العراق: "استعراض ديني" بين الصدر وخصومه على حادثة حرق المصحف في السويد

"استعراض عقائدي" بين الصدر وخصومه على حادثة حرق القرآن في السويد

العراق: "استعراض ديني" بين الصدر وخصومه على حادثة حرق المصحف في السويد


04/07/2023

انتهى التصعيد الإعلامي المندد بحادثة حرق نسخة من المصحف الشريف في السويد  على يد لاجئ مسيحي عراقي، الأسبوع الماضي، إلى التراشق بين أبرز تكتلين شيعييّن (التيار الصدري)، وقوى (الإطار التنسيقي) المقرّبة من إيران. حيث صعّد التيار حملته بالضد من الحادثة، بخروج أنصاره بتظاهرات حاشدة انتهت باقتحام السفارة السويدية في بغداد، فيما خرج أنصار (الإطار التنسيقي) بتظاهرة سريعة طافت حول مبنى السفارة ذاتها، وذلك بعد ساعات على تظاهرات الصدريين.
وفيما طالب أعضاء في التكتل الشيعي الراعي لحكومة محمد شياع السوداني  بضرورة "طرد مثليي" السفارات في البلاد، عدّ مراقبون أنّ تظاهرة الإطاريين كانت بمثابة "ذر الرماد في العيون"، مقابل تظاهرة الصدريين التي لا تخلو من "استعراض عقائدي" أمام الرأي العام المحلي.

ويرى المراقبون أنّ التصعيد الإعلامي للصدر بالضد من حادثة حرق المصحف في السويد، هدفه العودة إلى الأضواء مجدداً، لا سيّما أنّ زعيم التيار الصدري يريد استثمار الحادثة بوصفها باباً للمشاركة السياسية من جديد.

وكان الصدر قد أعلن اعتزاله السياسي العام الماضي، بُعيد إخفاق الكتلة الصدرية، الفائز الأول في الانتخابات التشريعية الأخيرة، في تشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما جعل الكتلة الشيعية الثانية (الإطار التنسيقي) تنفرد بتشكيل الحكومة على المستوى الشيعي، بالتعاون مع حلفاء سُنّة وكرد وآخرين.

مهاجمة "القنوات الميليشاوية"

وعقب انتهاء التظاهرات المحلية المنددة بحرق نسخة من المصحف في السويد، وجّه إعلام (التيار الصدري) انتقاداً لاذعاً إلى ما سمّاها "القنوات الميليشياوية" وغيرها، التي تغاضت عن تغطية ومساندة الاحتجاجات التي شهدتها أغلب مناطق ومدن البلاد.

أنصار التيار الصدري أثناء اقتحامهم لمبنى السفارة السويدية في بغداد

وعلى مدار يومين، نظم الصدر تظاهرتين منفصلتين أربكتا القوات الأمنية الرسمية، حيث اقتحم الصدريون الخميس الماضي مبنى السفارة السويدية وسط بغداد، وهو ما جعل موظفي السفارة يغادرون المبنى من الباب الخلفي، بينما عاود الصدر مطالبة أتباعه بتنظيم تظاهرة مركزية سلمية، خرجت يوم الجمعة الماضي. 

وقال صالح محمد العراقي، الذي يُعرف بـ "وزير الصدر" في مدونة نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي: إنّ "قنوات دولية تنشر وتبث أخبار تظاهرات العراقيين الذين تظاهروا من أجل القرآن ومن أجل وقف الفاحشة، لا لمطالب سياسية أو دنيوية أو حتى خدمية أو من أجل فساد حكومي، وأمّا القنوات الميليشياوية والحكومية، ولا سيّما الشيعية منها، فقد غضّت بصرها عنها"، مردفاً بالقول: "ألا فتعساً لتلك القنوات التي تغضّ بصرها عن نصرة الدين".

(الإطار التنسيقي) تحاشى الرد على إعلام الصدر، واتجه إلى تكثيف حملاته على المستوى العقائدي، وطرد المثليين من السفارات الأجنبية في العراق

وتابع: "لو أنّ سادتها (تلك القنوات) تظاهروا أو أغلقوا سفارة السويد في بلدانهم لغطّوها إعلامياً وبكثافة"، مستدركاً بالقول: "لكنْ للحق رجال وللحق قنوات، وأنتم لستم منها في شيء، فتعساً لكم وأضلّ أعمالكم، وذلك لأنّهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم، فتباً للّات والعزى ومناة الثالثة، ودمّر الله أمثالها".

الإطار يتحاشى الصدر

من جهته تحاشى (الإطار التنسيقي) الرد على إعلام (التيار الصدري) الذي نال منهم بشأن الحادثة الأخيرة في السويد، واتجه (الإطار) إلى تكثيف حملاته على المستوى الديني، وتخوين البعثات الدولية الموجودة على أرض العراق.

وخرج المئات من أتباع القوى الشيعية الموالية لإيران، في تظاهرات في محيط السفارة السويدية ببغداد، رافعين شعارات التنديد والوعيد للمتجاوزين على العقائد الدينية للمسلمين، وطالبوا الحكومة العراقية بطرد الموظفين المروجين للمثلية الجنسية من البعثات الدولية العاملة في البلاد.

وقال عضو الإطار جبار المعموري: إن "المثلية مدانة في العراق، ومن يعلن عنها يقع تحت طائلة القانون، كما أنّه يصبح منبوذاً من قبل المجتمع، لأنّ قيمنا الإسلامية ترفض هذا الانحطاط الأخلاقي".

جانب من تظاهرة الإطار التنسيقي أمام السفارة السويدية في بغداد

وأضاف أنّ "(6) سفارات غربية، بينها الأمريكية، تضم موظفين مثليين، بعضهم يعلن ذلك عبر منصات التواصل الاجتماعي"، مؤكداً "ضرورة طرد هؤلاء من بغداد، خاصة أنّ الاتفاقية التي تحدد معايير العمل الدبلوماسي تتيح لبغداد تحديد من تراه مناسباً على أراضيها وفق قاعدة البلد المستضيف".

أحمد الغانم: التظاهرات نوع من الاستعراض العقائدي والمزايدات الأخلاقية بين التيارات الدينية لا أكثر، وإلّا أين هم من واقع البلاد المزري؟

وأشار إلى أنّ "وجود الموظفين المثليين لم يأتِ بالأساس من أجل أداء مهام تتعلق بالنمط الدبلوماسي، بل لتنفيذ أجندة إشاعة المثلية من خلال دعم بعض المنظمات المشبوهة"، لافتاً إلى أنّه "حذّر من هذا قبل (15) شهراً من الآن، وكشفنا عن لقاءات سرّية تجري في بعض السفارات، ومنها السويدية والأمريكية والبريطانية، في بغداد لتمويل المثلية من خلال برامج تأخذ مسارات وشعارات مختلفة، لكنّها في الأساس هي بداية لبث سموم المثلية في البلاد".
تظاهرات سياسية

بالمقابل، اعتبر محللون سياسيون أنّ التظاهرات المنددة بحرق المصحف في السويد، لا تخلو من "رسائل سياسية" من قبل (التيار الصدري) وخصمه (الإطار التنسيقي)، حيث يعدّ الأول نفسه تياراً عقائدياً إسلامياً، وهو يمتلك شرعية "المقاومة"، بينما يحاول (الإطار) أن يزاحم الصدر على تلك الامتيازات المعنوية أمام الجمهور العام.

ويقول أحمد الغانم، مراقب سياسي: إنّ "الإطار التنسيقي جهة تغالي كثيراً في العقائديات، ودائماً ما تتهم الآخر المناكف لها في دينه، وهويته، وانتمائه، هذا حينما كانوا خارج السلطة، وحينما أصبحوا ماسكين في السلطة، تغاضوا عن كل ذلك".

وأشار إلى أنّ "ما يحصل هو نوع من الاستعراض الديني والمزايدات الأخلاقية بين التيارات الدينية لا أكثر"، متسائلاً "أين هم من واقع البلاد المزري؟".  

متظاهر صدري يرفع صورة المرجع الديني الراحل محمد الصدر داخل مبنى السفارة السويدية ببغداد

من جانب آخر، عدّ المحلل السياسي سرمد البياتي التصعيد الواضح للصدريين قبال الأزمة الأخيرة أنّه تمهيد لعودة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى العمل السياسي.

ورأى أنّ "عودة التظاهرات الشعبية للتيار الصدري من أجل نصرة القرآن الكريم لا تخلو من الرسائل السياسية بكل تأكيد، فهذه التظاهرات فيها رسائل بأنّ الصدريين مازالوا في الساحة، ولا يمكن لهم تركها بشكل نهائي، وأنّ هناك تطورات داخلية وخارجية تتطلب نزولهم إلى الشارع".

مراقبون يرجحون أنّ التظاهرات الصدرية الأخيرة، ربما تكون أحد أبواب عودة الصدريين إلى المشهد السياسي العراقي

وبيّن أنّ "التظاهرات الشعبية الأخيرة للتيار الصدري في بغداد وباقي المحافظات العراقية، ربما تكون أحد أبواب عودة الصدريين إلى المشهد السياسي العراقي، كما أنّ الأيام المقبلة ربما تكشف هذا الأمر بوضوح، خصوصاً مع عودة النشاط الإعلامي لما يُسمّى بـ (وزير الصدر) عبر مواقع التواصل الاجتماعي".  

مواضيع ذات صلة:

كيف تعاطى إسلاميو الجزائر مع قتل "نائل" وحرق المصحف؟

البابا فرنسيس غاضب بعد حرق المصحف في السويد... ماذا قال؟

دائرة التنديد العربي لحادثة حرق المصحف في السويد تتسع... ما الجديد؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية