بعد إدانتها لـ"التدخلات التركية"... تركيا تهاجم جامعة الدول العربية... ما القصة؟

بعد إدانتها لـ"التدخلات التركية"... تركيا تهاجم جامعة الدول العربية... ما القصة؟


08/09/2022

على الرغم من أنّ الأشهر الماضية لم تخلُ من أخبار انتهاك تركيا لسيادة الدول العربية سوريا والعراق، واصلت أنقرة نهجها الرافض لتحمل المسؤولية عن تلك الانتهاكات، فقد هاجمت وزارة الخارجية التركية قرارات جامعة الدول العربية التي تدين التدخلات التركية غير المشروعة في شؤون الدول العربية.

وفي تجاهل تام للعمليات العسكرية التي ما تزال مستمرة في الأراضي العربية السورية، وسيطرة أنقرة على صناعة القرار الليبي بالتوجيه والمال والميليشيات، وانتهاك سيادة العراق بحجة ملاحقة عناصر حزب "العمال" الكردستاني، زعمت وزارة الخارجية التركية أنّ قرارات الاجتماع الـ 158 لمجلس وزراء خارجية الدول العربية، أول من أمس، "تتضمن مزاعم لا أساس لها ضد بلدنا، ونرفض تماماً هذه القرارات والتصريحات"، مدعية أنّ هذه القرارات "اتخذت تحت تأثير بعض المصالح الفردية ضيقة الأفق وقصيرة الأمد"، وفقاً لصحيفة "أحوال" التركية.

 وقد تضمّن اجتماع الجامعة اتخاذ موقف عربي موحد إزاء "انتهاك القوات التركية للسيادة العراقية، والتدخلات التركية في الشؤون الداخلية للدول العربية"، القرار الذي تحفظت عليه (4) دول، بحسب تصريحات للأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

في تحدٍّ لقرارات جامعة الدول العربية وإصرار على انتهاك سيادة الدول العربية، أكدت وزارة الخارجية التركية أنّ "تركيا ستواصل مكافحة التهديدات الإرهابية ضد أمنها القومي ومصالحها في إطار مبادئ وقواعد القانون الدولي رغم النهج المتحامل عليها."

وزعمت الوزارة التركية أنّ "مكافحة تركيا الإرهاب الانفصالي يحمل أيضاً أهمية كبيرة من حيث الحفاظ على سيادة بلدان المنطقة ووحدة أراضيها ووحدتها السياسية."

هاجمت وزارة الخارجية التركية قرارات جامعة الدول العربية التي تدين التدخلات التركية غير المشروعة في شؤون الدول العربية

وتأتي تصريحات الخارجية التركية في الوقت الذي تسعى فيه تركيا بإلحاح لإصلاح علاقاتها الإقليمية بعد أعوام من التصدع على خلفية دعم أنقرة لجماعة الإخوان المسلمين، المصنفة إرهابية في بعض الدول، ممّا دفع وزارة الخارجية التركية إلى إمساك العصا من المنتصف بعد هجومها على جامعة الدول العربية، فقد قالت: "تجدد تركيا استعدادها للعمل مع جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية التي تولي أهمية لإرساء الاستقرار والازدهار في المنطقة كهدف مشترك".

وحول السياسات التركية الأخيرة، رأت صحيفة "العرب" اللندنية، أنّ تركيا تُحاول استعادة التوازن في علاقاتها الإقليمية بعد أعوام من القطيعة والانجرار خلف ما فرضته الإيديولوجيا، ولم يكن دعم الحزب الحاكم فيها لجماعة الإخوان المسلمين سوى الجانب الظاهر من حزمة المشاكل، فهناك الكثير غير هذا الخلاف العقائدي مع مصر أو مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات باستثناء قطر.

واعتبرت أنّ الصراع على بسط النفوذ على المنطقة العربية كان في مقدمة ما تسبب بالمشاكل، والمصالحة التي تسعى أنقرة لترسيخها الآن مع الرياض والقاهرة وأبو ظبي في حاجة إلى الكثير حتى تقف على أرجلها.

ونقلت "العرب" عن مراقبين قولهم: إنّ "أردوغان بدلاً من أن يطفئ الحرائق يقوم بإشعالها، وذلك عبر تصريحاته وتصريحات مساعديه الحماسية، كما فعل وزير داخليته سليمان صويلو قبل أيام حين بدا كأنّه يتحدث بالفارسية كما يفعل المسؤولون الإيرانيون حين يتناولون دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ويدعون إلى انسحابها منه".

وقال صويلو: "لسنا في حاجة إلى الولايات المتحدة، ولسنا في حاجة إلى أوروبا التي تريدنا أن نكون مقسمين وغير مبالية بديننا وثقافتنا ومعتقداتنا"، وأضاف: "أثناء تفكيك المنظمة الإرهابية، يجب أن تعلم أنّنا نريد أيضاً محو الولايات المتحدة من هنا".

زعمت الخارجية التركية أنّ قرارات الاجتماع الـ158 لمجلس وزراء خارجية الدول العربية، تتضمن مزاعم لا أساس لها ضد بلدنا

وجاء إسقاط المروحية التركية من طراز سيكورسكي في كردستان العراق مؤخراً ليزيد من توتير العلاقات ما بين أنقرة وبغداد، بعد أن تبنّى حزب العمال الكردستاني العملية انتقاماً لاستهداف تركيا لقياداته، بينما أعلنت وزارة الدفاع التركية أنّ المروحية سقطت بسبب عطل فني. وفي تلك المنطقة تواجه تركيا مشكلة مضاعفة، إذ تخوض حرباً سرّية مع إيران وإسرائيل على ظهور الأكراد، وفقاً للعرب اللندنية.

وفي سوريا، تحتل تركيا مدينة عفرين السورية في عملية أطلقت عليها "غصن الزيتون" في الأشهر الـ3 الأولى من عام 2018، وأسفرت عن مقتل مئات المدنيين، ونزوح ما يقرب من (300) ألف، تقريباً كل السكان الأكراد في عفرين. ومنذ ذلك الحين وسعت تركيا دائرة احتلالها للمدن السورية حيث اغتصبت، بمساعدة أذرعها الميليشياوية، شريطاً ممتداً من مدينة أعزاز في شمال حلب، وصولاً إلى بلدة تل تمر شمال غربي الحسكة بعمق يصل في بعض المناطق إلى (30) كيلومتراً، وكذلك الحال بالنسبة إلى مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي، فيما تقطع بلدة عين العرب (كوباني) الواقعة تحت سيطرة "قسد" الفعلية بالتوازي مع وجود عسكري لدمشق، الممر التركي المذكور في منتصفه.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، واصلت تركيا والفصائل الموالية لها قصف (4) قرى بريف حلب الشمالي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية