"فلسطينيو 48"... قمع وكراهية وتهديدات بالتهجير

"فلسطينيو 48"... قمع وكراهية وتهديدات بالتهجير

"فلسطينيو 48"... قمع وكراهية وتهديدات بالتهجير


22/11/2023

بعد العدوان الإسرائيلي على غزة وهجوم حماس في 7 تشرين الأول (أكتوبر) تنامت بشكل كبير مشاعر الكراهية والعنصرية تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية والمقيمين في داخل دولة الاحتلال؛ فإلى جانب التهديدات الوجودية التي تحيط بهم من حيث القتل على يد المستوطنين المتطرفين، وخطر التهجير إلى الدول المجاورة، فقد فُصل العشرات منهم من أعمالهم ووظائفهم، وطُرد آخرون من جامعاتهم، ومُنع طلاب صغار من الحضور إلى مدارسهم، وألغي الكثير من نشاطاتهم الاقتصادية، وتوقفت كل أشكال الدعم المادية لمؤسسات المجتمع المدني في المناطق العربية، هذا إلى جانب الملاحقات الأمنية التي طالت نشطاء وفنانين وشخصيات عامة، عبرت عن تعاطفها مع الفلسطينيين الذي يقتلون في غزة على يد آلة الحرب الإسرائيلية، وعن رفضها للعدوان على قطاع غزة.

 ورغم حمل "فلسطينيي 48" الجنسية الإسرائيلية، يتعرض الفلسطينيون داخل إسرائيل للتمييز العنصري في التعليم والعمل والسكن، وفق ما نشرته صحيفة (هآرتس) العبرية، وهو ما ظهر بشكل أكبر بعد الحرب الجارية على غزة.

 وحول الانتهاكات التي تعرضوا لها خلال الـ (45) يوماً الماضية، فقد اعتقلت سلطات الاحتلال (110) أشخاص من فلسطينيي 48، حسب مركز (عدالة) القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل.

ويتعرّض عدد من فلسطينيي 48 والقدس الشرقية المحتلة بشكل يومي لـ "الطرد من العمل أو السجن بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تتضامن مع قطاع غزة"، وفق وكالة (فرانس برس).

مركز (عدالة): اعتقلت سلطات الاحتلال (110) أشخاص من فلسطينيي 48، بتهم تتعلق بالتعبير عن موقفهم من العدوان على غزة

 وسجّلت منظمة العفو الدولية أكثر من (500) حالة تعرّض للعنف والاعتداءات الجسدية واللفظية والتمييز العِرقي ضد العرب في إسرائيل.

 وقد فضَّت الشرطة الإسرائيلية الوقفة التي نظَّمتها لجنة المتابعة العربية في الداخل، واعتقلت عدداً من المشاركين، من بينهم رئيس لجنة المتابعة محمد بركة، ورئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي سامي أبو شحادة، ونائب الأمين العام للتجمع يوسف طاطور، والنائب السابقة حنين زعبي، وقمعت الشرطة مظاهرات في حيفا وأم الفحم.

تحيط بهم التهديدات الوجودية من حيث القتل على يد المستوطنين المتطرفين، إلى جانب خطر التهجير إلى الدول المجاورة

 

 ووفق ما نقلت شبكة (سكاي نيوز)، فقد هاجمت مجموعة من اليهود المتطرفين الطلاب الفلسطينيين من مناطق 48 في سكن كليّة ناتانيا، ورفعت شعار "الموت للعرب"، وتم احتجاز الطلاب داخل السكن بعد الاقتحام، ولم يتمكّنوا وقتها من مغادرة المكان خوفاً من التعرّض للاعتداء.

 مركز (عدالة) رصد (99) حالة اضطهاد للطلاب من فلسطينيي 48 حتى تاريخ 27 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وتم تجميد تعليم (48) طالباً منهم.

 وأشارت الهيئة العربية للطوارئ، وائتلاف المجتمع المدني للطوارئ في المجتمع العربي، إلى وقوع (54) حالة إقالة من العمل، بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.

 وحول الموضوع قال رئيس بلدية الناصرة السابق سهيل دياب، وهي من المدن التي يكثُر فيها "فلسطينيو 48": "لا شك أنّ آثار العدوان الإسرائيلي على غزة ستطال كل المجتمع في إسرائيل، لكنّ الضرر الذي سيقع على الفلسطينيين سيكون الأكبر والأكثر خطراً.

كنعان: تتردد خطة نقل أكثر من (100) ألف مواطن فلسطيني في الداخل من منطقة أم الفحم حتى الوصول إلى كفر قاسم، وضمهم للضفة الغربية

 

ولم تتوقف تلك الانتهاكات على الحدود الشعبية، بل تجاوزتها لتحظى برعاية رسمية وبرلمانية، حيث بدأت حكومة نتنياهو في فرض قيود وتضييقات على العرب الفلسطينيين بالداخل.

 والحملة التي يقودها وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، الذي أعلن تسليح المستوطنين ضد الفلسطينيين، أثارت مخاوف بشأن انتهاكات حقوقية قد تطال المواطنين العرب بإسرائيل.

(99) حالة اضطهاد للطلاب من فلسطينيي 48 حتى تاريخ 27 تشرين الأول الماضي، وتم تجميد تعليم (48) طالباً منهم

 والقضية لا تطال فقط المواطنين العرب، بل وصلت إلى أعضاء الكنيست، وذلك بعد أن أوقف البرلمان الإسرائيلي نواباً عرباً، ومنهم: إيمان خطيب ياسين من القائمة العربية الموحدة، وعايدة توما سليمان من الجبهة الديمقراطية للسلام لانتقادهم الحرب.

 بدوره، اعتبر رئيس الحزب القومي العربي وعضو الكنيست السابق محمد حسن كنعان أنّ هناك مخاوف عديدة لدى الفلسطينيين في الداخل الإسرائيلي من القوانين التي تُسنّ في الكنيست، وتصرفات الوزير إيتمار بن غفير بما يتعلق بتسليح المواطنين اليهود، ومخاوف من كل ما يحدث من تضييقات على ما كان يسمّى بالديمقراطية في إسرائيل.

 وقال لوكالة (سبوتنيك): تم اعتقال أكثر من (150) طالباً وطالبة من المؤسسات الأكاديمية الذين عبروا عن موقف أو رأي أو مشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى منع حكومة إسرائيل للمواطنين العرب من التظاهر ضد قتل المدنيين من الأطفال والنساء في قطاع غزة.

أنور: إنّ الحرب أظهرت الوجه العنصري الحقيقي للجانب الإسرائيلي تجاه عرب فلسطين بالداخل

 

 وفيما يتعلق بقضية التهجير، قال: إنّه "يتردد من آن إلى آخر عن محاولة للعودة بالتفكير إلى ما قبل (15) عاماً، لخطة نقل أكثر من (100) ألف مواطن فلسطيني في الداخل من منطقة أم الفحم حتى الوصول إلى كفر قاسم، وضمهم للضفة الغربية للتخلص من ثلث السكان العرب داخل إسرائيل، باعتبار أنّ الاحتلال يخشى دائماً من التطور الديموغرافي للمواطنين العرب، ومن توجهاتهم، لأنّهم أكثر من يدعمون قضية الدولتين، والعودة إلى حدود الرابع من حزيران (يونيو)، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس".

 وأوضح كنعان أنّ القيادة العربية في الداخل برئاسة لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية تترقب ما يحدث، وتخاطب العالم والأمم المتحدة والهيئات الدولية بالوقوف ضد ما يتعرض له المواطنون العرب، وقضية التضييقات بمختلف الأصعدة وفي كل المجالات، وتضييق الخناق والتمييز العنصري المكشوف من قبل حكومة إسرائيل.

 ومضى قائلاً: "لن نسمح بنكبة ثانية للجماهير العربية داخل إسرائيل، نحن موجودون في وطننا وأرضنا، لسنا غرباء، هذا وطننا، وهذه قرانا العربية، ولن نتركها".

فلسطينيو 48 من أكثر المتضررين من الحرب؛ كون الغالبية منهم تعمل بأعمال مثل: البناء، والسياحة والفندقة، والمطاعم والمأكولات، التي تعطلت تماماً

 

 وفي الإطار ذاته، اعتبر الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور   أنّ هذه الحرب أظهرت الوجه العنصري الحقيقي للجانب الإسرائيلي، تجاه عرب فلسطين بالداخل، والذي بدأ ضدهم حملة واسعة من الترويع انطلاقاً من أعضاء كنيست سابقين وقيادات في لجنة المتابعة ومثقفين ومغنين تعاطفوا مع غزة.

 وتابع في حديثه لـ"وكالة "سبوتنيك": "لم تمنع هذه التحركات الفلسطينيين بالداخل من التعبير عن آرائهم واحتجاجهم بشكل سلمي وقانوني، حتى لا يعيد الاحتلال مرة أخرى قتل المتظاهرين، كما حدث في مرات سابقة".

فُصل العشرات من أعمالهم ووظائفهم، وطُرد آخرون من جامعاتهم، ومُنع طلاب صغار من مدارسهم، وألغي الكثير من نشاطاتهم الاقتصادية

 ورأى أنّ "الجانب الإسرائيلي متخبط، ويحاول أن يمارس المزيد من الضغوط والترهيب للعرب بالداخل، بعد أن ضيق عليهم سياسياً، وتم التعبير عن السكان داخل الكنيست بشكل مخالف للتركيبة السكانية الحالية، وفي الوقت نفسه زرع في داخل قراهم عصابات الجريمة المنظمة لتفتيت وتشتيت الجهد وبسط السطوة هناك".

وأوضح أنّ العرب الفلسطينيين يدركون جيداً أنّ هناك مخططات لترحيلهم بشكل جماعي، سواء طواعية أو من خلال الضغط، أو التمييز في المرتبات وفرص العمل، لكنّهم لن يرضخوا.

 وفقاً لشبكة (سكاي نيوز)، فإنّ فلسطينيي 48 من أكثر المتضررين من الحرب؛ كون أنّ الغالبية منهم تعمل بأعمال مثل: البناء، والسياحة والفندقة، والمطاعم والمأكولات، وهذه المجالات هي أوّل ما تُعاني من الضربات الاقتصادية، بجانب أنّ العنصرية ضدهم ستقلّل المعروض عليهم من وظائف.

منظمة العفو الدولية: أكثر من (500) حالة تعرض للعنف والاعتداءات الجسدية واللفظية والتمييز العِرقي ضد العرب في إسرائيل

 

 وتواجه ممثلة عربية معروفة اتهامات من بينها "التحريض على الإرهاب"؛ بسبب منشورات لها عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، أعربت فيها عن تضامنها مع قطاع غزة، وفق ما أكدت وزارة العدل الإسرائيلية في 29 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

 وكانت ميساء عبد الهادي (37) عاماً، التي تعيش في مدينة الناصرة بشمال البلاد قد اعتقلت قبل أسابيع لعدة أيام، وتم إطلاق سراحها إلى حين المحاكمة، وفقاً لوكالة (فرانس برس).

 ونشرت عبد الهادي على صفحتها عبر موقع (فيسبوك) صورة لجرافات تهدم السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل عندما بدأ هجوم حماس، وأرفقتها بعبارة "دعونا نتبع أسلوب برلين"، في إشارة إلى سقوط جدار برلين الذي كان يفصل بين ألمانيا الشرقية والغربية عام 1989.

 وعبر حسابها على (إنستغرام)، نشرت الممثلة صورة لسيدة إسرائيلية مسنّة تم اختطافها من قبل عناصر حماس إبّان الهجوم، وكتبت على الصورة "هذه الحجة مغامرة بحياتها" إلى جانب رموز ضاحكة.

 واعتبرت وزارة العدل أنّ قصص عبد الهادي التي يتابعها أكثر من (27) ألف مستخدم على المنصة، والتي "عبّرت من خلالها عن تعاطفها وتشجيعها ودعمها للأعمال الإرهابية" يمكن أن تتسبب في ظل هذه الظروف في ارتكاب عمل إرهابي".

 ودلال أبو آمنة، وهي مغنية وعالمة أعصاب، اعتقلت واحتجزت في الحبس الانفرادي لمدة ليلتين؛ بسبب نشرها صورة علم فلسطين مع عبارة "لا غالب إلا الله".

 وقالت المحامية عبير بكر، موكلة آمنة، لوكالة (فرانس برس): إنّه "تم التحفظ عليها لأنّها نشرت تعليقاً على (فيسبوك)".

الجانب الإسرائيلي متخبط، ويحاول أن يمارس المزيد من الضغوط والترهيب للعرب بالداخل

 وأضافت: "وضعوا الأصفاد في يديها وقدميها، وتعاملوا معها بإهانات وإذلال، يريدون أن يخيفوا الناس، وأن يلقنوهم درساً عبر دلال"، وتابعت: "لقد كتبت فقط جملة واحدة".

 وبالإضافة إلى كونها مغنية، فإنّ دلال أبو آمنة طبيبة وباحثة في علم الأعصاب في مدينة حيفا، ولديها مليون متابع على (إنستغرام).

 هذا، ونقلت شبكة (الحرة) تصريحات العديد من فلسطينيي الداخل، حيث عبّروا عن امتعاضهم من العنصرية التي تعصف بهم في إسرائيل، مؤكدين أنّ الحرب واحدة عليهم كإسرائيليين، سواء كانوا يهوداً أو عرباً، مسلمين أومسيحيين، إنّ الصواريخ التي تطلقها المقاومة لا تفرّق بين الأديان.

 ووفقاً لتقرير مطول لمجلة (فورين بوليسي)، فإنّه "بحلول نهاية الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، كان هناك نحو (156) ألف فلسطيني وجدوا أنفسهم داخل ما أصبح الحدود الرسمية لـ"دولة إسرائيل"، وأصبحوا لاحقاً مواطنين إسرائيليين. واعتباراً من عام 2020 بلغ عددهم حوالي (2) مليون نسمة (بما في ذلك فلسطينيو القدس الشرقية الذين يتمتعون بوضع الإقامة الدائمة)، ويشكّلون حوالي 20% من سكان إسرائيل)، منهم 1.9% من المسيحيين، بينما يشكل المسلمون 18%، والدروز 1.6%، وفقاً للمجلة.

مواضيع ذات صلة:

إحصائيات جديدة مرعبة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة

هل يشعل العداون الإسرائيلي على غزة حروب البحار؟

بعد زيادة طلب المستوطنين على الأسلحة.. هل ترتد على صدر إسرائيل؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية