هيئات ودور الإفتاء العالمية تتحد تحت لواء "سلام"... هل تنجح في مكافحة التطرف؟

هيئات ودور الإفتاء العالمية تتحد تحت لواء "سلام"... هل تنجح في مكافحة التطرف؟


07/06/2022

بمشاركة ممثلين عن (42) دولة حول العالم يمثِّلون كبار القيادات الدينية والوزراء والشخصيات العامة وممثِّلي دُور الإفتاء على مستوى العالم متحدين تحت مظلة الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، انطلقت فعاليات مؤتمر دار الإفتاء الدولي الأول لـ "مركز سلام لدراسات التطرف" بعنوان: "التطرف الديني: المنطلقات الفكرية واستراتيجيات المواجهة"، إيذاناً بتدشين المركز.

 ويهدف المؤتمر إلى مناقشة ظاهرة التطرف وحاجتها إلى تكاتف الجميع، وتبادل الرؤى المُختلفة على المستويات الـ3: المحلية والإقليمية والدولية، ويهدف أيضاً إلى تعزيز التعاون الدولي في إطار مكافحة التطرف والتشدد، وتبادل خبرات التجارب الدولية في هذا الشأن، مع الاهتمام الشديد بفتح آفاق أوسع للتعاون البحثي والأكاديمي.

وفي كلمته الافتتاحية، قال مفتي مصر شوقي علّام: إنّ المؤتمر الدولي الأول لمركز سلام لدراسات التطرف يُعدُّ أكبر تجمُّع للمتخصصين في مجال مكافحة التطرف؛ إذ يحضره ممثلون عن مجلس الأمن والأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية، وجامعة الدول العربية، وعدد من الوزراء، والقيادات التنفيذية، والمفتين، ورجال الفكر والإعلام، إلى جانب نخبة من المسؤولين والباحثين والمتخصصين والأكاديميين من مختلف دول العالم، من بينها: الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإيطاليا والهند وبولندا وسنغافورة والمغرب وتونس والجزائر.

وأضاف علّام أنّ مركز "سلام" لدراسات التطرف والإرهاب، هو مركز عالمي علمي وطني متخصص في دراسات التطرف ومواجهة الإرهاب، وهو منبثق عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وهي المظلة الوحيدة والجامعة لكل دُور وهيئات الفتوى في العالم.

يهدف المؤتمر إلى مناقشة ظاهرة التطرف وحاجتها إلى تكاتف الجميع

ووفقاً لعلّام، فإنّه تم تأسيس مركز سلام لدراسات التطرف كثمرة لجهود متوالية وخبرات طويلة وعمل دؤوب لدار الإفتاء المصرية وللأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في مجال مكافحة التطرف والإرهاب على المستوى المحلي والعالمي، وذلك باستخدام كافة الطرق العلمية الحديثة، والاستفادة من كافة وسائل التقنيات المعاصرة، وفي مقدمتها الشبكة العنكبوتية ووسائل السوشيال ميديا المختلفة، بمشاركة مجموعة من أمهر المتخصصين في المجال الفكري والشرعي والتقني والإعلامي، وخاصة المتعلق بمكافحة التطرف الإرهاب.

 مواجهة فكرية للتطرف

عملاً بالقول المأثور: "الوقاية خير من العلاج"، سيعمل المؤتمر على الخروج بمبادرات علمية تدعم عملية مكافحة التطرف وقاية وعلاجاً، وتعميق النقاشات الدينية والأكاديمية حول ظاهرة التطرف، وتعزيز التعاون والتنسيق بين المؤسسات البحثية والخبراء المختصين في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، على حد قول علّام، الذي شدد على أنّ المواجهة الفكرية للتطرف والإرهاب في الداخل والخارج لها قيمتها الكبرى وأهميتها العظمى في إيضاح الصورة الحقيقية، وتفنيد الشائعات والأخبار الكاذبة التي عملت عليها الجماعات الإرهابية ليل نهار.

وأضاف: "كانت نتائج زيارتنا الأخيرة إلى إنجلترا، وما أحدثته من تأثيرات إيجابية كبيرة في كافة الأوساط الإعلامية والعلمية والسياسية، مبشرة للغاية، وقد قدّمنا بشكل علمي احترافي يتَّسم بالمصداقية والشفافية ما يوضح وجهة نظر الدولة المصرية في إصرارها على مواصلة مواجهة الجماعات الإرهابية المتطرفة، وما تنتهجه هذه الجماعات من ممارسات خطيرة بشأن الدول والشعوب، وإنّنا نستهدف في المرحلة القادمة استئناف هذه الجهود من أجل إيضاح الصورة الصحيحة لكافة شعوب العالم."

 وكان علّام قد زار بريطانيا في منتصف أيار (مايو) الماضي، حيث وزّع تقريراً "مهمّاً وموثقاً" باللغة الإنجليزية على جميع أعضاء مجلسي العموم واللوردات البريطاني عن أنشطة جماعة الإخوان المسلمين.

 وكشف التقرير الذي وزّعه علّام جذور العنف لدى جماعة الإخوان الإرهابية، وبيّن تاريخهم الدموي وارتباطهم بالتنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها "داعش" و"حسم" وغيرها، فضلاً عن الإيديولوجية المتطرفة التي تتبناها الجماعة، وأهم الأفكار المتطرفة التي تتبناها، والشخصيات التي أسست ونظَّرت للعنف داخلها منذ إنشائها، وفقاً لصحيفة "أخبار اليوم" المصرية.

 وخلال مؤتمر اليوم، أعرب علّام عن أمله أن "يكون المؤتمر نقطة اجتماع ننطلق من خلالها لتنفيذ العديد من برامج العمل ومبادرات المواجهة، وبرامج التأهيل والتدريب، وإعداد الكوادر المدرَّبة التي تعمل على مواصلة السير من أجل اجتثاث هذه الأفكار من منابتها واقتلاعها من جذورها، حتى لا تتحور وتعيد استنساخ نفسها في صور وأنماط أخرى خادعة".

 التوظيف السياسي للإسلام... أخطر تحديات المواجهة

ومع محاولات جماعة الإخوان المسلمين، الحاضنة الإيديولوجية للجماعات المتطرفة والإرهابية، الدؤوبة للعودة إلى المشهد السياسي في العديد من الدول العربية، ولا سيّما مصر وتونس والمغرب، مفجرة العديد من التحديات في كل محاولة، قال محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري: إنّ تحديات المجتمعات والدول قد تختلف من آنٍ إلى آخر، لكنّها لا تنتهي ما دامت المجتمعات قائمة، وإنّ أخطر تحدٍّ يواجه عالمنا اليوم هو الاستخدام السياسي لجماعات التطرف وتوظيفها لإفشال الدول والحكومات.

سيعمل المؤتمر على الخروج بمبادرات علمية تدعم عملية مكافحة التطرف وقاية وعلاجاً

 وأضاف جمعة، خلال كلمته نيابةً عن رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أنّه إذا قصَّر أصحاب الحق في حقهم، تمادى أهل الباطل في باطلهم، ونحن نؤمن بأهمية تفكيك الفكر المتطرف؛ ومن ثم علينا الوقوف في المواجهة وخوض عملية البناء وسد الفراغات وتضييق الخناق على أهل الشر، وكذلك أن نتحوَّل من ردِّ الفعل إلى الفعل.

 وتابع جمعة: علينا أيضاً العناية بالنشء والشباب وتحصينهم من خلال تكثيف العمل الميداني، ليكون الشباب قادراً على الصمود في وجه جماعات التطرف، وخاصة تلك الجماعات التي تدعم من بعض القوى السياسية لمحاولة إضعاف دولنا.

  وثمَّن وزير الأوقاف المصري الدّور الذي يقوم به مركز سلام التابع لدار الإفتاء المصرية، قائلًا: "نحن من مؤتمر مركز سلام في بلد السلام نبعث رسالة سلام للعالم كله، مفادها أنّ ديننا هو دين السلام وتحيتنا هي السلام والجنة هي دار السلام وتحية الملائكة فيها السلام."

 وأكد: أنَّ "السلام لا يمكن أن يُصنَع من جانب واحد أو طرف واحد، ولا بدّ له من قوة تحميه، ونحن في هذا الوقت نمد أيدينا للدول كلها بالسلام لنكبح جماح التطرف الديني الذي ينتج بالضرورة عن العيش المشترك والحوار الحضاري، ولا شك أنّنا مع كل أسباب القوة سنظل ندافع بكل قوة عن ثقافة السلام وإحلال الحوار محل التناحر انطلاقاً من سماحة ديننا وعظمة القيم الإنسانية."

 ضوابط تجديد الخطاب الديني

تعليقاً على الدعوات الغربية المتكررة والمستمرة لتجديد الخطاب الديني، حذّر وكيل الأزهر الشريف محمد الضويني، في كلمته التي ألقاها نيابة عن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، من الانخداع بـ"قضية تجديد الخطاب الديني"، التي أصبحت شمّاعة يُعلق عليها الفشل، غير أنّه شدد على ضرورة "تجديد الخطاب الديني" لكن وفقاً لـ"ضوابط" محددة يضعها "رجال متخصصون"، وأن يرافق ذلك "تجديد الخطاب الإعلامي والثقافي والسياسي وغير ذلك من خطابات لا يستغني عنها بنو الإنسان."

 وهاجم الضويني التَّطرُّفَ ودعاته، قائلاً: إنّ التطرف يبوء بإثمه وعاره من يحمله في رأسه فكراً، ومَن يقوم به ممارسة، ومن يعين عليه تمويلاً ورعايةً، مضيفاً: "سيسألنا الله عن الأمانات التي وضعها في أعناقنا، ومتى لم نقمْ أفراداً وحكومات ومنظَّمات بما أراد اللهُ، فقد خنَّا الأمانة الإلهيَّة"، مضيفاً: "أتوقّع من هذا المؤتمر أن يُشخِّص الدَّاء، وأن يصف الدواء، وأن يخرج باستراتيجية عملية تحصِّن الشباب من غسيل الأدمغة".

   دور "سلام" 

إدراكاً منه أنّ الأطروحات المتطرفة هي نواة الإرهاب، أوضح إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية، بصفته رئيساً لمركز "سلام" الجديد وأمين الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أنّ "مؤتمر سلام الدولي سيعمل على مناقشة أطروحات التطرف المُبررة لجرائمه، وتفكيك هذه المقولات والمفاهيم والرد عليها، وترسيخ قيم السلام والتعايش والتفاهم بين الشعوب والحضارات."

 وكشف مستشار مفتي الجمهورية أنّ المركز "يسعى لإنشاء مظلة جامعة لكل مراكز الأبحاث المعنية بمكافحة التطرف، يكون مقرها مصر، اتساقاً مع الدور الكبير الذي تقوم به مصر في العديد من المجالات، ومن أهمها الخبرة المصرية في مكافحة التطرف."

مواضيع ذات صلة:

العقل المتطرف... بين القراءة والتحليل والمواجهة

الإرهاب: بين تفكيك الخطاب المتطرف وجرائم الكراهية

التحالف الإسلامي العسكري يحارب التطرف بالفكر.. تفاصيل



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية