لماذا لن تمتد حرب غزة إلى لبنان؟

لماذا لن تمتد حرب غزة إلى لبنان؟

لماذا لن تمتد حرب غزة إلى لبنان؟


10/01/2024

ترجمة محمد الدخاخني

وسط تقارير تفيد بأنّ الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل تقليص حدّة هجماتها في غزّة، تحوّل بعض الاهتمام إلى الجبهة الشمالية الإسرائيلية مع لبنان. ومنذ 7 تشرين الأوّل (أكتوبر) انخرط حزب الله وإسرائيل في سلسلة من المناوشات الحدودية التي تمّ احتواؤها نسبيّاً، لكنّها مع ذلك تسبّبت في خسائر فادحة في الأرواح، حيث قُتل أكثر من (150) شخصاً، بينهم مقاتلون ومدنيّون من كلا الجانبين.

ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مشكلة كبيرة في شمال إسرائيل. وقد قامت حكومته بإجلاء معظم السّكان هناك لتجنّب تكرار الهجوم الذي شنّته حماس في 7 تشرين الأوّل (أكتوبر) من قِبل حزب الله، وينتظر عشرات الآلاف من الإسرائيليين العودة إلى الشمال، لكنّهم يرفضون القيام بذلك من دون ضمانات تخصّ السلامة.

تريد إسرائيل تجريد الجانب اللبناني من المنطقة الحدودية من السلاح، على نحو ينسحب بموجبه حزب الله وحلفاؤه إلى نهر الليطاني. وهذا ما لن يفعله حزب الله

 

وتريد إسرائيل تجريد الجانب اللبناني من المنطقة الحدودية من السلاح، على نحو ينسحب بموجبه حزب الله وحلفاؤه إلى نهر الليطاني. وهذا ما لن يفعله حزب الله، على الرغم من أنّ قرار مجلس الأمن رقم (1701)، الذي أنهى حرب عام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، يدعو إلى إنشاء منطقة "خالية من أيّ مُسلّحين" بين الحدود ونهر الليطاني، باستثناء الجيش اللبناني وقوّات الأمم المتحدة في لبنان.

وهدّد مسؤولون إسرائيليون بشنّ هجوم على لبنان وفرض حلّ يرضيهم. وقال مسؤولون أمريكيون لـ (هافينغتون بوست): إنّهم يشعرون بالقلق إزاء سعي إسرائيل للحصول على أسلحة أمريكية لتوسيع الحرب إلى الشمال. وفي حين أنّه سيكون من الحماقة التأكيد على أنّ هذا لن يحدث، هناك عقبة كبيرة تمنع إسرائيل من اتخاذ مثل هذا المسار.

دخان يتصاعد بعد القصف الإسرائيلي حول قرية عيتا الشعب في جنوب لبنان في 18 كانون الأول

ترفض إدارة بايدن هذا الخيار، معتقدة أنّ حرباً لبنانية جديدة من المرجّح أن تتوسّع إلى انفجار إقليمي هائل يتجاوز الحرب بين إسرائيل وغزّة. وفي منتصف تشرين الثاني (نوفمبر)، أفادت تقارير بأنّ وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن اتصل بنظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، وأعرب في "محادثة مباشرة وصريحة" عن "مخاوف" بشأن تصعيد إسرائيلي على الجبهة اللبنانية، بحسب الصحافي المطّلع باراك رفيد.

العام المقبل هو عام انتخابي للرئيس الأمريكي جو بايدن، وآخر ما يحتاجه هو أن تنخرط بلاده في صراع آخر في الشرق الأوسط. أصبح الناخبون الأمريكيون انعزاليين بشكل متزايد، ويعارضون بشدّة تورّط الولايات المتحدة في حروب خارجية. وقد يشعر بايدن بشكل مفهوم أنّ حرباً إقليمية جديدة من شأنها أن تقضي على فُرص إعادة انتخابه.

ومن أجل تجنّب حدوث انفجار في لبنان، أرسلت الولايات المتحدة مبعوثها عاموس هوشستين إلى المنطقة قبل بضعة أسابيع. وكان هوشستين، وهو نائب مساعد لبايدن، قد توسّط في ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان العام الماضي. وبحسب ما ورد، وزّع خطّة من (4) نقاط على اللبنانيين لتهدئة الوضع، وتركّز إحداها على ترسيم الحدود البرّية بين لبنان وإسرائيل.

التهديدات الإسرائيلية المتزايدة ربما تكون بُعداً من أبعاد استراتيجية إسرائيل التفاوضية أكثر من كونها نيّة واضحة لتوسيع حرب غزّة إلى لبنان

 

ويبدو أنّ مهمّة هوشستين تشير في حدّ ذاتها إلى أمرين: أنّ واشنطن حريصة على إيجاد طريقة دبلوماسية للخروج من المأزق اللبناني، باستثناء الحرب؛ وبالتالي، فإنّ التهديدات الإسرائيلية المتزايدة ربما تكون بُعداً من أبعاد استراتيجية إسرائيل التفاوضية أكثر من كونها نيّة واضحة لتوسيع حرب غزّة إلى لبنان.

أحد الجوانب الضمنية لاقتراح هوشستين، إذا أُضفي الطّابع الرسمي عليه، هو أنّ المفاوضات التي يدعو إليها من المرجّح أن تمتدّ إلى ما هو أبعد من الإطار الزمني للصراع في غزة. وبعبارة أخرى، فإنّ المبعوث الأمريكي يشتري الوقت، وبهذه الطريقة، ربما يهدف إلى إشراك الأطراف في محادثات تُقلّل من احتمالات نشوب حرب في لبنان. ويقال إنّه يعتقد أنّه بمجرّد الاتفاق على الحدود البرّية، سوف يُزال مبرّر حزب الله لمهاجمة إسرائيل.

وربما لهذا السبب من المرجّح أن تكون مثل هذه المفاوضات صعبة، إن لم تكن مستحيلة. حزب الله لا يريد تسوية نهائية على الحدود من شأنها أن تحرمه من ذريعة مواصلة الضغط العسكري على إسرائيل، نيابة عن راعيته إيران.

ومع ذلك، قد يكون الحزب أيضاً في حالة مزاجية منفتحة على نوع من التفاوض. والسبب بسيط: إذا لم يتمّ التوصّل إلى اتفاق رسمي ينهي الأعمال العدائية مع إسرائيل، فقد يستغلّ الإسرائيليون هذا لمواصلة هجماتهم في لبنان، والحفاظ على حالة دائمة من التوتر على الحدود من أجل فرض الحلّ الذي يختارونه.

عاموس هوشستين، على اليسار، يلتقي برئيس الوزراء اللبناني المؤقت نجيب ميقاتي في بيروت في حزيران الماضي

وقد أوضح حزب الله مرة أخرى في الأسبوع الماضي أنّه لا يسعى لحرب موسّعة في لبنان. هاشم صفي الدين رئيس المجلس التنفيذي للحزب، وابن عمّ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، هو الذي أكّد على ذلك، وبعبارة أخرى، جاء التأكيد من أقرب موقع إلى المنصب الأعلى.

ومثل هوشستين، قد يرى حزب الله أيضاً في المفاوضات وسيلة لتجنّب الصراع. وفي نهاية المطاف قد يختار المشاركة، وإن كان يتجاهل أيّ تسوية نهائية على الحدود لإبقاء خياراته مفتوحة.

وقد يكون لدى الحزب سبب آخر لتفضيل المفاوضات؛ إذا تمكّن حزب الله من تحويل أيّ من تنازلاته على الجبهة الإسرائيلية إلى مكاسب محلّية في لبنان، فقد يحاول استخدام المفاوضات لتأمين الدعم الإقليمي والدولي لمرشّحه الرئاسي اللبناني المفضّل سليمان فرنجية.

الأسابيع المقبلة ستوضح احتمالات الحرب في لبنان. لكن في الأسبوع الماضي، في إسرائيل، أوضح مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان تفكير واشنطن بشكل لا لبس فيه. قال إنّ "النتيجة التفاوضية" هي أفضل وسيلة لطمأنة سُكّان شمال إسرائيل. وشدّد سوليفان على أنّ تهديد حزب الله "يمكن التعامل معه من خلال الدبلوماسية، ولا يتطلّب شنّ حرب جديدة".

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

مايكل يونغ، ذي ناشيونال، 20 كانون الأول (ديسمبر) 2023




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية