إنهاء حصانة المجرمين: مطالب أممية بمحاكمة "قضاة الموت" في إيران

إنهاء حصانة المجرمين: مطالب أممية بمحاكمة "قضاة الموت" في إيران


25/11/2021

تواصل المعارضة الإيرانية في الخارج احتجاجاتها، في عدد من المدن الأوروبية، بالتزامن مع استمرار جلسات محاكمة المسؤول السابق بالسجون الإيرانية، حميد نوري، والذي تجري محاكمته في عاصمة السويد، ستوكهولم، على خلفية اتهامه بارتكاب "جرائم ضدّ الإنسانية"، فضلاً عن صلاته المباشرة بحملة الإعدامات التي نفذت بحق آلاف السياسيين، عام 1988، إثر فتوى أصدرها الإمام الخميني، وقتذاك.

محاكمة "قضاة الموت"

وقال مهدي‌ عقبائي‌، عضو المجلس الوطني للمقاومة‌ الإيرانیة، لـ "حفريات": "جلسات محاكمة المسؤول الإيراني في السويد سوف تستمر على مدار الشهر الجاري، بواقع أربع جلسات، بعد أن كانت قد انتقلت المحكمة في‌ سابقة جديدة من نوعها إلى مدينة دوريس الألبانية، لمدة أسبوعين، للاستماع إلى شهود المذبحة من أعضاء "مجاهدي خلق"، غير أنّ محاكمة نوري قد "مرت بمنعطف مهم بعد سماع الشهود؛ إذ حصلت الهيئة القضائية على جميع التفاصيل الخاصـة بالمذبحة؛ لذلك سوف تشهد المحكمة السويديـة جلسات حاسمة مصيرية، لاتخاذ قرار نهائي، خلال الشهر الحالي، بخصوص نظام الملالي".

وأضاف عقبائي: "خلال الأسبوعین الماضیین استمعت المحكمة إلى شهادة 7 من أعضاء منظمة "مجاهدي خلق"؛ حيث قضى هؤلاء الشهود سنوات عديدة في مختلف السجون الإيرانية، خاصة سجن جوهردشت، وشهدوا على جرائم حميد نوري، خلال مجزرة 1988".

ثمّنت مريم رجوي، رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المصادقة على القرار 68 للجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن الانتهاك "الممنهج" و"الوحشي" لحقوق الإنسان في إيران

كما ذكر مجيد صاحب جمع، أحد شهود مذبحة عام 1988، أنّه قضی 17 عاماً في سجون "إيفين وقزل حصار واللجنة المشتركة وجوهردشت"، لافتاً، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّه كان في سجن جوهردشت أثناء مذبحة السجناء السياسيين، ثمانينات القرن الماضي، تحديداً في ممر الموت، كما کان شاهداً على مختلف الجرائم التي تورط فيها "عملاء نظام الملالي، خاصة‌ حمید نوري. وفي أوائل عام 1988 نقل من سجن إيفين إلى جوهردشت. وعام 1986، كانت سلطات السجن تصنف السجناء بناء على موقفهم من منظمة مجاهدي خلق".

"قاعة الموت" تستقبل معارضي ملالي طهران

وأوضح صاحب جمع: "عندما نقلنا إلی سجن جوهردشت، كان ما يزال شبه خالٍ، ووقف الحراس في طوابير لتشكيل ممرات للسجناء، وأثناء مرور السجناء عبر النفق البشري، ضربهم الحراس بالعصي والكابلات.

السجين السابق مجيد صاحب جمع

 ومن بين الحراس رأيت المجرم حميد نوري، والذي سبق أن تعرّفت إليه في سجن إيفين؛ حيث عمل الأخير كحارس للسجن، وكان يأخذ السجناء إلى غرف التعذيب".
وكانت لجنة الموت تتصرف بناء على أوامر مباشرة من المرشد الأعلى للنظام، وقتذاك، روح الله الخميني، الذي أصدر فتوى تنص على أنّ أيّ شخص يستمر في دعم منظمة "مجاهدي خلق" هو "عدو لله" ويستحق الموت، بحسب المصدر ذاته، ويضيف: "كما سمعنا أنّه في الفترة بين 30 و31 تموز (يوليو)، نقل العديد من السجناء إلى ما كان يعرف بـ "مستودع" حيث تمّ إعدامهم. والمستودعات كانت معروفة، وقتذاك، بأنّها "قاعة الموت"؛ حيث يتم جمع السجناء لتنفيذ عمليات الإعدام خلال مذبحة عام 1988".

اقرأ أيضاً: والد المعارض الإيراني زم: هكذا استدرجت إيران ابني إلى العراق قبل اختطافه وإعدامه
وبحسب القيادي في منظمة "مجاهدي خلق"، أكبر صمدي؛ فإنّ الرئيس الإيراني الحالي، إبراهيم رئيسي، والذي كان أحد "قضاة الموت"، في ثمانينات القرن الماضي، قد تسبب في سجنه لمدة عشر سنوات، على خلفية نشاطه السياسي المعارض، وتأييده لـ "مجاهدي خلق"؛ إذ قال صمدي في شهادته بالجلسة (38) أمام المحكمة السويدية: "عام 1988، في سجن إيفين، جاءني (رئيسي) وأخذني إلى غرفة صغيرة قرب غرفة لجنة الموت، وسألني عن اسمي وقال لي: يجب أن تدين الكفاح المسلح. قلت له: عندما تم اعتقالي، كنت أقصر من البندقية "G3". ثم قال لي رئيسي: يجب أن تدين حزب "كومله" الكردي. فأجبت: أنا لست كردياً ولا من كومله. غضب رئيسي وطردني من الغرفة، وأرسلني إلى ممر الموت".

سجلّ حافل بجرائم قادة طهران

وقبل أن يعرج القيادي بمنظمة "مجاهدي خلق" على دور حميد نوري، بخصوص ما تعرض له من محاكمة تعسفية وسجن، ذكر أنّه قد وقع تحت وطأة ضغوط نفسية جمة حتى يقر ويعترف بما طلبه منه "رئيسي"، وتابع: "المسؤولية الرئيسة لحميد نوري كانت قراءة أسماء المعتقلين ونقلهم إلى قاعة الموت، كان يقرأ أسماء الذين من المقرر إعدامهم، ويأخذهم إلى نهاية ممر الموت. في نهاية الليل، جاء حميد عباسي نوري وقرأ أسماء 14 شخصاً، ولما قرأ اسم مرتضى يزدي لم يرد عليه أحد، عاود القراءة عدة مرات، لكن لم يرد عليه أحد. كان نوري قد أعدم شخصاً آخر بالخطأ. مرتضى يزدي أعدم بدلاً من سيد مرتضى يزدي. وقد شاهدت سجيناً سياسياً آخر، اسمه ناصر منصوري، كان مصاباً بالشلل التام، منقولاً إلى قاعة الموت حيث أعدموه".

ولذلك؛ شددت العضو في مكتب المدعي العام للمحكمة الشعبية الدولية في لاهاي، ريجينا بولوس، على أهمية محاكمة حميد نوري، بغية أن "يحصل الضحايا والناجون على العدالة وفقاً لاتفاقيات الأمم المتحدة القائمة"، وقال مدير منظمة العدل لإيران، شادي صدر: إنّ "أعضاء النيابة، من خلال الاهتمام بالحقيقة، يتيحون بيئة آمنة لأقارب الضحايا والمتظاهرين الذين يوصفون في بلدهم بـ "المشاغبين" و"الإرهابيين" ليقفوا شامخين ويخبروا العالم بالحقيقة بفخر".

المعارض الإيراني أكبر صمدي لـ"حفريات": الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، والذي كان أحد "قضاة الموت"، في ثمانينات القرن الماضي، تسبب في سجني لمدة عشر سنوات

وبالعودة إلى عضو المجلس الوطني للمقاومة‌ الإيرانیة، مهدي عقبائي، ففي عشية الذكرى الثانية لانتفاضة تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2019، نظم إيرانيون من أنصار المقاومة (مجاهدي خلق)، في 18 مدينة حول العالم، في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا، العديد من المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، للمطالبة بمحاكمة النظام الإيراني، والكشف عن خروقاته لحقوق الإنسان، كما دعا المحتجون الأمم المتحدة والحكومات الأوروبية بمحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية في طهران.

اقرأ أيضاً: بالأرقام... تقرير أممي: إعدامات إيران تنذر بالخطر

وأبلغ عقبائي "حفريات"؛ بأنّه قد "دشنت وقفات احتجاجية ومظاهرات في باريس وهامبورغ وميونيخ وفرانكفورت وكولونيا وشتوتغارت وستوكهولم وغوتنبرغ ويوتوبوري ومالمو وأمستردام وكوبنهاغن وأوسلو وملبورن وسيدني ومونتريال وتورنتو وأوتاوا وبوخارست، كما أقام أنصار المقاومة، في جميع التحركات والتجمعات، معارض كبيرة للصور والنصب التذكارية لشهداء انتفاضة تشرين الثاني (نوفمبر) 2019".

إتلاف الأدلة

ومن بين هتافات ومطالب المتظاهرين: "إرادة الشعب الإيراني إسقاط ديكتاتورية الملالي وإحلال الديمقراطية والحرية"، بحسب المصدر ذاته، والذي شدّد على ضرورة أن تعترف "الأمم المتحدة بمجزرة 30 ألف سجين سياسي، عام 1988، باعتبارها جريمة إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية، ومن ثم، تجب محاكمة المرشد الإيراني علي خامنئي وكذا إبراهيم رئيسي لارتكابهما مجزرة الإبادة الجماعية، عام 1988، ومجزرة شهداء انتفاضة تشرين الثاني (نوفمبر) 2019".

اقرأ أيضاً: الرئيس الإيراني المتهم بالإعدامات الجماعية: كيف سيسير على السجادة الحمراء؟

وإلى ذلك، ثمّنت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المصادقة على القرار 68 للجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤخراً، بشأن الانتهاك "الممنهج" و"الوحشي" لحقوق الإنسان في إيران. وقد أشار التقرير الصادر عن الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، والمقدم إلى الاجتماع الأخير للجمعية العامة، إلى أنّه "تم الإبلاغ عن محاولات للتدمير المتعمد لآثار الإعدام الجماعي للسجناء السياسيين المعارضين في ذلك الوقت (1988)، وكذلك وجود مضايقة ومطاردة جزائية لعائلات أولئك الضحايا الذين يريدون إثبات الحقيقة، والملاحقة القانونية لمرتكبي (هذه الجرائم)".

وأوضحت رجوي؛ أنّ "هذا القرار، على الرغم من أنّه بشأن جزء صغير من جرائم الفاشية الدينية، إلا أنّه يعكس جزءاً من حقيقة الوضع في إيران، بما لا يدع مجالاً للشك في أنّ هذا النظام دائماً ما يكون في طليعة منتهكي حقوق الإنسان في عالم اليوم، وعليه؛ تجب إحالة ملف الإبادة الجماعية المتعلق بالنظام الإيراني، وجرائمه ضدّ الإنسانية، على مدار أربعة عقود، خاصة مجزرتي الـ 30 ألف سجين سياسي (عام 1988)، و 1500 متظاهر (عام 2019)، إلى مجلس الأمن، ومحاكمة قادة هذا النظام، بمن فيهم خامنئي ورئيسي وإيجئي، في المحكمة الدولية، كما يجب طرد هذا النظام من المجتمع الدولي، وإنهاء حصانة المجرمين على رأس هذه الحكومة".

اقرأ أيضاً: إيران دولة رائدة في العالم.. ولكن في عمليات الإعدام

وعليه؛ أوصى قرار الأمم المتحدة بضرورة وضع حدّ لـ "الإفلات من العقاب على مثل هذه الانتهاكات"، و"التأكيد على أهمية إجراء تحقيقات ذات مصداقية واستقلالية وحيادية في الرد على جميع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك حالات الإخفاء القسري، والإعدام خارج نطاق القضاء، وإتلاف الأدلة على هذه الانتهاكات، ..إلخ".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية