هل سيهدر الفلسطينيون والعرب فرصة الاستقلال الفلسطيني الجديدة؟

هل سيهدر الفلسطينيون والعرب فرصة الاستقلال الفلسطيني الجديدة؟

هل سيهدر الفلسطينيون والعرب فرصة الاستقلال الفلسطيني الجديدة؟


04/02/2024

منذ انطلاق الحرب الإسرائيلية على حركة حماس، بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، شهدت المنطقة تصعيداً تجلى بارتفاع منسوب الهجمات" التي يشنها  وكلاء إيران في مناطق بالشرق الأوسط، لا سيما العمليات التي تشنها جماعة الحوثي اليمنية على السفن التجارية وبعض القطع البحرية العسكرية التابعة لأمريكا وبريطانيا وفرنسا، والعملية التي نفذت من قبل حزب الله العراقي على قاعدة أمريكية بالقرب من الحدود الأردنية السورية والتي اسفرت عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة العشرات، ناهيك عن الاشتباكات بين حزب الله اللبناني وإسرائيل، ووفقا لتقارير إحصائية أصدرتها وزارة الدفاع الامريكية، فإن عدد العمليات التي استهدفت قواعد ومصالح للتحالف الغربي بقيادة واشنطن تجاوز "200" عملية.
ورغم الشكوك الأمريكية بأن تنفيذ هذه العمليات يأتي في إطار مقاربة "وحدة جبهات المقاومة"، لا سيما وأن عمليات الحوثيين وفصائل شيعية تابعة لإيران في العراق وسوريا يتم الإعلان بانها داعمة لغزة، على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، إلا أنه لا يمكن التسليم بهذه الشكوك، لا سيما بالنسبة للحوثيين الذين كشفوا قدرات هجومية وتسليحية جديدة، انطلقت بعد حرب غزة، وإن كانت في أبعادها الاستراتيجية تخدم المصالح الإيرانية ولا تقدم اية خدمة للحوثيين او للشعب اليمني المنكوب، ومن المشكوك فيه امتلاك الحوثيين لتلك القدرات بعيداً عن الحرس الثوري، وبصورة أكبر مما هي عليه بالنسبة للمليشيات الموجودة بالعراق وسوريا، فيما كانت عمليات فصائل موالية لإيران في العراق وسوريا استكمالاً لعمليات كانت قائمة قبل انطلاق حرب غزة، غير أنها ازدادت كماً ونوعاً، وكانت ذروتها في العملية التي ذهب ضحيتها جنود أمريكيون قرب الحدود الأردنية السورية، وهي المرة الأولى التي يقتل فيها جنود أمريكان.
 ورغم ذلك، فإن تطورات دراماتيكية متسارعة ومتشابكة، وحرب غزة غير بعيدة عنها، تشهدها المنطقة بعد مقتل جنود أمريكيين، أبرز عناوينها:

أولاً: انتظار الرد الأمريكي على مقتل الجنود في قاعدة التنف، ويبدو أن هذا الرد يخضع لحسابات أمريكية دقيقة، يتطلع معه البيت الأبيض لانتزاع تنازلات من إيران، في ظل تسريبات تتعدد معها الأهداف المنوي ضربها والتي تتراوح ما بين رموز وقواعد فصائل شيعية موالية لطهران في العراق وسوريا، وبين احتمالات أن تصل لأهداف في الداخل الإيراني، رغم أن غالبية التقديرات تشير إلى أنها ستكون ضد أهداف مرتبطة بوكلاء إيران ويستبعد أن تكون داخل إيران.

ثانياً: تهدئة إيرانية ومحاولات حثيثة لامتصاص الغضب الأمريكي عبر التأكيد بانها لم تصدر اية توجيهات لاي من الفصائل بتنفيذ هكذا عمليات، والتنصل من مسؤوليتها عن العمليات التي ينفذها الحوثي في البحر الأحمر ضد الملاحة الدولية، فيما كان لافتا اعلان طهران سحب مستشاري الحرس الثوري الإيراني من سوريا، بعد استهدافهم من قبل الطيران الإسرائيلي وشكوك ايران بان الاستخبارات الإسرائيلية حصلت على معلومات مهمة حول المستشارين من أوساط في القيادة السورية او من خلال روسيا ، دون ان تشير لذلك صراحة، ومع ذلك فان هذا الانسحاب يطرح تساؤلات حول مدى جدية طهران في تنفيذه، وفيما اذا كان مجرد انحناءة امام العاصفة الامريكية، والاكتفاء بالفصائل الشيعية دون مستشارين يقيمون في سوريا؟

ثالثاً: إن التسريبات الخاصة بالاحتمالات الكبيرة للتوصل لصفقة تبادل أسرى جديدة وهدنة طويلة بين إسرائيل وحركة حماس، بعد التوصل لاتفاق إطار في اجتماعات باريس بين أمريكا ومصر وقطر بالإضافة لمسؤولين إسرائيليين، ربما لم تكن بعيدة عن تلك التطورات المتشابكة.
ربما تبدو العناوين الثلاثة منفصلة ولا روابط واضحة بينها، إلا أن مؤشرات كثيرة تدل على أنها متشابكة مع بعضها ،على الأقل من وجهة صانع القرار الأمريكي، فالقاسم المشترك لهذه العناوين هو تهدئة في المنطقة تتجاوز العودة لما كان عليه الوضع قبل السابع من أكتوبر، تعكس توافقاً في اتجاهات جدية لدى أمريكا وايران بعدم التصعيد، فامريكا على بعد اشهر من انتخابات جديدة، وليس لطهران مصلحة في إعادة انتخاب "ترامب" ووصوله للبيت الأبيض، كما ان طهران ليست بوارد خوض معارك مع أمريكا وخسارة مكاسب حققتها مع إدارة "بايدن"، لا سيما وأن أي ضربة قادمة لمليشيات إيرانية في اطار حرب مفتوحة ستكون قاصمة ومن المؤكد ان إيران ومليشياتها ستكون الطرف الأكثر خسارة، فيما يبدو ان أمريكا قدمت ضمانات بممارسة ضغوط لانهاء حرب غزة بمشروع جديد يتضمن الاعتراف بدولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، تشارك فيها حركة حماس، وبصورة غير مباشرة وغير مؤثرة " ربما تقبل ايران بالتخلي عن حماس بوصفها ورقة ضمن أوراق عديدة تملكها ايران، مقابل عدم ضربها " وبالتزامن فان المشروع الأمريكي سيدفع لحكومة اسرائيلية لا تبقى أسيرة للمتطرفين فيها.
وبافتراض صحة التوافقات الايرانية – الامريكية وما يمكن وصفه بتنازلات متبادلة ربما تم إنجازها، وعبرت عنها تصريحات جديدة لمدير المخابرات الامريكية / وليام بيرنز لمجلة فورين أفيرز، والتي جاء فيها "أن مفتاح أمن إسرائيل والمنطقة هو التعامل مع إيران، وإن نظام إيران مستعد للقتال حتى آخر وكيل إقليمي لديه"، فان السؤال المطروح اليوم على الفلسطينيين "فتح وحماس" وكل الحكومات والأنظمة العربية، الى متى ستبقى القضايا والمصالح العربية مجرد أوراق تخضع لحسابات قوى إقليمية ودولية، امام مقاربات عربية عدمية، تنتمي لستينات وسبعينات القرن الماضي، تطرح كل شيء او لا شيء، منذ لاءات الخرطوم؟ ولا شك ان نتائج تطورات حرب غزة أظهرت ان هناك افقا لمكاسب جديدة ، لعل عنوانها الأبرز: هذا التوجه العالمي اليوم" بقيادة أمريكية وبريطانية" للاعتراف بدولة فلسطينية تضم الضفة الغربية وقطاع غزة، فهل يستثمر الفلسطينيون والعرب هذا الدفع العالمي واللحظة التاريخية ام سيتم اهدارها لصالح إيران فقط، رغم الإدراك بأن شكل ومضمون هذه الدولة ما زال مدار بحث.

مواضيع ذات صلة:

العرب والفصل بين "حماس" وغزة!

بعض الأوهام في حرب غزة يجب ان تتبدد




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية