كيف غير مرتزقة فاغنر مسارات حرب الجليد؟

كيف غير مرتزقة فاغنر مسارات حرب الجليد؟

كيف غير مرتزقة فاغنر مسارات حرب الجليد؟


23/01/2023

نشر يفغيني بريغوزين، رئيس شركة فاغنر الروسية الخاصّة للتعاقدات العسكرية، السبت الماضي، رسالة قصيرة إلى البيت الأبيض يسأل فيها عن الجريمة التي اتهمت شركته بها، بعد أن أعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة على الوكالة العسكرية.

وكان المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي قد أكّد يوم الجمعة الماضي أنّ وكالة فاغنر، التي تدعم القوات الروسية في غزوها لأوكرانيا، سوف تُصنف منظمة إجرامية عابرة للحدود. ووصف كيربي فاغنر بأنّها "منظمة إجرامية، ترتكب فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع".

وكان البيت الأبيض قد اتهم فاغنر الشهر الماضي بأنّها تسلمت شحنة أسلحة من كوريا الشمالية للمساعدة في تعزيز موقف القوات الروسية في أوكرانيا، وهو التقرير الذي وصفته بيونج يانج بالكاذب، مؤكدة أنّه "لا أساس له من الصحة"، كما نفى بريغوزين في ذلك الوقت تلقيه مثل هذه الشحنة، واصفاً ما ورد في التقرير بـ "القيل والقال والتكهنات".

المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي أكّد أنّ وكالة فاغنر، التي تدعم القوات الروسية في غزوها لأوكرانيا، سوف تُصنف منظمة إجرامية

وكانت واشنطن قد فرضت بالفعل قيوداً على التعاملات مع شركة فاغنر في العام 2017، ومرة أخرى في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، في محاولة لتقييد وصول الأسلحة إليها. وسبق أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوباته الخاصة على شركة فاغنر في كانون الأول (ديسمبر) 2021؛ بسبب أنشطتها المريبة في سوريا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى والسودان وموزمبيق ومالي.

عامل الحسم على جبهات مشتعلة

شاركت عناصر فاغنر بشكل كبير في الجهود الروسية للاستيلاء على مدينة باخموت في شرق أوكرانيا، وتقول القوات الأوكرانية إنّ مقاتلي فاغنر تدفقوا بأعداد هائلة فوق أرض مفتوحة، ممّا أسفر عن مقتل أعداد كبيرة نتيجة لذلك.

عناصر فاغنر شاركت بشكل كبير في الجهود الروسية للاستيلاء على مدينة باخموت في شرق أوكرانيا

وفي أعقاب المزاعم الروسية بالاستيلاء على بلدة سوليدار، بالقرب من باخموت، اندلع خلاف بين وزارة دفاعها ومجموعة فاغنر، حول من يجب أن يحصل على الفضل. في البداية، لم تذكر وزارة الدفاع الروسية أنّ مجموعة فاغنر متورطة في القتال، لكنّها اعترفت بعد ذلك أن مرتزقتها لعبوا دوراً وصفته بالشجاع.

وعلى الصعيد الميداني، أفاد تقرير للمخابرات البريطانية يوم السبت الفائت بأنّ القوات الروسية والأوكرانية في طريق مسدودة حالياً، في (3) جبهات، رغم دفع القوات الروسية بعناصر كبيرة من الفاغنر، لفض الاشتباك، وحسم سير المعارك.

تقول القوات الأوكرانية: إنّ مقاتلي فاغنر تدفقوا بأعداد هائلة فوق أرض مفتوحة، ممّا أسفر عن مقتل أعداد كبيرة نتيجة لذلك

وبحسب "دويتشه فيله"، قال محللون بريطانيون، بناء على تقارير استخباراتية في الأيام الأخيرة: إنّ أعمال القتال العنيفة تتركز في (3) قطاعات؛ وإنّ القوات الأوكرانية حققت مكاسب صغيرة في الشمال الشرقي، بالقرب من كريمينا، حيث صدّت بنجاح هجوماً روسياً مضاداً.

معضلة باخموت

مع تدفق قوات الفاغنر بشكل علني، أصبح هناك تقدم روسي محلي حول باخموت، في منطقة دونيتسك الشرقية، والتي تشهد قتالاً شرساً من عدة أشهر، حيث أعادت وحدات روسية من الجيش النظامي، مدعومة بمجموعة من قوات فاغنر، تجميع صفوفها في سوليدار، التي سيطرت عليها مؤخراً في شمال باخموت.

من جهة أخرى، حشد الجانبان قوات كبيرة في الجنوب، وبالتحديد في منطقة زابوريزهزهيا، ووقعت معارك عنيفة بالمدفعية، وجرت اشتباكات صغيرة، لكن حتى الآن لم يكن هناك أيّ هجوم كبير.

مرتزقة فاغنر

الجيش الروسي قال في تقريره اليومي: إنّه شن هجوماً على زابوريزهزهيا السبت الماضي، وهي جبهة شبه مجمدة منذ عدة أشهر. وأفادت القوات الروسية أنّها شنّت "عمليات هجومية في المنطقة، واتخذت خطوطاً ومواقع أكثر تقدماً"، ويبدو أنّ الدفع بالفاغنر أسهم في تطوير الهجوم الروسي جنوباً.

لربما كان القتال حول باخموت هو الأعنف على الإطلاق في حرب الجليد، ويمكن تفهم التضحيات الكبيرة التي بذلتها القوات الأوكرانية من أجل الدفاع عن باخموت، فعلى الرغم من التكلفة المرتفعة بالنسبة إلى أوكرانيا، فإنّ القيادة العسكرية في كييف تعلم أنّها سوف تدفع أيضاً ثمناً باهظاً، إن هي سمحت للقوات الروسية بالاستيلاء على باخموت بسهولة؛ ذلك أنّ سقوط باخموت بسرعة وبتكلفة زهيدة، سوف يؤدي إلى توسيع العمليات الروسية، بشكل من الممكن أن يجبر أوكرانيا على بناء مواقع دفاعية متسرعة في تضاريس أقل ملاءمة. 

حشد الجانبان قوات كبيرة في الجنوب، وبالتحديد في منطقة زابوريزهزهيا، ووقعت معارك عنيفة بالمدفعية، كما جرت اشتباكات صغيرة، لكن حتى الآن لم يكن هناك أيّ هجوم كبير

وبحسب موقع (critical threats) للدراسات العسكرية، فإنّ القوات الأوكرانية استخدمت في السابق استراتيجية الاستنزاف التدريجي المماثل؛ لإجبار القوات الروسية في مناطق معينة على بلوغ ذروتها القتالية، بعد شهور من المعاناة من خسائر كبيرة في الأفراد والمعدات؛ لتحقيق مكاسب تكتيكية هامشية. على سبيل المثال، قضت القوات الروسية شهوراً في محاولة لتدمير الدفاعات الأوكرانية الفعالة في سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك، واستولت على ليسيتشانسك فقط بعد انسحاب أوكراني مدروس من المنطقة. ومع ذلك، سرعان ما أثبت الأحداث أنّ الاستيلاء على ليسيتشانسك وأيضاً لوهانسك لم يكن مهماً من الناحية التشغيلية للقوات الروسية، وكانت النتيجة النهائية لهذا الاستنزاف هي ركود العمليات الهجومية الروسية في الدونباس في صيف وخريف العام 2022. 

وعليه، فإنّه من المرجح أن يؤدي الدفاع الأوكراني عن باخموت إلى نتيجة مماثلة، حيث تقوم القوات الروسية بتوجيه القوى العاملة والمعدات إلى المنطقة منذ أيار (مايو) الماضي، ولم تحقق بعد أيّ تقدم كبير، من الناحية الاستراتيجية، قد تشكل تهديداً للدفاعات الأوكرانية بالمنطقة؛ ممّا يعيق قدرة روسيا على شن هجمات في أماكن أخرى من مسرح العمليات. 

مطالب أوكرانية

بحسب وكالة الأنباء الألمانية، قال السفير الأوكراني لدى ألمانيا أوليكسي ماكييف يوم السبت الماضي: إنّ بلاده بحاجة إلى دبابات ألمانية، مضيفاً: "ليس لدينا وقت للفحص أو التفكير أو التردد، ما نحتاجه هو القرارات والتدريب، وعمليات التسليم المنسقة، وبدون تأخير".

وتأتي مطالب السفير الأوكراني بعد يوم واحد من مؤتمر رامشتاين، الذي جمع حلفاء أوكرانيين في القاعدة الجوية الأمريكية في غرب ألمانيا. وبحسب "دويتشه فيله"، فإنّ القادة الألمان، خلال المؤتمر، قالوا إنّهم لم يتوصلوا بعد إلى قرار بشأن تصدير الدبابات المتقدمة للغاية إلى أوكرانيا.

 السفير الأوكراني لدى ألمانيا أوليكسي ماكييف

وتعرّضت ألمانيا مؤخراً لضغوط متزايدة لتزويد أوكرانيا بدبابات (Leopard 2) المتطورة للغاية، لكنّ برلين تحفظت على الموافقة، حيث تشعر بالقلق من الدخول في المزيد من التصعيد مع موسكو، ممّا دفع كبير مستشاري الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولاك إلى حثّ حلفاء كييف على "التفكير بشكل أسرع"؛ بشأن زيادة دعمهم العسكري لبلاده، بعد يوم من فشلهم في الاتفاق في اجتماع في القاعدة الجوية الأمريكية في رامشتاين بألمانيا، على إرسال الدبابات الألمانية. وكتب ميخايلو بودولاك على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: "ستساعد أوكرانيا بالأسلحة اللازمة على أيّ حال، وستدرك أنّه لا يوجد خيار آخر لإنهاء الحرب، باستثناء هزيمة روسيا"، مضيفاً: "لكنّ التردد اليوم يقتل المزيد من شعبنا، كل يوم تأخير هو موت للأوكرانيين. فكّر بشكل أسرع".

مواضيع ذات صلة:

كيف نجح الجيش الأوكراني في اصطياد الغزلان الروسية السوداء؟

- هل هناك صفقة أمريكية ـ روسية حول أوكرانيا؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية