هل يتكرر اتفاق شمال سوريا في سرت.. وماذا يحدث بالجزائر؟

هل يتكرر اتفاق شمال سوريا في سرت.. وماذا يحدث بالجزائر؟


22/06/2020

أمين حميدي

تحولت مدينة سرت الليبية إلى خط أحمر معلن في أنقرة والقاهرة معا، لماذا سرت وكيف وصلنا إلى هذه النقطة وهل هي بداية السلم ام الحرب ؟؟

عام 2010 احتضنت سرت المدينة الساحلية الهادئة قمة افريقية عربية ترأسها القذافي وشكلت أخر خرجاته التي رافع فيها عن مشاريع الولايات المتحدة الافريقية والاتحاد المغاربي، وهاجم فيها كعادته المنظومة العربية ، لكنه لم يتصور أن هذه المدينة ستكون بعد سنة واحدة ملجأه الاخير، وستكتب اخر أيام حكمه وسيقتل فيها ويدفن في صحرائها.

لكنه أيضا لم يتصور أن تلك البواخر السياحية التركية التي انتشرت ذاك العام في ميناء المدينة لتقديم الضيافة للعرب والافارقة سيعود أصحابها بمشروع طويل الامد وسيحولون المدينة إلى بؤرة صراع دولية تدفع بها الى التقسيم على الأقل.

لماذا تتشابه سرت وشمال سوريا؟

أكتوبر 2019 بدأت تركيا عملية واسعة ضد الأكراد في الشمال السوري، ودخلت في معركة كسر عظم مع واشنطن وموسكو، هدفها إبعاد الأكراد حلفاء الاميركيين المخذولين إلى أقصى نقطة عن حدودها،

وفي خضم أجواء حرب نشرت انقرة دباباتها والاف جنودها ، وبدت أجواء علاقاتها مع الولايات المتحدة متشنجة لأقصى الحدود ، لكن الأزمة انتهت فجأة باتفاق أعلن ليلا قيل إنه يرضي الأتراك لكنه لا يغضب الأكراد والأميركيين .....

لتركيا دوما هدفان في معاركها: أحدهما معلن "غير منطقي" وآخر بسقف تفاوضي تسعى وراءه لضمان استمرارية مشاريعها ، وهو تماما ما يحدث اليوم في سرت...

فبالنسبة لأنقرة الخط الأحمر في سرت ليس منطقيا تماما مثل إخراج الأكراد من شمال سوريا ، و لا تفكر بالذهاب بعيدا في تهديداتها لأنها تعلم بأن الأوروبيين وخاصة فرنسا وإيطاليا على اختلاف مشاريعهما لن يسمحا بأي انهيار للهلال النفطي، وهذا ما لن يحدث بتعهد فرنسي البلد الذي يتحمل أخلاقيا مسؤولية ليبيا أكثر من الأتراك.

أما في المنطقة فتركيا القريبة من الجزائر وتونس لا تريد العودة إلى الشمال الإفريقي وهي ملعونة من كامل الأطراف ..

مازالت تحاولت استمالة الجزائر القوة العسكرية الصامتة بأن مشروعها سياسي هدفه إعادة التوازن إلى معركة كادت تنتهي قرب طرابلس ، وهو طرح بالنسبة للجارة الغربية لليبيا غير مرفوض لأنه يسمح لها بمواصلة مساعي الحل السياسي الذي وضعت له الأمم المتحدة غطاء دوليا عبر اتفاق الصخيرات ، ويبقيها في ذات الوقت على مسافة واحدة من كامل الأطراف ترقبا لما قد يحدث مستقبلا..

ماذا يحدث بالجزائر؟

تميزت الجزائر دوما بأنها عاصمة "عدم الانحياز العربي" و تحاول اليوم استغلال هذا الإرث للعب دور إيجابي ، فالأطراف الليبية المتنازعة التي زارت البلاد في الاسبوعين الماضيين ، بحاجة لعاصمة "جارة" تدار فيها المفاوضات "القبلية" التي تقرب الفرقاء وتمنحهم فرصة التوصل إلى اتفاق صعب ومعقد قد ينجز عسكريا أولا في جنيف عبر محادثات خمسة زائد الخمسة المستمرة ، وقد تكشف تفاصيله في أي لحظة..

لهذا سرت يبدو أنها ستكون نقطة حاسمة في صدام مستمر بين مشروعين بحاجة لتوافق و لقواعد جديدة تسمح لهما بالتعايش المحتوم..

فلا يبدو أن تركيا ستتجاوز خطا أحمر رسم عربيا بتنسيق روسي وأعلن مصريا ، ولن تكسر شموخ فرنسا ونرجسيتها في ليبيا، مثلما لا يبدو أيضا أن القاهرة قريبة من قرار الحرب والتدخل لأن المعركة تعيش فصولها الأولى فقط..

الاتفاق المرتقب سوف لن يكون نهاية المعركة ، وأنما جزء من التهدئة فقط .. سيبعد أنقرة عن أبار النفط الليبية لأمتار ، لكنه سيحافظ على تواجدها لفترة طويلة على الأقل لحين أن تفك واشنطن علاقاتها "السرية" مع أنقرة في ليبيا أو تتقاطع مصالحهما ..

ماذا بعد الاتفاق الذي سيبقي سرت والهلال النفطي خطا أحمر حتما ذلك ما قد يصعب التكهن به الآن.

عن "العربية"



الوسوم

انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية