آفاق التعاون التونسي الإماراتي بعد "مسار 25 يوليو" وإصلاحات قيس سعيد

آفاق التعاون التونسي الإماراتي بعد "مسار 25 يوليو" وإصلاحات قيس سعيد

آفاق التعاون التونسي الإماراتي بعد "مسار 25 يوليو" وإصلاحات قيس سعيد


21/06/2023

تمتدّ العلاقات التونسية الإماراتية على مدى أكثر من نصف قرن من التعاون؛ أي منذ بدء العلاقات رسمياً بينهما في 14 يونيو (حزيران) من العام 1972، بعد أقلّ من عام من تأسيس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان دولة الإمارات العربية المتحدة في 2 كانون الأول (ديسمبر) 1971، غير أنّ العلاقات التونسية الإماراتية شهدت فتوراً بيّناً إثر صعود الإسلاميين إلى الحكم عقب انتخابات تشرين الأول (أكتوبر) 2011، إذ زجّوا بتونس لأول مرة في سياسة المحاور، وانحازوا بها إلى صف المحور التركي القطري، وناصبوا دولة الإمارات العداء، بعد أن كانت تونس محافظة على النأي بسياستها عن التخندق في محاور إقليمية أو دولية.

وقد أضر ذلك بالعلاقات التونسية الإماراتية التي باتت في فتور مطّرد، لم تغادره إلا بعد إجراءات 25 تموز (يوليو) 2021، لمّا قرر الرئيس التونسي حلّ البرلمان، والمجلس الأعلى للقضاء، وإيقاف العمل بدستور 2014.

وتشير إحصائيات رسمية إلى أنّ التبادل التجاري بين البلدين قد ارتفع بنسبة 7,4% عام 2020، ممّا يقدر بـ (330) مليون دولار، لتقفز النسبة خلال الشهور الـ (10) الأولى من 2021 إلى ما قدره 9% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020.

وقد بدأت العلاقات تأخذ نسقاً جديداً، إذ أعلنت مجموعة بوخاطر الإماراتية عن استئناف أحد أضخم المشاريع المعطلة بسبب الثورة، والمتمثل في إنشاء مدينة تونس الرياضية بمنطقة ضفاف البحيرة 2 من الضاحية الشمالية للعاصمة.

تشير إحصائيات رسمية إلى أنّ التبادل التجاري بين البلدين قد ارتفع بنسبة 7,4% عام 2020

وكانت رئاسة الحكومة التونسية قد أعربت في آذار (مارس) 2022 عن ارتياحها لعودة الحركة الاقتصادية والاستثمارية مع دولة الإمارات مع إعلان مجموعة "بوخاطر" الإماراتية إعادة إحياء هذا المشروع الضخم، وعقب المحادثة التي جمعت بين رئيسة الحكومة نجلاء بودن، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، متطلعةً لأن تكون المرحلة المقبلة مناسبة لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.

وقال الرئيس التنفيذي لفرع مجموعة بوخاطر في تونس، عفيف بجاوي: "إنّ المجموعة تحصلت على 90% من الموافقات من طرف المؤسسات العمومية، مثل الشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وغيرها من المؤسسات العمومية، لإنجاز مشروع المدينة الرياضية بتونس.

 

العلاقات التونسية الإماراتية شهدت فتوراً بيّناً إثر صعود الإسلاميين إلى الحكم عقب انتخابات تشرين الأول 2011، إذ زجّوا بتونس لأول مرة في سياسة المحاور، وانحازوا بها إلى صف المحور التركي القطري، وناصبوا دولة الإمارات العداء

 

وتوقع بجاوي، خلال ندوة صحفية عقدت بمقر مجموعة بوخاطر بالبحيرة بالعاصمة، أن يكون الجزء الأول المتعلق بالمدينة الرياضية جاهزاً في عام 2026، أمّا الجانب المتعلق بالاستثمارات والأعمال، فسيجهز في غضون عام 2028، وبقية أجزاء المشروع ستنتهي في حدود عام2031.

وأفاد بجاوي بقرب الانطلاق القريب للجزء الأول الذي يشمل البنايات وملعب الصولجان، وفق مثال التهيئة الجديد مع الحرص على المكون الرياضي للمشروع وفق اتفاقية الاستثمار، على حدّ قوله. وأكد رئيس مجموعة بوخاطر الإماراتية، صلاح بوخاطر، من جانبه "عزم مجموعة بوخاطر الاستمرار في تنفيذ وإنجاز مشروع المدينة الرياضية بتونس بخطوات حثيثة ولكن مدروسة".

وأوضح بوخاطر، بشأن آجال إنجاز المشروع "التزام المجموعة وجاهزيتها للانطلاق في عملية الإنجاز، بيد أنّ الأمر يظل رهين تواصل التجاوب والدعم الذي تلقاه من السلطات التونسية لدفع المشروع".

تشير إحصائيات رسمية إلى أنّ التبادل التجاري بين الإمارات وتونس ارتفع بنسبة 7,4% عام 2020، ممّا يقدر بـ (330) مليون دولار، لتقفز النسبة خلال الشهور الـ (10) الأولى من 2021 إلى ما قدره 9% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020

 

وليس مشروع المدينة الرياضية سوى واحد من مشاريع متعددة متوقفة منذ أعوام، ومنها مشروع مدينة باب المتوسط الذي تقدر كلفته بـ (25) مليار دولار، والذي يرجح بعض الملاحظين عودته إذا نجح الجانب التونسي في إقناع "دبي القابضة" باستئنافه.

وتعيش تونس أزمة اقتصادية خانقة على جميع المستويات، خصوصاً بعد تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ورفض الرئيس سعيد إملاءاته الداعية إلى رفع الدعم خوفاً من تهديد السلم الاجتماعي والمقدرة الشرائية وزيادة غلاء الأسعار وارتفاع معدلات التضخم التي باتت في ازدياد مطرد.

عفيف بجاوي: مجموعة بوخاطر بتونس تحصلت على 90% من الموافقات من طرف المؤسسات العمومية لإنجاز مشروع المدينة الرياضية بتونس

ويرى بعض الخبراء أنّ التعاون الاقتصادي مع دولة الإمارات العربية المتحدة من شأنه أن يخفف من الأزمة الحادة التي تعيشها البلاد لتعميق الشرخ بين التونسيين وبين الإسلام السياسي الذي استغل في الغالب فقر التونسيين للمتاجرة بها من أجل حشد الدعم فسوّق لهم الأكاذيب والوعود الزائفة بالتشغيل وتحسين المقدرة الشرائية وظروف الحياة، فإذا بحكوماته المتعاقبة تتغلغل في مفاصل الدولة من أجل التعويضات وتوفير مواطن الشغل لأنصار حركة النهضة الإخوانية والمتحالفين معها، في حين ازداد الفقراء فقراً وارتفعت معدلات التضخم والبطالة والتهميش.

ويرى كثيرون أنّ تونس يمكن أن تكون وجهة استثمارية مهمة للجانب الإماراتي في مجالات متعددة ومتنوعة، مثل السياحة والعقارات والطاقة والإنشاءات الكبرى والزراعة والصناعات الغذائية والتجارة والخدمات والتكنولوجيا والاتصالات والبنية الأساسية.

وقد مثل الملتقى الاقتصادي الإماراتي-التونسي الذي عُقد في شهر كانون الثاني (يناير) 2022 بمقر غرفة تجارة وصناعة دبي، على هامش مشاركة تونس في معرض إكسبو دبي، إضافة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي شهدت تطوراً متسارعاً في كل المجالات، بما أنّ الإمارات تُعدّ من أهم المستثمرين في تونس. ويرى بعض المراقبين أنّ هذا اللقاء سيكون مناسبة تعاون أعمق وأكثر فاعلية بعد إسقاط الإسلام السياسي وإغلاق مقر حركة النهضة الإخوانية ومنع اجتماعاتها وملاحقة عدد من قيادييها على خلفية تهم متنوعة قيد التحقيق.

ويبدو أنّ الديبلوماسية التونسية في حاجة إلى تحرك أعمق وأكثر نجاعة، خاصة أنّ كلاً من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية قد أبدتا في أكثر من مناسبة استعدادهما لمواصلة دعم تونس. ولا شك في أنّ التحرك بالجدية اللازمة من شأنه أن يعمق التعاون ويحدّ من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها تونس حالياً، خصوصاً أنّ حركة النهضة الإخوانية تعمل مع بعض حلفائها لتوظيف هذه الأزمة الاقتصادية للتضييق على النظام التونسي الحالي، إمّا لفرض خطوة إلى الوراء عليه، وإمّا لإسقاطه واستعادة الحكم.

مواضيع ذات صلة:

ترتيبات مالية جديدة في الإمارات وطفرة في تمويل القطاعين الصناعي والتجاري.. ما التفاصيل؟

منتدى "اصنع في الإمارات" يواصل تطوير البنية الصناعية المتقدمة في دولة الإمارات

"كوب 28"... كيف تحقق الإمارات ريادة دولية في مجال مكافحة الكربون؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية