كيف صنع إخوان المغرب فتنة الزلزال؟

كيف صنع إخوان المغرب فتنة الزلزال؟

كيف صنع إخوان المغرب فتنة الزلزال؟


28/09/2023

في المغرب، أثار بيان لحزب العدالة والتنمية المغربي (المصباح)، الذراع السياسية للإخوان، الذي يرأسه عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة السابق، بشأن الزلزال الأخير، حالة من الجدل والغضب، سواء داخل صفوف الحزب أو خارجه، بعد أن ربط البيان كارثة الحوز، بفكرة العقاب الإلهي، ما اعتبر نوعاً من السقوط الأخلاقي.

يذكر أنه مساء 8 أيلول (سبتمبر) الجاري، ضرب زلزال بقوة 7 درجات على مقياس ريختر، عدة مدن مغربية، مثل: العاصمة الرباط، والدار البيضاء، ومكناس، وفاس، ومراكش وأغادير وتارودانت، مخلفاً وراءه قرابة الــ (3000) قتيل، وآلاف المصابين.

يبدو أنّ بنكيران يصر على ربط الكارثة الطبيعية بالدين والسياسة، والمضي قدماً في توظيف محنة الشعب المغربي، لصالح التنظيم، كنهج إخواني لا يتغير

البيان قال: "علينا أن ننتبه إلى أنّ من معاني الرجوع إلى الله، ما يفيد بأنّنا مبتعدون عنه في أمور معينة، وعليه وجب أن نرجع إلى الله سبحانه وتعالى، كي يضمد جراحنا ويعوضنا عن مصيبتنا خيراً". واستدرك: "لكن يجب أن نراجع كذلك كي نرجع الى الله؛ لأنّ كل شيء يصيب الإنسان فيه إنذار، والصواب هو أن نراجع كأمّة ونتبين هل الذي وقع قد يكون كذلك بسبب ذنوبنا ومعاصينا ومخالفاتنا، ليس فقط بمعناها الفردي، ولكن بمعناها العام والسياسي، لأنّ السؤال المطروح ليس فقط عن المخالفات الفردية، وإنّما عن الذنوب والمعاصي والمخالفات بالمعنى السياسي، وتلك الموجودة في الحياة السياسية عامة، والانتخابات والمسؤوليات والتدبير العمومي وغيرها".

مزاعم بنكيران، الذي أعطى تفسيراً دينياً لهذا الزلزال، تلقفها الممثل السابق هاشم البسطاوي، الذي يطلق على نفسه الآن اسم "الشيخ"، والذي قال على موقع إنستغرام، إنّ الزلزال كان بمثابة عقاب لمدينتي مراكش وأكادير، حيث قال إنّ الفجور متوطن بهما.

وبالعودة إلى تصريحاته، حذر زعيم حزب العدالة والتنمية المذنبين المغاربة، وتجار المخدرات من العقاب الإلهي المتمثل في الزلازل، وطلب منهم أن يسألوا أنفسهم، وأن يتوبوا، وإلا فإنهّم يخاطرون بعدم النجاة من الزلازل المستقبلية!

لعنة البيان

صحيفة "هسبريس" المغربية، علّقت على البيان الذي فجر أزمة كبيرة، لافتة إلى أنّ لعنة "بيان الزلزال"؛ ضربت حزب "العدالة والتنمية"، ورئيسه عبد الإله بنكيران.

 مساء 8 أيلول (سبتمبر) الجاري، ضرب زلزال بقوة 7 درجات على مقياس ريختر، عدة مدن مغربية

الصحيفة المغربية أكدت نقلاً عن مصادر حزبية قيادية في حزب العدالة والتنمية، أنّ البيان لم يكن محط اتفاق بين أعضاء الأمانة العامة لحزب المصباح، وحسب المصادر ذاتها فإنّ "الأغلبية الساحقة من أعضاء الأمانة، كانوا ضدّ هذا الربط، كما أنّ النقاش حول الموضوع ظل مفتوحاً بين قيادة الحزب لمدة 15 يوماً".

وأشارت المصادر عينها إلى أنّ عدداً من أعضاء الأمانة العامة لحزب المصباح، أشاروا إلى أنّ البيان تضمن وجهة نظر بنكيران التي "يختلف معه فيها الكثيرون".

أشارت المصادر عينها إلى أنّ عدداً من أعضاء الأمانة العامة لحزب المصباح، أشاروا إلى أنّ البيان تضمن وجهة نظر بنكيران التي يختلف معه فيها الكثيرون

وحول دور أعضاء الأمانة العامة، ومسؤوليتهم في السماح بإخراج بيان بهذا الشكل إلى الرأي العام من دون تمحيصه، ذهبت المصادر إلى أنّ "خطأ حدث هذه المرة، ولم تتم مراجعة البيان من قبل الأشخاص الذين كانوا يشرفون على العملية عادة، فجرى تضمين كلام بنكيران بشكل حرفي فيه، ما أدى إلى هذه الزوبعة".

وذكرت "هسبريس" أنّها حاولت التواصل مع عدد من أعضاء الأمانة العامة، لكنهم تحاشوا التعليق على الموضوع، في إشارة إلى عدم رضاهم عن البيان الذي أصدره الأمين العام.

تداعيات البيان

أولى تداعيات البيان المثير تجلت في إعلان القيادي والوزير السابق في صفوف المصباح، عبد القادر عمارة، استقالته من الحزب، وذلك بعد أقل من 24 ساعة من إصدار البيان.

وقال عمارة في تدوينة نشرها على حسابه الرسمي، على موقع التواصل الاجتماعي، فيسوك: "بقلب يعتصره الألم على ما آلت إليه تجربة حزب العدالة والتنمية، فإنّي أعلن عن استقالتي من الحزب وكل هيئاته منذ هذه اللحظة".

من جهته، اعتبر عزيز أفتاتي، القيادي البارز في صفوف المصباح، أنّ البيان خطأ جسيم، ما كان ينبغي للأمانة العامة أن تساير عبد الإله بنكيران فيه. وأضاف أفتاتي: "اعتبار الزلزال غضباً من الله خطأ شائع في الثقافة الإسلامية، ويدخل في باب العقائدية والفكرية". مشدداً على أنّ هذه الأخطاء لا ينبغي أن تتسرب لهذه الهيئات الإصلاحية.

اعتبر عزيز أفتاتي، القيادي البارز في صفوف المصباح، أنّ البيان خطأ جسيم، ما كان ينبغي للأمانة العامة أن تساير عبد الإله بنكيران فيه

وتابع قائلاً: "أنا لا أتفق مع ذلك الكلام، لأنّه غير سليم من الناحية العقدية والفكرية، وهذه القناعة غير صحيحة، لأنّه لا يمكن أن نقول إنّ جزيرة الوقواق ضربها إعصار، وهذا غضب إلهي". مبدياً استنكاره قيام الأمانة العامة بإدراج كلام بنكيران ضمن بيانها.

وهاجم أفتاتي بنكيران قائلاً: "إنه إنسان صوفي، وأن تتسرب إليه مثل هذه الأفكار الخاطئة، فهذا أمر ليس مستغرباً، كما قد تكون عنده بعض المبالغات في كل الأحوال، وذلك ما كان ينبغي أن يضمن في البيان".

محاولات التبرير

في مواجهة انتقادات خصومه السياسيين، الذين وصفهم بـ "العلمانيين"، دافع بنكيران عن تصريحاته، مضيفاً أنّه يتمتع بخبرة طويلة كزعيم حزبي، ورئيس وزراء سابق.

الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، حاول تبرير البيان المأزوم، قائلاً إنّ "فتنة الزلزال"، التي ربطها بالمعاصي، لم يقصد بها أهالي الحوز والمناطق المتضررة، بل كان يعني بها المغرب بشكل أو بآخر.

وقال بنكيران في بث مباشر، حاول فيه تفسير البيان المثير للجدل، إنّ "المعاصي والذنوب قد يعاقب عليها، لكنّني تكلمت عن المغاربة بشكل عام، والقرآن فيه إشارات كثيرة حول ذلك". وتابع قائلاً "تكلمت عن جمع المال بالسلطة، والذين يريدون تشريع إباحة العلاقات الجنسية خارج الزواج، والمدافعين عن الخيانة الزوجية، والذين يسرقون المال العام".

وذكر أن اللائحة تشمل أيضاً الذين جيء بهم على غير منطق، ودون تمكين إلى المسؤوليات، ولم يستطيعوا إلى حد الآن القيام بواجبهم، فضلاً عن الذين يتاجرون بالمخدرات، مضيفاً في السياق: "هؤلاء الناس نجوا هذه المرة، ولكن المرة القادمة ليست مضمونة.. أطلب منكم أن تراجعوا نفسكم".

ويبدو أنّ بنكيران يصر على ربط الكارثة الطبيعية بالدين والسياسة، والمضي قدماً في توظيف محنة الشعب المغربي، لصالح التنظيم، كنهج إخواني لا يتغير.

مواضيع ذات صلة:

انفتاح إخوان المغرب على التصوف.. ما سرّ هذا الانقلاب؟

إخوان المغرب بين مزاعم المراجعات وانتهاج سياسات الماضي




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية