السندريلا ونادية الجندي وأحمد زكي.. خلافات عادل إمام مع الوسط الفني

يُعد الزعيم عادل إمام واحداً من أبرز ممن يُشار إليهم بالبنان في عالم السينما والأضواء. ترك إمام بصمات واضحة في دنيانا السينمائية والمسرحية على حدٍ سواء، حتى وصلت شعبيته من المحيط إلى الخليج. وفي عيد ميلاده الثالث بعد الثمانين تسربت أخبار تفيد باعتزال النجم الأكثر جماهيرية في تاريخ السينما المصرية، ما بين تأكيد البعض ونفي البعض الآخر.

وبغض النظر عن صحة التسريب، فموضوع الاعتزال مثّل فرصةً لتناول الجانب الآخر من حياة عادل إمام، جانب بخلاف الكوميديا التي طبعت وجوده في ذاكرة المشاهدين، وغير مشهور عن حياته.

اتهمه البعض بـ"ابن النظام"

ربما لا يختلف أحدٌ على نجاحاته، لكن فى حياة الزعيم أمورٌ غير معروفةٍ من الغالبية العظمى من الجمهور العربي. للزعيم كما لقبه المشاهدون قيمته الفنية والاجتماعية، إلا أنه وقع في سقطات وأخطاء مثل أي فنان مهما كبر شأنه؛ تارةً مع زملائه وزميلاته في الأعمال الفنية، وأخرى من خلال تصريحاته التي قد يراها البعض غير مناسبة أو مسيئة.

أولى التهم، تبدو معلبة جاهزة، تصلح لإلصاقها بهذا الفنان أو ذاك، وهي أنّه "ابن النظام"، تلك التهمة التي اُتهم بها عدد لا بأس به من الفنانين. كان لعادل إمام فيها نصيب الأسد، استناداً على مواقفه المؤيدة تماماً للسلطة فى عهد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك. كثيرون يرون في الفنان لسان حال شعبه؛ يعبر عنهم، ويناقش مشكلاتهم، ويقترب من طموحاتهم، وهي إحدى النظريات المعروفة في النقد الأدبي، خاصةً عند الكتاب الاشتراكيين.

بعض من المواقف في حياة عادل إمام، عُدت تأييداً للسلطة، منها؛ موافقته بشكلٍ علني على تصدير الغاز لإسرائيل، وإعلان تأييده ترشح جمال مبارك رئيساً للبلاد خلفاً لوالده، باعتباره شاباً من طراز فريد، خرج من تحت عباءة والده السياسية المحنكة. لكن من جانب آخر أليست مواقف الزعيم تمثّل قطاعاً كبيراً من الناس، وأليس من حقه إبداء تلك المواقف. اليوم تجاوزت العلاقات المصرية الإسرائيلية ما شهدته عبر عقود من التطبيع، وصار الجميع ينظر إلى ملف الغاز من منظور اقتصادي.

رفض امتهان ابنته للفن

حينما صرح الممثل المصري ماجد المصري برفض ابنته العمل في المجال الفني، رأى الكثيرون تناقضاً في حديثه؛ إذ معناه التشكيك وامتهان دور المرأة في السينما والدراما من جانب، والنفاق من جانب آخر، كونه يبطن ما لا يُظهر من موقف تجاه زميلاته في المجال.

الأمر نفسه وقع فيه عادل إمام، قبل عدة أعوام صرح برفضه أنّ تعمل ابنته في السينما، وبرر ذلك بأنّ نشأته الريفية وطبعه يرفض أنّ يرى ابنته على الشاشة، حتى ولو لم تؤدي مشاهد فيها تعر. تلك التصريحات لا يمكن أن تخرج من ممثل يعمل في السينما العالمية، وإذا قالها أحدٌ لن تتعامل معه شركات الإنتاج، التي تقدر دور المرأة، ولا تنظر لها بمقياس آخر بخلاف ما تنظر به إلى الرجل.

أما في حياة الزعيم عادل إمام، فكيف يبرر جميع المشاهد التي ظهر فيها مع ممثلات قديرات، هن حتى اليوم من أعز صديقاته. هل يقول لهن بأنّه ينظر إليهن بإدانة لعملهن في التمثيل وأداء بعضهن مشاهد فيها عُري؟!

الهجوم على الحجاب

قضية أخرى أثارت الاستهجان، وهي هجوم عادل إمام على "الحجاب"، وخاصة بعد انتشار ظاهرة ارتداء ممثلات الحجاب واعتزال الفن. كان له رأي في الحجاب، إذ نظر إليه على أنّه ليس فرضاً، وأنّه عادة، وهو أمر يوافقه عليه الكثير من المفكرين. لكن من جانب آخر فالحجاب بعيداً عن الدين هو قضية حرية شخصية، ومنع الممثلات من العمل لأنّهن محجبات يدخل في خانة التمييز على أساس الملبس.

الغيرة في حياة الزعيم

أما الصفة الأشهر بين زملاء وسط العمل الواحد، هي الغيرة أو التحاسد، وحتى محاربة الزملاء لبعضهم البعض. تلك الآفة من السهل رصدها في الوسط الفني. فهل وُجدت في حياة عادل إمام؟

بحسب ما هو معروف، اصطدم الفنان عادل إمام بالفنان أحمد زكي، بعد الإشادات الكبيرة التي تلقاها الأخير من النقاد، إلى حد وصفه بـ"فنان الجيل". في مرات عدة هاجم عادل إمام الفنان أحمد زكي، ووصف حديث النقاد بأنّه ظلم لجيل كامل من الفنانين، وربما يكون الحق مع إمام في ذلك، إذ إنّ آفة إطلاق الألقاب العامة ليست من النقد الفني المنضبط في شيء.

موقف آخر معروف عن خلافات عادل إمام مع الفنانين بدافع الغيرة كما يقول الكثيرون، هو خلافه مع الفنان محمود عبد العزيز بعد شهرة الأخيرة في المسلسل التلفزيوني "رأفت الهجان". يقول البعض إنّ إمام كان مرشحاً للدور قبل عبد العزيز، وبسبب تبعات الخلاف وتبادل التصريحات خسر الفنانان صداقتهما، ولم تنجح جهود الوسطاء في الصلح بينهما، ويُقال إنّ الزعيم رفض مشاركة محمود عبد العزيز البطولة معه في فيلم "حسن ومرقص" ورشح بدلاً منه عمر الشريف. ويعزو البعض عدم أداء عادل إمام العزاء في وفاة محمود عبد العزيز إلى تلك القصة بينهما.

لا يبدو أن الخلاف مع أحمد زكي ومحمود عبد العزيز آخر محطات الخلاف بسبب الأعمال الفنية للزعيم. تسبب عدم حضور إمام دورات مهرجان القاهرة السينمائي إبان رئاسة حسين فهمي له في خلافات بين الرجلين. وهناك قصة معروفة روتها "شهيرة" زوجة الفنان محمود يس، حول الخلاف بين زوجها وعادل إمام بسبب عمل فني، وذكرت في لقاء أنّ يس ظل حزيناً من موقف الزعيم، الذي لم يكلف نفسه الاتصال به أثناء مرضه.

السندريلا والزعيم

ما يثير الدهشة أن غيرة الزعيم من زملائه لم تقف عند حد الرجال، بل امتدت إلى النساء، والتى كانت أبرزهن سعاد حسني "السندريلا" التي شاركته بطولة فيلم "المشبوه". قام عادل إمام بحذف اسمها من أفيشات الفيلم، بعد وضع اسمها قبله، ما أثار حفيظة السندريلا، ورفعت بدورها عدداً من الدعاوى القضائية ضده. رغم ذلك جمعتهما السينما مرة أخرى في فيلم "حب في الزنزانة" الذي سبب تصدعاً جديداً في علاقة الثنائي؛ حيث اختلفا على جملة عن حب مصر داخل أحداث الفيلم، وكانت الجملة من نصيب سعاد حسني، إلا أن الزعيم طمع فيها، فأقسمت سعاد بشهادة شقيقتها أنها ستكون المرة الأخيرة التي ستعمل فيها معه، حتى لو عُرض عليها ملايين الجنيهات.

خلاف آخر مع زميلة في الوسط الفني، وهي الفنانة نادية الجندي. اعتبر الجمهور أنّ الخلاف بين الزعيم والجندي مضحكاً. جمع بينهما فيلم بعنوان "خمسة باب"، ولأن الجندي كانت تخاف من الحسد ولا تزال كما هو معروف عنها، فقد وصفها عادل إمام بـ"الوسواسة"، وتسبب ذلك في توتر علاقتهما. خرج الثنائي بتصريحات رافضة للعمل معاً مرة أخرى، وقد كان.

ثالث مواقف الخلاف كان مع الراقصة "فيفي عبده"، غضبت الأخيرة من تصريح للزعيم رفض فيه توصيف الرقص الشرقي كفن، ولهذا قررت ألا تشاركه أية أعمال فنية.

اتهامه بالبخل والغرور

أشيع داخل الوسط الفني عن الزعيم صفة "البخل الشديد". من يردد ذلك يبرر موقفه بأنّ الزعيم تتكرر على لسانه كلمة "الفلوس" مرات عدة في كل حديثه. حدث أنّ رُوج خبر عن تبرعه بأجره كاملاً في أحد المسلسلات لصندوق تحيا مصر، وكان مبلغ 50 مليون جنيه مصري، لكن الغريب أنّه خرج لينفي الخبر، ما جعل البعض يرد بأنّه يخشى أنّ يجد نفسه مطالباً بالتبرع بالمبلغ.

أما صفة الغرور، فهناك دلائل عليها؛ يعلم كل من تعامل مع الزعيم أنه كالثكنة العسكرية، "ممنوع الاقتراب أو اللمس أو التصوير"، حتى أن سائقه كاد أن يغلق باب سيارته على وجه أحد المعجبين، الذي حاول أن يلتقط صورة تذكارية مع الزعيم.

الموقف ذاته تكرر مع أحد الـ"كومبارس" شارك في عمل فني من بطولة الزعيم. بعد أن انتهى المشهد حاول الكومبارس التقاط صورة بجوار الزعيم. تفاجأ الشاب برد عصبي من عادل إمام، وطلبه من المخرج رامي إمام - ابنه الأكبر - طرد كل الموجودين في المكان، مبرراً ذلك بأنه وقت راحته وليس وقت العمل أو الجمهور.

ماذا جرى مع سعيد صالح؟

تفتح تحولات صداقة النجمين عادل إمام وسعيد صالح شهية الكثيرين للبحث عن سبب الجفاء بينهما. بينما صعد عادل إمام في مسيرته الفنية، تبدلت الدنيا مع سعيد صالح، الذي انتهى به الحال مريضاً، دون قدرة على الإنفاق على العلاج، بعد أن فقد ممتلكاته الشخصية في حريق الفيلا التي كان يملكها.

ولا لوم على عادل إمام إن قطع علاقته بصديق، هكذا حال الدنيا، لكن أنّ يخرج بعد وفاته ناعياً له، ومتباكياً على فراقه، فهو الأمر الذي لم يقبله المتابعون، الذين عايشوا قصة القطيعة بين الرجلين، وعدم مبادرة إمام لنجدة صديق كان في أشد الحاجة إليه.