تفكيك واقع الإخوان المأزوم: كيف سقط خطاب المظلومية؟

تفكيك واقع الإخوان المأزوم: كيف سقط خطاب المظلومية؟

تفكيك واقع الإخوان المأزوم: كيف سقط خطاب المظلومية؟


24/07/2023

التشريح التاريخي لتنظيم الإخوان وتحديداً بعد اغتيال المؤسس حسن البنا يكشف أنه تنظيم قائم على فكرة المظلومية، وأنّ هناك مؤامرة على الإسلام يجب أن تنهض جماعة من المسلمين للتصدي لها، بالطبع جماعة المسلمين الوحيدة طبقاً لأدبيات التنظيم هي جماعة الإخوان.

فكرة طرحها الباحث في الشأن السياسي كريم شفيق في مقال منشور على موقع قنطرة بعنوان "إخوان ما بعد حسن البنا: معضلة التأسيس الثاني للأيدولوجيا والتنظيم".

يرى شفيق أنّ نجاح سيد قطب في توظيف فكرة المظلومية في سياق آخر وعلى مستوى حركي أكثر عمقاً وتنظيماً، بحيث أضحت المحنة التي سيتم التأصيل النظري لها في التأسيس الثاني للجماعة من خلال ما سيعرف بـ"فقه الابتلاء" و"فقه الثبات" و"فقه المحنة"، ضرورة أو عتبة رئيسية للوصول لمرحلة التمكين. أي تمكين الفئة المصطفة الثابتة التي لم تهتز الأرض أسفلها، أو تتعرض لخرق في ما يخص إيمانها العقيدي، وفق التعبير القرآني: "وليمحص الله الذين آمنوا".

تلك الرؤية تم تدشينها كرأس مال رمزي للتنظيم عاش عليها حتى عام 2013، لكنها لم تعد تصلح بعد سقوط التنظيم المدوي في مصر حزيران (يونيو) من العام نفسه، أو ربما دب الشقاق بين أعضاء التنظيم على ضرورة التأطير النظري لأعمدة فكرية حداثية تحمل المشروع الإسلاموي بعيداً عن نظرية المؤامرة على الإسلام التي سيطرت على أدبيات جماعة الإخوان فترة الخمسينات والستينات مع ذيوع كتابات سيد قطب، ولاحقاً انتشار كتابات قادة فكريين للتيار الإسلاموي في المقدمة منهم أنور الجندي ومحمد البهي وزينب الغزالي.

البحث عن مسارات أخرى داخل التنظيم دشن زلزالاً من الخلافات بين عناصر الجماعة في الداخل والخارج لم يتوقف منذ كانون الأول (ديسمبر) 2015، وهو التاريخ الذي صدر فيه قرار بإيقاف أربعة من أعضاء مكتب الإرشاد ألقى عليهم بقية أعضاء المكتب مسؤولية الحراك المسلح للجماعة منذ شباط (فبراير) 2014 والذي لم يتوقف إلا في عام 2019.

اللجوء إلى العمل النوعي

طبقاً لاعترافات مفتي جماعة الإخوان في مصر عبد الرحمن البر، في تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، حزيران (يونيو) 2015، فإنّ محمد كمال رئيس لجنة إدارة الأزمة داخل الإخوان، أو اللجنة الإدارية العليا، منذ شباط (فبراير) 2014، التي شكلها مكتب شورى الإخوان لإدارة التنظيم في الداخل بعد القبض على المرشد محمد بديع، هو صاحب فكرة إنشاء اللجان النوعية والفرعية وهو الذي وضع خطة وآليات تمويل تلك اللجان التي تقوم بعمليات إرهابية في أنحاء البلاد.

