ما الاتجاهات العسكرية الميدانية القادمة لحرب غزة؟

ما الاتجاهات العسكرية الميدانية القادمة لحرب غزة؟

ما الاتجاهات العسكرية الميدانية القادمة لحرب غزة؟


03/01/2024

مع الاقتراب من الوصول إلى اليوم (100) من الحرب التي يشهدها قطاع غزة، يتوالى العديد من المؤشرات التي تدل على أنّ الحرب تسير باتجاه الذهاب إلى المرحلة الثالثة المقترحة وفقاً لخطط أمريكية تم طرحها على القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية من خلال البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكية، وعنوان هذه المرحلة هو تخفيف حدة القصف الإسرائيلي لمدن وبلدات قطاع غزة، وسحب التشكيلات والقطاعات العسكرية التي دخلت القطاع، ومواصلة الحرب ضد حماس والمقاومة الفلسطينية بـ (ضربات نوعية) تستهدف قيادات سياسية وعسكرية لحماس والمقاومة، ومراكز القيادة والاتصالات ومخازن الأسلحة وطرق الدعم والتسليح، على غرار ما تقوم به واشنطن فيما يعرف بالحرب ضد الإرهاب (القاعدة وداعش).  

ومن أبرز مؤشرات ذلك بدء الجيش الإسرائيلي بسحب بعض قواته من مناطق شمال قطاع غزة، فقد تم الإعلان عن سحب (5) ألوية، تضم (120) ألف جندي مع معداتهم، وهو ما أكده مسؤولون أمريكيون بأنّ ذلك يشكل بداية تحول تدريجي فيما يبدو إلى عمليات أقلّ كثافة بعد "النجاح" الذي حققه الجيش الإسرائيلي في تفكيك القدرات العسكرية لحماس هناك، رغم أنّ إسرائيل تزعم أنّ هذا القرار جاء لمساعدة الاقتصاد الإسرائيلي، وقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أنّ الحرب في غزة ستستغرق "عدة شهور أخرى".

عنوان المرحلة الجديدة في الحرب تخفيف حدة القصف الإسرائيلي لمدن وبلدات غزة، وسحب التشكيلات العسكرية التي دخلت القطاع، ومواصلة الحرب ضد حماس بـ (ضربات نوعية) تستهدف قيادات سياسية وعسكرية للمقاومة

 

الانتقال لما يسمّى المرحلة الثالثة يُعدّ ثمرة لجهود أمريكية مورست خلال الحرب منذ اليوم التالي لطوفان الأقصى، وبدء الحرب على غزة، ترجمت الاستراتيجية الأمريكية المتضمنة "الدفاع عن إسرائيل والشعب الإسرائيلي، وإدارة الخلافات مع حكومة يمينية متحالفة مع يمين متطرف"، وفي إطار حسابات أمريكية داخلية مرتبطة بالاستعداد للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى أواخر العام الجاري، والضغوطات التي تمارسها لوبيات مؤثرة داعمة لإسرائيل، وبالتزامن فقد كان واضحاً أنّ واشنطن على تنسيق مع قوى مناهضة لنتنياهو في المستويين العسكري والسياسي، أجبرت اليمين الإسرائيلي على قبول الخطة الأمريكية بالانتقال التدريجي إلى المرحلة الثالثة.

الجيش الإسرائيلي بسحب بعض قواته من مناطق شمال قطاع غزة

إنّ إعلان البحرية الأمريكية مغادرة حاملة الطائرات (جيرالد فورد) المنطقة غير معزول عن التحولات التي يشهدها الميدان في غزة بسحب ألوية عسكرية إسرائيلية منها والتسريبات حول خطط لسحب ألوية أخرى، إذ أنّ مغادرة بوارج أمريكية ربما جاءت في إطار خطط أمريكية لتخفيف حدة التوتر في المنطقة، واحتمالات الحرب الإقليمية، لا سيّما من قبل طهران ووكلائها في المنطقة، بعد تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر من قبل الحوثيين، وتصاعد الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله، بالإضافة إلى التصعيد من قبل ميليشيات إيرانية ضد القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، ولا يستبعد أنّ لدى واشنطن تقدير موقف باحتمالات أن يذهب نتنياهو واليمين الإسرائيلي للاستفادة من الدعم والغطاءات الأمريكية العسكرية والسياسية لإسرائيل باتجاه المزيد من التصعيد وفتح جبهات جديدة، ستكون واشنطن مجبرة على الدخول فيها، خلافاً لمخططاتها بتحقيق مستويات أكثر هدوءاً في الشرق الأوسط، في ظل استعداداتها للانتخابات القادمة.

إنّ إعلان البحرية الأمريكية مغادرة حاملة الطائرات (جيرالد فورد) المنطقة غير معزول عن التحولات التي يشهدها الميدان في غزة بسحب ألوية عسكرية إسرائيلية منها والتسريبات حول خطط لسحب ألوية أخرى

 

وفي مؤشرات جديدة، فإنّ وزير الخارجية الأمريكي (بلينكن) سيتوجه في زيارة جديدة إلى الشرق الأوسط لمواصلة المناقشات مع القيادة الإسرائيلية حول المرحلة التالية من الحرب، وتأتي هذه الزيارة في سياق خلافات حادة بين الإدارة الأمريكية وحكومة نتنياهو عكستها "مكالمة هاتفية" جرت قبل أيام بين بايدن ونتنياهو حول إدارة الحرب والعمليات العسكرية في القطاع، وما بعد الحرب، في إشارة إلى من يحكم قطاع غزة، خاصة أنّ واشنطن تتعرض لإحراجات، بعد التوسع في عمليات قصف المدنيين ومنع وصول الإغاثة الإنسانية ومستقبل حكم قطاع غزة، فيما يشتد الخلاف حول دور السلطة الفلسطينية المحتمل في القطاع بعد "تجديدها"، وفقاً للمقاربة الأمريكية التي يرفضها نتنياهو واليمين الإسرائيلي.

 وزير الخارجية الأمريكي (بلينكن) سيتوجه في زيارة جديدة إلى الشرق الأوسط لمواصلة المناقشات مع القيادة الإسرائيلية

ورغم كل ذلك، فإنّ الانتقال إلى المرحلة الثالثة، وفقاً للمقاربة التي تطرحها واشنطن، يعني أوّلاً: عدم توقف الحرب وإطلاق النار، أي استمرار المعارك، وإن كانت بكثافة ومستوى أقلّ ممّا هي عليه، ستتركز في مناطق محددة تبعاً للمعلومات الاستخبارية التي ستكون مرجعيتها الأولى، وثانياً: ربما تفتح المرحلة الثالثة أفقاً جديداً لمفاوضات تبادل الأسرى والمحتجزين، باعتبار أنّ شرط المقاومة قد تحقق بأنّه لا مفاوضات حول الرهائن دون توقف إطلاق النار، ويبرز هنا الدور الذي يمكن أن تمارسه القاهرة والدوحة في إتمام مفاوضات تبادل الرهائن مقابل هدنة جديدة قد تقود إلى وقف الحرب، وثالثاً: إنّ ما سيعقب هذه المرحلة ربما يفتح أفقاً جديداً أيضاً للاتفاق على مستقبل قطاع غزه وحكمه، ويبدو أنّ اليمين الإسرائيلي بطروحاته المتضمنة تفتيت القطاع وتسليم إدارته المدنية لـ "عشائر" قطاع غزة، جاء استباقاً لأيّ طروحات حول الدولة الفلسطينية، وهي مقاربة يطرحها هذا اليمين لمستقبل الضفة الغربية.

مواضيع ذات صلة:

ما حدود الخلافات بين أمريكا وإسرائيل حول الحرب في غزة؟

ماذا يعني رفض التهجير القسري لسكان غزة؟

ماذا تريد إيران بعد حرب غزة؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية