حركة النهضة الإخوانية في تونس... تاريخ من الابتزاز

حركة النهضة الإخوانية... تاريخ من الابتزاز

حركة النهضة الإخوانية في تونس... تاريخ من الابتزاز


04/09/2023

كثيراً ما تُتّهم حركة النهضة الإخوانية في تونس بابتزاز خصومها أو حتى حلفائها من أجل غنائم سياسية أو تحقيق مآرب شخصية أو الضغط أو توجيه الرأي العام، غير أنّها تردّ دوماً ببراءتها، وبأنّها تتعرض لـ "حملة مغرضة" بسبب عداء لها أو عداء للإسلام، وهو المعجم الذي غالباً ما تستعمله للردّ على خصومها وتعويم القضايا والتقليل من جديتها لدى الرأي العام في تونس وفي الخارج، وذلك لأنّها مسيطرة على القضاء وعلى مفاصل الدولة جميعاً، وبالتالي تعرف جيداً أنّها بذلك في مأمن من أيّ تتبع أو ملاحقة.

غير أنّ أمر الابتزاز لم يعد مجرد تهمة، بل بات حقيقة شبه مؤكدة، بعد أن كشف المحامي جلال الهمامي ورود اسم رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي في أبحاث ما بات يعرف بـ(قضية أنستالينغو) التي تورطت فيها حركة النهضة الإخوانية.

وكشف الهمامي أنّ المشيشي وقت تعيينه بعد إسقاط حركة النهضة الإخوانية لحكومة إلياس الفخفاخ، "كان يسلك تمشياً واضحاً قبل أن يحصل انقلاب نوعي" في إشارة إلى ابتزاز حركة النهضة الإخوانية للمشيشي وإجباره على تبنّي سياساتها وموالاتها والوقوف في وجه رئاسة الجمهورية المطالبة بحياد رئاسة الحكومة عن الأحزاب.

تُتّهم حركة النهضة الإخوانية في تونس بابتزاز خصومها أو حتى حلفائها من أجل غنائم سياسية أو تحقيق مآرب شخصية أو الضغط أو توجيه الرأي العام

وذكر الهمامي أنّ هناك لقاءات بين المشيشي وحركة النهضة الإخوانية قد حصلت في فرنسا وفي سوسة في تونس، كما أكد وجود ما يُسمّى "القرص المضغوط الرهيب" الذي يرجح كثيرون أنّه يحتوي فيديوهات إباحية تمّ تسجيلها في باريس خلال سفرة قام بها المشيشي منفرداً بعد أن تم تعيينه رئيساً للحكومة.

رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي

وكشف الصحفي التونسي محمد اليوسفي في وقت سابق في تصريح إعلامي وجود ملفات أخلاقية تضغط بها حركة النهضة الإخوانية وحليفها (قلب تونس) على هشام المشيشي: "نواب من حزب حركة النهضة ونواب من حزب قلب تونس يتحدثون عن ملفات أخلاقية يتم ابتزاز هشام المشيشي بها حالياً لكي لا يستقيل، رغم كارثية الوضع الذي وصلت إليه تونس.

وأكد اليوسفي أنّه يتحمل مسؤولية تصريحه، وطلب من رئيس الحكومة هشام المشيشي حينها أن يتوجه إلى الشعب التونسي بكلمة يفند فيها تصريحه إذا كان مجانباً للصواب، ولكنّ شيئاً من ذلك لم يحصل.

وأكد أيضاً كاتب عام نقابة الأمن الجمهوري محمد علي الرزقي خلال استضافته في برنامج "90 دقيقة" على محطة IFM الإذاعية أنّ رئيس الحكومة السابق قد تعرض للابتزاز والتهديد بوساطة تسجيلات فاضحة، بعد أن استقطبه بطريقة مخابراتية مدير عام المصالح المختصة السابق في وزارة الداخلية لزهر لونقو في باريس.

وتابع الرزقي أنّ المشيشي الذي سافر بمفرده حينها لأسباب شخصية، كما قيل لما انتشرت صورته بمطار في فرنسا وحيداً، قد تعرض لعملية تلاعب بتنظيم حفلة عشاء وجلسة خمرية إلى درجة أنّه "لم يعد يدري ما يحصل حوله" على حدّ تعبيره، ثم لم يدرِ بعدها أين أخذ، موضحاً أنّ ذلك عملية تقليدية تقوم بها المخابرات. وفسّر الرزقي انقلاب المشيشي بعدها بمدة وجيزة على رئيس الجمهورية الذي عينه بهذا التهديد والابتزاز الذي مارسته حركة النهضة الإخوانية وحليفاها في الحكم حينها حزب قلب تونس وائتلاف الكرامة المقرب جداً من حركة النهضة.

أوغلت حركة النهضة في التجبّر وخدمة مصالحها والتستر على الفساد والفاسدين وإدخال الأموال الطائلة من الخارج بطرق غير قانونية، بعد أن ضمنت لجنة التحاليل المالية، وضمنت القضاء ووزارتي العدل والداخلية من الملاحقات

وقال كاتب عام نقابة الأمن الجمهوري: سيف الدين مخلوف "شفناه الناس الكل يضحك، وبعد بجمعة لقا الرئيس السيد اللي حطو في رئاسة الحكومة ماعادش معاه، في ظرف شهر من زمان تبدل... عملولو سهرية خمرية، وبعدها ما يعرفش على روحو وين مشا".

 كاتب عام نقابة الأمن الجمهوري محمد علي الرزقي

إذن ظل الملف الأخلاقي ورقة الضغط التي احتفظت بها حركة النهضة سيفاً موضوعاً على رقبة رئيس الحكومة إلى لحظة إقالته من طرف رئيس الجمهورية، بعد أن رفض أداء وزرائه المقترحين لتعديل حكومي على خلفية تهم جادة بالفساد. وناورت به واستعملته ورقة ضغط كانت ستحسم ملف التعويضات التي طالبت بها الحركة حينها قبل 25 تموز (يوليو) بأيام على لسان قياديّها عبد الكريم الهاروني في كلمته الشهيرة التي طالب فيها بضرورة تحمل الحكومة مسؤوليتها وصرف التعويضات قبل 25 تموز (يوليو)، رغم غرق البلاد حينها في تسونامي الكورونا الذي يجرف يومياً مئات التونسيين والتونسيات الذين باتوا عاجزين حتى عن إيجاد قارورة أوكسيجين.

كما استعمل الملف في ابتزاز المشيشي وتهديده بضرورة إجراء تعديل حكومي وتغيير بعض الوزراء لتحصل حركة النهضة الإخوانية وحلفاؤها على نصيب في الحكم فعلياً، وتضع يدها على ما يضمن مصالحها ويبقيها خارج دائرة المحاسبة.

وليست تلك المرة الأولى التي تستعمل فيها حركة النهضة الابتزاز، إذ سبق أيضاً أن ابتزّت يوسف الشاهد رئيس الحكومة في زمن الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، وأجبرته على الانشقاق عن حزبه نداء تونس، لتكوّن معه تحالفاً داخل البرلمان ويتحول الحزب الحاكم والفائز بالانتخابات إلى أقلية داخل البرلمان، وظلت تملي عليه شروطها إلى حدود انتخابات 2019، غير عابئة بمصالح التونسيين. وأوغلت في التجبّر وخدمة مصالحها والتستر على الفساد والفاسدين وإدخال الأموال الطائلة من الخارج بطرق غير قانونية، بعد أن ضمنت لجنة التحاليل المالية، وضمنت القضاء ووزارتي العدل والداخلية من الملاحقات، رغم الانتقادات وعشرات القضايا الجادة المرفوعة ضدها، وعلى رأسها ملف الجهاز السري وقضايا التسفير والتمويل الأجنبي للانتخابات وإجراء عقود اللوبيينغ بطرق ملتوية، وغيرها من قضايا، كان القضاء يتستر عليها فيها، وكثير منها اليوم جارٍ بين أيدي القضاء، وقد صدرت في زعيمها راشد الغنوشي بطاقات بالسجن وأدين إدانات عديدة في قضايا التسفير والجهاز السري وقضية الذراع الإعلامي للحركة المسمّى (أنستالينغو)، الشركة الإعلامية التي كانت تدير أكثر من (150) صفحة على (فيسبوك)، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، تهاجم فيها رئيس الجمهورية وتلفق التهم وتبث الإشاعات لتوجيه الرأي العام ودفع البلاد إلى الفوضى والعنف عبر التزييف وبث الأكاذيب عبر هذا الأخطبوط الإعلامي الخطير.

مواضيع ذات صلة:

بعد استقالة محمد القوماني.. هل حركة النهضة الإخوانية في الطريق إلى تفكك محتوم؟

منشق عن حركة النهضة الإخوانية يورط زعيمها ونجله في قضايا "تبييض الأموال"

هل هناك مباحثات سرية لتمرير خروج آمن لحركة النهضة الإخوانية من تونس؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية