سجون سرّية وتعذيب واعتداءات جنسية.. تحقيق جديد يكشف انتهاكات الاتحاد الأوروبي بحق المهاجرين

سجون سرّية وتعذيب واعتداءات جنسية.. تحقيق جديد يكشف انتهاكات الاتحاد الأوروبي بحق المهاجرين

سجون سرّية وتعذيب واعتداءات جنسية.. تحقيق جديد يكشف انتهاكات الاتحاد الأوروبي بحق المهاجرين


13/12/2022

يواجه الآلاف من المهاجرين وطالبي اللجوء في الاتحاد الأوروبي انتهاكات متزايدة تشتمل على التعذيب والاعتداء الجنسي والإهانة والترحيل القسري.

وكشف تحقيق مشترك أجرته منصة تضم وسائل إعلام، مثل "سكاي نيوز" الإنجليزية و"لوموند" الفرنسية و"دير شبيغل" الألمانية، عن وجود سجون سرية للّاجئين داخل أراضي الاتحاد الأوروبي.

وأوضح التحقيق أنّ السلطات البلغارية تحتجز اللاجئين لأيام داخل قفص في مدينة بجنوب شرق بلغاريا، ومن ثم تنقلهم إلى الحدود مع تركيا تمهيداً لطردهم.

وتمكنت الدراسة من رصد استخدام قوات حرس الحدود البلغارية قفصاً داخل كوخ يقع بين مدرسة ابتدائية واستاد البلدية والمنازل لحبس اللاجئين داخله.

وخلال الفترة بين 15 تشرين الأول (أكتوبر) و25 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضيين التقط المراسلون صوراً (5) مرات للمبنى الذي يحتوي على قضبان حديدية ويمتلئ بالقمامة، وكان يضم في كل مرة لاجئين ذكوراً.

واللافت في الأمر هو تجاهل "الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل" لهذه الصور.

 السلطات البلغارية تحتجز اللاجئين لأيام داخل قفص في مدينة بجنوب شرق بلغاريا

هذا، وكانت شبكة مراقبة العنف على الحدود ومنظمات أوروبية أخرى غير حكومية قد نشرت الأسبوع الماضي الإصدار الثاني من "الكتاب الأسود للإبعاد القسري".  

ويتألف الكتاب من تقارير تمّ جمعها على مدار الأعوام الـ (6) الماضية، وتتضمّن شهادات لأكثر من (1600) عملية إبعاد قسري، غير قانوني، تمّت في (15) دولة أوروبية، بما في ذلك اليونان وكرواتيا والمجر.

ويتهم "الكتاب الأسود للإبعاد القسري" السلطات في الدول الأوروبية بتجاهل الأدلة على انتهاكات حقوق الإنسان التي سجلتها المنظمات غير الحكومية، كما يتهمها بالفشل في فتح تحقيقات بشأن تلك الانتهاكات أو في محاسبة مرتكبيها.

تحقيق إعلامي مشترك يكشف عن وجود سجون سرية للّاجئين داخل أراضي الاتحاد الأوروبي

وفي سياق متصل، كشفت وكالة الأنباء الإيطالية في تقرير لها نُشر قبل نحو شهر عن انتهاكات مروعة بحق اللاجئين على حدود أوروبا وداخل المخيمات، يرتكبها رجال ملثمون مرتزقة لا تعرف هويتهم.

ورجحت مصادر الوكالة أن تكون تلك الجماعات تابعة للأجهزة الأمنية لبعض الدول الأوروبية التي تسعى لارتكاب الجرائم بحق المهاجرين لترهيبهم ومنعهم من القدوم إلى أوروبا.

وحول الموضوع أكد النائب المعارض، وزير المالية اليوناني سابقاً يانيس فاروفاكيس، أنّ المؤسسات الأوروبية والاتحاد الأوروبي والحكومة اليونانية وحكومات أخرى يرتكبون الجريمة تلو الأخرى ضد الإنسانية، وقد حوّلوا شرق المتوسط إلى مقبرة مائية بشكل متعمد، فهناك خطة لفعل ذلك بهدف ردع المهاجرين، وقال إنّها سياسة لإرجاع هؤلاء من حيث أتوا.

ومن جهتها، قالت مديرة مؤسسة جسور الحقوقية لشؤون اللاجئين نتالي غروبر، في تصريح صحفي: إنّ ما يجري هي جرائم منظمة تنفذها دول، وتحدث من كرواتيا حتى بلغاريا، مؤكدة أنّ جيش الملثمين تم التطرق له في تحقيق صحفي قامت به مجموعة من الصحفيين الاستقصائيين الذي أمضوا شهوراً لإثبات ما يحصل، لكنّ الجناة يحرصون على عدم إثبات الدليل.

هناك انتهاكات مروعة بحق اللاجئين

وأضافت غروبر: رغم أنّ الحكومات الأوروبية لا تعترف بوجود جيش الملثمين حتى اللحظة، وتعتبر الحديث عنه مجرد شائعات غير موثقة، إلا أنّ التحقيق يشير إلى أنّ الملثمين يقومون بالتنكيل باللاجئين تحت أعين أجهزة الأمن الأوروبية.

وحسبما نقلت شبكة الجزيرة نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، فإنّ العصابات الملثمة التي تلاحق المهاجرين وظفوا بين صفوفهم لاجئين عرباً بتوجيه من الحكومات الراعية، لإبعاد الشبهات عنها، وتوجيه أصابع الاتهام للّاجئين أنفسهم.

أمّا عن عمليات الصد غير القانونية، فإلى جانب إغراق المهاجرين في عرض البحر، اتجهت بولندا لبناء سياج حدودي على طول الحدود مع بيلاروسيا، لمنع دخول المهاجرين العالقين على الحدود، هذا بالإضافة إلى محاولات الصد غير القانونية على نحو منتظم على الحدود البرية والبحرية، برغم دعوات وكالة الأمم المتحدة لإنهاء هذه الممارسات.

"الكتاب الأسود للإبعاد القسري" يتهم السلطات في الدول الأوروبية بتجاهل الأدلة على انتهاكات حقوق الإنسان التي سجلتها المنظمات

وفي الإطار ذاته، أعلنت منظمة "هيومان رايتس ووتش" أنّ الكثير من الدول الأوروبية، مثل؛ بولندا وبلغاريا والمجر، ارتكبوا انتهاكات خطيرة حيال المهاجرين وطالبي اللجوء لديهم، وسجلت مفوضية اللاجئين ما يقارب (540) حالة إعادة غير رسمية من جانب بعض الدول الأوروبية منذ بداية عام 2020، وتلقت عدة بلاغات عن حوادث مثيرة للقلق في وسط وجنوب شرق أوروبا، ومع شهادات متطابقة لأشخاص تم تجريدهم من ملابسهم وإعادتهم إلى موطنهم الأصلي بطريقة قاسية، وهذا أمر تم تجريمه في القانون الدولي.

وانتشرت أيضاً ظاهرة الإسلاموفوبيا في الأوساط الأوروبية، ويرى متخصصون أنّ ظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا باتت مسألة خطرة، ولم تقتصر على اليمين أو اليمين المتطرف فحسب، بل أصبحت "ظاهرة دولة"، بعدما انتشرت في غالبية الدول الأوروبية، مثل؛ بولندا وبلغاريا وفرنسا وبريطانيا والسويد والمجر وغيرها، حيث تصاعدت في الفترة الأخيرة اللهجة المعادية للمهاجرين والمسلمين، لا سيّما مع تصاعد نفوذ اليمين المتطرف.

ونشرت "مجموعة الإنقاذ الموحد" - التي تعمل على استلام نداءات الاستغاثة للاجئين في البر والبحر- قبل نحو شهرين، على صفحتها في فيسبوك، صوراً ومراسلات للاجئين تعرضوا للتعذيب والضرب الشديد والسرقة على يد عناصر الحدود اليونانيين.

ووفقاً للمجموعة ذاتها، فقد ظهرت آثار عنف مفرط استخدمته القوات الأوروبية ضد المهاجرين واللاجئين، في حين قال أحد الذين تعرضوا للعنف إنّهم جعلوه يأكل التراب وهم يبتسمون، وسرقوا منه نقوده، وانهالوا عليه بالضرب، وأكد آخر أنّه جرى خنقه بسلك شحن الهاتف، ومن ثم انهالوا عليه بالضرب، وفق ما أوردت شبكة "أورينت".

وخلص تقرير صادر عن شبكة مراقبة العنف على الحدود إلى أنّ 85% من حوالي (900) شخص، تعرضوا للتعذيب أو للمعاملة غير الإنسانية أو المهينة من قبل حرس الحدود، أو الترحيل القسري.

هيومان رايتس ووتش: الكثير من الدول الأوروبية، مثل بولندا وبلغاريا والمجر، ارتكبوا انتهاكات خطيرة حيال المهاجرين وطالبي اللجوء لديهم

وكان تقرير إحصائي جديد بعنوان "لا نهاية في الأفق"، أصدرته مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في حزيران (يونيو) الماضي، قد أشار إلى أنّ الأعداد المبلغ عنها للّاجئين والمهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط إلى أوروبا أقل ممّا كانت عليه في 2015، وأصبحت الرحلات أكثر فتكاً من ذي قبل.

وقالت المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين شابيا مانتو، في تصريح نشر عبر موقع المنظمة الإلكتروني: "إنّه منذ ذروتها في عام 2015، عندما عبر أكثر من مليون لاجئ ومهاجر البحر المتوسط إلى أوروبا، شهدت أعداد أولئك الذين قاموا بهذه الرحلات اتجاهاً تنازلياً، حتى قبل جائحة كـوفيد-19."

في عام 2021، تم الإبلاغ عن (123,300) حالة عبور فردية، وقبل ذلك (95,800) في عام 2020، و(141,500) في عام 2018.

وعلى الرغم من انخفاض عدد العابرين، شهد عدد الضحايا ارتفاعاً حاداً؛ في العام الماضي تم تسجيل حوالي (3,231) حالة وفاة أو فقدان في البحر المتوسط وشمال غرب المحيط الأطلسي، مع (1,881) في عام 2020، و(1,510) في عام 2019، وأكثر من (2,227) في عام 2018.

مواضيع ذات صلة:

اللاجئون السوريون رهينة المزاج السياسي... هل استخدمهم أردوغان للتعتيم على فساد مالي؟

بعد استخدامهم أعواماً ورقة ابتزاز مالي وسياسي.. تركيا تدير ظهرها للاجئين

إيران تعيد اللاجئين إلى جحيم طالبان وتركيا تكثف الإجراءات الأمنية على حدودها



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية