ما أهداف إيران من جولة الرئيس الإيراني في أفريقيا؟

ما أهداف إيران من جولة الرئيس الإيراني في أفريقيا؟

ما أهداف إيران من جولة الرئيس الإيراني في أفريقيا؟


19/07/2023

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، يوم الأربعاء "12/7/2023" جولة إلى (3) دول أفريقية هي: كينيا وأوغندا وزيمبابوي، بهدف استعادة الدور والنفوذ الإيراني في القارة الأفريقية، والفرص الاقتصادية والسياسية التي يمكن استثمارها من خلال بناء علاقات بين إيران وأفريقيا، كما عبّر عن ذلك الرئيس الإيراني في تصريحات قبيل مغادرته طهران متوجهاً إلى كينيا التي تشكل محطته الأولى بهذه الجولة.

جولة رئيسي تأتي في سياقات تطورات متسارعة وعميقة مرتبطة بالداخل الإيراني، وتصاعد الاتهامات بين الحكومة المتشددة الحالية والحكومة السابقة برئاسة الرئيس السابق (حسن روحاني) المحسوب على التيار الإصلاحي في إيران، بالإضافة إلى بناء رهانات على الفرص الاقتصادية المغرية في القارة الأفريقية، في ظل تنافس إقليمي ودولي محموم، غير بعيد عن تداعيات المصالحة الإيرانيةـ السعودية التي تم إنجازها في آذار (مارس) الماضي بوساطة صينية، وتطورات وتداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية، بما فيها الأدوار التي تمثلها ميليشيات (فاغنر) الروسية بعد محاولتها الانقلابية، وسيناريوهات مستقبل وجودها وعملها في القارة الأفريقية.

جولة رئيسي تأتي في سياقات تطورات متسارعة وعميقة مرتبطة بالداخل الإيراني، وتصاعد الاتهامات بين الحكومة المتشددة الحالية والحكومة السابقة برئاسة الرئيس السابق حسن روحاني المحسوب على التيار الإصلاحي في إيران

داخلياً، أبرز الخطاب الإعلامي الإيراني الرسمي "وزارة الخارجية والصحف والمنصات الإعلامية المقربة من رئاسة الجمهورية والمرشد الأعلى للثورة" تركيزاً مكثفاً على أنّ الهدف من هذه الجولة، كما قال الرئيس الإيراني، هو "استعادة العلاقات بين إيران والدول الأفريقية التي كانت جيدة في مختلف المجالات، لكنّها في بعض الفترات الزمنية شهدت توقفاً، وخاصة في العقد الأخير"، في نقد من الواضح أنّ المقصود فيه تراجع تلك العلاقات في عهد الحكومة السابقة بقيادة الرئيس حسن روحاني.

جولة رئيسي تأتي في سياقات تطورات متسارعة وعميقة مرتبطة بالداخل الإيراني

يُذكر أنّ رئيسي لن يبدأ من النقطة صفر في بناء العلاقات مع أفريقيا، بل يتطلع لاستئناف علاقات بدأت مع مطلع الألفية الجديدة، بعد تصاعد الصراع مع الغرب من خلال بناء علاقات وثيقة على سبيل المثال مع النظام السوداني السابق بقيادة عمر البشير، والنجاح في تحقيق اختراقات في نيجيريا وإريتريا، ونجاح الحرس الثوري في بناء قاعدة عسكرية في إرتيريا، وبالتزامن مع بناء تحالفات سياسية وعسكرية في أفريقيا، حققت إيران حينها نجاحات في تصدير الثورة على المستوى الإيديولوجي، من خلال استثمار الجاليات المسلمة في شرق وغرب أفريقيا، عبر بناء الحسينيات وتشييع الكثير من المسلمين، من خلال تقديم خدمات ومساعدات إنسانية كبناء المدارس والمراكز الطبية وتشكيل هيئات إغاثية تقدم خدمات إنسانية.

من غير الواضح كيف ستستأنف إيران نفوذها في الدول الأفريقية، فهل ستركز على الدخول من أبواب التعاون الاقتصادي في مجالات الطاقة والبنى التحتية، أم سوف تستكمل مشاريع الحرس الثوري الإيراني ببناء قواعد عسكرية واستئناف مقاربات تصدير الثورة للشعوب الأفريقية، وما هي مواقف القوى الدولية من إمكانية نشوء نفوذ إيراني جديد، وتحديداً من قبل أمريكا والدول الأوروبية، وهل سيشكل النفوذ العربي الذي تمثله السعودية والإمارات بالإضافة إلى تركيا منافساً وعامل ضبط لأيّ تحركات إيرانية؟

إيران ستحاول بناء استراتيجيات تخلط بين النماذج الدولية لإعادة نفوذها في الدول الأفريقية، وسيكون التدخل الجديد بعناوين اقتصادية

خارطة النفوذ والتنافس الدولي على القارة الأفريقية تتجسد في (3) نماذج؛ وهي: النموذج الأمريكي، حيث تبني أمريكا استراتيجياتها في إطار عناوين: منظومات حقوق الإنسان والديمقراطية، وتقديم دعم عسكري واقتصادي لبعض الدول، ومحاصرة النفوذين الصيني والروسي، وأوروبا المنشغلة بالحرب الروسية الأوكرانية التي تواجه تحفظات أفريقية، لأسباب مرتبطة بالإرث الاستعماري، أجبرت فرنسا على إغلاق بعض قواعدها العسكرية في دول جنوب الصحراء وغرب أفريقيا، بالإضافة إلى الصين التي تبني استراتيجياتها على أساس الدخول "الناعم" لأفريقيا، من خلال مشاريع اقتصادية ضخمة في البنى التحتية، لا يخلو بعضها من استثمارات أخرى في الحقول العسكرية، وبالتزامن فإنّ شركة (فاغنر) شبه العسكرية تشكل العنوان الأبرز للتدخل الروسي في الدول الأفريقية، عبر تقديم حماية لحكومات وأنظمة سياسية مقابل استثمارات واسعة في المعادن الثمينة، ومن بينها الذهب.

 هناك العديد من القراءات حول أهداف ومستقبل التدخل والنفوذ الإيراني في القارة الأفريقية

مؤكد أنّ هناك العديد من القراءات حول أهداف ومستقبل التدخل والنفوذ الإيراني في القارة الأفريقية، والنموذج الذي ستختاره، لكن يرجح، وعلى نطاق واسع، أنّ إيران ستحاول بناء استراتيجيات تخلط بين النماذج الدولية لإعادة نفوذها في الدول الأفريقية، وسيكون التدخل الجديد بعناوين اقتصادية، بما فيها التطلع لتحقيق أهداف تتمثل في بناء استثمارات وإيجاد أسواق والاستفادة من المصادر الطبيعية والثروات في الدول الأفريقية، وهو ما أكد عليه الرئيس الإيراني "حصة إيران ليست أكثر من مليار و(200) مليون دولار، من أصل (1200) مليار دولار هي حجم الاقتصاد الأفريقي"، وربما يكون التدخل الإيراني بصور تقارب صور التدخل الصيني، لا سيّما أنّ محاولات التدخل السابقة التي اتخذت عناوين "بناء القواعد العسكرية وتصدير الثورة"، قوبلت بمقاومة دولية ومحاصرة من قبل الدول الغربية وبعض الدول الإقليمية.

وفي الخلاصة؛ ربما تحقق التطلعات الإيرانية إنجازات بعقد صفقات وبرامج استثمارات اقتصادية مختلفة مع الدول الأفريقية، بعيداً عن استراتيجيات بناء القواعد العسكرية والاستثمار المذهبي، لتلافي أيّ ضغوطات من الدول الغربية ومن الدول الإسلامية، كما لا يمكن استبعاد أنّ جولة الرئيس الإيراني تأتي في إطار استعدادات إيرانية لقرب التوصل لتفاهمات جديدة مع واشنطن حول الاتفاق النووي، بما يشمله من إفراج عن مليارات إيرانية مجمدة، وجاءت بعد زيارة مماثلة للرئيس رئيسي لأمريكا اللاتينية شملت "فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا"، وبعد إعلان انضمام إيران رسمياً إلى منظمة (شنغهاي)، التي تُعدّ تكتلاً اقتصادياً وأمنياً بقيادة الصين وروسيا.

مواضيع ذات صلة:

هكذا تحاول إيران محاصرة أي حراك طلابي في الجامعات... ما علاقة "الحشد الشعبي" العراقي؟

ميليشيات إيران والأمريكيين في الهلال الخصيب

شرطة الأخلاق تعود من جديد... هل ينجح النظام الإيراني في إعادة هيبته؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية