استهداف مستشفيات غزة... من يحاسب إسرائيل على جرائمها ضد الإنسانية؟

استهداف مستشفيات غزة... من يحاسب إسرائيل على جرائمها ضد الإنسانية؟

استهداف مستشفيات غزة... من يحاسب إسرائيل على جرائمها ضد الإنسانية؟


22/11/2023

وسط حالة من الغضب والتنيديد الدولي، تواصل إسرائيل استهداف المستشفيات ضمن حربها على قطاع غزة، فبعد أيام من اقتحام مجمع الشفاء الطبي وترويع المرضى والطواقم الطبية، جاء دور المستشفى الإندونيسي الذي تستهدف قوات الاحتلال محيطه بالقنابل الدخانية والغازية، وفق ما ذكرت مصادر فلسطينية اليوم.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة الإثنين: إنّ "الاحتلال الإسرائيلي يحاصر المستشفى الإندونيسي، ونخشى أن يكرر ما فعله بمجمع الشفاء" الذي أخلي بعد حملة قصف كثيف وباتت تسيطر عليه القوات الإسرائيلية. من جانبه، يقول الجيش الإسرائيلي إنّه يواصل "توسيع" عملياته في شمال قطاع غزة.

وقالت وكالة أنباء (وفا) إنّ القصف الإسرائيلي على المستشفى الإندونيسي أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، مشيرة إلى أنّ القوات الإسرائيلية استهدفته أيضاً بالرصاص الحي وبشكل مباشر، كما أطلقت قذائف المدفعية في محيطه.

وقالت مصادر محلية: إنّ الجيش الإسرائيلي قصف أيضاً محيط مستشفى العودة في شمال قطاع غزة.

جريمة في مستشفى الشفاء 

اقتحمت إسرائيل يوم الأربعاء 15 تشرين الثاني (نوفمبر) مجمع الشفاء الطبي، أكبر المشافي داخل قطاع غزة، بدعوى وجود مقرات لحركة حماس تحت هذا المجمع الطبي، الأمر الذي لم تثبته إسرائيل حتى اللحظة، فيما تواجه تل أبيب ضغوطاً دولية متزايدة بسبب ترويع حياة المواطنين وقتل المئات من المرضى بينهم عشرات الأطفال الخدج. 

من اقتحام مجمع الشفاء الطبي

ويضم مستشفى الشفاء أكثر من (1500) فرد من الأطقم الطبية، وقرابة (700) مريض، و(39) من الأطفال المبتسرين، و(7) آلاف نازح. 

وقد أدان المجتمع الدولي اقتحام الاحتلال الإسرائيلي مستشفى الشفاء، حيث إنّ ما حدث يُعتبر جريمة حرب مكتملة الأركان، خاصة أنّه لا يوجد أيّ مبرر لاقتحام المستشفى، وأنّ المزاعم الإسرائيلية التي تقول إنّ به محتجزين إسرائيليين ثبت كذبها، كما أنّ المستشفى من المفترض أنّه يتمتع بحماية دولية طبقاً للقانون الدولي الإنساني.

انهيار القطاع الصحي

استهدفت إسرائيل منذ بدء قصفها المتواصل على قطاع غزة العديد من المستشفيات، الأمر الذي أسفر في النهاية عن توقف بعضها عن العمل، وقد أعلن مسؤول في حركة حماس يوم 14 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري أنّ (25) من أصل (35) مستشفى في غزة أصبحت خارج الخدمة نتيجة للقصف الإسرائيلي، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود. 

وفي هذا الصدد، تشير الدراسة التي نشرت تحت عنوان: "ضد الإنسانية: مستشفيات غزة تحت القصف"، للباحثة نرمين ناصر، إلى تقسيم المستشفيات المتضررة داخل قطاع غزة إلى (3) أقسام رئيسية: مستشفيات شمال القطاع، ومستشفيات جنوب القطاع، ومستشفيات وسط القطاع.

استهدفت إسرائيل منذ بدء قصفها المتواصل على قطاع غزة العديد من المستشفيات، الأمر الذي أسفر في النهاية عن توقف بعضها عن العمل، وقد أعلن مسؤول في حركة حماس يوم 14 تشرين الثاني أنّ (25) من أصل (35) مستشفى في غزة أصبحت خارج الخدمة

وفقاً للأمم المتحدة، خرجت كل المستشفيات الواقعة في شمال القطاع عن الخدمة نتيجة للقصف المتواصل من قبل سلطات الاحتلال، وقد تحول مجمع الشفاء الطبي "مقبرة للجميع"، فإلى جانب الحصار الإسرائيلي له بالدبابات، قصفت القوات الإسرائيلية المجمع (5) مرات، بحسب شهادات من داخل المستشفى، الأمر الذي أسفر عن قتل المرضى في العناية المركزة، وإصابة النازحين الذين لجؤوا إلى المستشفى، وتحديداً إلى مبنى الولادة في المجمع.

أيضاً تعرّض محيط مبنى مستشفى القدس يومي الأول والخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري إلى قصف إسرائيلي عنيف، لإجبار المتواجدين داخل المبنى على إخلائه، وقد واجهت الطواقم الطبية العاملة بالمستشفى صعوبة في تأدية عملها.

أمّا في مستشفى الرنتيسي للأطفال، الذي تكمن أهميته في كونه يضم جناح سرطان الأطفال الوحيد في غزة، فلم يقف هذا حائلاً أمام الاستهداف الإسرائيلي المستمر للمستشفى، والذي بدأ يوم 6 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، حيث تم استهداف الطابق الثالث بالمستشفى. 

وتعرّض المستشفى الإندونيسي لقصف إسرائيلي صاروخي مباشر يوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ممّا أدى إلى وفاة أحد العاملين وإصابة آخرين، علاوة على تعطل محطة الأكسجين داخل المستشفى. كما تعرض محيط المستشفى إلى انفجارات ضخمة بسبب غارات إسرائيلية متكررة في أوقات مختلفة، ممّا أثار الذعر بين المرضى والفرق الطبية والمدنيين المحتمين في مبانيه.

يستهدف الاحتلال المستشفى الإندونيسي

وبالنسبة إلى مستشفى العودة الذي يُعتبر المستشفى الأكبر في تقديم خدمات النساء والولادة في شمال القطاع، ويقدم العديد من الخدمات الطبية، فقد قلص القصف الإسرائيلي المكثف على قطاع غزة قدرات المستشفى، حيث يعاني الفريق الطبي من نقص المعدات والأدوية اللازمة للتعامل مع الحالات التي تصل إليهم.

ماذا عن مشافي الجنوب؟ 

بحسب الدراسة، الصادرة عن المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، نزح العديد من المرضى والمصابين جراء القصف الإسرائيلي إلى جنوب غزة عقب خروج مستشفيات شمال قطاع غزة عن الخدمة، ومع ذلك، لم تتوانَ إسرائيل عن قصف مستشفيات جنوب القطاع.

وتعرّض المستشفى الأهلى المعمداني لما وصفه البعض بـ "المذبحة الإسرائيلية"، حيث تم قصفه وتحويله إلى بركة من الدماء من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد حوالي (10) أيام من بدء الحرب مع حماس أثناء وجود مئات العائلات النازحة.

تعرّض المستشفى الأهلي المعمداني لما وصفه البعض بـ "المذبحة الإسرائيلية"، حيث تم قصفه وتحويله إلى بركة من الدماء من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد حوالي (10) أيام من بدء الحرب على غزة أثناء وجود مئات العائلات النازحة

كذلك استهدفت إسرائيل مستشفى النصر الذي يُعدّ "المركز الطبي الرئيسي" لسكان جنوب قطاع غزة، واستهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي يوم 24 تشرين الأول (أكتوبر) محيط مستشفى الأمل، ممّا أسفر عن وقوع عدد من الشهداء والمصابين.

ما موقف القانون الدولي؟  

إجابة عن هذا السؤال تقول الدراسة: إنّ القانون الدولي يُجرم قصف أو استهداف المستشفيات، حيث يوفر حماية عامة وخاصة للمواقع المدنية، التي تشمل كلّاً من المنازل والمدارس والجامعات والمستشفيات ودور العبادة وغيرها من المنشآت المحمية بموجب ما جاء بالمادة (18) من اتفاقية جنيف الرابعة 1949، التي تنص على أنّه "لا يجوز بأيّ حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء، وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات". 

إلا أنّ إسرائيل لا تكفّ عن حصار وقصف واستهداف المستشفيات كما سبقت الإشارة، منتهكة بذلك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

تعرّض محيط مبنى مستشفى القدس يومي الأول والخامس من تشرين الثاني إلى قصف إسرائيلي عنيف

وتدّعي إسرائيل أنّ لديها معلومات استخباراتية تفيد بأنّ عناصر حماس تختبئ في أنفاق تحت المنشآت الطبية في غزة، وأنّهم أقاموا مراكز قيادة تحت هذه المستشفيات وحولها، ومن ثم يتمثل هدفها الرئيسي من قصف هذه المستشفيات في تدمير تلك الأنفاق ومراكز القيادة، علاوة على تحرير نحو (200) شخص محتجز لدى الحركة. 

دعم أمريكي 

وقد دعمت الولايات المتحدة الامريكية مزاعم إسرائيل، وأيدت وجهة نظرها بشأن عدم مسؤولية تل أبيب عن القصف الذي تعرّض له المستشفى الأهلي المعمداني، كما اتفقت معها بخصوص قيام حماس بتخزين أسلحة وإدارة وحدة قيادة من داخل مستشفى الشفاء. 

وتشير الباحثة إلى أنّ القوات الإسرائيلية لم تقم بالاقتحام إلا بعدما أدلى البيت الأبيض بذلك التصريح، وهو ما يتنافى مع ما صرح به جو بايدن في وقت سابق من أنّ المستشفيات في غزة يجب حمايتها، ويجب أن يكون هناك تدخل أقلّ حولها.

تكذيب دولي 

تواجه الادعاءات الإسرائيلية حقائق وردود فعل تنفي عنها أيّ مصداقية، فعلى الرغم من التحذيرات التي صدرت عن دول ومنظمات إنسانية بشأن معاناة المرضى، اقتحمت إسرائيل مجمع الشفاء الطبي، ولم تجد أيّ دليل على استخدام فصائل حماس أو المقاومة الفلسطينية لمستشفى الشفاء، بحسب الباحثة. 

من جانبها، شككت وزيرة الخارجية الإندونيسية (ريتنو مارسودي) في مزاعم تل أبيب بخصوص المستشفى الإندونيسي، وأوضحت أنّ المستشفى قد بُني من جانب الشعب الإندونيسي لأغراض إنسانية ولخدمة الاحتياجات الطبية للفلسطينيين في غزة. 

وفي شأن استهداف المستشفى الميداني الأردني، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أنّ تل أبيب لا تستطيع أن تدّعي أنّ هناك وجوداً لحركة حماس تحت المستشفى، ومن ثم فإنّه لا يوجد تبرير للقصف الذي تتعرض له المستشفيات في قطاع غزة.

لماذا تتمادى إسرائيل باستهداف المشافي؟ 

يكشف استمرار قيام الاحتلال بمهاجمة قطاع غزة واستهداف المدنيين بقوة عن أنّ إسرائيل لا تستطيع بشكل أو بآخر العودة إلى الوراء أو حسم المعركة، حيث ما تزال حماس نشطة، وتتسبب في إلحاق خسائر كبيرة بجيش الاحتلال، بحسب الدراسة.

من ناحية أخرى، شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي فعلياً في فصل شمال غزة عن جنوبها، وذلك في إطار المخطط الذي تقوده تل أبيب لتهجير الفلسطينيين قسرياً من شمال ووسط القطاع إلى جنوبه، لإجبارهم في مرحلة لاحقة على النزوح خارج غزة، نظراً لاستحالة الحياة داخل القطاع، ممّا يهدد فكرة حلّ الدولتين بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ويؤدي في النهاية إلى تصفية القضية الفلسطينية. 

 استهداف المستشفى الميداني الأردني

يدلّ على ذلك القصف المستمر للمستشفيات، التي تُعدّ أماكن نزوح بالنسبة إلى سكان القطاع، علاوة على ما أوضحته جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بشأن إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي النار على قوافل المساعدات التي تصل إلى مستشفيات قطاع غزة، كما أنّه من المستحيل تنفيذ إجلاء المرضى، كما تطلب إسرائيل، دون التسبب في المزيد من الوفيات، وفق ما أوردته الدراسة.

وتخلص الباحثة إلى أنّ جميع الشواهد تدلّ على التعامل غير الآدمي لإسرائيل مع الشعب الفلسطيني، وأنّه ليست لديها حرمة لشيء، إذ إنّها لا تقوم باستهداف عناصر حماس كما تزعم، بل على العكس تقوم بملاحقة واستهداف الأطفال والنساء، وقصف وتدمير المستشفيات والكنائس والمساجد. 

وتقول الباحثة: "حان الوقت لكي يدرك المجتمع الدولي، الذي لا يُحرك ساكناً أمام جرائم الحرب المرتكبة في قطاع غزة، أنّ هذه هي سياسة الاحتلال الإسرائيلي المتبعة منذ أعوام، والقائمة على ارتكاب الجرائم وممارسة سياسات العنف ضد الشعب الفلسطيني. وبالتالي، فإنّه لا يوجد أيّ تبرير لممارساتها، وإذا استمر الوضع كما هو عليه، فسيؤدي ذلك إلى إبادة جماعية".

مواضيع ذات صلة:

حرب غزة: لماذا لا تستطيع اليابان الانفصال عن الفلك الأمريكي؟

إحصائيات جديدة مرعبة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة

هل يشعل العداون الإسرائيلي على غزة حروب البحار؟

الصفحة الرئيسية