعم رئيس المجموعة، عبد الله بووانو، أنّ "العدالة والتنمية، يستشعر حجم المسؤولية الوطنية، التي فرضها عليه ضعف الحكومة الحالية وارتباكها، وعدم امتلاكها لصورة واضحة؛ للتعامل مع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية". وأضاف: "الحزب سيسعى من خلال أدوار المجموعة النيابية، إلى مواكبة ضعف الحكومة في مجال محاربة الفساد والريع، من خلال مبادرات رقابية وتشريعية ملائمة".

الدكتور عبد السلام القصاص، الباحث في العلوم السياسيّة، أكّد في تصريحات خصّ بها "حفريات"، أنّ حزب العدالة والتنمية المغربي، يحاول أنّ يغسل تاريخه السيئ على حساب الحكومة، ويرفع شعارات محاربة الفساد، للتغطية على تقارير المجلس الأعلى للحسابات، وهو أعلى مؤسسة رقابيّة دستوريّة مستقلة في البلاد، والتي رصدت مخالفات مالية داخل الهيكل المالي للحزب، في أعقاب عملية تدقيق قانونيّة، قام بها قضاة، حيث شهدت الحسابات السنوية للمصباح، اختفاء أوجه صرف مبالغ مالية كبيرة، لم يقم الحزب بتوضيح الجهة التي ذهبت إليها، في وثائقه المحاسباتيّة التي قدمها إلى المجلس.

عبد السلام القصاص: بنكيران يحاول المناورة بادعاء حرصه على العملية السياسيّة، ورفض حل الحكومة، وفي الوقت نفسه يعطي التعليمات لأذرعه هنا وهناك للتحريض، ومحاولة تقويض المسار السياسي كله

القصاص لفت إلى أنّ بنكيران يحاول المناورة؛ بادعاء حرصه على العملية السياسيّة، ورفض حل الحكومة، وفي نفس الوقت يعطي التعليمات لأذرعة هنا وهناك للتحريض، ومحاولة تقويض المسار السياسي كله، بعد أن خسر حزبه كلّ شيء، كما يحرص على استخدام خطاب شعبوي عاطفي، مغلف بأيديولوجيا دينيّة، حيث طالب أعضاء حزبه أن "ينعكس الإسلام على سلوكهم ومبادئهم، وقيمهم وأخلاقهم". وأكّد أكثر من مرة على المرجعيّة الدينيّة للحزب؛ كمحاولة لاجتذاب التعاطف الشعبي من جديد.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية