هل تنجح إسرائيل في تشكيل حلف ناتو ضدّ إيران؟

تواصل إسرائيل ضغوطاتها لمنع توجه الإدارة الأمريكية الجديدة إلى ترميم العلاقات مع طهران، والعودة إلى التفاوض حول البرنامج النووي، إلى جانب رغبة الإدارة الجديدة تخفيف العقوبات القاسية التي فرضتها إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، إذ تواصل إسرائيل تصدير الخوف والقلق من إيران لدول الخليج، من أجل إقناعها بالدخول في تحالف دفاعي إقليمي معها ضد إيران، التي تواصل زعزعة الاستقرار وتهديد الأمن فى المنطقة.

استغلال الفرصة

وقالت صحيفة "إيديعوت إحرونوت" إنّ "حلفاً إستراتيجياً إقليمياً فكرة حان وقتها، فأمام تحدّي إيران المتسارع وضعف العالم الذي تضرّر بسبب كورونا، يجب على الإسرائيليين والعرب استغلال الفرصة للعمل معاً، وذلك لإنقاذ الشرق الأوسط من التمدّد والتسلح النووي الإيراني". 

وأشارت الصحيفة إلى أنّ "أصحاب القرار في الشرق الأوسط قلقون، فهم يتابعون بخوف الجهود الإيرانية المركزة لتطوير صواريخ بعيدة المدى، وصواريخ جوالة موجهة الأهداف ودقيقة لزعزعة الاستقرار في المنطقة، كما يتابعون بقلق استفزازات إيران المتكررة تجاه الأسرة الدولية وخروقاتها لالتزاماتها في الاتفاق النووي، وتقييد وصول مراقبي الوكالة الدولة للطاقة الذرية إلى منشآتها النووية".

المستوى العسكري الإسرائيلي يعتبر أنّ مواجهة إيران عسكرياً، يتطلّب ضمان طائرات قادرة على التزود بالوقود في الجوّ، والعمل على بناء قوة إستراتيجية تفوّقها

وعبّر رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، عن قلق بلاده من التهديدات التي تتعرض لها بشكل دائم على أكثر من جبهة، والتي تلعب فيها إيران دوراً محورياً وتنشر الإرهاب فيها، موضحاً أنّ "قلق إسرائيل القائم من السياسة الأمريكية، هو عدم وجود توجه لديها لإطاحة النظام الإيراني، ما يضع إسرائيل فى مأزق حقيقي".

حرب معقّدة مع إيران

ودعا رئيس شعبة الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية، يعكوب عميدرور، الجيش الإسرائيلي إلى الاستعداد لخوض حرب معقدة وخطيرة مع إيران، لمنعها من امتلاك أسلحة نووية، مؤكداً أنّ "إسرائيل مطالبة بالاستعداد لاحتمال عدم وجود خيار آخر سوى الخيار العسكري، وحينها سيضطر الجيش لتدمير المشروع النووي الإيراني".

اقرأ أيضاً: صراعات داخلية تعصف بالحكومة الإيرانية.. ما الجديد؟

وقال وزير الدفاع الإيراني الأسبق، والقائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري، أحمد وحيدي، إنّ "إسرائيل تعاني من أزمات أمنية واجتماعية، وهناك عدم استقرار داخلي؛ حيث تواجه الحكومة مشكلات سياسية جعلتها تجري أربع جولات انتخابية خلال عامين".

وأشار وحيدي إلى أنّ "الدول العربية، التي تحاول إسرائيل إقناعها، لا تمتلك الإمكانيات والقدرة على مواجهة إيران، ومن المستبعد أن تكون قادرة على الدخول في تحالف ضدّ إيران، لكن إن تحالفت هذه الدول مع إسرائيل ضدّ إيران، فإنّها ستتلقى ضربات قوية جداً".

إمكانية تشكيل حلف

بدوره، أكّد الباحث في الشأن الإيراني، يوسف عزيزي؛ أنّ "مساعي إسرائيل نحو تشكيل حلف شرق أوسطي ضدّ إيران مع دول الخليج في المنطقة، يمكن أن تتحقق، لكن ليس في الوقت القريب؛ لأنّ أكبر دولة عربية في الخليج، وهي السعودية، ليس لديها علاقات دبلوماسية قائمة مع إسرائيل، وهذا يعرقل إمكانية دمج السعودية في تحالف مع إسرائيل".

وأشار عزيزي، في حديثه لـ "حفريات" إلى أنّ "إسرائيل تعيش في حالة من القلق والخوف الحقيقي، في ظلّ مساعي إيران للتموضع في المنطقة وتطوير سلاحها النووي؛ فهي تصدر على الدوام لدول الخليج مخاطر التمدّد الإيراني والتطور الحاصل في سلاحها النووي على أمنها، وذلك من أجل الوصول إلى تحالف مشترك في المنطقة ضدّ إيران، يدعم خطوات إسرائيل التي تواجه إيران لوحدها في المنطقة".

الباحث يوسف عزيزي لـ"حفريات": مساعي إسرائيل نحو تشكيل حلف ضدّ إيران مع دول الخليج في المنطقة، يمكن أن تتحقق، لكن ليس في الوقت القريب

وأوضح الباحث في الشأن الإيراني؛ أنّ "دول الخليج التي ترغب إسرائيل في تشكيل تحالف عسكري معها، ليس لديها القدرة العسكرية الكافية للوقوف أمام قدرات إيران القتالية، في المقابل هناك بعض الدول العربية في المنطقة، مثل مصر، ممكن أن تشكّل قوة رادعة لإيران، لكن لا يمكن لمصر وغيرها من الدول العربية، الدخول في تحالف مع إسرائيل لمواجهة إيران".

وبيّن أنّ "إيران تضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل لتخفيف الضغط الواقع عليها، من خلال تكثيف ضرباتها على الأهداف الحساسة، فدول الخليج كافة تأخذ بشكل جدّي تهديدات إيران، لا سيما السعودية التى تشهد هجمات متكررة من قبل ميليشيا الحوثي التابعة لإيران على منشآت أرامكو النفطية ومطاراتها".

اقرأ أيضاً: إيران تستولي على 50 منزلاً في البوكمال السورية... ما القصة؟

وتابع: في "حال نجحت إسرائيل في ضمّ دول الخليج فى تحالف معها ضدّ إيران؛ فإنّ ذلك سيضرّ بها وسيزيد ذلك من استفزازات إيران وعملياتها العدائية في مياه الخليج وبحر عُمان، وصولاً إلى عرقلة حركة الملاحة البحرية الإسرائيلية هناك، إلى جانب تكثيف ميليشيات إيران في العراق من هجماتها ضدّ القواعد الأمريكية".

وفي ظلّ إصرار إسرائيل على تشكيل تحالف للضغط على إيران، إلا أنّها في حاجة إلى تعزيز قدراتها الدفاعية أمام إيران، فالمستوى العسكري الإسرائيلي يعتبر أنّ مواجهة إيران عسكرياً، يتطلّب ضمان طائرات قادرة على التزود بالوقود في الجوّ، والعمل على بناء قوة إستراتيجية تفوّقها في مجالات الهجوم سواء البحري أو الجوّي.

لا ناتو عربياً

من جانبه، استبعد المختص في الشأن الإسرائيلي، خالد العمايرة، أن "تنجح إسرائيل في تشكيل حلف ناتو عربي ضدّ إيران، لأنّ القاعدة الشعبية والثقافية للدول العربية، ترفض أيّة محاولة لإشراك دولها في تحالف مع إسرائيل، وذلك لاعتبارات خاصة بها".

اقرأ أيضاً: صواريخ إيران وقميص خاشقجي

وأضاف العمايرة، في حديثه لـ "حفريات": "إسرائيل تحاول حرف بوصلة القضية الفلسطينية عن ساحة الاهتمام العربي، كون الدول العربية، خاصة دول الخليج، تدعم الشعب الفلسطيني وحقوقه العادلة، وهذا ما يجعل إسرائيل تطرح التهديد الإيراني ومخاطره في المنطقة بشكل مستمر، للتغطية على القضية الفلسطينية، واستغلال الوقت من خلال بناء المزيد من التجمعات الاستيطانية، وضمّ مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية".

وأشار العمايرة إلى أنّ "دول الخليج مترددة من فكرة تشكيل تحالف مع إسرائيل، فهي تعرف أنّ أسلحة إيران موجهة ضدّ إسرائيل، وأن إيران لا تنوي المساس بأمن الخليج أو احتلال أراضيها، لكنّ استفزازات إسرائيل والولايات المتحدة، هي من تدفع الإيرانيين لتهديد الخليج للضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل".

نتائج سلبية

وأوضح أنّ "إيران لن تستطع تهديد دول الخليج في حال توصلت إلى تحالف مع إسرائيل، طالما الأمر لا يؤثر عليها بطريقة مباشرة، لكن إذا حدث أيّ اختراق من قبل الحلفاء، فستكون النتائج سلبية وخطيرة على دول الخليج، بالتحديد السعودية".

 وأبلغ العمايرة "حفريات"؛ بأنّ "لدى إيران أقليات شيعية واسعة داخل دول الخليج، وبإمكان إيران استخدامها لخلق أوضاع تؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي، في حال تلقت تعليماتها من قبل القيادة في إيران".