غلاف كتاب المؤامرة على الإسلام

أيد تلك الأقوال عضو مكتب الإرشاد محمود غزلان، في اعترافاته بنفس القضية أمام نيابة أمن الدولة العليا، وهى نفس الأقوال التي تبادلها بعض أعضاء التنظيم الدولي للإخوان؛ أنّ كمال هو صاحب مخطط العمل النوعي، وهو مؤسس ما عرف بتنظيمات سواعد مصر – حسم – وتنظيم لواء الثورة، بمساعدة كل من يحيى موسى وعلاء السماحي الموضوعين على قوائم الإرهاب في أمريكا منذ عام 2021.

اللافت للانتباه أنّ محمد كمال ذكر في خطاب انفردت جريدة الشروق المصرية بنشر مقتطفات منه أنّ المسؤول عن اللجان النوعية هو محمد عبد الرحمن المرسي مساعد نائب المرشد.

تعددت القراءات للمشهد إلا أنها اتفقت على وضوح الهدف من جميع التيارات العاملة تحت مسمى الإخوان المسلمون، وهو تأسيس دولة إسلاموية على نهج حسن البنا

الخطاب المنشور في 8 أيلول (سبتمبر) 2015 جاء فيه على لسان محمد كمال حديث عن هيئة شرعية تشكلت بمباركة مكتبة إدارة الأزمة ومباركة مفتي الإخوان عبد الرحمن البر وأن تلك الهيئة الشرعية أصدرت بياناً يجيز عمليات القتل في حالات بعينها ضد رجال ومسؤولي الدولة، معرباً فيه عن دهشته من تبرؤ أعضاء مكتب الإرشاد المحسوبين على نائب المرشد محمود عزت من تلك الجبهة.

الصراع الذي استمر لمدة عام تقريباً، بين أعوام 2014 و 2015 ومنتصف 2016 أسفر عن أكثر من جبهة داخل الإخوان، الأولى جبهة محمد كمال مسؤول أول لجنة لإدارة التنظيم بعد سقوط حكم الإخوان لمصر في حزيران (يونيو) 2013 والتي نسب إليها علميات العنف والمعروفة حالياً باسم المكتب العام – تيار التغيير، والثانية جبهة تنظيم الإخوان بقيادة رجال نائب المرشد محمود عزت، والتي تفرعت بدروها لاحقاً إلى جبهتين، الأولى جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة والتي اختارت رجل الأعمال البريطاني من أصل مصري مصطفى طلبة قائماً بأعمال المرشد، والثانية جبهة لندن والتي اختارت إبراهيم منير قائماً بأعمال المرشد وبعد وفاته انتقلت المهام إلى صلاح عبد الحق مسؤول لجنة التربية في التنظيم الدولي.

شاهد عيان على بوادر الأزمة

العضو السابق بجماعة الإخوان المسلمين عماد علي عبد الحافظ عاصر بدايات الشقاق والمطالبات بالتغيير بعد السقوط المدوي للتنظيم في 30 حزيران (يونيو) 2013.

يتذكر عماد عبد الحافظ: "بعد القبض على أغلب أعضاء مكتب الارشاد أُجريت انتخابات بين من تبقى خارج السجن وتشكلت اللجنة الإدارية العليا لإدارة شؤون الجماعة ومسؤولاً عنها عضو مكتب الإرشاد محمد كمال إلى جوار أسماء أخرى مثل مجدي شلش ويحيى موسى".

عماد علي عبد الحافظ: التنصل من جبهة محمد كمال ليس معناه مثلاً أن جبهة محمود عزت والقيادات التي معه ترفض العنف

يضيف عبد الحافظ: "اتخذ كمال مسار العمليات النوعية المسلحة واستمر عاماً كاملاً على ذلك المسار، وفي 2015 أجرى بعض قيادات الإخوان داخل اللجنة تقييماً لتحركاتهم خلال عام فوجدوا أنّ ذلك مسار سلبي جداً على الجماعة، هنا تم حل اللجنة ودشن التنظيم لجنة إدارية أخرى ومن هنا بدأ الخلاف".

يقول عبد الحافظ: "في تلك الفترة كنا نخرج في المظاهرات حتى 2016 لكن فيما يخص الأعمال النوعية التي نفذها الإخوان لم يكن يعلن أمامنا أنهم المسؤولون عنها حتى أننا عندما كنا نسمع تلك الأخبار كان يتم نفيها من المسؤولين الأعلى، لاحقاً أدركنا أنّ لدى الإخوان نوعاً من الازدواجية في خطاباتهم، فمن ينفذ العمل النوعي هو فقط من يعرفه على العكس من أفراد الجماعة غير المنتمين لتلك اللجان".

يستكمل عبد الحافظ: "مع إدراك حجم الأضرار التي تسببت فيها طريقة العمل المعتمدة بعد 2013 وحتى نهاية 2015 حل التنظيم اللجنة وصدرت قرارت بإيقاف محمد كمال وتشكيل لجنة أخرى والترويج لفكرة أنّ الجماعة سلمية ولم تتخذ سبيل العنف وأن من وقع في شراك العنف مجرد مجموعة انشقت عن الإخوان".

يلفت عماد على عبد الحافظ إلى أنّ حسن البنا المؤسس عبارة عن وجهين يستند إليهما المختلفين وهي مرجعية الإخوان في مساراتهم؛ "فلو قرأت كلام البنا ستجد جزءاً يؤخذ على محمل السلمية وأنه رجل مصلح اجتماعي وسياسي، وهناك الجانب الآخر الثوري الذي يتحدث فيه عن التغيير بالقوة لذلك وجدت كل مجموعة من المختلفين ما يدعم موقفها من خطاب البنا ذاته سواء العمل الثوري المسلح أو فكرة السلمية والإصلاح الاجتماعي". مضيفاً: "حتى في الوثيقة التي نشرتها جبهة محمد كمال بعنوان "فقه المقاومة الشعبية للانقلاب"، كانت تتحدث بالكامل أنّ تلك أفكار حسن البنا وأنه لم يكن رجلاً سلمياً لكنه تحدث عن التغير بالقوة".

يشرح عبد الحافظ: "بالتالي يقصد بتيار التغيير هنا ليس مراجعة أفكار الجماعة أو مشروعها وأهدافها لكن الجانب الثوري ضد الممارسات التي تتم من القيادات الأخرى، فالتغيير هنا ضد القيادات الأخرى التي رفضت المسار الذي اتخذته جبهة محمد كمال".

يستدرك عبد الحافظ: "والتنصل من جبهة محمد كمال ليس معناه مثلاً أن جبهة محمود عزت والقيادات التي معه ترفض العنف، كل ما هنالك أنّ تلك القيادات وجدت العمل المسلح غير مجدي في تلك المرحلة، فالأهم لدى الجماعة هو الحفاظ على الهيكل التنظيمي فلو كان المسار الذي سنسير فيه يضر بالهيكل نتوقف عن السير فيه بل وننكر أننا سرنا فيه من الأساس".

التنظيم الإسلاموي واعتماد الخطاب الثوري

لفت عضو الجبهة السلفية أحمد فريد مولانا في دراسة نشرها المعهد المصري للسياسات في إسطنبول - المحسوب على جبهة تيار التغيير -  بعنوان "حسم ولواء الثورة – الخطاب والممارسة" إلى اعتماد اللجنة النوعية للتنظيم خطاباً ثورياً غير محمّل بأي أيديولوجية دينية: "اختارت دوماً أسماء نضالية ثورية عمومية، وفرغت خطابها وعناوينها من أية حمولة إسلامية تشير لأيديولوجيتها، فكانت على سبيل المثال حركات كـ «العقاب الثوري» و«المقاومة الشعبية» وعدد آخر من الحركات بأسماء وتنوعات مختلفة لإعطاء انطباع بكثرة وتنوع الجهات المقاومة".

تلك الفترة التي سيطر فيها تيار التغيير – الكماليون- ، والتي أصدرت في تلك المرحلة عدة أوراق تعتبر وثائق تكشف المشهد، أبرزها وثيقة بعنوان "فقه المقاومة الشعبية للانقلاب"، والتي استدل من خلالها مكتب إرشاد الإخوان على شرعية المقاومة معتبراً ذلك عملاً ثورياً مسلحاً، ثم أصدر لاحقاً شباب تيار التغيير مسودة مشروع آخر بعنوان رؤية، ثم مشروع ثالث بعنوان "وثيقة المكتب العام" أطلقه التيار عام 2022 في مقر تواجده باسطنبول.

تلك الخلافات التي ذهب بها البعض إلى تفسيرات عديدة بعيدة عن حقيقة المسألة طرحت السؤال الأهم عن صدق وجود خلاف فكري حقيقي داخل التنظيم من عدمه.

الباحث في الشأن السياسي عمرو فاروق يرى أنه رغم وجود خلافات حقيقية داخل التنظيم إلا أنها تندرج تحت إطار الخلاف الفكري الحركي: "الجماعة لديها خلافات حول بعض النقاط الخاصة باستراتيجية عملها في المرحلة الراهنة والخلاف الفكري هنا ليس مقصوداً به الخلاف حول أدبيات الجماعة أو الثوابت لكن الخلاف فيما يندرج تحت الإطار الحركي في تلك المرحلة".

عمرو فاروق: الجماعة ترى أنها تتفق مع الإسلام كشرع، فكل ما يفعله الاخوان يمثل الإسلام وذلك خطأ فادح

يشرح فاروق: "جبهة لندن مثلاً لديها رؤية فيما يخص المرحلة الراهنة والتي تم ترجمتها فيما عرف بـ "وثيقة لندن" وهي تشير إلى أنّ الجماعة ستعيد حساباتها مرة أخرى وفقاً للمنطلقات والمتغيرات الجديدة وخاصة السياسية؛ لأنّ جبهة لندن ترى أنّه لا بد من غلق التنظيم مؤقتاً والانفتاح كتيار فكري منتشر داخل المجتمعات العربية والتخلي عن أي صدام مع الأنظمة السياسية والتوقف عن العمل السياسي والاجتماعي المعلن وإعادة هيكلة التنظيم".

يضيف فاروق: "جزئية الخلاف الفكري هنا ليست فيما يتعلق بثوابت التنظيم ولكن فقط فيما يتعلق بالجوانب الحركية، بمعنى ماذا سيعود على الجماعة من النشاط السياسي؟ وهل يتوافق ذلك مع المرحلة الراهنة أم لا؟ وهل سيؤدي ذلك إلى المزيد من الخسائر أم لا؟ وضرورة تحديد الموقف من النظام المصري والتعامل معه على أنه شرعية قائمة، وجميع هذه الأمور يتم صياغتها في إطار فكري حركي".

الباحث المصري عمرو فاروق: الانشقاق الحاصل في الإخوان ليس صراعاً على المنصب بقدر ما هو صراع على الأفكار والإطار الحركي، وهذا ما توضحه البيانات والتراشقات

يستطرد عمرو فاروق: "بالنسبة لمجموعة محمود حسين فالجميع يعلم أنها ترفض الاعتراف بشرعية النظام الحالي وترفض فكرة وقف المد الثوري وخطابها نفسه يحمل الكثير من العنف وترفض وقف العمل السياسي أو أي نشاط سياسي وبالطبع كل هذه الأمور محل خلاف وهنا الخلاف لا يندرج تحت بند المراجعات الفكرية، فالجماعة هنا لا تجري مراجعات على المستوى العام مثل موقفها من أفكار حسن البنا وسيد قطب لكن بالعكس ستأخذ من أفكار حسن البنا وسيد قطب ما يدلل على موقفها الراهن وفقاً للمتغيرات الحالية على اعتبار أنهم يجملون أفكار حسن البنا وأن بها نوعاً من المرونة التي تتفق مع المتغيرات الحالية".

يلفت عمرو فاروق إلى أنّ الانشقاق الحاصل ليس صراعاً على المنصب بقدر ما هو صراع على الأفكار والإطار الحركي: "تلك مسألة واضحة جداً حتى من خلال البيانات وحالة التراشق الموجودة من أتباع الجانبين مثل الموقف من النظام والتخلي عن السياسة والتخلي عن بعض أفكار حسن البنا وسيد قطب وهو تراشق متبادل بين الجبهتين، فالخلاف إذاً حقيقي وذلك نتيجة أنّ الجماعة طول الوقت تسير خلف نداء المظلومية وأنها لم تخطئ أو أنّ الجماعة لا تحتاج إلى المراجعات الفكرية".

يشرح فاروق: "الجماعة ترى أنها تتفق مع الإسلام كشرع، فكل ما يفعله الاخوان يمثل الإسلام وذلك خطأ فادح لأنّ سقوط الإخوان لا يعني سقوط الإسلام  وتجربة الإخوان لا علاقة لها بالإسلام كمنهج وشرح، لكنها تخص الإخوان كأشخاص".

تيار علمنة الإخوان

عام 2005 طرح أحد قادة الإخوان في أسيوط مشروعاً للتقريب بين فكرة الدولة الإسلامية ومدى إمكانية تقاربها مع الدول العلمانية الحديثة، قوبل المشروع بالرفض ما نتج عنه استقالة علي عبد الحفيظ صاحب المشروع، الأستاذ بكلية الآداب جامعة الوادي الجديد، والذي استقر على تقديم فكرته في كتاب صدر لاحقاً تحت عنوان "تيار بديل".

علي عبد الحفيظ تطرق في تصريح صحفي منشور عام 2018 بموقع "المرجع" إلى الحروب التي نشأت بين بعض التيارات الإسلامية لتجييش واحتشاد العوام عن طريق إثارة الخوف والقلق على الدين، باستخدام مقولة  (الإسلام في خطر)، معتبراً أن هذا المنطق لا يراعي الحفظية المتواترة بالنصوص، واستحالة اجتماع الأمة على الضلال، ومن ثم انصبت جهود الحركات الدعوية على مخاطبة الوجدان بعد أن فسد العقل، مما حول حياة المسلمين إلى قلق دائم غمر حياتهم، وشوشر على أنماط تفكيرهم.

أطروحة عبد الحفيظ لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، سبقه إليها تنظيم الإخوان القطري بقيادة جاسم سلطان الذي قرر حل التنظيم نهاية التسعينات، ثم أسس لاحقاً ما عرف بـ "أكاديمية التغيير" ومقرها الدوحة والتي عملت على تدريب العديد من الشباب المنتمين لما عرف بالإسلام المستقل عن أي تنظيم، ليخرج بعضهم مؤسساً مراكز بحثية ودور نشر اهتمت بنشر كتب تحتوي أفكاراً ورؤى لا دينية في بعض الأحيان إلى جوار كتب في تجديد الخطاب الديني، جاسم سلطان نفسه ألف كتاباً نشر عام 2017 بعنوان "أزمة التنظيمات الإسلامية – الإخوان نموذجاً"، قدم من خلاله نقداً لأفكار حسن البنا وسيد قطب، أو بمعنى أشمل أعاد قراءة أفكارهم في سياقها التاريخي.

سلطان يعتبره محللون أقرب للفكر العلماني الآن، علماً بأنه يسعى لتدشين دولة إسلامية تتبنى مشروعاً للنهضة، وأطلق قبل عامين في مؤتمر عقد بأسطنبول مشروعاً عنوانه "أكاديمية الصفوة"، تبنى من خلاله تأسيس مجتمع إسلامي عن طريق التغيير من أسفل، بنشر أفكار النهضة بين الأجيال الجديدة من الشباب العربي.

الكاتب الصحفي هاني عبد الله لفت إلى مسألة مهمة في التعامل مع تنظيم الإخوان سواء في الداخل المصري أو في أوروبا ودول الخليج، مشيراً إلى أننا نقف أمام تنظيمين وليس تنظيم واحد: "هناك تنظيم خاص بالمنتمين للجماعة من أبناء كل دولة، وهناك جزء آخر لم يكن ظاهراً خلال الفترة الفائتة ويتعلق بالمصريين الذين هاجروا بعد المحنتين الأولى والثانية، أقصد 1954 ومحنة 1965؛ فوفقاً لأدبيات الإخوان خرج كثير من المصريين واستقروا في الخليج وأوروبا، وهؤلاء المصريون كان وضعهم التنظيمي يتبع ما يسمى "رابطة الإخوان المصريين العاملين بالخارج"، تلك الرابطة كيان مهم جداً.

هاني عبد الله: المنهج الأحدث الذي اعتمده جهاز التربية في التنظيم الدولي للإخوان اعتمد بشكل كبير على مؤلفات سيد قطب

يوضح عبد الله أننا حين نتحدث عن تنظيم إخوان قطر مثلاً الذي حل نفسه بقيادة القطري جاسم سلطان، فإننا نظل أمام التنظيم الثاني: "تلك الرابطة بقيت حتى بعد حل التنظيم القطري بقيادة جاسم سلطان تعمل تحت مظلة رابطة المصريين العاملين في الخارج فرع قطر".

يستدرك عبد الله: "لعبة الإسلاميين المستقلين التي ظهرت في مصر بداية سنة 2000 والتي تصدّرها أسماء مثل محمد سليم العوا وطارق البشري وفهمي هويدي هي نفسها التي يمارسها جاسم سلطان الآن؛ فكرة إعادة تصدير وتجميل وجه التنظيم أمام منتقديه".

يضيف عبد الله إلى أننا طول الوقت "كنا أمام دعوات تظهر داخل التنظيم حتى على المستوى المحلي مثل دعوات التيار البديل في 2007 والتي قدمها عضو التنظيم علي عبد الحفيظ، لكنها تظل مجرد دعوات تختفي سريعاً".

يلفت عبد الله إلى أنّ مجموعة المنظرين التي كانت تنتمي تنظيمياً في فترة من الفترات ثم خرجت من التيار أو طرحت طرحاً بديلاً إنما هي محاولات في المقام الأول تستهدف نقطتين: تجميل وجه التنظيم أمام منتقديه، ومحاولة رفع عبء الإخفاقات في مواجهة السياسات الأمنية التي تحاوط التنظيم".

يستكمل عبد الله: "بالتالي نجد كل فترة تجارب للخروج مثل تجربة عبد المنعم أبو الفتوح، لكن هل جرؤ أحدهم أن يتخلص من تراث سيد قطب داخل التنظيم وهل المناهج التربوية والمناهج التي تدرس داخل التنظيم تخلصت من أفكار سيد قطب؟ لم يحدث".

يضيف عبد الله: "المنهج الأحدث الذي اعتمده جهاز التربية في التنظيم الدولي للإخوان اعتمد بشكل كبير على مؤلفات سيد قطب، وبالمناسبة أتحدث هنا عن أحدث حقيبة تربوية في جهاز التربية التابع للتنظيم الدولي".

تعددت القراءات للمشهد إلا أنها اتفقت على وضوح الهدف من جميع التيارات العاملة تحت مسمى الإخوان المسلمون، وهو تأسيس دولة إسلاموية على نهج حسن البنا، لكن هل يتمخض الخلاف الدائر حالياً داخل الإخوان عن جديد؟

 مسألة قد تكشفها الأيام المقبلة.

مواضيع ذات صلة:

هل انتهى زمنُ الإخوان المسلمين في أوروبا؟

الإخوان المسلمون و"الجهاد العالمي".. بدايات الدم



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية