من قمة الـ20 إلى مؤتمر الأطراف الـ26... العالم يحمل هم المناخ

من قمة الـ20 إلى مؤتمر الأطراف الـ26... العالم يحمل هم المناخ


01/11/2021

تصدرت قضية المناخ اهتمامات قمة الـ20 التي انعقدت على مدار يومي 30 و31 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، لكي يصل قادة تلك الدول التي تتحمل وحدها 80% من الانبعاثات الحرارية الضارة والمتسببة بشكل أساسي في التغير المناخي إلى اتفاق ملزم يطير به زعماؤها إلى المؤتمر الذي يعقد في غضون ساعات قليلة من انتهاء قمة الـ20 في غلاسكو بإسكتلندا (بريطانيا)، وهو مؤتمر الأطراف الـ26 الخاص بالمناخ.

 

اقرأ أيضاً: الشرق الأوسط من بين أكثر مناطق العالم عرضة للتهديدات البيئية بسبب التغيرات المناخية

وتسعى تلك الدول إلى الاتفاق على خفض الانبعاثات الحرارية الناتجة عن العمليات الصناعية واستخدام الكربون والوقود، مقابل زيادة الاعتماد على المشاريع الخضراء، وذلك من أجل الوصول إلى نسبة احترار (ارتفاع درجة الحرارة) بمعدل 1.5 درجة مئوية فقط، وهو الحد الذي نستطيع فيه إنقاذ كوكب الأرض من زيادة الكوارث الطبيعية وارتفاع درجة الحرارة على نحو يصل إلى 62 درجة مئوية، وتهديد حياة الملايين، خصوصاً في أفريقيا.

تسعى تلك الدول إلى الاتفاق على خفض الانبعاثات الحرارية الناتجة عن العمليات الصناعية واستخدام الكربون والوقود

وعلى الرغم من استمرار مخاطر تفشي جائحة كورونا، إلا أنّ قضية المناخ ليست أقلّ خطورة أو إلحاحاً، وهو ما دفع الأمم المتحدة إلى قرار عقد قمة المناخ بالحضور الفعلي كي يتمكن دول العالم من قيادة حوار جدي، والتوصل إلى التزامات تتجاوز في التزاماتها النسخة المؤسسة التي انطلقت في باريس العام 2015، عبر ما عُرف آنذاك بـ"اتفاق المناخ".

اقرأ أيضاً: إطلاق النسخة الأولى من "السعودية الخضراء" وهذه أهدافها حول "التغير المناخي"

وانطلاقاً من الاستراتيجية نفسها، عُقدت قمة الـ20 للمرّة الأولى أيضاً منذ تفشي الجائحة بالحضور، وغاب عنها كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني، شي غين بينغ لظروف صحية، وشاركوا عبر دائرة اتصال مغلقة.

 

الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا: يجب ألّا نترك للذين يأتون من بعدنا كوكباً يشهد نزاعات، وأُهدرت موارده، وتعرّض نظامه البيئي للخطر

 

وبحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية، فإنّه "سيتعين على رؤساء دول وحكومات قمة الـ20 تحديد موقفهم قبل التوجه إلى غلاسكو لحضور قمة المناخ، عبر وضع أهدافهم على الأمد الطويل إلى حدٍّ ما في مواجهة ظاهرة الاحترار.

وقد حذّر الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا مساء السبت قائلاً: "يجب ألّا نترك للذين يأتون من بعدنا كوكباً يشهد نزاعات، وأُهدرت موارده، وتعرّض نظامه البيئي للخطر، بسبب أنانية الذين أخفقوا في الجمع بين التطلع المشروع للنمو الاقتصادي والاجتماعي وبين الحاجة إلى حماية ما لا نملكه".

اقرأ أيضاً: كوارث البيئة تستبق قمة المناخ الــ 26 .. فهل تدفع نحو التزام جديد؟

وأضاف ماتاريلا الذي كان يتحدث في مأدبة عشاء أقامها لقادة مجموعة الـ20 في قصر كويرينالي الرئاسي: "عيون مليارات الأشخاص، شعوب بأكملها، تتجه إلينا وعلى النتائج التي يمكننا تحقيقها".

حذّر الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا مساء السبت قائلاً: يجب ألّا نترك للذين يأتون من بعدنا كوكباً يشهد نزاعات

وقد برهن قادة مجموعة الـ20 السبت على أنهم قادرون على تجاوز خلافاتهم حتى في أكثر المواضيع تعقيداً، مثل الضرائب، فقد وافقوا على حد أدنى للضريبة يبلغ 15% على الشركات المتعددة الجنسيات،  لكن يتوقع أن تستمر المفاوضات حتى اللحظة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق بشأن المناخ.

اقرأ أيضاً: تقرير جديد: الخطر قادم للبشرية.. تحذيرات أممية من التغير المناخي

وأحد الأهداف الرئيسية هو بذل كل الجهود لحصر الاحترار عند 1,5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، وهي العتبة التي يمكن الوصول إليها بالفعل قرابة العام 2030، حسب خبراء المناخ في الأمم المتحدة. وتتمحور المفاوضات، بحسب المصدر ذاته، حول التاريخ الذي يجب تحديده خصوصاً لتحقيق الحياد الكربوني في 2050 أو 2060، وقال مسؤول في منظمة غير حكومية بيئية: إنّ "كل شيء سيتقرر خلال المناقشة بين القادة صباح الأحد وأثناء الغداء".

 

اقرأ أيضاً: نوبل للفيزياء تكافئ البحث في "التغير المناخي" و"نظرية الأنظمة المعقدة"... من الفائزون؟

وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" أنه "الوقت المناسب في روما لبذل أقصى ما في وسع أعضاء مجموعة الـ20 للمساهمة بشكل مفيد في غلاسكو وفي كوب 26".

وأضاف: "أريد أن أقول أيضاً إنه لم يتم كتابة أي شيء على الإطلاق قبل مؤتمر الأطراف، علينا ألّا ننسى أنه في باريس عام 2015 لم يتّخذ أي قرار مسبقاً، وفي الساعات الأخيرة هددت بعض الدول بالانسحاب، لكن كان هناك عمل دبلوماسي لمدة عامين، وكان التعاون بين أوروبا والولايات المتحدة والصين أساسياً".

 

اقرأ أيضاً: "الثلج يشتعل": من ينقذ الكوكب من تحديات التغير المناخي؟

ويُتوقع أن تكون الإعلانات بمستوى الوضع الملحّ، فالالتزامات الأخيرة لخفض الانبعاثات من دول الكوكب ستؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة "كارثي" بمقدار 2,7 درجة مئوية، حسب الأمم المتحدة.

في غضون ذلك، قال المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي الدكتور محمود محيي الدين: إنّ الدول الأفريقية مجتمعة غير مسؤولة إلا عن 3% من الانبعاثات الحرارية الضارة حول العالم، في حين أنّ الولايات المتحدة الأمريكية وحدها تنتج 25%، والصين مسؤولة عن حوالي 14%.

المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي الدكتور محمود محيي الدين: إنّ الدول الأفريقية مجتمعة غير مسؤولة إلا عن 3% من الانبعاثات الحرارية الضارة حول العالم

وأضاف محيي الدين، خلال مداخلة عبر زوم مع برنامج "كلمة أخيرة" عبر قناة أون الفضائية: يجب على هذه الدول أن تتحمل مسؤولياتها تجاه هذه القضية بالشكل المناسب لحجم مسؤولياتها عن إنتاج تلك الانبعاثات، كاشفاً في الوقت ذاته أنه لا يتوقع أن ينتج عن قمة غلاسكو للمناخ  سوى بعض الكلمات العصماء وغير العصماء، دون اتخاذ بعض الإجراءات التي طال انتظارها، موضحاً أنّ هذا الأمر سيلقي بعبء على القمة المناخية القادمة التي ستستضيفها مصر في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2022.

اقرأ أيضاً: الإمارات على الطاولة العالمية لمواجهة التغير المناخي

ولفت مدير صندوق النقد الدولي إلى أنّ قضية التغيرات المناخية مهمّة للغاية، لكنها يجب ألّا تكون الأولوية بالنسبة إلى الدول النامية مثل الدول المتقدمة، موضحاً أنّ ذلك يرجع لأنّ الدول المتقدمة حققت تنميتها بالأساس، ولم يعد المواطنون بها يعانون الفقر، أمّا الدول النامية، فما زالت تعاني على مستوى الكثير من الملفات، ولهذا يجب أن يكون اهتمامها بقضية تغيرات المناخ إلى جانب قضاياها التنموية.

لماذا مؤتمر الأطراف مهم؟

يُعقد مؤتمر الأطراف كوب 26 الخاص بالمناخ خلال الفترة من 31 تشرين الأول (أكتوبر) إلى 12 تشرين الثاني (نوفمبر)، بمشاركة نحو 200 دولة حول العالم، ووصفته الأمم المتحدة بأنه "أهم مؤتمر متعلق بالمناخ على هذا الكوكب".

 

الأمم المتحدة: مثل الأفعى التي تضغط ببطء على فريستها حتى الموت، تحوّل تغير المناخ في العقود الـ3 الماضية من كونه قضية غير مريحة إلى حالة طوارئ عالمية تهدد الحياة

 

تقول المنظمة عبر موقعها الرسمي: إنه في عام 1992 نظمت الأمم المتحدة حدثاً كبيراً في ريو دي جانيرو، أطلق عليه "قمة الأرض"، التي تم فيها تبنّي اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وفي هذه الاتفاقية اتفقت الدول على "تثبيت تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي" لمنع التدخل الخطير للأنشطة البشرية على نظام المناخ، واليوم ثمّة 197 توقيعاً على المعاهدة.

اقرأ أيضاً: هل للدين دور حاسم في مواجهة التغير المناخي؟

وأضافت أنه "منذ عام 1994، عندما دخلت المعاهدة حيّز التنفيذ، كانت الأمم المتحدة تجمع كل عام تقريباً كل الدول التي على وجه الأرض في مؤتمرات القمة المناخية العالمية أو COPs والتي تعني مؤتمر الأطراف"، وكان ينبغي أن تنعقد في هذا العام القمة السنوية الـ27، ولكن بسبب كوفيد-19 تأخرنا عاماً، وبالتالي فإنّ مؤتمر الأطراف هذا العام هو المؤتمر الـ26.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش

ويتابع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في توضيح أهمية مثل تلك الاجتماعات: تم التفاوض على امتدادات مختلفة لمعاهدات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ خلال مؤتمرات الأطراف هذه لوضع حدود ملزمة قانوناً لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري لكل دولة بمفردها، ولتحديد آلية التنفيذ.

وتشمل هذه بروتوكول كيوتو في عام 1997، الذي حدّد حدود الانبعاثات للدول المتقدمة ليتم تحقيقها بحلول عام 2012، واتفاق باريس الذي تم تبنيه في عام 2015، فقد وافقت جميع دول العالم على تكثيف الجهود لمحاولة الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية فوق درجات حرارة ما قبل العصر الصناعي، وتعزيز تمويل العمل المناخي.

اقرأ أيضاً: الملايين يعيشون دون حاجتهم من الغذاء.. هل تخرج قمة المناخ بقرارات مصيرية؟

إذاً، هنا يصبح مؤتمر الأطراف الـ26 مثيراً للاهتمام: خلال المؤتمر، من بين أمور أخرى، سوف يهدف المندوبون إلى الانتهاء من "كتاب قواعد باريس" أو القواعد اللازمة لتنفيذ الاتفاق، وسيحتاجون هذه المرّة إلى الاتفاق على أطر زمنية مشتركة لتكرار مراجعة ورصد التزاماتهم المناخية. في الأساس، حدّدت باريس الوجهة، حيث حدّت من الاحترار إلى ما دون الدرجتين مئويتين (1.5 هي الدرجة المثالية)، لكنّ غلاسكو هي الفرصة الأخيرة لجعلها حقيقة واقعة.

ويضيف الأمين العام عبر الموقع الرسمي للأمم المتحدة: "مثل تلك الأفعى التي تضغط ببطء على فريستها حتى الموت، فقد تحوّل تغير المناخ في العقود الـ3 الماضية من كونه قضية غير مريحة إلى حد ما، إلى حالة طوارئ عالمية تهدد الحياة".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية