البجعة السوداء تحلق في أجواء روسيا: رئيس الفاغنر يتهم وزارة الدفاع بقصف معسكراته ويعلن التمرد

البجعة السوداء تحلق في أجواء روسيا: رئيس الفاغنر يتهم وزارة الدفاع بقصف معسكراته ويعلن التمرد

البجعة السوداء تحلق في أجواء روسيا: رئيس الفاغنر يتهم وزارة الدفاع بقصف معسكراته ويعلن التمرد


24/06/2023

شهدت الحرب الروسية الأوكرانية حدثاً درامياً، ربما يكون نقطة تحول رئيسية في مسار الأحداث، بعد أن هدّد يفغيني بريغوزين رئيس مجموعة فاغنر العسكرية بتمرد مسلح ضدّ القيادة العسكرية الروسية، بعد اتهامها بقصف مواقع لقواته عمداً يوم الجمعة الماضي.

بريغوزين قال في رسالة صوتية عبر منصة التواصل الاجتماعي Telegram: إنّ قواته سوف تعاقب وزير الدفاع الروسي، ورئيس الأركان العامة، كما طلب من الوحدات الأخرى التنحي، وعدم المقاومة. مضيفاً: "يوجد لدينا (25) ألف مقاتل، ونحن قادمون لمراجعة الأمور، حان الوقت للانتهاء من كل هذه الفوضى". وتابع: "سيتم إيقاف هذا الوغد"؛ في اشارة إلى وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو.

كما اتهم بريغوزين وزير الدفاع بالفرار بشكل جبان من روستوف، وإصدار الأوامر بشن هجوم على قوات الفاغنر. وأضاف بريغوزين: "الشر في القيادة العسكرية يجب أن يتوقف"، وتعهد بـ "مسيرة من أجل العدالة".

هل حلقت البجعة السوداء؟

وكان نائب وزير الدفاع الأوكراني الجنرال فولوديمير هافريلوف قد أعرب في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عن تفاؤله حيال إمكانية إنهاء الحرب، بحلول النصف الأول من العام الجاري، ولفت إلى أنّ استعادة المزيد من المناطق المحتلة مجرد مسألة وقت. مضيفاً: "من الممكن للبجعة السوداء في روسيا أن تسرع من وتيرة العملية"، وكان يقصد بذلك حدوث مفاجأة استراتيجية؛ ربما تقلب الأمور رأساً على عقب في الداخل الروسي.

يفغيني بريغوزين رئيس مجموعة فاغنر العسكرية

وقتها تراوحت الاحتمالات بين حدوث انقلاب على الرئيس بوتين، وبين اختفائه من الساحة السياسية بشكل ما، لكنّ سيناريو الحرب الأهلية لم يكن مطروحاً بمثل هذه القوة. ويبدو أنّ جيش البنادق المأجورة أصبح خارج سيطرة الدولة، وقد انفجر الوضع تماماً، بعد أشهر من التصريحات التي انتقد فيها بريغوزين بشكل مستمر وزير الدفاع الروسي شويغو، ورئيس الأركان العامة فاليري جيراسيموف؛ بداعي الإهمال وعدم الدعم.

ويأتي ذلك بعد رسالة فيديو، وقف فيها بريغوزين محاطاً بجثث قواته في أيّار (مايو) الماضي، وقد وبّخ فيها وزير الدفاع الروسي، وكذلك رئيس الأركان العامة؛ لعدم تزويدهم قواته بالذخيرة الكافية.

هجوم في العمق

بريغوزين أكد أنّ وزارة الدفاع الروسية هاجمت قواعد قواته في العمق عبر هجوم صاروخي على معسكراتها؛ ممّا أدى إلى سقوط عدد ضخم من الضحايا. وبحسب شهود عيان، تمّ شن الهجوم من الخلف، أي إنّ وزارة الدفاع الروسية هي التي شنته.

هدّد يفغيني بريغوزين رئيس مجموعة فاغنر العسكرية بتمرد مسلح ضدّ القيادة العسكرية الروسية، بعد اتهامها بقصف مواقع لقواته عمداً الجمعة يوم الماضي

وأضافبريغوزين: "كنّا مستعدين لتقديم تنازلات لوزارة الدفاع؛ سواء بتسليم أسلحتنا، أو بإيجاد حل بشأن كيفية استمرارنا في الدفاع عن البلاد، لكنّ هؤلاء المخادعين لم يهدؤوا".

وفيما يبدو، فإنّ الخروج المتكرر لزعيم الفاغنر عن النص، دفع وزارة الدفاع إلى تلقينه درساً قاسياً، لاحتوائه ووضعه تحت سيطرتها، أو ربما التخلص منه.

في وقت سابق، قال زعيم الفاغنر: إنّ الحرب في أوكرانيا بدأت لكي يصبح شويغو مارشالاً. وتابع: "وزارة الدفاع حاولت خداع الجمهور، وخداع الرئيس، واختلقت قصة عن احتمال وقوع عدوان مجنون من قبل أوكرانيا، وأنّ أوكرانيا مع كتلة الناتو بأكملها كانت تخطط لمهاجمتنا".

وزارة الدفاع الروسية تنفي

بدورها، أصدرت وزارة الدفاع الروسية بياناً قالت فيه إنّها لم تهاجم قواعد مجموعة فاغنر، ووصفت تصريحات بريغوزين بأنّها "استفزازية". وأضافت: "جميع التقارير التي نشرها بريغوزين على مواقع التواصل الاجتماعي عن الضربات الروسية على معسكرات فاغنر غير صحيحة، وهي مجرد استفزاز إعلامي".

وعلى الرغم من الخلاف المستمر بينهما، استولى الجيش الروسي، جنباً إلى جنب مع مرتزقة فاغنر، على معظم مدينة باخموت بحلول 20 أيّار (مايو) الماضي، ووعد بريغوزين بنقل السيطرة على المدينة إلى وزارة الدفاع الروسية، لكنّ الصراع لم ينتهِ مع استمرار بريغوزين في مهاجمة وزارة الدفاع الروسية علناً، إلى حدّ القول إنّ روسيا بدأت الحرب الشاملة من أجل تقوية ودعم الأوليغارشية العسكرية. وألقى باللوم على وزارة الدفاع الروسية، واتهمها بالتسبب في مقتل آلاف الشباب بسبب سوء التخطيط.

استولى الجيش الروسي، جنباً إلى جنب مع قوات فاغنر، على معظم مدينة باخموت

جدير بالذكر أنّه في 11 حزيران (يونيو) الجاري وقّع شويغو مرسوماً يجبر جميع تشكيلات المتطوعين العسكريين على توقيع عقود مع وزارة الدفاع، في خطوة اعتبرت محاولة لوضع مرتزقة فاغنر تحت سيطرة الجيش الروسي؛ وإبعاد شركة فاغنر بالتدريج عن إدارة أعمال القتال.

التحقيق مع زعيم المرتزقة

في تقرير عاجل لها، قالت شبكة (سي إن إن) الإخبارية: إنّ هناك تحقيقاً بدأ بالفعل مع قائد مجموعة مرتزقة الفاغنر؛ بداعي التحريض على التمرد، بعد اتهام الجيش الروسي بشن هجوم صاروخي عنيف على قواته. ونقلت عن المتحدث باسم الرئيس بوتين قوله: إنّه على علم بالوضع، ويجري اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة.

وقف بريغوزين محاطاً بجثث قواته في أيّار الماضي، ووبخ وزير الدفاع الروسي، وكذلك رئيس الأركان العامة؛ لعدم تزويدهم قواته بالذخيرة الكافية

وكالة أنباء (إنترفاكس) الروسية ذكرت أنّ الكرملين قال إنّه يجري حالياً اتخاذ "الإجراءات الضرورية"، بشأن تصريحات بريغوزين. وبحسب وكالة الأنباء الروسية الرسمية (ريا نوفوستي) فتح جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) تحقيقاً جنائياً، بعد دعوة بريغوزين عناصر قواته للتمرد.

وسائل إعلام رسمية روسية قالت إنّ جهاز الأمن الروسي فتح بالفعل قضية جنائية ضدّ بريغوزين، ووجّه له اتهاماً بالخيانة العظمى، والدعوة إلى تمرد مسلح، ومحاولة بدء نزاع مدني مسلح في البلاد. وبحسب ما ورد، دعا جهاز الأمن الفيدرالي الروسي مقاتلي فاغنر إلى عصيان أوامر بريغوزين، واتخاذ خطوات للمساعدة في القبض عليه.

من جانبها، اكتفت وزارة الدفاع الأوكرانية بتغريدة مقتضبة، في ساعة متأخرة من مساء الجمعة الفائتة، قالت فيها: "نحن نراقب".

مواضيع ذات صلة:

من هو ألكسندر دوغين؟ وكيف أثر في عقلية بوتين؟

سياسيون لـ "حفريات": هل ينجح بوتين بإعادة كييف إلى "بيت الطاعة"؟

بوتين "الديكتاتور" الحالم بتضميد جروح الدبّ السوفييتي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية