"إخوان اليمين البديل": السمات والمجازات والتنافس مع "إسلاميي اليقظة"

خلال الأعوام الأخيرة، اهتمت بعض الدراسات بما بات يُسمّى "إخوان اليمين البديل"، والتي تعرّف على أنّها عبارة عن تلاعب بالكلمة العربية التي تعني "أخ"، والظاهرة المتنوعة المسمّاة اليمين البديل، وتصف المجتمعات والأفراد المعاصرين على الإنترنت الذين يستحوذون على سمات ومجازات والمحتوى الإيديولوجي الذي ينتمي تقليدياً إلى اليمين البديل، ويستخدمونه لدعم ونشر الآراء التي تتراوح بين الرجعية والمحافظة إلى الجهادية المتطرفة.

جزء كبير من هذه الجماعة (إخوان اليمين البديل) يمارس خطاب الكراهية، ولا ينشر أعضاؤه عادة محتوى عنيفاً على نحو صريح. وفي حالات أخرى، تكون المواقف العنيفة أكثر وضوحاً، ويمكن أن تشمل الدعم الصريح للحركات المتطرفة. وقد قسّم بعض الباحثين هاتين المجموعتين إلى البوستات الحلال والبوستات الحرام.

وهو ما اهتمّت به الكاتبة سارة برزوزكيفيتش، في دراسة حديثة نشرتها على منصة (عين أوروبية على التطرف)، بعنوان:  "إخوان اليمين البديل": السمات والمجازات والتنافس مع "إسلاميي اليقظة".

"إخوان اليمين البديل": المجازات

كاتبة الدراسة لفتت إلى المجازات المتكررة التي تميز "إخوان اليمين البديل"، والتي قالت: "إنّها تتمحور حول مزيج من السمات الإيديولوجية لعوالم اليمين البديل، والسلفية الجهادية"، وأرجعت السبب إلى النفور من كلّ اتجاه اجتماعي يُنظر إليه على أنّه التيار الرئيس، ضد التوقعات الاجتماعية، والنسوية، والصوابية السياسية.

واعتبرت أنّ بيئات "إخوان اليمين البديل" تتسم بالرفض التام لأيّ طريقة ليبرالية أو معتدلة أو متعددة الثقافات لممارسة الإسلام، وهو أمر مهم لفهم العلاقة بين "إخوان اليمين البديل" وما يُسمَّى بـ "إسلاميي تيار اليقظة" داخل مجتمعات "إخوان اليمين البديل".

هذه الأوساط تتسم أيضاً، بحسب الدراسة، بالاستخدام المستمر للسخرية والميمات، وعلى نطاق أوسع الصور التقليدية للثقافات الفرعية لليمين البديل عبر الإنترنت والبيئات الأخرى مثل الفضاء الذكوري، أي المجموعة غير المتجانسة من مواقع الويب والمدونات والمنتديات التي تتسم بدرجات متفاوتة من كراهية النساء.

إخوان اليمين البديل وإسلاميو اليقظة والانقسامات المعاصرة

تقول كاتبة الدراسة: إنّ أحد الأهداف المحددة لإخوان اليمين البديل هي السخرية من المسلمين الذين يُنظر إليهم، أو يصفون أنفسهم، بأنّهم ليبراليون، ومتعددو الثقافات، ومتسامحون.

ويُلقى عليهم اللوم بسبب خيارات مثل دعم المثليات والمثليين جنسياً، ومزدوجي الجنس، ومغايري الهوية الجنسية، والمتحولين جنسيّاً، واستخدام تطبيقات المواعدة، والاختلاط بمجموعة من المظاهر المتنوعة للجماعات اليسارية الغربية، وعلى نطاق أوسع، لإفساد وإضعاف الأمّة وصورة المسلمين ككل.

ويُطلق على بعض هؤلاء المسلمين التقدميين في بعض الأحيان اسم "إسلاميي اليقظة"، وهو مصطلح يشير إلى الحركات والأفراد الذين هم على دراية جيدة بالخطاب السياسي الغربي، ونجحوا في وصف أنفسهم بأنّهم معارضون سياسيون للعنصرية والتمييز.

أحد الأهداف المحددة لإخوان اليمين البديل هي السخرية من المسلمين، الذين يُنظر إليهم أو يصفون أنفسهم بأنّهم ليبراليون ومتعددو الثقافات ومتسامحون

وتشير الدراسة إلى أنّ الصدع بين إخوان اليمين البديل، وإسلاميي اليقظة، يسير على أسس جنسانية أيضاً، وليست إيديولوجية فقط، مستندة في ذلك إلى وجهة نظر قدّمها السلفي السابق، قال فيها: لقد انجذب كثيرٌ ممّا أسمّيهم "إخوان اليمين البديل"، خاصة الذكور، نحو السياسة المحافظة واليمينية في الولايات المتحدة. إنّ أرضية الحوار السياسي تتغير بسرعة في هذه المجتمعات المسلمة في أمريكا". "إذا كان كلّ ما تقدمه هو سياسة الهوية، فيمكنك الذهاب إلى تطبيق "تيك توك" والحصول على ذلك، لستَ بحاجة للذهاب إلى المسجد، إذا لم يكن هناك عنصر روح".

الدراسة ترى أنّ النحو المتزايد في الجالية المسلمة في أمريكا هو الفجوة بين الجنسين، وأنّ السياسة التقدمية تحظى بشعبية كبيرة، خاصة بين النساء والشابات، معتبرةً ذلك نوعاً من الميكافيلية، لأنّهم لم يكونوا تقدّميين في الواقع، لكن ما حدث هو أنّ أطفالهم ذهبوا بعيداً جداً إلى اليسار.

وتعتقد الدراسة أيضاً أنّ ما تراه في المجتمع المسلم -خاصة الشباب- هو اليسار، وأنّ هذه الشريحة الآن من اليمين المتطرف تستحوذ على كلّ الاهتمام، وغدَت السياسة المعتدلة لا تحظى بشعبية كبيرة.

وخلصت كاتبة الدراسة إلى أنّه لن يكون من الخطأ أن نرى إخوان اليمين البديل كنوع من الثقافة المضادة المتخصصة، حيث تحدث الآن ديناميات نموذجية، ليس فقط لليمين البديل، ولكن للفضاء الذكوري أيضاً.

فضاء ذكوري

استندت الدراسة إلى منشور على تويتر بتاريخ 14 شباط (فبراير) 2023، تنتقد فيه جماعات مثل العزوبية الطوعية والرجال الذين يسيرون في طريقهم الخاص، ومختلف حركات حقوق الرجال، وتخنيث المجتمع، وإضعاف القيم التقليدية، وأدوار الجنسين، معتبرةً أنّ ذلك ما يحدث في بيئات إخوان اليمين البديل على الإنترنت أيضاً.

ولفتت إلى الاعتقاد بأنّ دانيال حقيقت جو، مؤسس المجلة الإلكترونية "المتشككون المسلمون" و"معهد ألاسنا"، هو أحد أشهر ممثلي إخوان اليمين البديل.

على صفحات مجلته، ينشر الرجعية والمشاعر المعادية للنسويّة: خذ الزواج، على سبيل المثال، عادة ما تنهي النسويات المسلمات انتقاداتهن حول الزواج الإسلامي بأنّه "أسوأ من السجن".

كما تحظى المشاركات التي تصوّر النساء كأصول وممتلكات جماعية بشعبية مماثلة، وبشكل عام، يكشف تحليل محتوى المنشورات التي تشاركها بعض الحسابات والصفحات الرئيسة لإخوان اليمين البديل عن انعدام ثقة واسع النطاق في النساء -خاصة المسلمات الليبراليات وغير المسلمات- اللائي غالباً ما يُصوَّرن على أنّهنَّ عاطفيات وماديات وسطحيات الفكر على نحو مفرط، بحسب الدراسة.

الدراسة انتهت إلى أنّ التقارب بين الجماهير الإسلاموية وجماهير اليمين البديل، على الإنترنت، ليس بالأمر الجديد تماماً، ولاحظت تطوراً مثيراً للاهتمام لهذا التقارب، مع صعود إيديولوجية إخوان اليمين البديل، وخطابهم وسماتهم الأسلوبية، وقدرتهم على التأثير على الجيل "زد" على الإنترنت، ربما جنباً إلى جنب مع عدد كبير من جيل الألفية.