كيف اختفت الغابة خلف الشجرة في خطاب الإسلاميين حول فلسطين؟

مع انفجار الأوضاع في قطاع غزة، في أعقاب عملية "طوفان الأقصى"، تحرك حزب (العدالة والتنمية)، الذراع السياسية لإخوان المغرب، من أجل توظيف الحرب لصالح أجندة الحزب، الذي فقد كل أسهمه في الشارع، وتراجع دوره السياسي في أعقاب السقوط المدوي في الانتخابات التشريعية التي جرت في أيلول (سبتمبر) 2021.

ومع هذا التراجع الشعبي والمؤسّسي، جاءت الحرب في قطاع غزة؛ لتمنح الإسلاميين رئة جديدة للتنفس، ومسرحاً يعرضون فوق خشبته عروضهم المتكررة وبضاعتهم الرديئة؛ بهدف المتاجرة بآلام شعب يواجه حرب وجود، ذلك أنّ جلّ ما يهمهم هو الظهور كطرف مناضل يرفع رايات النضال في مختلف الساحات!

والإسلاميون في المغرب لم تعد لديهم أيّ ورقة أخرى غير "ورقة غزة"، ولننتبه إلى الفخ الكبير، حيث اختفت فجأة كلمة فلسطين خلف كلمة غزة، اختفت الغابة خلف الشجرة، بل يوشك الجميع أن ينسى الغابة؛ بعد أن نجحت بعض الفضائيات في توجيه "زووم الكاميرا" نحو الشجرة منذ الانقسام الفلسطيني، ممّا جعل الأوضاع تتفاقم أكثر فأكثر، وجعل المقاومة تضعف أكثر فأكثر. وعموماً فقد صارت مأساة غزة هي الورقة الأخيرة لتيار خسر كل أوراقه المتعلقة بالتنمية والأمن والسلام. لكن حتى بالنسبة إلى هذه الورقة، فلا وجود لأيّ مبادرة نحو الحل، ولا حتى لنصف مبادرة نحو نصف الحل، غير الصراخ والعويل في انتظار قضاء الله!

هكذا هو الحال في المغرب وسائر البلدان، تظاهرات حاشدة وخطاب موجه إلى الداخل، ورغبة محمومة في التمدد والانتشار

هكذا هو الحال في المغرب وسائر البلدان، تظاهرات حاشدة وخطاب موجه إلى الداخل، ورغبة محمومة في التمدد والانتشار، ولو فوق أشلاء الضحايا. فقد بات واضحاً أنّ استمرار المحرقة يحقق أهداف الإسلاميين، ويساعدهم على إعادة الحياة لمشروعهم السياسي، الذي مات إكلينيكياً بفعل الفشل في إدارة الدولة، وكذا عدم القدرة على المشاركة في إدارتها، وهو ما تجلى مع فشل كل تجاربهم السياسية، والتي انتهت بهذا السقوط المتتابع في مصر وليبيا والمغرب والسودان وتونس، وهو سقوط يعكس عقم الإيديولوجيا ورهانات الإسلاميين الخاسرة.

مواضيع ذات صلة:

- سعيد ناشيد: الإسلام السياسي دمر مفهوم الوطن بشعارات دينية جياشة

- حملة تضامن واسعة مع المفكر المغربي سعيد ناشيد بعد اتهامه الإخوان بقطع رزقه

- سعيد ناشيد: حكومة العدالة والتنمية أصدرت أسوأ القرارات وأشدها إيلاماً