بعد أفولها من المشهد التونسي... هل تحاول النهضة الإخوانية التهدئة مع سعيد؟

في خطوة غير متوقعة فاجأت أنصار حركته وأغلب التونسيين، أطلق الرئيس المعيّن لحركة النهضة الإخوانية منذر الونيسي تصريحات تحث على إطلاق حوار وطني تونسي ـ تونسي ومصالحة شاملة دون إقصاء لأيّ جهة، وهو ما اعتبره التيار الراديكالي داخل النهضة بمثابة تنازل مجاني لصالح الرئيس التونسي قيس سعيّد دون مبرر.

واعتبر الونيسي أنّ الحل بالنسبة إلى الفاعلين السياسيين هو نزع جبة 25 تموز (يوليو) وجبة 24 تموز (يوليو) 2021، والجلوس على طاولة الحوار لفائدة مصلحة تونس، في رسالة واضحة على أنّ النهضة في وضعها الحالي لم يعد يعنيها الحديث عن "عودة الشرعية" وإزالة "انقلاب قيس سعيّد"، وأنّ أكبر همّها هو وقف التصعيد بينها وبين السلطة، وهو تصعيد يضرّ بها ويقوّي السلطة المسنودة شعبياً.

أطلق الرئيس المعيّن لحركة النهضة الإخوانية منذر الونيسي تصريحات تحث على إطلاق حوار وطني تونسي ـ تونسي ومصالحة شاملة

وفي بيان له بمناسبة ذكرى تأسيس الحركة، قال الونيسي: إنّ النهضة ستظلّ على التزامها من أجل تطوير الحزب وتجديده، والقيام بالمراجعات الضرورية والتقييم والنقد الذاتي، بما يستجيب لتطلعات أبناء الحركة وبناتها.

وسعى الونيسي في تصريحاته الأخيرة إلى تجنب انتقاد الرئيس سعيّد، وتركيز هجومه على من سمّاهم بالاستئصاليين داخل السلطة، في إشارة إلى مجموعات يسارية وقومية محيطة بالرئيس سعيّد تجد في قربها من الرئيس فرصة لتوجيه ضربة قوية لخصمها السياسي، نقلاً عن صحيفة (العرب) اللندنية.

سعى الونيسي في تصريحاته الأخيرة إلى تجنب انتقاد الرئيس سعيّد، وتركيز هجومه على من سمّاهم بالاستئصاليين داخل السلطة

وهو ما اعتبره شقٌّ واسع من النهضويين خطاباً يكشف عن حالة ضعف ووهن أكثر ممّا يفهم على أنّه حكمة وعقلانية، وقد أطلق رفيق عبد السلام صهر الغنوشي وقيادي بارز بالحركة تصريحات قوية فيها انتقاد ضمني لخطاب التهدئة وسعي لإفشاله، وقال في تدوينات له في صفحته الرسمية على (فيسبوك): "ما جرى يوم 25 تموز (يوليو)2021 لا يُسمّى إجراءات ولا مقاربات، بل هو انقلاب مكتمل الأركان".

وقال عبد السلام الموجود في لندن في تدوينة ثانية: "أهم شيء في هذه المرحلة هو الثبات على الخط السياسي الذي اجتمعنا حوله، وتتوحد ضمنه الساحة السياسية اليوم على تنوعها واختلافها"، مضيفاً: "أيّ موقف آخر هو خروج عن العقد السياسي الذي اجتمعنا حوله، وتبرير خفي للانقلاب والانقلابيين".

اعتبر مراقبون أنّ هذا الخلاف مجرّد حيلة تهدف إلى تخفيف الضغط، وأنّه مناورة لن تنطلي على الرئيس سعيّد

بالمقابل، اعتبر مراقبون، بحسب الصحيفة، أنّ هذا الخلاف مجرّد حيلة تهدف إلى تخفيف الضغط، وأنّه مناورة لن تنطلي على الرئيس سعيّد، مستبعدين أن يكون دليلاً على وجود مراجعة جدية لمسار الصراع على السلطة الذي دأبت عليه الحركة منذ تأسيسها.

وكانت إجراءات سعيّد في 25 تموز (يوليو) 2021 التي وصفت بـ "التصحيحية"، وجاءت بعد سلسلة من الاحتجاجات الشعبية ومطالب بضرورة المحاسبة، قد أنهت حكم حركة النهضة الإخوانية للبلاد منذ عام 2011، خصوصاً بعد الاتهامات لها بإعلاء مصلحة التنظيم الإخواني على مصلحة تونس، وبالفساد السياسي والمالي، ونشر الإرهاب.