بعد تسريبات الونيسي.. حركة النهضة الإخوانية في انتظار رصاصة الرحمة

بعد تسريبات الونيسي.. حركة النهضة الإخوانية في انتظار رصاصة الرحمة

بعد تسريبات الونيسي.. حركة النهضة الإخوانية في انتظار رصاصة الرحمة


07/09/2023

ألقت قوات الأمن التونسية القبض على رئيس حركة النهضة بالإنابة المنذر الونيسي، ورئيس مجلس الشورى أعلى هيئة في الحركة عبد الكريم الهاروني، الذي وضع هذا الأسبوع رهن الإقامة الجبرية؛ بينما يتصاعد الجدل حول مضمون التسريبات التي نسبت إلى نائب رئيس الحركة منذر الونيسي، والصراعات التي نشبت بين قيادات الحركة على هامش ذلك. فضلاً عن تصاعد الخلافات داخل الحركة حول جدوى انعقاد المؤتمر العام الـ (11)، ومدى ملاءمة الظروف السياسية والحزبية لعقد المؤتمر خلال الشهر القادم.

جاء قرار توقيف منذر الونيسي في أعقاب تسريب تسجيل صوتي منسوب إليه؛ تضمن حديثاً عن صراعات داخل الحركة، وتمويلات خارجية غير مشروعة، وترتيبات لانتقال سياسي في البلاد.  

من جانبه، نفي منذر الونيسي صحة تلك التسريبات، وقد فتحت النيابة العمومية يوم الإثنين الماضي تحقيقاً في التسجيلات، وأشارت مصادر تونسية إلى أنّ أجهزة الأمن تحقق مع الونيسي في الموضوع  نفسه - قضية التسريبات- بعد إيقافه وإيداعه بثكنة أمنية.

ضربات أمنية مكثفة

وسبق أن ألقت الشرطة التونسية القبض على زعيم الحركة السيد راشد الغنوشي، إلى جانب عدد من مسؤولي النهضة، من بينهم نور الدين البحيري، ورياض بالطيب، وسيد الفرجاني، والصحبي عتيق، ومحمد بن سالم. وذلك في تحقيقات بشبهات التآمر على أمن الدولة، والتحريض وتلقي تمويلات أجنبية، وتهم أخرى تتعلق بتسهيل سفر الجهاديين للقتال في سوريا، وغسيل الأموال، وحظرت الحكومة الاجتماعات في جميع مكاتب الحزب، وأغلقت الشرطة جميع مقراته.

هذا، وقررت النيابة العامة إطلاق سراح رئيس الحكومة التونسية السابق حمادي الجبالي، الثلاثاء 5 أيلول (سبتمبر) الجاري، "في انتظار استكمال الأبحاث"؛ بعد التحقيق معه من قبل الأمن في قضية تتعلق بالتعيينات في المناصب خلال رئاسته الحكومة، بين كانون الأول (ديسمبر) 2011، إلى شباط ( فبراير) 2013.

جاء قرار توقيف الونيسي في أعقاب تسريب تسجيل صوتي منسوب إليه تضمن حديثاً عن صراعات داخل الحركة، وتمويلات خارجية غير مشروعة

في هذا السياق، يؤكد سرحان الناصري، رئيس حزب التحالف من أجل تونس، في تصريحات خصّ بها (حفريات)، أنّه ليس هناك مستقبل منظور لحركة النهضة اليوم، بغضّ النظر عن قرارات الأجهزة الأمنية بتوقيف قيادات الحركة، سواء الخاصة بنائب رئيس الحركة منذر الونيسي، ورئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني، أو الإيقافات الأخرى خلال الأشهر الفائتة.

سرحان الناصري: ليس هناك مستقبل منظور لحركة النهضة اليوم، بغضّ النظر عن قرارات الأجهزة الأمنية بتوقيف قيادات الحركة

ويستطرد الناصري مؤكداً أنّ حركة النهضة تعيش حالة موت سريري، إذ لم تشهد الحركة توالي الانشقاقات والصراعات بكل هذه الحدة خلال تاريخها، كما أنّها تشهد الآن صراعاً على مستوى القيادات، وكذا الأجيال المتعاقبة على مقاعد القيادة، وآفاق الحركة في المستقبل المنظور.

ويتابع رئيس حزب التحالف من أجل تونس، لافتاً إلى أنّ وقع التسريبات التي نسبت إلى نائب رئيس الحركة منذر الونيسي، شديد الثقل؛ لما تضمنته من اتهامات مباشرة لراشد الغنوشي وعائلته، فضلاً عن كلامه حول فساد مالي ودعم خارجي، وتشبث بقيادة الحركة من داخل السجن، وكذا من قبل بعض القيادات خارج البلاد، في إشارة واضحة إلى صهر الغنوشي رفيق عبد السلام.

ويستقر تقدير الناصري عند نقطة مفادها أنّ حركة النهضة انتهت تنظيمياً، بالشكل الذي عرفته البلاد خلال العقد الأخير، حيث دمرت نفسها بنفسها، واليوم ينتظر صدور قرار قضائي من السلطة التونسية ينهي هذه الحركة، ويحلّ تكويناتها ومقراتها بالقانون.

عواطف السويدي: الأفق المنظور لحركة النهضة سيذهب بها إلى أن تصبح مجرد حزب صغير، أو أن تذهب نحو الاندثار

ويشير سرحان الناصري إلى أنّ قرار توقيف منذر الونيسي وعبد الكريم الهاروني كان متوقعاً، مرة من خلال الأثر القانوني للتسريبات، ومدى التوثق من مطابقة الصوت، وأخرى عندما توهم الونيسي أنّه الرئيس الحقيقي والفعلي للحركة، وبدت تحركاته تعكس ذلك عندما صاغ مقاربته لتنظيم مؤتمر الحزب خلال الشهر القادم، وظنّ أنّه يستطيع تجاوز راشد الغنوشي والقيادات المؤثرة داخل الحركة، وكان عليه أن يدرك جيداً حدود دوره في تسيير شؤون الحركة لا غير، ولذلك ارتأى البعض أنّ واقعة التسريب في حدّ ذاتها لا يمكن أن تخرج عن أركان الحركة وقياداتها.

بداية النهاية

تتفق الكاتبة التونسية عواطف السويدي حول توصيف ما جرى في حركة النهضة، بأنّه بداية النهاية لهذا الحزب، الذي حكم البلاد طيلة العشرية الماضية.

وتتابع حديثها لـ (حفريات) بقولها: إنّ أغلب قيادات حركة النهضة من الصف الأول الآن تمّ ايداعهم السجن، كما تمّ إيقاف رئيسها بالنيابة منذر الونيسي، ورئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني، وهما من أهم قيادات الحركة، فضلاً عن كون ذلك يأتي قبل تنظيم المؤتمر الذي كان مقرراً أن ينعقد في شهر تشرين الأول (أكتوبر) القادم، ويبدو أنّه تمّ تأجيل هذا المؤتمر إلى تاريخ غير معلوم.

وتضيف الكاتبة التونسية عواطف السويدي أنّ التسريبات الصوتية المنسوبة إلى رئيس حركة النهضة بالنيابة منذر الونيسي قد أثبتت أنّ ما يدور في داخل الأحزاب، وخاصّة حزب النهضة الذي كان يحكم تونس في عشرية سوداء، خطير على جميع الأصعدة، وهو أيضاً كشف حقيقة الإسلاميين وتناقضاتهم، خاصّة أنّ حركة النهضة التي تعتبر نفسها حزباً، وتصنف نفسها أمام الجماهير حزباً إسلامياً محافظاً، قد طرحت حقيقتها، ورفعت الغطاء عن ذلك؛ عبر مضمون التسريبات  التي نسبت إلى منذر الونيسي، حول التمويلات الخارجية، والتشبث بكرسي السلطة، والفساد، وهي صورة سلبية ومسيئة جداً للعمل الحزبي في البلاد، سواء كان ذلك سياسياً أو أخلاقياً، كما أنّها صورة  مهتزة سياسياً في تقدير الرأي العام.

صراع الأجنحة داخل حركة النهضة

فحوى التسريبات والتسجيلات التي نشرت في الأيام الأخيرة، تفيد بأنّ حركة النهضة كانت تمارس الحكم بطرق ملتوية، وبأساليب خارجة عن القانون. وترى عواطف السويدي أنّ ذلك عكس بشكل أو بآخر حالة الحرب الدائرة بين عدة أجنحة داخل حركة النهضة، ولعلّ أبرزها هذا الجناح الذي يريد تغيير قيادات الصف الأول، أو بمعنى أدق؛ يريد إقصاء تيار راشد الغنوشي في الفترة القادمة.

إنّ هذه الأزمة، ربما ظاهرها أيضاً الإعلان عن تنظيم المؤتمر الـ (11)، وارتباط ذلك بمنسوب الخلاف العميق الذي انطلق منذ أعوام حول مواصلة جناح راشد الغنوشي الهيمنة على قيادة الحزب، ورغبة الجناح الآخر في تجديد الحركة وتغيير القيادات.

واليوم يشهد الجميع الحركة وهي تتهاوى، وشعبيتها تتقلص شيئاً فشيئاً، وربما لن يعود لها وجود، خاصّة مع إغلاق مقراتها، ووجود أغلب قياداتها في السجن.

وتستطرد السويدي: "لذلك أتوقع أنّ الأفق المنظور لحركة النهضة سيذهب بها إلى أن تصبح مجرد حزب صغير، أو أن تذهب نحو الاندثار". وتضيف: "أستبعد أن تذهب السلطة صوب فرضية حلّ هذا الحزب، رغم أنّ قانون الأحزاب يخول لها ذلك".

وتختتم الكاتبة التونسية عواطف السويدي تصريحاتها لـ (حفريات) بقولها: إنّ ما حصل اليوم لحركة النهضة، هو نتيجة مباشرة لسياسات وأسلوب تسيير إدارة راشد الغنوشي للحزب، فضلاً عن كون ذلك يُحسب لرئيس الجمهورية قيس سعيّد، الذي تمّت في عهده عملية محاسبة قيادات حركة النهضة، والانطلاق أيضاً في محاسبة هذا الحزب على كل الممارسات التي قام بها خلال العشرية السوداء، ولعلّ التحقيق مع حمادي الجبالي، في مسألة التعيينات خلال توليه الحكومة العام 2011، خير دليل على ذلك.

مواضيع ذات صلة:

لماذا تخلى إخوان تونس عن رئيس حركتهم في محنته؟

مناورة إخوان الجزائر في تونس ... اعتداء والتفاف وتعمية

هل قطعت حركة النهضة التونسية حقاً مع الإخوان؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية