جماعة الإخوان تمنع قائد الجيش السوداني من وقف الحرب، كيف يحدث ذلك؟

جماعة الإخوان تمنع قائد الجيش السوداني من وقف الحرب، كيف يحدث ذلك؟

جماعة الإخوان تمنع قائد الجيش السوداني من وقف الحرب، كيف يحدث ذلك؟


23/01/2024

في مقابلة مع تلفزيون (سكاي نيوز عربية)، قال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو: إنّ قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يتلقى الأوامر من رئيس الحركة الإسلامية بالوكالة  علي كرتي، ومن رئيس حزب المؤتمر الوطني المخلوع إبراهيم غندور، وإنّ الرجل يعمل لصالح الإخوان، وإنّه عضو في الجماعة (التنظيم)، لذلك لا يمتلك الإرادة الكافية لإنهاء الحرب والجنوح إلى السلام. 

لم يأتِ (حميدتي) بجديد، فعلاقة قائد الجيش السوداني بجماعة الإخوان المسلمين أمر معروف وشائع، ويعتقد محللون ومراقبون أنّ الرجل ما كان له أن يبلغ منصب المفتش العام للقوات المسلحة السودانية (الجيش)، وأن يصبح عضواً في اللجنة الأمنية التي تعتبر الحلقة الضيقة المقربة من الرئيس المخلوع عمر البشير، لولا أنّ ثمة رباطاً وعلاقة وشيجة بينه وبين الجماعة، هذا في الحد الأدنى، وإن كان الغالب أنّ الوصول إلى هذه المناصب الحساسة لم يكن مُتاحاً إلا لكوادر الإخوان.

عصر اللادولة

اعترف في لقاء سابق مع موقع صحيفة (السوداني)، القيادي والوزير والمستشار السابق في حكومة عمر البشير، وأحد قيادات جماعة الإخوان في السودان أمين حسن عمر، أنّ عبد الفتاح البرهان كان رئيساً لحزب المؤتمر الوطني (إخوان) في محلية (نيرتتي) بولاية جنوب دافور، وأنّ الرجل أخ مسلم منتظم في الجماعة، لكنّه يتحدث على الملأ بأنّه ينبغي حظر الحزب استرضاءً للثوار والسياسيين. 

علاقة قائد الجيش السوداني  بالجماعة هي التي أنتجت الحرب الراهنة

ويبدو جليّاً أنّ علاقة قائد الجيش السوداني  بالجماعة هي التي أنتجت الحرب الراهنة، وهي التي تدفع باتجاه استمرارها وحشد  المواطنين وتسليحهم في ظاهرة أعادت البلاد إلى عصر (اللا دولة) وإلى الفوضى، ممّا يهدد السودان بحرب أهلية ذات طابع قبلي عرقي، يمكن أن تؤدي إلى تقسيمه لعدة دول.

من يمنع السلام؟

يبذل الإخوان وسعهم لوأد أيّ مساعٍ لوقف الحرب، رغم خسارتهم الميدانية الجسيمة، لأنّ إنهاء الحرب يعني نهايتهم الحتمية، ويفسر مراقبون تنصل قائد الجيش من منبر جدة وسعيه لتنشيط منبر الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) المفوضة من قبل الاتحاد الأفريقي للتوسط في الأزمة السودانية، ثم انقلابه عليها لاحقاً، أنّ جماعته (الإخوان) ترسم له دوراً مُحدداً في المشهد الراهن، وهو أن يقبل أيّ دعوة للمفاوضات ثم ما إن تبلغ مراحلها الأخيرة حتى يوجه لها ضربة قاصمة، عن طريق بيانات شديدة اللهجة صادرة عن وزارة الخارجية التي يقوم بأعمالها الإخواني علي الصادق. 

لم يأتِ (حميدتي) بجديد، فعلاقة قائد الجيش السوداني بجماعة الإخوان المسلمين أمر معروف وشائع

 وكانت الخارجية السودانية التي تسيطر عليها جماعة (الإخوان) قد أصدرت السبت المنصرم بياناً أثار استغراباً واستهجاناً على المستويين الداخلي والخارجي؛ أعلنت خلاله أنّ  البرهان أبلغ الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله و(إيغاد) أنّ حكومته جمدت عضويتها في الهيئة وتجميد تعاملها معها، الأمر الذي عده مراقبون جنوحاً في الخصومة واستعداءً للمحيط الإقليمي والدولي، وهذا سلوك إخواني معروف في السودان، فقد خاصمت الحكومة الإسلامية، التي سيطرت على السودان (30) عاماً، العالم كله، وقسّمت البلاد، وأقعدت بها.  

بين البرهان والإخوان

علاقة عبد الفتاح البرهان بالجماعة، والعمل وفق توجيهاتها وأوامرها، هو ما يعطل مساعي السلام وإنهاء الحرب، فمتى ما خرج عن أسرها وحرر إرادته من قيودها، فستنتهي الحرب، لأنّ الجهة الوحيدة التي لا تريد للحرب أن تتوقف هي جماعة الإخوان، فيما ينتظر الشعب السوداني، وجنود الجيش الذين  أقحموا في حرب الجماعة على السلطة، بجانب قوات الدعم السريع، لحظة التوصل  إلى اتفاق طال انتظاره. 

بالنسبة إلى انسحاب الجيش السوداني من هيئة (إيغاد) وتجميد عضوية السودان فيها، فإنّ الخطوة سيترتب عليها المزيد من التعاطف الأفريقي مع قوات الدعم السريع، وكلما طال أمد الحرب، وحققت هذه القوات المزيد من الانتصارات، وتوسعت في السيطرة على المزيد من الولايات والمدن والبلدات، شدد قائدها أنّه يريد إنهاء الحرب وإحلال السلام؛ وأنّه مستعد لذلك، فيما تعنت قائد الجيش ومن خلفة جماعة الإخوان، سيكسب حميدتي وقواته المزيد من النقاط خارجياً وداخلياً، وهذا ما يحدث الآن. 

عودة إلى الماضي

 تاريخياً، يُعتبر السودان أكثر الدول الأفريقية على الإطلاق في إثارة الحروب الأهلية الداخلية، فمنذ عام 1955، قبيل استقلاله بعدة أشهر، اندلع نزاع مسلح بين حركة (أنانيا) في جنوب السودان وحكومة السودان استمر حتى عام 1972، حتى انتهى إلى اتفاقية سلام تم توقيعها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. 

في عام 1983 اندلع القتال مجدداً بين المتمردين الجنوبيين والحكومة والجيش السوداني، ولكن هذه المرة كان على قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان المتمردة في جنوب البلاد جون قرنق دمبيور، إلى أن وضعت الحرب أوزارها باتفاق سلام في (نيفاشا) بكينيا عام 2005، أعقبه  اتفاق سلام دارفور بين حركة تحرير السودان والحكومة بالعاصمة النيجيرية أبوجاـ واتفاق سلام الشرق في العاصمة الإريترية أسمرا عام 2006، ثم اتفاق سلام جوبا، في تشرين الأول (أكتوبر) 2020، فماذا يعني هذا؟ 

يجيب مراقبون: إنّه يعني أنّ كل اتفاقيات السلام السودانية تمّت داخل القارة الأفريقية، خصوصاً في شرق أفريقيا التي تملثها (إيغاد) نفسها، وعليه فإنّ الأرجح، طال الوقت أم قصر، هو عودة البرهان إلى منبر (إيغاد)، أو خلق منبر أفريقي جديد يقوم بالمهمة. 

نهاية الإخوان 

لا يستطيع الإخوان المسلمون ولا الجيش السوداني تجاوز أفريقيا في مسألة الحرب والسلام السودانية؛ لكنّ الجماعة تحاول الضغط على الاتحاد الأفريقي الذي لا يعترف بحكومة انقلاب البرهان، لتغيير موقفه، وهذا أمر مستحيل. 

تتعامل الدول الأفريقية وفقاً لقرار الاتحاد الأفريقي بعدم الاعتراف بالانقلابات العسكرية، مع البرهان وحميدتي على حدٍّ سواء، باعتبارهما رئيس مجلس السيادة ونائبه، وأنّ الحرب بين فصيلين من  فصائل الجيش السوداني، ولا أفضلية لأحد منهما على  الآخر، فيما ينتظر الإخوان تفضيلاً إقليمياً ودولياً لحكومتهما التي هربت من الحرب في الخرطوم إلى مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، وهذا لن يحدث أيضاً. 

إذاً، لم يتبقَّ شيء، سوى القبول بالمفاوضات وإنهاء الحرب  على طاولة حوار في البيت الأفريقي، وهذا ما لا يريده الإخوان المسلمون، لأنّ تقارب البرهان وحميدتي والقوى المدنية والثورية، يعني ببساطة شديدة نهايتهم الحتمية. 

مواضيع ذات صلة:

الدعم الإنساني الإماراتي للسودان وعرقلة الإخوان عمليات الإغاثة

مُتكئاً على عصا الجيش السوداني ... قائد ميليشيات الإخوان ينفخ كير الحرب

صدام الجيش السوداني والإخوان السيناريو الأكثر ترجيحاً بعد سيطرة الدعم السريع على "ود مدني"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية