الجهل والعنصرية في بريطانيا

الجهل والعنصرية في بريطانيا

الجهل والعنصرية في بريطانيا


14/11/2023

أحمد مصطفى

لم تكن تظاهرة مئات الآلاف في لندن يوم السبت الأخير مثل سابقاتها منذ بداية حرب غزة، ليس من حيث العدد الذي كان أكبر، ولا الشعارات التي لم تختلف عن المطالبة بوقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وانتقاد ما تقوم به إسرائيل من قصف للمستشفيات والمدارس وقتل الأطفال والنساء. ولا حتى لأنها كانت في ذات اليوم الذي تحتفل فيه بريطانيا بنهاية الحرب العالمية الأولى، حيث دقيقة الصمت ووضع أكاليل الزهور على نصب الجنود في العاصمة لندن والمدن الأخرى.

إنما وجه الاختلاف الأهم، هو خروج العشرات من اليمين المتطرف والجماعات العنصرية في احتجاج بوسط لندن بهدف تخريب مسيرة دعم فلسطين السلمية. فقد اعتدى هؤلاء على الشرطة وحاولوا تجاوز الحواجز بالعنف ليصلوا إلى مسيرة فلسطين. واعتقلت الشرطة أكثر من مئة منهم، بعضهم يحمل أسلحة ومخدرات.

وهذه التظاهرات مستمرة منذ أول مسيرة منتصف الشهر الماضي، حين فوجئت حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك بخروج مئات الآلاف إلى وسط المدينة مطالبين بوقف إطلاق النار في الوقت الذي يعلن هو ووزير خارجيته يومياً معارضتهم وقف قصف غزة وقتل المدنيين.

في البداية، اتهمت وزيرة الداخلية سويلا بريفرمان، قائد شرطة العاصمة بأنه يسمح بمسيرة «معادية للسامية»، لكن قائد الشرطة تمسك بموقفه، وحقه القانوني، ما دامت المسيرات سلمية ولا تخالف القانون.

ثم صعّدت الوزيرة لهجتها بأن تلك المسيرات داعمة لجماعة مصنفة بالقانون البريطاني إرهابية، لكن أغلب المشاركين في المسيرة لا يرفعون سوى علم فلسطين وليس غيرها.

وقبل المسيرة الأخيرة، استغلت الوزيرة تزامنها مع يوم احتفال نهاية الحرب لتضغط على الشرطة كي تمنعها. لكن لأن المسيرة المعلن خط سيرها لا يقترب من مكان الاحتفال الرسمي بنهاية الحرب العالمية فقد رفض قائد الشرطة إلغاء المسيرة. فما كان من الوزيرة إلا أن كتبت مقالاً في الصحف انتقدت فيه بشدة الشرطة البريطانية بزعم أنها تسمح بمسيرات الكراهية.

وجاء مقالها المنتقد للشرطة، الذي تنصلت الحكومة منه، بمثابة تجاوز منها لمدونة سلوك الوزراء والمسؤولين الرسميين. لكن الأهم أنه شجع جماعات اليمين المتطرف والنازيين الجدد والعنصريين الذين يتبنون العنف ضد الشرطة على الخروج في يوم المسيرة بهدف الاصطدام بالشرطة والوصول إلى مسيرة فلسطين وتخريبها.

هذه الوزيرة وأمثالها، من البريطانيين من أصول أخرى، يسعون دائماً لأن يكونوا «ملكيين أكثر من الملك». وقد كانت سابقتها في المنصب بريتي باتيل، وهي من أصول هندية، أكثر عنصرية منها، حتى أنها فصلت من الحكومة في ظل رئاسة تيريزا ماي لقبولها رشوة من الإسرائيليين.

أما بريفرمان، فقد أقيلت أمس من الحكومة لأنها انتهكت مدونة السلوك مرتين، وهي من أصول إفريقية (أصلها من كينيا وموريشيوس) مثل وزير الخارجية جيمس كليفرلي (أصله من سيراليون) وهما من البريطانيين الذين انضموا لحزب المحافظين من باب المزايدة وانتهاز الفرص.

عن "الخليج" الإمارتية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية