تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين إيطاليا والإمارات... ما أبرز آفاق التعاون؟

تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين إيطاليا والإمارات... التفاصيل

تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين إيطاليا والإمارات... ما أبرز آفاق التعاون؟


07/05/2023

يبدو أنّ رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني بعد (6) أشهر من فوزها في الانتخابات، تسعى تجاه تطوير علاقات إيطاليا مع دول الخليج بشكل عام، ودولة الإمارات العربية بشكل خاص، فقد أعلنت إيطاليا الأسبوع الماضي عن إنهاء كامل وفوري لحظر الأسلحة على الإمارات العربية المتحدة، الذي فرضته حكومة جوزيبي كونتي السابقة، في كانون الثاني (يناير) 2021، الأمر الذي دفع الإمارات إلى إخلاء قاعدة عسكرية إيطالية رئيسية في البلاد، وفرض حظر على وصول الطائرات الإيطالية إلى مجالها الجوي.

وتسعى ميلوني، التي زارت أبو ظبي في آذار (مارس) الماضي، لوضع حد للتوترات السابقة؛ في أعقاب توقيع شراكة استراتيجية بين إيطاليا والإمارات الشهر الماضي، ممّا يستلزم، بحسب تقرير مطول بالإنجليزية لموقع "المونيتور" الكندي، "تعميق آفاق التعاون في المجالات ذات الاهتمام الاستراتيجي المشترك، بما في ذلك التعاون السياسي والدبلوماسي والدولي والاقتصادي والتجاري".

شراكات اقتصادية ضخمة

أبرمت شركة الطاقة الإيطالية (إيني) في آذار (مارس) الماضي اتفاقية تعاون مع شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)؛ تهدف إلى توسيع الاستثمارات المشتركة، وفرص البحث والتطوير في قطاع النفط والغاز. كما تتضمن الاتفاقية خططاً لاستكشاف فرص بحثية جديدة في مجال الطاقة المتجددة والمستديمة.

تسعى ميلوني التي زارت أبو ظبي في آذار (مارس) الماضي لوضع حد للتوترات السابقة

وفي هذا السياق، أكد إيرين إيفاناج، خبير الشؤون الإيطالية، لـ "لمونيتور" أنّ إيطاليا واجهت مشاكل في تطوير مشاريع الطاقة الخاصة بها، ممّا جعلها أكثر اعتماداً على الواردات، وبعد الضعف الناجم عن التخلي عن الغاز الروسي، فإنّ رغبتها في شراكات طاقة جديدة، تُعدّ دافعاً رئيسياً لتطوير العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة".

رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني بعد (6) أشهر من فوزها في الانتخابات، تسعى تجاه تطوير علاقات إيطاليا مع دول الخليج بشكل عام، ودولة الإمارات العربية بشكل خاص

ولدى إيطاليا كذلك مصالح ضخمة مع الإمارات، في مجال التجارة غير النفطية، حيث إنّ العديد من الشركات الإيطالية المملوكة للدولة جزئياً أو كلياً، تقوم أو تتجه نحو القيام بأعمال تجارية مع الإمارات العربية المتحدة، لذلك من المرجح أن يزداد الاستثمار الثنائي بين البلدين، خاصّة أنّ إيطاليا هي الشريك التجاري الأول في الاتحاد الأوروبي مع الإمارات العربية المتحدة، حيث تعمل أكثر من (600) شركة إيطالية في الإمارات، وفقاً لوكالة ترويج التجارة الإيطالية (ICE).

مصالح استراتيجية مشتركة

بحسب تقرير "المونيتور"، ليست العلاقات الثنائية فقط هي التي تنمو بين البلدين، ولكن هناك مصالح استراتيجية مشتركة أيضاً، خاصّة بعد أن رسخت أبو ظبي نفسها كقوة إقليمية مؤثرة في المنطقة في الأعوام الأخيرة، ممّا يعني أنّ روما في حاجة دائمة إلى التنسيق مع أبو ظبي، إن أرادت التفاعل مع أزمات المنطقة.

على المستوى الجيوسياسي، هناك رغبات لتعزيز التعاون الثنائي في سيناريوهات مختلفة، ممّا يمكن أن يؤدي إلى شراكات أقوى بين روما وأبو ظبي، بحسب تصريحات ريكاردو ريديلي، أستاذ الجغرافيا السياسية في ميلانو، لـ "المونيتور".

تريد ميلوني أيضاً تركيز دور روما في الفناء الخلفي لها في البحر المتوسط، وقد تجلى ذلك في ليبيا، وأصبحت مصالح البلدين هناك أكثر انسجاماً، ورغبة في تسوية الصراع، ودعم العملية السياسية، حيث يمكن لإيطاليا من التكيف مع دور الإمارات في ليبيا، وزيادة التعاون بينهما في بناء الأمن في ليبيا.

ليست العلاقات الثنائية فقط هي التي تنمو بين البلدين، ولكن هناك مصالح استراتيجية مشتركة أيضاً

وبالحديث عن مزيد من التعاون الأمني بين الإمارات وإيطاليا، يتوقع "المونيتور" أيضاً تدريبات عسكرية مشتركة في المستقبل بين البلدين، كما سلط الضوء على رغبة الإمارات في الاستفادة من الأنظمة الأمنية الإيطالية، وتجديد الصادرات العسكرية.

على نطاق أوسع، تواصلت إيطاليا مع دول إقليمية أخرى من أجل شراكات في مجال الطاقة، بما في ذلك الجزائر ومصر، حيث تريد روما بناء جسور جديدة مع القاهرة، وهو الأمر الذي قد تساعد عليه أبو ظبي، في ضوء التنسيق الجاري بين البلدين الشقيقين في كافة الملفات الإقليمية.

بالحديث عن مزيد من التعاون الأمني بين الإمارات وإيطاليا، يتوقع موقع المونيتور أيضاً تدريبات عسكرية مشتركة في المستقبل بين البلدين

وبحسب تقرير "المونيتور" أيضاً، من المتوقع أن يتجاوز التعاون بين إيطاليا والإمارات حدود البلدين، حيث أعلنت إيطاليا عن خطة (ماتي) لأفريقيا، مستوحاة من مؤسس إيني (إنريكو ماتي)، الذي تصور نهجاً قوياً للتضامن ضمن السياسة الاقتصادية الغربية التقليدية، وعلى الرغم من أنّ هذه الخطة ما تزال في مراحلها التكوينية، إلّا أنّ هذه الخطة تسعى لخلق تعاون اقتصادي واسع وفعّال في مجال الطاقة في شمال أفريقيا، وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وهو الأمر الذي من المرجح أن يؤدي إلى إطلاق مبادرات ثنائية إيطالية إماراتية لدعم التنمية والاستقرار.

مثل هذا التعاون من المرجح أن يظهر كذلك في القرن الأفريقي، بالنظر إلى العلاقات التاريخية لإيطاليا بالمنطقة، والنفوذ الجيوسياسي والاقتصادي الكبير لدولة الإمارات العربية المتحدة هناك، ولذا فإنّ الاستقرار في القرن الأفريقي مهم للبلدين؛ لقرب المنطقة من التجارة البحرية عبر البحر الأحمر، في حين أنّه مصدر للهجرة إلى إيطاليا عبر ليبيا، ممّا يعني أنّ إيطاليا أيضاً أكثر رغبة في ضبط المنطقة، وربطها بمشروعات تنموية.

التعاون في منطقة المحيط الهندي

تقرير "المونيتور" سلّط الضوء على نقطة مهمّة، وهي أنّ علاقات إيطاليا مع الإمارات  تعزز أهدافها في منطقة المحيطين؛ الهندي والهادئ، حيث تهتم حكومة ميلوني بهذه المنطقة الحيوية من العالم. وزارت ميلوني نيودلهي قبل وصولها إلى أبو ظبي في آذار (مارس) الماضي، حيث عززت إيطاليا والهند العلاقات الثنائية، لا سيّما في مجال التعاون الدفاعي.

وعلى الرغم من أنّ الإمارات العربية المتحدة قد طورت من علاقاتها الثنائية القوية مع الصين، فإنّ قربها من المحيط الهندي يعني أنّ إيطاليا يجب أن تحافظ على وجود علاقات قوية معها هناك؛ لمساعدتها على العمل مع شركائها في المحيطين الهندي والهادئ.

ويؤكد تقرير "المونيتور" أنّ رغبة إيطاليا في استعادة العلاقات مع الخليج، والإمارات العربية بشكل خاص، كانت مدفوعة بمخاوف عملية بشأن ملفي الطاقة والأمن، حيث تسعى روما أيضاً إلى دعم المساعي التي تقودها الولايات المتحدة لمواجهة روسيا، مع توخي الحذر بشأن الصين.

الإعلان عن رفع القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة للإمارات، هو خطوة رمزية أخرى في جهود إيطاليا لتعزيز علاقاتها مع أبو ظبي، ومن الواضح أنّها تنظر إلى أبو ظبي كشريك رئيسي.

مواضيع ذات صلة:

الإمارات ترسخ مكانتها السياحية عالمياً... هذا ما تكشفه الأرقام

على يد سلطان النيادي... الإمارات تحول الحلم إلى حقيقة

كيف تزامنت نهضة الإمارات مع مواجهتها لتشدد "الإخوان"؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية