هل يدعم الإخوان المسلمون تنظيم داعش في ليبيا؟

الإخوان المسلمون

هل يدعم الإخوان المسلمون تنظيم داعش في ليبيا؟


10/01/2020

فجّرت منظمة "شهداء سرت للأعمال الخيرية"، مؤخراً، في مراسلاتها إلى رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في ليبيا، قضية التعاون بين تنظيم داعش وجماعة الإخوان المسلمين، وكيف دعمت الأخيرة إرهابيين بمدينة سرت مالياً، عن طريق تعويضات هدم المنازل، لمواجهة الجيش الليبي.

دعم الإخوان إرهابيين من داعش مالياً بمدينة سرت لمواجهة الجيش الليبي عن طريق تعويضات هدم المنازل

وقالت المنظمة، في بيانها الذي نشرته وسائل إعلام ليبية، ونقلته قناة "العربية" على موقعها الإلكتروني: إنّ تعويضات الإخوان المالية لداعش تواصلت حتى بعد تحرير مدينة سرت من تنظيم داعش، العام 2016، واستفادت منها قيادات بارزة في التنظيم، من بينهم الرجل الثالث في التنظيم، إمحمد أمراجع بلقاسم الجواني، مطالبة بإحالة لجنة حصر المنازل المتضرّرة إلى التحقيق، ونشر كشوفات التعويضات منذ العام 2011، من باب الشفافية.
الجواني، الذي حلّ اسمه في المرتبة 1995 بقائمة المستفيدين من التعويضات، شغل منصب رئيس اللجنة الأمنية لتنظيم داعش في سرت، قبل أن يتم القبض عليه من طرف قوات الجيش الليبي، بعد تحرير المدينة نهاية العام 2016، وذلك عند محاولة هروبه إلى خارج البلاد، وبحوزته أموال تقدر بقرابة أربعة ملايين دولار.

نص البيان

وكشف الجواني، أثناء التحقيقات معه، وفق ما أورد موقع العربية بتاريخ 25 كانون الثاني (يناير) 2019، أنّ التنظيم "تلقى دعماً بالكامل من الجماعة الليبية المقاتلة، عن طريق عبد الحكيم بلحاج"، مضيفاً أنّه "تمّ عقد اجتماعات مع أطراف من مصراتة، لم يسمّها، بحضور بلحاج شخصياً، الذي قام بدفع مبلغ لداعش، حتى يقوم بهجوم يصدّ قوات الجيش، ويمنعها من التقدم نحو سرت".
علاقة قديمة
لم يكن ما كشفه الجواني جديداً؛ إذ إنّ العلاقة بين جماعة الإخوان وتنظيماتها بليبيا مع داعش قديمة، فقد وصف تقرير الأمم المتحدة، الصادر في أيار (مايو) العام 2016، حول الأوضاع الأمنية في الدولة الليبية، مجلس شورى ثوار بنغازي بالائتلاف الذي يضمّ جماعات ليبية مسلحة متحالفة مع داعش الإرهابي.

اعترف القيادي الداعشي  الجواني تلقيه أموالاً من الجماعة الليبية المقاتلة عن طريق عبد الحكيم بلحاج

التقرير أشار أيضاً إلى أنّ التنظيم تلقى دعماً من أنصاره في مصراتة وطرابلس، والمرتبطين بتنظيمات أخرى خارج الحدود؛ حيث أوضح أنّ تنظيم داعش في ليبيا يعمل كمركز لتقديم الدعم إلى باقي الميليشيات شمال إفريقيا، مفيداً أنّ الأموال تنقل إلى أنصار بيت المقدس في شمال سيناء أيضاً.
ورصدت الوثائق، طوال شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، جنوح قيادات من الجماعة المقاتلة ومن الإخوان، إلى التحالف مع داعش بشكل صريح ومعلن، مع زيادة الدعم للمتطرفين في الداخل الليبي، وفي دول الجوار؛ أي في كلّ من مصر وتونس والجزائر، في محاولة للضغط على المجتمع الدولي، وإجباره على التعامل مع هذا التيار في ليبيا كـ "سلة واحدة".

اقرأ أيضاً: إخوان ليبيا يتحسسون مصيرهم المشؤوم
في يوم الإثنين 25 كانون الثاني (يناير) العام 2016؛ نشر الجيش الليبي وثائق لاعترافات قيادي في الجماعة المقاتلة، قال فيها: إنّ "الوضع صار يستلزم الاندماج مع داعش، وأن تكون طرابلس لنا (للجماعة المقاتلة والإخوان)، وسرت لهم (لداعش)، ويأخذ تنظيم داعش التمدد المساحي شرق سرت، وما يضمّه، ونأخذ نحن طرابلس وامتداد الغرب لنا، ونواصل دعم مجلس شورى ثوار بنغازي (هذا المجلس كان يقتصر على تنظيم أنصار الشريعة، ثم أصبح يضم خليطاً من الإخوان و"المقاتلة" وداعش)، ومجاهدي درنة (خليط مشابه لكنه على خلاف مع الدواعش)".

اقرأ أيضاً: ليبيا: إدانة جديدة للإخوان المسلمين
كما تداول نشطاء ليبيون، يوم 28 شباط (فبراير) العام 2018، عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تسجيلاً مسرباً لجلسات تحقيق مع المسؤول الشرعي السابق في تنظيم داعش بليبيا، فوزي بشير العياط الحسناوي، كشف فيه تفاصيل ارتباط التنظيم الإرهابي بجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، والجماعة الليبية المقاتلة "القاعدة"، ودعمهم لداعش بالمال والسلاح، وذلك قبل وأثناء سيطرة داعش على مدينة سرت.

إمحمد أمراجع بلقاسم الجواني
وكشف العياط الدعم الذي قدّمته كتيبة راف الله السحاتي، مشيراً إلى فترة قتاله إلى جانب تنظيم أنصار الشريعة الذي تحوّل عناصره فيما بعد للانضمام إلى تنظيم داعش، مشيراً إلى دور محمد الغرابي، آمر كتيبة راف الله السحاتي في صرف جزء من رواتب التنظيم، إضافة إلى دعمه بالآليات العسكرية التي قادها وكيل وزارة الداخلية المحسوب على جماعة الإخوان في ليبيا عمر الخضراوي.

اقرأ أيضاً: إخوان ليبيا وحقيقة المراجعة
وكشف حادث مانسشتر الانتحاري، الذي وقع يوم 22 أيار (مايو) العام 2017، وقُتل فيه عدد كبير من البريطانيين، أيضاً هذه العلاقة؛ حيث ألقت الشرطة القبض على الإخواني زهير خالد نصرات، لتورطه في العمل الإرهابي، وتبيّن أنّه ليبيّ إخواني متعاون مع داعش، وهو نجل دبلوماسيّ ليبيّ يعمل في تركيا وناشط إخواني معروف.
العلاقة ومستقبل التنظيم
تشير تقارير كثيرة إلى أنّ الإخوان يحاولون دعم داعش الآن جنوب مدينة سرت، التي تقع على بعد 450 كلم من العاصمة طرابلس، التي ظهر فيها التنظيم من قبل العام 2013، معززاً صفوفه بعدد كبير من المسلحين والقادة الأجانب، وبدأ خطره في البروز فيها، مطلع العام 2015؛ حين قام مسلحوه بذبح 21 قبطياً مصرياً، تمّ اختطافهم في كانون الأول (ديسمبر) العام 2014، ونشر التنظيم مشاهد لعملية الإعدام الوحشية صوِّرت بطريقة متطورة، ووجه التنظيم آنذاك في تسجيله الدموي رسالة تهديد إلى أوروبا، مذكراً إياها بأنّه أصبح في جنوب روما.

ما كشفه الجواني ليس جديداً إذ إنّ العلاقة بين جماعة الإخوان وتنظيماتها بليبيا مع داعش قديمة

عقب هزيمة التنظيم من قبل قوات الجيش الليبي نجح في الهرب إلى الجنوب، وليس إلى الشرق ولا الغرب، وأعاد ترتيب مواقعه، وإعادة التجمع في خلايا أصغر، وأكثر انتشاراً جغرافياً، عبر بعض الدول الإفريقية المجاورة.
وبحسب المعلومات التي نشرها العقيد المسماري، المتحدث باسم الجيش الليبي؛ فإنّ داعش قسّم ليبيا إلى ما يعرف بـ "الولايات المكانية"، وهي 3 مناطق سيطرة كبرى، هي: ولاية برقة وطرابلس وفزان، وجرى تعيين واليَين من قبل التنظيم الإرهابي على ليبيا، وهما: أبو المغيرة القحطاني، واسمه الحقيقي وسام الزبيدي، وهو عراقي الجنسية أوفده البغدادي إلى ليبيا، لقيادة عناصر داعش هناك، واشتهر بأبي نبيل الأنباري، وقُتل بغارة جوية أمريكية على مدينة درنة، العام 2015، وخلفه عبد القادر النجدي، المكنَّى بـ "أبو معاذ التكريتي"، وهو عراقي أيضاً قدم مع الزبيدي، وتولّى منصب الوزير المفوّض بإدارة الولايات الليبية.

 

 

وأكّد أنّ المدعو حسن الصالحين بالعرج، هو الذي بدأ بتجنيد عناصر مسلحة ليبية، وضمّها إلى تنظيم داعش، بعد عودته إلى ليبيا عام 2012، عقب قضائه 7 أعوام في السجون العراقية، على خلفية اتهامه بالانضمام لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، مضيفًا أنّ بالعرج أسس جامعة تسمى "التوحيد والجهاد في ليبيا"، وهو الاسم نفسه الذي أطلقه أبو مصعب الزرقاوي على جماعته في العراق، التي تعدّ النواة الحقيقية لتنظيم داعش.

تشير تقارير كثيرة إلى أنّ الإخوان يحاولون دعم داعش الآن جنوب مدينة سرت

وأشار إلى أنّ بالعرج استقبل الزبيدي والنجدي، العام 2014، بعد إيفادهما إلى ليبيا من قبل البغدادي، وتولى منصب "أمير التسليح"، إلى حين مقتله في سرت خلال الحملة الأخيرة لقوات البنيان المرصوص، العام 2016.
كما أوضح أنّ تنظيم داعش أسّس 3 خلايا في مصراتة، وأشرف عليها الليبي يوسف مليطان، وفي طرابلس عبد الرؤوف التومي وزليتن أسامة عبد الحفيظ، وكلّهم قتلوا لاحقاً.
ومنح تنظيم داعش مالك الخازمي، المشهور بـ"الحاج إبراهيم"، منصب والي برقة، وكان يتبعه قائدان آخران، أو ما يعرفان بـ"الأميرين"، وهما السعودي من أصل يمني أنس سعد ربيعان، أمير درنة الذي قُتل لاحقاً، ومحمود برعصي أمير بنغازي.
كما ولّى التنظيم "أبو عامر الجزراوي" منصب والي طرابلس، وعبد الكريم إدريس السوداني منصب أمير سرت، وتولى إسماعيل الجطلاوي أمير مكتب الأمنيين.

اقرأ أيضاً: دولتان تسعيان إلى تمكين الإخوان في ليبيا... فهل تنجحان؟!
أما الآن؛ فيتحدث خبراء عن أنّ تنظيم داعش أسس ما يعرف بـ"جيش الصحراء"، المكوَّن من 3 سرايا، بقيادة المهدي سالم دنقو، وتولى إمارة سرية مراجع عبد السلام إشقاق، الليبي الجنسية، بينما لم يعرف على وجه التحديد قادة السرايا الأخرى.
وأنشأ داعش عدداً من الدواوين في إمارته داخل ليبيا، منها: ديوان بيت المال، المكون من 4 قطاعات أصغر، تحت قيادة علي الصفراني، إضافة إلى ديوان القضاء والمظالم تحت قيادة بلال المصري، وإضافة إلى دواوين الحسبة والشرطة العسكرية، والعقارات، والدعوة، والخدمات، والزكاة، والشرطة الإسلامية التي أشرف عليها مصري يدعى حمدان محمد حنفي.

اقرأ أيضاً: "داعش" يتمدد في جنوب ليبيا
في تعليقه على ذلك، قال خبير الحركات المتطرفة، علي بكر لـ "حفريات": إنّ "الإرهاب الداخلي في ليبيا يقتات على الدعم، وإنّ هذه التنظيمات لم تكن لتبقى على قيد الحياة حتى الآن دون هذا الدعم، الأمر الذي بات يفرض تكاتف الجهود الإقليمية لوقف دعم وتمويل الإرهاب، ليس فقط من أجل أمن واستقرار ليبيا، وإنما الدول العربية".

الصفحة الرئيسية