السياسة الإيرانية في ذروة الصراع بين حماس وإسرائيل.. ما تريد طهران؟

السياسة الإيرانية في ذروة الصراع بين حماس وإسرائيل.. ما تريد طهران؟

السياسة الإيرانية في ذروة الصراع بين حماس وإسرائيل.. ما تريد طهران؟


19/10/2023

في كلمته التي ألقاها أمس، دعا وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أعضاء منظمة التعاون الإسلامي لفرض حظر شامل على إسرائيل، بما في ذلك حظر النفط.

وجاء خطاب عبد اللهيان في مدينة جدة السعودية التي زارها للمشاركة في الاجتماع الطارئ للمنظمة، على خلفية قصف إسرائيلي لمستشفى "المعمداني" في غزة.

وأكد عبد اللهيان على ضرورة تشكيل لجنة حقوقية ضمن التعاون الإسلامي "بهدف توثيق جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، تمهيداً لمحاسبة المسؤولين في المحاكم الدولية"، كما أفادت وكالات أنباء.

وكان وزير الخارجية الإيراني، زار قبل ذلك لبنان وسوريا والعراق، بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل، لتعكس الدور الإيراني المنخرط في الأحداث على المستويين السياسي والميداني. وهي زيارة تؤشر إلى وجود الجسم السياسي الإيراني ضمن التفاعلات القائمة بينما يحمل عدة رسائل إلى قوى وفصائل "المقاومة" في لبنان، فضلاً عن بعث رسائل للأطراف الدولية.

توتر ورسائل خشنة

وفي ما يبدو أنّ استهداف مطاري دمشق وحلب عند وصول أمير عبد اللهيان إلى سوريا يعكس درجة التوتر والرسائل الخشنة التي تبعثها إسرائيل باتجاه جبهة سوريا أو لبنان، وكذا تهديد الولايات المتحدة المباشر لإيران بفتح جبهة ثانية. ورغم عدم وجود مؤشرات باحتمالية حدوث ذلك كما تؤكد واشنطن، إلا أنّ وزير الخارجية الإيراني يصر على أنّ كل السيناريوهات مفتوحة وقائمة بحسب المعطيات على الأرض.

وقال الرئيس السوري بشار الأسد لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني، إنّ "المجازر الإسرائيلية محاولة للضغط على الشعب الفلسطيني للتنازل عن حقوقه المشروعة"، وتابع الأسد أنّ "الإنكار المستمر لحق الشعب الفلسـطيني في إقامة دولته والعيش بكرامة وحرية، هو السبب الرئيس فيما تشهده الأراضي الفلسطينية".

الأسد: المجازر الإسرائيلية محاولة للضغط على الشعب الفلسطيني للتنازل عن حقوقه المشروعة

وشدّد الأسد على ضرورة "وقف الجرائم التي ترتكبها إسـرائيل ضد الشعب الفلسطيني، مستخدمةً الأسـلحة المحرمة دولياً، وعلى الخطورة والدموية لما يقوم به جيش الاحتـلال عبر قصف المدنيين في قطاع غــزة وتشريدهم". كما التقى الوزير الإيراني نظيره السوري فيصل المقداد. وهاجم أمير عبد اللهيان في هذا اللقاء بيان جامعة الدول العربية، وقال إنّه "كان محبطاً ولا يمثل وجهة نظر جميع الدول الإسلامية".

زيارات اللهيان تؤشر إلى وجود الجسم السياسي الإيراني ضمن التفاعلات القائمة بينما يحمل عدة رسائل إلى قوى وفصائل المقاومة في لبنان

وحمّل الوزير السوري إسرائيل مسؤولية الأزمات التي تجري في المنطقة نتيجة حرمان الفلسطينين من حقوقهم، وقال إنّ "الولايات المتحدة والدول الأوروبية تقوم بمنع الغذاء عن الشعب الفلسطيني، وتمارس ارتكاب المجازر من خلال تقديم أسلحة الدمار الشامل لإسرائيل".

ولدى وصول وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت أكد على الموقف ذاته بتحميل إسرائيل مسؤولية ما يجري، وهدد بالتصعيد من جانب "بقية المحاور" في حال استمرت الجرائم بحق الفلسطينيين، مشدداً على أن "تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين وقطع المياه والكهرباء يعتبر جريمة حرب". بل أكد على مواصلة طهران دعمها للفصائل الفلسطينية.

تغيير جذري في ميزان القوى

كما نقلت وكالة أنباء "تسنيم" الإيرانية الرسالة التي بعثها مستشار المرشد الإيراني، علي أكبر ولايتي، إلى زعيم حركة حماس، إسماعيل هنية، وزعيم حركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين، زياد النخالة، بشأن عملية "طوفان الأقصى". وقال ولايتي بحسب نص رسالته "إنّ الصور المنشورة لعملية المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، والتي كسرت تحصيناته وهيمنته، هي نصر عظيم أثار الرعب ودهشة الأعداء وفرحة المسلمين وسعادتهم في جميع أنحاء العالم".

وتابع: "لقد انتهى عصر هيمنة وطغيان النظام الإسرائيلي، وما يحدث اليوم في الأراضي المحتلة هو مظهر صغير من مظاهر القوة والسلطة المتراكمة لجبهة المقاومة الإسلامية في فلسطين".

 

ولمّح ولايتي إلى أنّ عملية حماس ستؤدي بالتأكيد إلى تغيير جذري في ميزان القوى في فلسطين، وستضع النظام الصهيوني في موقف أكثر ضعفاً، وأنّ هذه العملية "ستسهل وتسرع بالتأكيد انهيار النظام الصهيوني، وتنذر بالتدمير الوشيك له". وختم مستشار المرشد الإيراني رسالته، بالقول: "أهنئكم بهذا النصر الاستراتيجي الكبير، الذي يعتبر بمثابة إنذار جدي لكل المتنازلين في المنطقة، ونعتقد أنّ الانتصارات المتزايدة ستستمر حتى القضاء على هذا النظام المجرم".

وفي حديثه لـ"حفريات" يلفت المحلل والباحث السياسي منتظر القيسي إلى تواصل المباحثات السعودية الإسرائيلية حول شروط وصيغة تطبيع العلاقات بين الطرفين، وظهور مؤشرات على وصولها إلى مراحل متقدمة تلامس جذور القضية الفلسطينية بشكل قد يفضي إلى تصفيتها كلياً مقابل تقديم إسرائيل بعض التنازلات الجزئية.

المحلل السياسي العراقي منتظر القيسي لـ"حفريات": طهران إما جهزت نفسها لحرب شاملة وهذا مستبعد، أو قررت إثارة حرب مسيطر عليها

 لذا بدأت إيران على ما يبدو تشعر بأنّها باتت أقرب من أي وقت مضى من خسارة أحد أهم أوراقها الرابحة في تسويغ طموحاتها التوسعية في المنطقة، الأمر الذي من شأنه أن يقوض نفوذها غير التقليدي العابر للحدود الذي يبعد خطوط المواجهة مع أمريكا عن أراضيها، لاسيما مع التحولات الجذرية في توجهات المملكة العربية السعودية الداخلية والخارجية، وأهمها تخليها عن سياسات تصدير السلفية الوهابية، وتبني نهج متحرر على المستويين الاجتماعي والاقتصادي بشكل أصبح من الصعب معه إقناع الشيعة العرب بمواصلة حالة حرب طائفية، الطرف القائد فيها تاريخياً أصبح بين يوم وليلة غير معني بها.

التطبيع السعودي

ويقول القيسي: "ومن أجل وقف التقدم على هذا المسار أو على الأقل إبطاءه، كان من الضروري إخراج الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من الثلاجة ووضعه على نار هادئة، وهو ما توافق مع رؤية حركة حماس الذي من الواضح أنّها ستكون ضحية أي انفراجة في ملف الأراضي الفلسطينية المحتلة، حتى ولو كانت انفراجة صغيرة ومجحفة بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.  ولضمان حدوث ذلك على أكمل وجه، خطط لعملية طوفان الأقصى لإيقاع أكبر عدد من القتلى بين صفوف الاسرائيليين مدنيين وعسكريين، بحيث يجعل من المستحيل على حكومة نتنياهو الرد بأقل من حرب إبادة شاملة لقطاع غزة. إذ من غير المتصور أنّ حماس ومن خلفها إيران التي تبنى المسؤولون فيها على أعلى المستويات علانية دعم الحركة، كانت تتوقع رداً دون هذا المستوى الوحشي حتى ضد عملية أقل أثراً ونطاقاً، مما يعني بأنّ طهران إما جهزت نفسها لحرب شاملة وهذا مستبعد، أو قررت إثارة حرب مسيطر عليها تفضي إلى سقوط عدد هائل من القتلى، وهو المرجح بقوة، بما يكفي لجعل أية اتفاقية تطبيع بين السعودية وإسرائيل، أمراً عسيراً وباهظ التكلفة جداً لولي العهد السعودي، ويعيد شحن حالة الغضب الشعبي في دول المنطقة وخاصة الخليج ضد الأنظمة العربية، في الوقت الذي يتعزز فيه موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية بوصفها السند الأخير والوحيد للقضية الفلسطينية".

بالنسبة لزيارة وزير الخارجية الإيرانية إلى العراق ولبنان، لا يرى، منتظر القيسي، أنها تحمل معنى خاصاً في ظل احتكار فيلق القدس إدارة الملفين العراقي واللبناني، مع إمكانية البحث في تعزيز دور العراق في مساعدة لبنان على تجاوز تداعيات الحرب على غزة تحديداً في الملف الاقتصادي المختنق بأزماته الهيكلية، عبر إسقاط مليار دولار من مستحقات النفط الذي منحه العراق للبنان من أجل تشغيل محطات الطاقة الكهربائية، ومضاعفة كمياته وفق الشروط ذاتها لما عرف باتفاق النفط مقابل السلع والخدمات، والتي لم يستفد الجانب العراقي شيئاً منها، من أجل أن يتم المطالبة باسقاط مستحقاته أيضاً. مع الإشارة إلى أنّ العراق قد يكون أحد ضحايا الحرب، إذ يتوقع أن تتشدد الولايات المتحدة الأمريكية أكثر في مراقبة حركة أمواله المودعة لدى البنك الفيدرالي الأمريكي، وتقليص حجم الدولارات التي ستشحن منه إلى العراق مما سيزيد الضغط على الدينار العراقي الذي تتآكل قيمته يومياً بواقع نقطة إلى نقطتين ويدفع التضخم ليسجل أعلى مستوى من عام 2003، وبالتالي حرمان السوق الموازي من القدرة على تمويل واردات العراق من السلع الإيرانية، التي يشغل القطاع المتخصص بها قرابة مليون عامل إيراني.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية