هل قصفت طائرات الدبيبة المُسيرة مواقع تابعة لحكومته في الزاوية؟

هل قصفت طائرات الدبيبة المُسيرة مواقع تابعة لحكومته في الزاوية؟

هل قصفت طائرات الدبيبة المُسيرة مواقع تابعة لحكومته في الزاوية؟


10/06/2023

نفذت حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، هجمات بالطيران المُسيّر على مدينة الزاوية، استهدفت أوكار المهربين والجريمة المنظمة، بحسب تأكيدات وزارة الدفاع بحكومة عبد الحميد الدبيبة، ويرى مراقبون أنّ آثار تلك الضربات تتعدى الحيز الميداني لها نحو مواقع استراتيجية  حيث آبار النفط والغاز، فضلاً عن مسار العملية السياسية وترتيبات الاستحقاق الانتخابي، الذي يرتبط باجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وكذا اجتماعات اللجنة (6+6) المشكّلة من مجلسي النواب والأعلى للدولة.

رواية وزارة الدفاع في حكومة الدبيبة

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة حصيلة المرحلة الأولى من العمليات الأمنية في منطقة الساحل الغربي، والتي أسفرت عن تدمير (7) قوارب معدة للاتجار بالبشر، و(6) مخازن لتجار المخدرات والأسلحة والمعدات التي تستخدمها العصابات الإجرامية، و(9) صهاريج تستخدم لتهريب الوقود إلى الخارج".

وقالت وزارة الدفاع في بيان نشرته صفحة حكومة الوحدة الوطنية على (فيسبوك): إنّ العملية تستهدف عدداً من "الأهداف المحددة بكل دقة عالية " من قبل القوات المسلحة الجوية والأجهزة الاستخباراتية.

من اجتماعات اللجنة (6+6)

وأكدت وزارة الدفاع "دقة عملياتها"، واتباعها كلّ "الإجراءات الاحترازية لحماية المدنيين"، مشيرة إلى أنّها ماضية في مرحلة أخرى من العملية، مجددة دعوتها لكل المواطنين "بالتعاون التام مع القوات المسلحة، والابتعاد عن أيّ مواقع مشبوهة للعصابات الإجرامية".

وأفادت بأنّها "سوف تنشر للرأي العام في الوقت المناسب بياناً موثقاً بالفيديو للضربات الجوية في مرحلتها الأولى، مؤكدة أنّ "العملية الأمنية مستمرة حتى تحقيق أهدافها المرجوة".

الغرياني يقدّم الغطاء الديني للضربات

في السياق ذاته، قدّم المفتي المعزول الصادق الغرياني الشكر لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، على قصف مدينة الزاوية بالطيران المُسيّر، وطالبه بتكثيف ضرباته الجوية بالطيران المُسيّر على مدينة الزاوية. ووجّه الغرياني الشكر للحكومة، وحثّها على قطع دابر الفاسدين. وارتأى أهمية أن يستمر القصف، وألّا يتوقف في منتصف الطريق، وأن يمتد إلى كل المناطق حول طرابلس، ووصف تلك العمليات بكونها تنفيذ حدّ الحرابة عليهم.

أعلنت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة حصيلة المرحلة الأولى من العمليات الأمنية في منطقة الساحل الغربي، التي أسفرت عن تدمير (7) قوارب مُعدّة للاتجار بالبشر

في المقابل، تواجه تلك العملية العسكرية معارضة من مجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة اللذين اتهما رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بمحاولة "توظيفها لتصفية حسابات سياسية ضد خصومه".

وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا: إنّ أحداث الزاوية تشكل تذكيراً بالحاجة الملحة إلى توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية في ليبيا، وتمكينها وجعلها خاضعة للمساءلة؛ من أجل ضمان سلامة واستقرار الشعب الليبي في جميع أنحاء البلاد، مشددة على الأطراف المعنية بأحداث الزاوية بأنّ أيّ إجراءات متصلة بإنفاذ القانون "يجب أن تراعي القوانين الوطنية والدولية ذات الصلة، كما يجب أن تظل حماية المدنيين أولوية قصوى".

محاولة لاستعراض القوة

ثمة مؤشرات عديدة تقول إنّ الضربات الجوية التي استهدفت مواقع في مدينة الزاوية، خلال الأيام الأخيرة من شهر أيّار (مايو) الماضي، لا تعدو كونها تطوراً لافتاً، يدفع تجاه شبح تجدد الانقسامات داخل العاصمة الليبية طرابلس، وتفجّر الأعمال العسكرية من جديد.

كما أنّ مقاطع الفيديو المتداولة لإحدى تلك الضربات، التي استهدفت ميناء الماية شرق الزاوية، منحت الجميع فرصة تأويل تلك الضربات والهدف منها، لا سيّما أنّ الجغرافيا الاقتصادية الخاصّة بتلك المنطقة تبدو حساسة للغاية، حيث يلتقي العديد من خطوط الأنابيب في هذه المدينة الساحلية، التي تضم مصفاة رئيسية، ومحطة طاقة، ومحطة لتصدير النفط الخام، فضلاً عن كونها أمست مسرحاً للاشتباكات المسلحة والصراع على النفوذ بين الميليشيات المتناحرة.

 المفتي المعزول الصادق الغرياني

على خلفية ذلك، يذهب الكاتب الليبي توفيق الشهيبي نحو التأكيد على أنّ المفتي المعزول الصادق الغرياني يدعم أيّ شيء يرتبط بمن يدعمه، حتى لو كان يذهب نحو ضرب ودمار وخراب. ويستطرد الشهيبي في سياق تصريحاته لـ "حفريات" لافتاً إلى أنّ الغرياني، بكل تأكيد، سوف يشجع على ذلك ويدعمه بكل قوة، وسيستخدم في سبيل ذلك المقولات المرتبطة بخطابه الديني، وسيوظف ذلك لدعم مقولاته.

حسين مفتاح: استخدام سلاح الطيران المُسيّر هو تلويح بالقوة، وتخويف لهذه المجموعات، أكثر من كونه استهدافاً للمهربين وغيرهم

هناك ضرورة لوصف مسرح الأحداث الذي شهد عمليات القصف، فالمدينة -الزاوية -تُعتبر أكثر المدن في ليبيا من حيث التدهور الأمني، حيث أنشطة الاغتيالات، وعمليات التهريب والهجرة غير الشرعية، وبالتالي أضحت السيطرة لبعض العصابات المسلحة.

ما نستطيع قوله، على خلفية ذلك، إنّ الدبيبة استغل ذلك الواقع وتلك الحقيقة من أجل مكاسب سياسية وميدانية عبر ضرب مجموعات وميليشيات على حساب أخرى، خاصّة غير الموالية له. والأمر الآخر الذي ينبغي الالتفات إليه، بحسب توفيق الشهيبي، هو سعي الدبيبة لإخضاع مساحة أكبر في المنطقة الغربية لصالحه، استعداداً لما هو آتٍ من تطورات سياسية وميدانية، في ظل الخلاف مع مجلسي النواب والأعلى للدولة، وقد يتمّ اتفاق مع جماعة الصادق الغرياني على إفساد ما قد ينتج عن لجنة (6+6) بخصوص الاستحقاق الانتخابي، بعد أن تحدثت عن حكومة مصغرة ذات صلاحيات محدودة، لا يتم التمديد لها.

تمسك الدبيبة بالسلطة

نحن أمام واقع من الصعب تجاوزه، وهو أنّ عبد الحميد الدبيبة لا يريد أن يخرج من السلطة بأيّ شكل من الأشكال، وبالتالي، وربما استباقاً لما قد تنتهي إليه تفاهمات لجنة (6+6)، ترك رسالة بعلم الوصول؛ تقول: "أنا هنا"، وأمتلك القوة ومعي السلاح في غرب البلاد، ولن تمر صفقة إلّا من خلالي، خصوصاً مع تردد تحركات من بعض القوى الفاعلة لإعادة العلاقات فيما بين المشير خليفة حفتر وعبد الحميد الدبيبة، ويكون ذلك هو الواقع البديل أمام مخرجات مجلسي النواب والأعلى للدولة في تشكيل حكومة مصغرة. على أيّ حال، كل تلك المؤشرات لا تعني سوى إطالة أمد الأزمة، وتعقد كافة مكوناتها.

توفيق الشهيبي: يسعي الدبيبة لإخضاع مساحة أكبر في المنطقة الغربية لصالحه، استعداداً لما هو آتٍ من تطورات سياسية وميدانية، في ظل الخلاف مع مجلسي النواب والأعلى للدولة

من جانبه، يشير نائب رئيس تحرير "بوابة أفريقيا" الإخبارية حسين مفتاح إلى أنّ شخصاً يزعم كونه ما زال المفتي، على الرغم من عزله من قبل مجلس  النواب، السلطة التي تملك تكليفه، أو عزله، ما زال يقدّم فتاوى مريبة وموجهة ومسيسة؛ لترجيح كفة طرف معيّن ضد أطراف أخرى. ويستطرد مفتاح في سياق تصريحاته لـ "حفريات" لافتاً إلى أنّ الارتباط الوظيفي فيما بين عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة، منتهية الولاية، والصادق الغرياني مسؤول الإفتاء السابق، هي علاقة مصلحة مباشرة، كون الأول عندما جاء رئيساً للحكومة، وجد أنّ مصلحته حتى يستمر ويكتسب شيئاً من الغطاء الشرعي، عليه أن يرتبط بالغرياني، باعتبار أنّ هناك مجموعات مسلحة مؤدلجة تأتمر بإمرة دار الإفتاء، كما أنّه  يقدّم الأموال بسخاء للقنوات الفضائية التي  يتعامل معها، والتي يملك ابنه إحداها.

أدلة تناقض رواية حكومة الدبيبة

يتابع نائب رئيس تحرير "بوابة أفريقيا" الإخبارية حديثه قائلاً: إنّ ثمّة صعوبة في فهم حقيقة تلك الضربات بالطيران المُسيّر، وضدّ من بالتحديد، خاصّة أنّ الأصوات تتعالى في مجلس النواب، وفي المناطق التي يتم قصفها، بما في ذلك رئيس النقطة البحرية بالماية. والماية هي مرسى صغير بالقرب من مدينة الزاوية، وهي من أكثر المناطق التي تعرضت للقصف المباشر، وبها مجموعات مناوئة لعبد الحميد الدبيبة، وقد خرج رئيس نقطة الماية في  تسجيل مرئي، وأكد أنّ كل ما تم بثه من قبل حكومة عبد الحميد الدبيبة، لبعض الأهداف التي قام الطيران المُسيّر بقصفها بداعي أنّها  قوارب لتهريب المهاجرين، وتهريب الوقود والممنوعات والمخدرات وغيرها، هي قوارب تابعة للنقطة البحرية، والتي يفترض أن تكون تابعة للحكومة، أيّ أنّ الحكومة تقوم بقصف مواقع تابعة لها وتحت سلطتها، وإذا كانت كل هذه المعطيات صحيحة، فلماذا يقوم عبد الحميد الدبيبة بقصف هذه النقاط التابعة لحكومته بالطيران المُسيّر؟

الكاتب الليبي توفيق الشهيبي

وإن سلمنا بأنّ هذه النقاط تمردت وخرجت عن سلطة عبد الحميد الدبيبة، فلماذا لا يتعامل معها وفق القوانين والنظم واللوائح المنظمة لمثل هذه الحالات؟

يبدو أنّ الحكومة دخلت في تلك العملية العسكرية، والحديث ما زال للكاتب الليبي حسين مفتاح، من باب تصفية خصوم سياسيين، ومن باب التلويح بالقوة أمام أيّ مجموعات عسكرية خارجة عن سيطرتها، لا سيّما أنّ هناك أنباء متداولة بأنّ مجموعات تابعة لأسامة جويلي، ومجموعات أخرى غيرها، تنتظر الفرصة للعودة إلى العاصمة طرابلس، واسترداد مناطق نفوذها التي تم إخراجها منها بالقوة.

وبالتالي يبدو أنّ استخدام سلاح الطيران المُسيّر هو تلويح بالقوة وتخويف لهذه المجموعات، أكثر من كونه استهدافاً للمهربين وغيرهم.

ويمكن القول إنّ ما أدلت به حكومة الوحدة الوطنية هو محل شك، ممّا يستوجب على السلطات الليبية مجتمعة أن تقوم  بتكليف لجنة مستقلة لتقصي الحقائق وإثباتها.

مواضيع ذات صلة:

استئناف إرسال مرتزقة بالتزامن مع اتفاقية التفاهم النفطي.. تركيا تصر على التواجد في ليبيا

هل أحكمت تركيا سيطرتها على ليبيا؟

قطر وتركيا في ليبيا: صديقتان دائماً

الصفحة الرئيسية