الإخوان في أوروبا: استمرار إشارات التحذير ونمو بواعث الخطر

الإخوان في أوروبا: استمرار إشارات التحذير ونمو بواعث الخطر

الإخوان في أوروبا: استمرار إشارات التحذير ونمو بواعث الخطر


13/03/2024

حذرت عدة تقارير غربية من المخاطر المترتبة على استمرار تعاون الأذرع الإخوانية مع أحزاب اليسار في الغرب، وفق مخطط يمكن ملاحظة تفاصيله كاملة في ألمانيا، حيث تتقرب الخلايا الإخوانية من أحزاب اليسار؛ في محاولة لتمكين الجماعة في دوائر السياسة والحكم، ومن ثم تعزيز عملية اختراق المجتمع، والتأثير على صنّاع القرار، في الأحزاب الألمانية، وفي المؤسسات السياسية.

التقارير أكدت أنّ الجماعة تقوم بتوظيف الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة من أجل إعادة بعث التنظيم، وتنشيط حراكه السياسي في الشارع الأوروبي.

توجهات انفصالية

وكانت الاستخبارات الألمانية قد نبهت من قبل إلى الخطورة التي يمثلها تزايد عدد عناصر الإخوان القيادية في الدوائر والمؤسسات في العاصمة برلين بشكل متسارع. ووفقاً للتقارير الألمانية كانت الجماعة تمتلك نحو (150) فرداً في مراكز قيادية في العام 2022، مقارنة بـ (100) فقط في العام 2019". 

ويواصل الإخوان السعي إلى إحكام السيطرة على الأقلية المسلمة في ألمانيا، وفق خطط الجماعة الانفصالية، الرامية إلى تكرس العزلة لإحكام سيطرتها.

وكان تشارلي ويمرز، عضو البرلمان الأوروبي، ورئيس مجموعة عمل كتلة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين (ECR) حول الحرية الدينية بالبرلمان، قد طلب إحاطة في العام 2022، لدى مجلس الاتحاد الأوروبي، للمطالبة بوقف كافة أوجه الدعم المالي للأذرع والجمعيات الإخوانية، محذراً من "تغلغل شبكات الإخوان في جميع الهيئات الأوروبية". 

تشارلي عاد ولفت إلى أنّ إيديولوجيا الإخوان باتت متطرفة وخطيرة، وأنّ أنشطتها تضرّ بالأمن القومي للدول الأعضاء، وبالتماسك الاجتماعي للدول الأوروبية، فضلاً عن تعارض أفكارها مع القيم الأوروبية، والحقوق الأساسية الديمقراطية".

وسبق أنّ حذّر تقرير صادر عن مركز توثيق الإسلام السياسي في النمسا من الخطر المترتب على تمدد الإخوان، مطالباً بوقف أيّ نوع من أنواع التمويل والدعم للمؤسسات الإخوانية، أو الموالية لها في الاتحاد الأوروبي. ولفت التقرير إلى أنّ "المنظمات التابعة لشبكة الإخوان تحصل على أموال من وكالات المعونة الحكومية الأوروبية؛ لتنفيذ مشاريع لها في المناطق الصعبة، بشكل خاص في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا"، وفق استراتيجية معقدة ومتشابكة، تضمن تدفق الأموال إلى داخل التنظيم.

أدت الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها الجماعة، بوصفها أحد أبرز التداعيات المترتبة على الصراع المتواصل بين جبهتي إسطنبول ولندن، إلى تقليل النفقات الخاصة بالبرامج التدريبية التي يديرها التنظيم في عدد من الدول الأوروبية

التقرير كشف أنّه "في الأعوام الأخيرة تلقّت المنظمات الموالية للإخوان في أوروبا، بشكل متزايد، أموالاً لأنشطة ترتبط بقضايا مثل: دعم الاندماج، ومنع التطرف، ومكافحة العنصرية والإسلاموفوبيا". وأضاف: "طوّر الإخوان في أوروبا منذ فترة طويلة شبكة من الشركات، ركز بعضها على الأنشطة ذات الصلة بالإسلام؛ مثل: شهادة اللحوم الحلال، وبيع المطبوعات الدينية وما إلى ذلك، وبعضها غير مرتبط بالدين، مثل تجارة العقارات وشركات الخدمات والتحويلات المالية".

واستطرد التقرير مؤكداً وفقاً للمعلومات والأرقام أنّ "كل دولة أوروبية رئيسية  أصبحت اليوم موطناً لشبكة صغيرة من الأفراد والمنظمات، بدرجات متفاوتة من الاتصال بجماعة الإخوان، وبشكل آخذ في التوسع مع مرور الوقت، كما أوجدت الأوساط الإخوانية العديد من المنظمات العامة، التي بينما يسيطر عليها العدد الصغير نفسه من النشطاء، تهدف إلى إبراز صورة من الدعم والتمثيل الواسعين".

واجهات دعائية

جدير بالذكر أنّ إنشاء اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (FIOE)، ومقره بروكسل، كان الغرض منه تكوين هيكل رسمي لقيادة الشبكة الأوروبية لجماعة الإخوان، كي تصبح مظلة لكل أنشطة التنظيم المشبوهة. وتحول الاتحاد إلى مسمّى (مجلس مسلمي أوروبا)، والذي يحاول حالياً توظيف الأحداث في قطاع غزة لصالح الجماعة وأجندتها السياسية.

أدت الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها الجماعة، بوصفها أحد أبرز التداعيات المترتبة على الصراع المتواصل بين جبهتي إسطنبول ولندن، إلى تقليل النفقات الخاصة بالبرامج التدريبية التي يديرها التنظيم في عدد من الدول الأوروبية، وأيضاً تقليص وسائل الإعلام التابعة له، بحسب تقرير سابق لشبكة (سكاي نيوز عربية)، والتي لفتت إلى الضرر الذي أصاب الجماعة من جراء انقطاع الموارد المالية الرئيسيّة، وأبرزها "امتناع قطاع كبير من القواعد عن دفع الاشتراكات الشهرية، وتقدر بملايين الدولارات، بسبب فقدان الثقة في القيادات المتناحرة، وكذلك امتناع بعض رجال الأعمال عن دفع التبرعات الخاصة بهم للتنظيم، للسبب نفسه".

ونقلت (سكاي نيوز عربية) عن مصادرها المطلعة معلومات مفادها أنّ التنظيم بات في معركة من أجل البقاء، ويحاول البحث عن مسارات جديدة لأوعيته المالية، وكذلك فإنّه "يحاول نقل مجموعة الاستثمارات إلى دول شرق آسيا، وفتح تدفقات جديدة لتبرعات من قيادات التنظيم الدولي لاحتواء الأزمة".

استمرار التحذيرات

من جهة أخرى، وجهت أميلي شيلي، الخبيرة الفرنسية في حركات الإسلام السياسي، وأستاذة السياسة في معهد العالم الإسلامي المعاصر، تحذيراً من خطورة الخطاب الإيديولوجي الإخواني، الذي وصفته بالمدمر، وأكدت أنّ جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من تيارات الإسلام السياسي "تعتمد على مبدأ التقيّة والمناورة والكذب؛ ففي حين تزعم أمام المسؤولين الغربيين أنّها تنبذ التطرف والإرهاب، وتدعم الاعتدال والحقوق والحريات الأساسية، تقول عكس ذلك لعناصرها، ولمسلمي أوروبا".

وكشفت الأكاديمية الفرنسية، في حوار لها مع مجلة (ماريان) الفرنسية، عن استراتيجية جماعات الإسلام السياسي، التي تقوم على مبدأ التخفي؛ من أجل التمدد والانتشار، لتطبيق أجندة تقوم على الكراهية والتطرف، عن طريق استخدام لغة وخطاب سياسي يجعلها "أكثر قبولاً وجاذبية؛ من أجل التمويه على طبيعتها الحقيقية، فهي لا تخجل من دعم التطرف، عندما ترى أنّه مفيد لتحقيق أغراضها، في حين أنّها قد تروج للتوسط المعتدل، إذا كان ذلك يخدم مصالحها". 

صاحبة كتاب "قاموس الإسلام السياسي"، الصادر في العام 2021، كشفت عن خارطة انتشار المتطرفين في فرنسا، وكشفت عن أسرار الإيديولوجيا الإخوانية، بشرحها لقرابة الـ (200) مصطلح التي يستخدمها المتطرفون، كما أكدت أنّ "الاتهام بالإسلاموفوبيا أصبح من الاتهامات الجاهزة والمعلبة، ضد كل من يهاجم الإسلام السياسي وحركاته في أوروبا".

جدير بالذكر أنّ تقارير متعددة حمّلت الحكومات الفرنسية السابقة المسؤولية عن تمدد وانتشار جماعة الإخوان بهذه الصورة، وبشكل خاص حكومة نيكولا ساركوزي، التي تراخت في متابعة أنشطة الجماعة، بل ساعدت إجراءاتها على هيمنة الإخوان على المشهد الإسلامي في فرنسا، كما سبق أن عمل طارق رمضان، حفيد المرشد الأول حسن البنا، مستشاراً للشؤون الإسلامية في عدة حكومات فرنسية، واعترفت الدولة بأكثر من (3) آلاف مسجد وجمعية إسلامية، خضع أغلبها لسيطرة الإخوان المسلمين، وحصلت على دعم من الدولة، وإعفاءات ضريبية تقدر بالمليارات، وهو ما دفعت فرنسا ثمنه فيما بعد، في شكل أعمال قتل وعنف وإرهاب.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية