هل يكون "طوفان الأقصى" انعطافة في سياسة واشنطن ضد إيران؟

هل يكون "طوفان الأقصى" انعطافة في سياسة واشنطن ضد إيران؟

هل يكون "طوفان الأقصى" انعطافة في سياسة واشنطن ضد إيران؟


05/11/2023

تتجه الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرض عقوبات جديدة على القطاع النفطي لإيران، بينما تتصاعد وتيرة الأزمة في الإقليم منذ الهجمات المباغتة التي شنتها حركة حماس في غزة على إسرائيل. وفي ظل هذه الأزمة المحتدمة التي تجعل عدة أطراف إقليمية على حافة الحرب، فإنّ طهران التي تكشف دورها المحوري في الهجمات، تقع، مرة أخرى، في دائرة الضوء، لا سيما بعد مناوشات واحتكاكات تقوم بها فصائلها الولائية بمهاجمة القواعد الأمريكية في سوريا والعراق واليمن. وما يزال حزب الله اللبناني، رغم تحركاته المحدودة على الجبهة الشمالية، يبعث بتهديداته التي قد تجعل مسار الصراع عند منحى آخر مختلف.

ما بعد "طوفان الأقصى"

ووفق نشرة موقع "أويل برايس" النفطي الدولي، فإنّ واشنطن بصدد تشديد العقوبات ضد إيران على خلفية اتهامها بالضلوع في العملية العسكرية لحماس "طوفان الأقصى". وفي ما يبدو أنّ هذه العقوبات، التي تتأتى بعد فترة وجيزة من التقارب المؤقت بين طهران وواشنطن، وآخرها تحرير الرهائن الإيرانيين من أصول أمريكية مقابل الإفراج عن الأموال المجمدة بفعل العقوبات (6 مليارات دولار)، باتت وشيكة. إذ يعكف أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على صياغة العقوبات، وقد تقدم بخطة مشتركة حولها السيناتور الجمهوري، جوني إرنست، والديمقراطي، ريتشارد بلومنثال.

وتهدف خطة العقوبات الجديدة إلى ضرب شبكة المساعدات المالية الإيرانية الهائلة التي توفرها طهران للميلشيات الولائية في عدة عواصم عربية، فضلاً عن آخرين ومنهم حركتي الجهاد وحماس، حسبما يوضح الباحث المصري المتخصص في العلوم السياسية مصطفى صلاح، موضحاً لـ"حفريات" أنّ أعضاء الكونغرس لديهم خطة لتدشين صندوق بقيمة مائة وخمسين مليون دولار لتشديد عملية إدارة وتحقيق العقوبات المفروضة على القطاع النفطي بإيران، الأمر الذي سيمكن كذلك مكتب التحقيقات الداخلية من تعطيل شحنات النفط التي تخرق العقوبات.

تتجه الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرض عقوبات جديدة على القطاع النفطي لإيران

وفي الولايات المتحدة، ثمة قانون يجعل 75 بالمئة من عوائد النفط التي تتم مصادرتها تذهب لصالح صندوق ضحايا الإرهاب، وفق صلاح، الذي لفت إلى أنّ المعلومات المتاحة حتى الآن تشير إلى أنّ هذه النسبة سيضاف لها 25 بالمئة أخرى مع عملية تشديد العقوبات المتوقعة. كما أن الوضع الاقتصادي في إيران يقع تحت وطأة أزمات بنيوية وهيكيلية لها تأثيراتها على المواطنين. آخر تقرير لمركز الإحصاء الإيراني يقول إنّ "حجم التضخم كان أعلى من 45 % في الشهر الماضي تشرين الأول (أكتوبر) في 21 محافظة، وكان التضخم في تسع محافظات أعلى من 50 %". وأوضح التقرير أنّ "معدل التضخم السنوي في إيران في الشهر الماضي يعادل 45.5 %، حيث كان الفارق التضخمي للفئات العشرية في شهر أغسطس 1.2 %، وقد ارتفع إلى أكثر من 0.7 % ليصل إلى 1.9 %".

الأزمة الاقتصادية تبتلع حكومة "رئيسي"

وقد بلغ التضخم في محافظة يزد في الشهر الماضي 56.5 %، وهو أعلى تضخم من بين المحافظات الإيرانية، ثم تليها محافظة تشهار محال وبختياري بنسبة تضخم بلغت 53.1 %، وكردستان بنسبة 51.9 %. وكانت نسبة التضخم السنوي التي تتراوح بين 45.7 و49.6 % لشهر أكتوبر من العام الجاري قد شملت محافظات البرز، المحافظة المركزية، خراسان الجنوبية، أذربيجان الغربية، سيستان وبلوشستان، عيلام، قم، خراسان الرضوية، وفق موقع "راديو فردا". وكان معدل التضخم أقل من 45.5 % فقط في محافظات زنجان، أردبيل، جيلان، كرمان، فارس، مازندران، سمنان، الأحواز، بوشهر وطهران. ورغم مزاعم مسؤولي حكومة إبراهيم رئيسي بشأن تراجع معدل التضخم، إلا أن تقرير مركز الإحصاء الإيراني يؤكد أن معدل التضخم السنوي لشهر أكتوبر لم يكن أقل من 40 % في أي من المحافظات الإيرانية. وكان معدل التضخم في طهران 40.7 % وهي التي عدّها تقرير مركز إحصاء إيران بأن فيها أقل معدل للتضخم.

فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة على أفراد وشركات مرتبطين ببرنامجي إيران للصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة، يتوزعون بين إيران، وهونغ كونغ، والصين، وفنزويلا

 

وكانت الولايات المتحدة قد كشفت في أيلول (سبتمبر) الماضي، عن مصادر شحنة نفط خام بملايين الدولارات، فضلاً عن أكثر من 980 ألف برميل نفط، تم تهريبه بواسطة الحرس الثوري الإيراني. وبحسب وكالة "رويترز" للأنباء فإنّ واشنطن استولت على ناقلة النفط "سويس راجان".

نشرة "أويل برايس" النفطية الدولية، توضح أنّ مايك جونسون المنتخب كرئيس لمجلس النواب، يجعل فرص تشديد العقوبات على إيران في الأفق القريب أمراً ممكناً، حيث إنّه من الشخصيات المعروفة بمواقفها الراديكالية تجاه نظام الملالي، الأمر الذي سيضرب الموازنة المالية لإيران، وسيضعف اقتصادياتها في ظل الوضع الهش على المستويات كافة.

ونقل التقرير الدولي عن رئيس منظمة التخطيط والميزانية الإيرانية، داوود منظور، قوله إنّه جرى تحقيق "حوالي 70 بالمائة" فقط من الإيرادات المتوقعة للحكومة في النصف الأول من السنة الفارسية الحالية (21 آذار (مارس) - 23 تشرين الأول (أكتوبر). وهذا المبلغ يكشف عن تناقضات وزيف البيانات الإيرانية الرسمية التي تقول إنّ صادرات النفط تجاوزت 1.8 مليون برميل يومياً. فالصادرات الفعلية للنفط في طهران، أخفقت في تحقيق هدف الموازنة البالغ حوالي 1.5 مليون برميل يومياً.

مصطفى صلاح: ضرب شبكة المساعدات المالية الإيرانية

وقدر صندوق النقد الدولي، أنّ احتياطيات إيران من العملات الأجنبية يصل لنحو 21.1 مليار دولار في العام الحالي. وإذا تم تنفيذ عقوبات جديدة، فسوف تضرب الاقتصاد الإيراني بشدة. وبدون العقوبات، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ احتياطيات إيران النقدية 24.3 مليار دولار العام المقبل. 

الباحث المصري في العلوم السياسية مصطفى صلاح، لـ"حفريات" لدى أعضاء الكونغرس خطة لتشديد عملية إدارة وتحقيق العقوبات المفروضة على القطاع النفطي بإيران

 

وتكاد لا تختلف هذه التوجهات الأمريكية عن ما يجري من مواقف مماثلة متشددة بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وفق الباحث المصري المتخصص في العلوم السياسي مصطفى صلاح، إذ فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة على أفراد وشركات مرتبطين ببرنامجي إيران للصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، يتوزعون بين الجمهورية الإسلامية، وهونغ كونغ، والصين، وفنزويلا. فيما ذكر نائب وزير الخزانة الأمريكي، براين نلسون أنّ "خيار إيران المتهور بمواصلة تطوير مسيراتها المدمرة وأسلحة أخرى يساهم في إطالة نزاعات مختلفة في مناطق في العالم". وطاولت العقوبات 11 شخصاً وثماني شركات وسفينة، كما أنّ الأشخاص المشمولين بها قدموا "مساعدة مادية" لإيران في مجال "إنتاج وتطوير الصواريخ والطائرات المسيرة".

وتزامنت العقوبات وفق موقع "الحرة" الأمريكي مع تأكيد إيران "إلغاء جميع القيود المفروضة على الأفراد والكيانات المحددة في القائمة التي وضعت بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، بما في ذلك تجميد الأصول، وستتم إزالة هذه القائمة من الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة".

مواضيع ذات صلة:

لماذا نفى نصر الله صلة إيران بـ"طوفان الأقصى"؟

"طوفان الأقصى" يُنَشِط الإسلاموفوبيا... كيف؟

حرب الصورة بين إسرائيل وحماس في "طوفان الأقصى"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية